عندما ظهر مفهوم "القصة" في الألعاب كانت في الأغلب تدور حول موضوع غير موجة ، السياسة والدين والتوجهات الفكرية المُتطرفة وكل تلك الأمور لم نكن نشاهدها ، لقد كان الغرض بالأساس من صناعة الألعاب هو الترفيه على المُستخدم وملئ وقت فراغه بتجارب ممتعة، ولكن مع الوقت تعقدت الأمور وأخذت الألعاب تُقدم قصص أكثر عمقاً، دخلت السياسة تارة، والدين تارة، لقد أصبحت القصة عنصر أساسي في أي لعبة كبيرة ومع ذلك كان منح اللاعبين المتعة في المقام الأول هو الهدف الأساسي.

في الوقت الراهن يبدو أن صانعي الألعاب أو المحتوى الترفيهي بشكل عام سواء الأفلام أو المسلسلات يتجهون أكثر نحو وعظ الجمهور بأفكارهم بدلاً من الترفيه عنهم، تلك الأفكار المتطرفة مثل الموضوع الذي سننُاقشة اليوم من خلال ذلك المقال لا تتناسب مع قيم مجتمعنا العربي وحسب، ولكنها أيضا لا تتناسب مع فكرة الألعاب بشكل عام وتتناقض مع كونها منتج ترفيهي في نهاية الأمر الهدف منه إمتاع الناس وملئ وقت فراغهم وليس توجيههم فكرياً.

يعتبر البعض لعبة The Last Of Us واحدة من أفضل الألعاب التي صدرت على الإطلاق، وهي كذلك لما قدمته من متعة سواء على مستوى أسلوب اللعب والقصة الدرامية وتعلق اللاعبين بالشخصيات ، ولذلك كان من الطبيعي أن ينتظر اللاعبين الجزء الثاني من اللعبة والذي يُكمل قصتها ولكن مُنذ أن ظهرت اللقطات الأولى من The Last Of Us 2 تبدلت الأمور تماماً!

بأفكارها المتطرفة ،لعبة "The Last Of Us 2" وإغتيال متعة الألعاب!

" هذا المشهد اللعين ، الذي تُقبل فيه "إيلي" الطفلة بطلة الجزء الأول بعد أن أصبحت أكثر شباباً، صديقتها قد اغتال كل شئ! "

الأمر لا يتعدى كون "إيلي" الطفلة التي تعلق بها جميع اللاعبين أصبحت "شاذه الجنس" ، ولكن هذا الأمر يعد بدوره إبراز لأول شخصية شاذة في سلسلة ألعاب فيديو وينذر بالخطر على مُستقبل الصناعة ومُتعة الألعاب القصصية ، كذلك اللعبة ستناقش أمور دينيه تتعلق بما يُعرف بالـ " Homophobic Christian Cult " وتتمحور قصتها بالأساس حول الإنتقام بدافع تلك العلاقة التي ستكون المُحرك الرئيسي للقصة.

في الواقع أن تلك المحاولات التي تظهر " الشذوذ الجنسي " وكل تلك الأفكار المُتطرفة والبعيدة كل البعد عن مجتمعنا على أنها أمر طبيعي قد تأصلت بشكل كبير في المحتوى الترفيهي بالنسبة للأفلام والمسلسلات ، بالأخص شبكة Netflix ، ولكن في الوقت التي تحاول تلك الأفكار اقتحام صناعة الألعاب يبدو أن مجتمع اللاعبين أكثر " وعياً " من هؤلاء متابعي الافلام والمسلسلات الذين وجدوا نفسهم تحت " الأمر الواقع " سريعاً ولكي أكون صادقاً يبدو أن الأمر منطقياً حيث أن المسلسل أو الفيلم يكون ذو قصة محددة في النهاية، بينما لدينا في الألعاب القصة تعتمد نهايات مُتعددة بحسب إختيارك ومسارك في اللعبة.

لذلك المحاولات اليائسة بوصول قصص الألعاب مستقبلاً للوضع الذي وصلته الأفلام والمسلسلات في الوقت الحالي في توجهه الناس ووعظهم بدلاً من الترفيه عنهم من المُفترض أن يبوء بالفشل.


في لعبة Assassin's Creed Odyssey كانت خيارات "الحب" ضمن عناصر اللعب في اللعبة، وفي الوقت الذي تتيح لك اللعبة إختيار جنس لاعبك سواء " ذكر" أو " أنثى " فهي تتيح لك أيضاً الحرية في إختيار علاقاتك باللعبة، وهذا يعني أن إقامة علاقة "شاذة" هو أمر متاح بالفعل ولكنه يعود في النهاية لقرارك أنت، ولا تُجبرك اللعبة على ذلك ، بينما في The Last Of Us 2 سيكون الشذوذ والتوجهات الفكرية المتطرفة هي عنصر إجباري عليك تقبله!

الغضب الشديد من مجتمع اللاعبين على تلك التوجهات الفكرية الغير مُناسبة قد بدأ منذ اليوم الأول، وتسرب لقطات اللعبة على الإنترنت وحرقها بالكامل قبل شهر ونصف من صدورها قد زاد من الطين بلة، ولا أخفي عليكم أن تلك التسريبات لها علاقة بشكل أو بأخر بذلك المحتوى ، يبدو أن الغضب لا يأتي من اللاعبين المعترضين على تلك الأفكار المُتطرفة ولكن من داخل الأستوديو أيضاً ، هذا بالطبع بجانب الإشاعات التي إنتشرت سابقاً أن Naughty Dog كانت تُجبر الموظفين على العمل لساعات طويلة من أجل إنهاء تطوير اللعبة ، الذي عاني بشكل عام وتأجلت اللعبة في أكثر من مُناسبة.

يغفل مخرج اللعبة السيد "Neil Druckmann" أن وضع تلك الأفكار المُتطرفة ليس من شأنه جلب لاعبين جدد إلى السلسلة ولكنه يعمل فقط على إبعاد الجماهير الحالية، ولعل أبرز دليل على ذلك أن جميع عروض اللعبة الرسمية مؤخراً تصدر مع غلق قسم التعليقات، كما حصلت علي العديد من الـ Dislikes والتي وصلت لنصف عدد الـ Likes ، بالنسبة لعنوان مُنتظر مثل The Last Of Us 2 يحمل معه الكثير من الإضافات على عناصر اللعب والانيميشن وكذلك على مستوى الرسوم يُعد الأمر كارثي.

مطلع الشهر الحالي خرج السيد "نيل" ليُعلن عن موعد إطلاق اللعبة بشكل رسمي في 16 يونيو وأنها أصبحت ذهبية ، وبالرغم من ذلك حصل ذلك الفيديو على 120 ألف ديس لايك مقابل 37 ألف فقط بعد أن شاهدة حوالي مليون شخص على موقع اليوتيوب ، وهو الأمر الذي يعكس بدوره مدى غضب اللاعبين ولكي أكون صادقاً ، الغضب هنا ليس فقط متعلق بمحتوى اللعبة ولكنه يشمل أيضاً تأخيرها وتأجيلها لعدد من المرات وكذلك تسريبها.

[embed]https://www.youtube.com/watch?v=FC-eYFDLTD0[/embed]

أن أول تلك الخطوات المُناهضة لتلك اللعبة بالنسبة لمجتمع اللاعبين في الشرق الأوسط قد حدث بالأمس بعد حظر اللعبة بشكل رسمي من المتاجر في الشرق الأوسط، ولا نعتقد بأي وقت من الأوقات سيتم فك حظر اللعبة مثلما حدث مع ألعاب أخرى، ولكن السؤال الذي يشغل بالي بشكل شخصي، هل كل هذا الإنتظار والحماس من أجل تجربة اللعبة سيجعل اللاعبين بالفعل يقاطعون اللعبة بالفعل؟ أم أن الأمر سيُنسى وسيتم إجبارنا عليه فور صدور اللعبة؟

الأمر مُجرد شعره ما بين بداية إغتيال صناعة الألعاب بدس تلك الأفكار السامة وتحويل متعة الألعاب لمُجرد أداة لنشر أفكار متطرفة، وبين قتل تلك المحاولات تماماً ومجتمع اللاعبين هو من يتحمل المسئولية ، بشكل شخصي قد راهنت علي اللاعبين سابقاً في مُناسبتين ، الأولي مع سلسلة COD في الفترة ما بين Black Ops 2 وحتى العام الماضي وحلب السلسلة ، الأمر الذي جعل Activision تفكر جيداً وقامت هذا العام بالاستماع لمعظم مطالب اللاعبين والنتيجة حصلنا على واحدة من أفضل ألعاب السلسلة بمحتوى مجاني مستمر وضخم ، والثانية مع لعبة FIFA بعد إستخدام محرك Frostbite Engine الغير ملائم للألعاب الرياضية  ولكنها فشلت، وهذه هي المرة الثالثة التي أراهن فيها على مجتمع اللاعبين!

في النهاية هل ترى تلك التوجهات الفكرية في صالح صناعة الألعاب؟ وما موقفك من لعبة The Last Of Us 2؟