أطلقت AMD اليوم أقوي معالج مركزي مكتبي X86 في التاريخ .. وهو معالج Epyc 7742 ذو الـ 64 نواة و 128 خط بيانات Thread .. والمزود بثمانية قنوات للذاكرة Memory Channels وبتردد 3.4GHz.

المعالج يكتسح كل ما أمامه من معالجات سواء من Intel أو AMD في الأداء والمواصفات التقنية، فأقصي ما لدي Intel حاليا هو معالجات بـ 28 نواة فقط! وهو ما يعني أن معالج Epyc الجديد يقدم أداء يصل الي 80% فوق أقوي ما لدي Intel. وباستهلاك طاقة أقل كذلك! ويرجع الفضل الأساسي في هذا الانجاز من AMD لعملية تصنيع 7 نانومتر، التي انتقلت اليها AMD وسبقت فيها Intel والتي لا تزال عالقة في عملية تصنيع 14 نانومتر.

تعرضت Intel لهزيمة نكراء، فأقوي ما لديها من معالجات هو معالج Xeon 8280، ويأتي بـ28 نواة فقط، وباستهلاك طاقة كبير يصل الي 205 واط تقريبا! رغم قلة عدد أنويته، بينما أصدرت AMD معالجات Epyc بـ 64 نواة كاملة، أي أكثر من ضعفي عدد الأنوية! وباستهلاك طاقة مماثل، لا يتعدي الـ 225 واط!

إن Intel تقف عاجزة بالفعل في هذه الساحة المهمة من الحوسبة، ساحة المعالجات ذات الأنوية الكثيرة، فتلك المعالجات فقط هي ما تستخدم في سوق خوادم الشبكة الدولية Internet Servers، وهو السوق الذي يجلب للشركة حرفيا عشرات المليارات كل عام (وصلت الي 32 مليارا العام الماضي)، وها هي تقف فيه عاجزة بشكل شبه كلي! ليس لديها سوي معالج بـ 28 نواة أمام معالج بـ 64 نواة من AMD!

تأتي معالجات Epyc الجديدة بأسعار منافسة للغاية، فأقوي معالج فيها يأتي بسعر 7000 دولار مع 64 نواة، مقارنة بسعر 10000 الاف دولار لمعالج Xeon ذو الـ 28 نواة! مما يعني أن معالج Epyc أقوي أداء الي حد الضعف، وأقل سعرا رغم ذلك! وبنفس استهلاك الطاقة تقريبا!

وليس هذا فحسب، فمعالج Epyc يأتي بثمانية قنوات للذاكرة memory channels! مقارنة بستة فقط في Xeon، مما يعني أن عرض تبادل البيانات مع Epyc أكبر مما لدي Xeon بنسبة 50%! ويأتي معالج Epyc أيضا بسعة ذاكرة memory capacity كاملة، فكل معالج من عائلة Epyc  مهما قل ثمنه، يدعم سعة 4TB للذاكرة العشوائية المؤقتة RAM، بينما تدعم معالجات Xeon سعة 2TB فقط، واذا أراد المستخدم سعة 4TB فيجب أن يدفع 8000 الاف دولار اضافية لمعالج Xeon كامل المواصفات ومفتوح السعة Unlocked Capacity .. مما يعني أن معالج Epyc ذو الـ 64 نواة يأتي بسعر 7000 دولار في مقابل معالج Xeon الكامل بسعر حقيقي يبلغ 18000 ألف دولار! أي أن سعر معالج Epyc أقل من نصف سعر معالج Xeon!

ولم تتوقف AMD عند هذا الحد، بل دمجت في كل معالج من Epyc عدد 128 خط بيانات لمنافذ PCIe .. وهو عدد يتعدي ضعفي ما لدي عائلة Xeon، والتي لا يتعدي العدد فيها 48 خط بيانات فقط! مما يعني أنه بامكانك توصيل عدد أكبر من أقراص التخزين عالية السرعة مع Epyc، بفضل عدد خطوط PCIe الكبير فيها مقارنة بـ Xeon، بل إن خطوط PCIe في Epyc تأتي بضعف السرعة بفضل دعمها للاصدار الرابع من معيار PCIe وهو PCIe Gen 4.

وهو الأمر الذي يعني أن معالجات AMD هي الأقوي، والأرخص، والأكثر دعما للذاكرة ووحدات التخزين، وكلها أمور في غاية الأهمية في سوق الخوادم Servers، وكلها نقاط اكتسحت فيها معالجات AMD الجديدة كل ما لدي Intel، في ما يشبه التعجيز الكامل! فلقد تعرضت هكذا للهزيمة علي كافة الجبهات، وهو ما يعد تجسيدا للعجز الكامل كأوضح ما يكون.

ولأن Intel تقف عاجزة فما كان منها الا أن أعلنت عن لصق معالجين من Xeon 8280 في حزمة واحدة وأطلقت عليهم اسما جديدا: Xeon 9282، لتحصل علي ما يشبه المعالج الجديد بـ 56 نواة! لكنه ليس معالجا جديدا حقيقيا، وانما التحام معالجين قديمين في حزمة تعبئة واحدة! لا تتوفر الا في أجهزة خوادم خاصة، وباستهلاك طاقة شنيع يتعدي الـ 400 واط للمعالج فقط، مع تبريد مائي معقد للغاية وضخم، وسعر خرافي غير مذكور للعامة، ولا تعرفه سوي Intel فقط!

باختصار لقد صنعت Intel مسخا هجينا بشعا، بعدد 56 نواة واستهلاك طاقة سئ للغاية، فقط كي تحاول منافسة AMD، ثم لم تفلح في النهاية الا في صنع 56 نواة، أمام معالج AMD المزود بـ 64 نواة، وباستهلاك طاقة يبلغ نصف ما لدي Intel، وبسعر في متناول الجميع. وبأداء ليس له مثيل.

بمعني آخر أن أقصي معالج فردي لدي Intel وهو معالج Xeon 8280، يبلغ نصف أداء معالج Eypc من AMD، ويحوي عدد أنوية أقل من النصف وبسعر أعلي! مما ينذر بهزيمة كاملة لـ Intel في سوق الخوادم المربح.

ولا يبدو أن لدي Intel القدرة علي الرد علي هذا التهديد في أي وقت قريب، فهي تحتاج الي اكتمال نضوج عملية تصنيع 10nm الخاصة بها كي تنافس AMD، وهي متأخرة في هذا للغاية، الي درجة أن أقصي ما لديها علي 10nm هي معالجات صغيرة للحواسيب المحمولة باستهلاك طاقة لا يتعدي الـ 28 واط.

وتأتي ترددات تلك المعالجات أقل مما سبقها من أجيال، وهي ظاهرة غريبة للغاية، فتردد معالج Intel رباعي النواة الجديد علي 10 نانومتر لا يتعدي الـ 3.9GHz، بينما وصل تردد معالج Intel القديم علي 14نانومتر الي تردد 4.6GHz، مما يعني أن المعالج القديم يأتي بتردد أعلي بنسبة 20% من الجديد! وهو أمر غير منطقي تماما، كيف تغلب عملية التصنيع القديمة (14 نانو) عملية التصنيع الجديدة 10 نانو؟  

والتفسير الوحيد حقا لذلك هو أن عملية تصنيع 10 نانومتر لدي Intel لم تنضج بعد بشكل كامل بعد، وانها ممتلئة بالمشكلات والعقبات، والا ما كانت Intel لتعطي الأولوية لمعالجات المحمول مع عملية التصنيع الجديدة، بدلا من المعالجات المكتبية كالمعتاد، وما كانت لتصدر تلك المعالجات بترددات أقل من المعالجات القديمة. ان هذا السلوك يأتي دوما مصاحبا لعمليات التصنيع التي تخضع للتجريب والتعديل، وليست لتلك التي نضجت واستقرت خصائصها.

إن Intel تصارع عملية 10 نانومتر منذ أكثر من أربعة سنوات حتي هذه اللحظة، وهو أمر غير مبشر بالمرة!

 

نحن الآن في نهاية 2019 و Intel تحتاج بشدة الي اكتمال كافة خصائص عملية تصنيع 10 نانومتر حتي تستطيع خفض استهلاك طاقة المعالجات كي تتمكن من حشر عدد أنوية أكبر فيها بتردد أعلي، ولما كانت Intel متأخرة في هذا حتي هذه اللحظة، فان منافستها لـ AMD علي قدم المساواة ستكون متأخرة للغاية. وستظل متأخرة عن AMD في عدد الأنوية واستهلاك الطاقة. بينما تنقح AMD عملية تصنيع 7 نانومتر أكثر وأكثر.

وبهذا الشكل، وبكل معدل التأخير هذا،  فان Intel أمامها عام ونصف علي الأقل كي ترد علي تهديد AMD في سوق الخوادم، وهو زمن طويل ستحصد فيه AMD بلا شك عشرات العقود. وستتأثر فيه حصة Intel السوقية بشدة. وهي الفرصة الذهبية لـ AMD كي تستعيد عصرها الذهبي السابق، وتثبت أقدامها في سوق الخوادم الذي انسحبت منه مرغمة منذ عشرة سنوات!