كيف غيرت أمازون الأسواق العربية التي دخلتها قبل مصر؟
إطلاق أمازون مصر كان الخطوة الأخيرة بعد عدة خطوات اتخذتها أمازون في الأسواق العربية منذ استحواذها على سوق دوت كوم عام 2017، اختارت أمازون الإمارات أولاَ لتحل محل سوق فيها، ثم جاءت السُّعُودية والآن مصر.
ولحسن الحظ أن الإمارات والسعودية سبقتا مصر في هذه الخطوة حتى يكون لدينا تجربة واقعية لدخول أمازون السوق العربي نستطيع أن نستخلص منها توقعات قريبة لما ستكون عليه تجربة أمازون في مصر.
ولكن قبل الدخول في تفاصيل تجربة أمازون الإمارات وأمازون السُّعُودية، يلح علينا سؤال لماذا تأخرت أمازون في دخول مصر حتى هذا العام؟
قواعد أمازون فيما يتعلق بجودة المنتجات وتجربة المستهلك صارمة، وليس من السهل أن تضع الشركة الأمريكية، الأولى عالمياً في مجال التجارة الإلكترونية، اسمها على أي متجر أو منتج بهذه السهولة.
فعملية تحول سوق دوت كوم إلى أمازون مصر استغرقت سنوات من الإعداد والتدريب لموظفين سوق في مصر، إلى جانب اختيار أفضل الكفاءات لتعيينهم في أمازون مصر.
أيضاً قواعد البيع على أمازون صارمة، ويكفي أن الشركة الأمريكية لا تقبل بنسبة بضائع معيبة أكثر من 1% لكل تاجر، وفي حال تجاوزها يُسحب منه رخصة البيع على أمازون فوراً.
هاتان النقطتان تظهران تصور مبدئي لما ستكون عليه تجربة أمازون مصر بالنسبة للمستخدمين، ومع ذلك دعونا لا نتسرع في التوقع قبل أن نري كيف أثرت أمارون في الأسواق العربية الأخرى، ونركز على تجربة أمازون الإمارات وأمازون السعودية.
تجربة أمازون الإمارات
كانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة عربية ينطلق بها متجر أمازون رسمياً ليحل محل سوق دوت كوم في 2019، ما يعطي مساحة من الوقت كافية لنرى تأثير ظهور اسم أمازون على الساحة.
ونحن هنا لن نتحدث على تأثير أمازون في سوق التجارة الإلكترونية فقط، بل سنجد مساحة أوسع تشمل خدمات أمازون المختلفة وعلى رأسها AWS.
شركة أمازون ليست مجرد منصة بيع فقط، فالشركة لديها عدة أذرع أبرزها شركة الحوسبة السحابية وخدمات الويب الخاصة بها AWS، إلى جانب شركة أمازون للنشر، واستوديوهات أمازون، كذلك تُصنع الشركة عدد من الأجهزة الذكية مثل جهاز Amazon Echo، و Luna Controller، و Echo Dot، و Echo Show.
وبالنسبة لدولة الإمارات فقد بدأت عملية دخول أمازون إليها تؤتي بثمارها، حيث أعلنت أمازون رسمياً في وقت سابق هذا العام خطتها لبناء ثلاث مراكز للبيانات في الإمارات خلال 2022 ما سيجذب المزيد من الاستثمارات ويساعد في توفير المزيد من الخيارات للمستخدمين في الإمارات لتشغيل التطبيقات، وتخزين البيانات محليًا.
مراكز البيانات الجديدة في الإمارات ستكون الثاني على مستوى الشرق الأوسط، فأمازون لديها مركز بيانات تابع لها في البحرين تم افتتاحه في 2019. وستعزز المراكز الجديدة في الإمارات تغطية خدمات أمازون ويب AWS في الشرق الأوسط لاستيعاب المزيد من المستخدمين.
وخدمة أمازون ويب، هي مجموعة خدمات للحوسبة البعيدة، تصنع معاً منصة حوسبة سحابية فريدة من نوعها، حيث تسمح المنصة للمبرمجين بتطوير التطبيقات دون الحاجة إلى دفع مبالغ كبيرة مقابل الحصول على قاعدة بيانات أو بنية أساسية أو استئجار مركز بيانات وشراء خوادم وأجهزة إعادة توجيه. فمع AWS يمكن استئجار البنية التحتية والخوادم بتكلفة رمزية، بحيث يمكن تطوير كل شيئ على الإنترنت دون القلق بشأن المُعِدَّات أو البنية التحتية.
وبالانتقال إلى نقطة التجارة الإلكترونية، نجد تجربة أمازون الإمارات ليست بالمُذهلة أو السيئة، فمع بداية إطلاق المنصة احتلت أمازون صدارة منصات التجارة الإلكترونية في الإمارات، حسب شركة أي ماركتر، بعد أن رفعت حصتها من مستخدمي الإنترنت في التسوق إلى 26.43%.
ومع ذلك لم تكن تجربة أمازون مختلفة عن المنصات الأخرى داخل الإمارات، حيث التزمت الشركة بالقوانين المحلية والتسعير التجاري، ومنذ الأيام الأولى أكد رونالدو مشحور، نائب رئيس أمازون الشرق الأوسط، أن الموقع يحرص على تقديم الأسعار التي اعتادها المتسوقون عبر سوق دوت كوم.
وأكد أن اختلاف أسعار بعض المنتجات المطروحة في أمازون عن المواقع الإلكترونية الخاصة بدول أخرى يًعد أمراً طبيعياً بالنسبة لعلامات تجارة التجزئة، ويستند إلى مجموعة متنوعة من العوامل الخاصة بكل سوق، بما في ذلك تكاليف النقل والاستيراد والرسوم الجمركية وغيرها من العوامل الاقتصادية.
وسارت أمازون على نهج سوق دوت كوم، الذي كان مثالاً ناجحا للتجرية الإلكترونية في الإمارات بالفعل، ولم تحقق تجربة أمازون الإمارات مفاجآت مُذهلة للمستخدمين، أو تخذلهم.
لكن في السوق السعودي كانت هناك تجربة مختلفة.
اقرأ أيضاً: 5 أشياء سيستفيد منها المستخدم بعد تحول سوق.كوم إلى أمازون مصر
تجربة أمازون السُّعُودية
وبالانتقال إلى أمازون السعودية، فقد تضاربت تقييمات المستخدمين والمحللين السعوديين، حيث تصدرت فكرة غلاء أسعار أمازون قائمة الانتقادات، وبحسب موقع اندبندنت عربية، فإن غلاء المُنتجات المعروضة في المنصة بنسبة 30% عن دول أخرى، وعدم تنوع السلع وقلة خيارها كانت عائق في نجاح تجربة أمازون السعودية خلال عامها الأول.
ويرى المتخصص في التجارة الإلكترونية، فارس المطرف، حسب موقع اندبندنت عربية، أن العام الذي أمضته "أمازون" في السعودية ساعدها في اكتساب حصة من الزبائن، غير أن الحصة الأكبر يتفرد بها متجر "نون" الإلكتروني، لارتفاع أسعار السلع المعروضة في "أمازون" السعودي مقارنة بها في أميركا وبريطانيا بنحو 32%، ما يضطر معه العملاء للتبضع من "أمازون" في البلدان الأخرى حتى وإن كلفهم الأمر وقتاً أطول لتصلهم طلباتهم.
ويؤكد على كلامه عدد من المتخصصين السعوديين في مجال الاقتصاد والتجارة الإلكترونية، ويرون أن أمازون السعودية لا يزال في طور دراسة السوق، حتى بعد مرور أكثر من عام على إطلاقه في المملكة.
ولكن على الجانب الآخر، تمتلك أمازون مشروعات جيدة في السعودية، حيث تخطط لتوسيع شبكة أعمالها في المملكة خلال عام 2021 عبر افتتاح 11 مركزاً جديداً، وتوفير أكثر من 1500 فرصة عمل لمواطني وسكَّان المملكة.
وأكدت الشركة في بيان لها، إنَّ التوسُّعات الجديدة ستعزِّز القدرة التخزينية لمستودعات الشركة في المملكة العربية السُّعُودية بنسبة 89%، في حين ستشهد شبكة التوصيل التابعة لها نموَّاً بنسبة 58%، وكانت أمازون قد تعاونت مع البريد السعودي، و10 من شركاء خدمات التوصيل، مما أتاح لها خدمة أكبر عدد من العملاء، والوصول إليهم في مناطق المملكة كافةً.
استخلاص تجربة أمازون مصر
بالنظر إلى التجربتين السابقتين نلاحظ وجود اختلاف في تجربة أمازون داخل الإمارات والسعودية، فكل سوق له مقوماته وكل مستخدم له احتياجاته وتوقعاته. ومع ذلك تبقى بعض العوامل المشتركة بين التجربتين.
ففي كلا السوقين التزمت أمازون بالقيود الداخلية والأسعار الخاصة بالبلد الذي تعمل به، وتأثرت تجربة الشراء من الخارج بالجمارك وتكاليف الاستيراد تماماً مثلما كانت في السابق، ولم يختلف شيئ سوى أن الشحن أصبح عبر أمازون وليس شركة خارجية.
أيضاً، لم تضرب أمازون بمنصات التجارة الإلكترونية الأخرى، فمنصة مثل "نون" مازالت تحظى بمكانتها في السُّعُودية، ولم يشتك أصحاب المتاجر الأخرى من وجود أضرار بعد دخول أمازون.
وكان لتجربة أمازون جانب تنموي شمل بعض المشروعات وفرص العمل وفرص الاستثمار التي اشتركت فيها كلتا الدولتين.
وبالنسبة لمصر، لايزال الوقت مبكرا لتقييم تجربة أمازون مصر، ويلزمنا على الأقل عام حتى نرى تأثير أمازون على سوق التجارة الإلكتروني في مصر.
حتى الآن لا نتوقع تجربة سيئة، لكننا لا يمكن أن نطمع في أكثر من تجربة السُّعُودية أو الإمارات. وعلى الجانب الإيجابي بلغت استثمارات أمازون مصر حتى الآن مليار جنيه، وافتتحت الشركة مستودع ضخم لها، ووظفت المزيد من فرص العمل.
لذلك لا نملك إلى النظر بتفاؤل لتجربة أمازون مصر، وترك التوقعات الغير منطقية الطامعة أو المتخوفة جانباً، وننتظر لنرى ما يمكن أن تُضيفة أمازون للسوق المصرية.
?xml>