بعد تأجيل الجلسة لمدة يومين، سيشهد الرؤساء التنفيذيون لأكبر الشركات التقنية، فيسبوك وأمازون وأبل وجوجل، معًا أمام الكونجرس الأمريكي للمرة الأولى على الإطلاق. حسنًا، لن يذهبوا بأنفسهم إلى مبنى الكونجرس بسبب ظروف الوباء الحالي المستمر، لكنهم سيظهرون عبر الفيديو على الإنترنت. ويمكن مشاهدة البث المباشر للجلسة من هنا.

ومع ذلك، يمكن أن يكون هذا الحدث تاريخيًا، مع ظهور مؤسس أمازون جيف بيزوس لأول مرة في جلسة استماع أمام الكونجرس، بينما سبق للثلاثة الآخرين، مارك زوكربيرج وسوندار بيشاي وتيم كوك، الظهور في جلسات استماع أمام الكونجرس.

لكن ما الهدف من وراء الاستماع لرؤساء أقوى الشركات التقنية الحالية؟ الإجابة قد تكمن في السؤال ذاته، ببساطة لأن هناك تحقيق من اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مدى القوة التي تستخدمها تلك الشركات في الإضرار بالمنافسة والسيطرة على السوق واحتكاره لصالحها. وما إذا كانت الشركات الأربع الكبرى، وكل شركة منها من أكثر الشركات قيمة في التاريخ، قد بنت قوتها الاقتصادية الحالية، أو أنها تستخدمها، بطرق تضر بالمنافسة في أسواق التقنية بشكل عام.

شركة فيسبوك.. الاستحواذات القاتلة على المنافسين!

مارك زوكربيرج

لا تعتبر شبكة فيسبوك مجرد أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم حاليًا فحسب، لكنها تملك أيضًا اثنتين من أكبر الشبكات الاجتماعية الأخرى، وهي إنستجرام وواتساب، ولكل منهما أكثر من مليار مستخدم. وهاتان الشركتان هما اثنتان فقط من بين أكثر من 80 شركة استحوذت عليها شركة فيسبوك في السنوات الأخيرة.

هناك اسم واحد أقل شهرة يمكنك توقع سماعه وهو شركة Onavo، وهي شركة ناشئة لتحليلات استخدام الهواتف المحمولة اشترتها فيسبوك عام 2013، والتي يُزعم أن بياناتها على التطبيقات الأخرى تم استخدامها لتحديد الشركات المرشحة للاستحواذ أو حتى تقليد خدمتها من قبل فيسبوك، ويُذكر أن أحد الاستحواذات بسبب بيانات شركة Onavo كان الاستحواذ على تطبيق المراسلة الفوري واتساب.

من المعروف في عالم الأعمال وفي مجال التقنية أن جميع الشركات والمنصات الكبرى استحوذت على شركات صغيرة ناشئة بالعشرات أو حتى المئات. ولكن هناك ما يُعرف بـ "الاستحواذات القاتلة"، وهي التي تمتص المنافس المحتمل لخدمتك قبل أن ينمو ويتطور إلى منافس ضخم ويأخذ من نصيبك في السوق، وهي ما تشكل عائقًا رئيسيًا أمام ريادة الأعمال والابتكار حاليًا.

وهنا يأتي تخصص فيسبوك في الاستحواذات القاتلة، الكل يعرف ما يحدث، وهو أنها بمجرد ظهور منافس في سوق التواصل الاجتماعي تحاول منعه وشراءه مباشرة أو حتى تقليد خدماته مثلما حدث مع تطبيق سنابشات.

السؤال الملموس الذي يمكن أن يطرحه الكونجرس هو ما إذا كانت القوانين حول هذه الاستحواذات، وخاصة عمليات الاستحواذ ضد المنافسين الناشئين، بحاجة إلى مزيد من التشديد والمراقبة؟

شركة جوجل.. الزعيم المهيمن على سوق الإعلانات الرقمية!

جوجل Sundar Pachai

نظرًا لأن شركة جوجل تتمتع بمكانة مهيمنة في العديد من المجالات المختلفة داخل اقتصاد شبكة الإنترنت، فقد تكون القضية ضدها هي الأقوى والأكثر صعوبة في تفسيرها. شركة جوجل هي اللاعب المسيطر حاليًا ليس في محركات البحث فحسب، ولكن أيضًا في سوق الإعلانات الرقمية، وكذلك أنظمة تشغيل الهواتف المحمولة أندرويد، بجانب نظام تحديد المواقع العالمي GPS والملاحة، بالإضافة إلى البريد الإلكتروني ومشاركة الفيديو، من الأسهل تقريبًا أن نذكر الأجزاء من البنية التحتية للإنترنت التي لا تلعب فيها جوجل دورًا كبيرًا.

ومثل وضع شركة فيسبوك، بنت جوجل هذه الهيمنة من خلال مجموعة ضخمة من عمليات الاستحواذ، أمثال منصة الفيديو يوتيوب ونظام التشغيل أندرويد. ولكن سيتناول الاستجواب في الكونجرس الأمر الذي حول كلمة جوجل إلى فعل؛ في أيامها الأولى، كان استخدام محرك بحث جوجل يعني عادةً البحث عن شيء ما ثم الضغط فوق رابط يذهب بك إلى موقع ويب آخر.

لكن الشركات والمنافسين يشكون بشكل متزايد من أن الشركة صممت محرك البحث الخاص بها بطرق تفيد شركة جوجل على حسابهم، واليوم تهيمن الإعلانات على الجزء العلوي من نتائج البحث بشكل لم يسبق له مثيل، مما يضع ضغوطًا أكبر على تلك الشركات لكي تدفع أكثر حتى تظهر للمستخدم.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن النتائج المجانية تفضل خصائص جوجل نفسها، فيظهر يوتيوب بدلًا من Vimeo مثلًا، وهكذا. كما أن مربع الإجابة، الذي يسحب المعلومات من مواقع الويب الأخرى، يُبقي المستخدمين على صفحة جوجل، بدلاً من الضغط على رابط الموقع، مما يعني بدوره المزيد من الفرص للضغط على الإعلانات.

وبالحديث عن الإعلانات، فإن حصة جوجل من الإعلانات الرقمية، وهو قطاع تهيمن عليه إلى جانب شركة فيسبوك، تتجاوز كثيرًا مجرد الإعلانات على شبكة البحث. ووفقًا لتحقيق شامل أجرته هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، تمتلك شركة جوجل ما يصل إلى 90% من حصة أجزاء متعددة من سوق الإعلانات الرقمية، بما في ذلك الأدوات التي يستخدمها الناشرون والشركات الصغيرة في كل مرة يشترون ويبيعون فيها الإعلانات. ومن اللافت للنظر أنه مع نمو الإنفاق السنوي على الإعلانات الرقمية إلى مئات المليارات من الدولارات، يظل هذا القطاع غير منظم تقريبًا بشكل كامل، وتلعب فيه جوجل دور الزعيم المهيمن.

شركة أمازون.. الصفقات السيئة على منصة التجارة الإلكترونية الأشهر!

Jeff Bezos أمازون

إن جزءًا لا بأس به من الزخم وراء حملة مكافحة الاحتكار الذي تتعرض لها شركات التقنية الكبرى يأتي بفضل ورقة بحثية، تمت قراءتها على نطاق واسع، ونشرتها طالبة قانون تدعى لينا خان بعنوان "Amazon’s Antitrust Paradox". والتي كانت تناقش سياسات شركة الأسواق الإلكترونية الأشهر أمازون.

سيكون لدى جيف بيزوس بعض التوضيحات حول استراتيجيات التسعير في شركة أمازون. ولكن نظرًا لأن العملاء يحبون أسعار أمازون المنخفضة، فقد يكون من الصعب الفوز في تلك المعركة تحديدًا في محكمة أمام الرأي العام. ولكن تعتبر أمازون أكثر عرضة للخطر عندما يتعلق الأمر بكيفية تعاملها مع الشركات الأخرى التي تعمل على منصتها.

نظرًا لأنها تدير أكبر سوق عبر الإنترنت وتشارك في هذا السوق، ولأنها تتمتع بإمكانية الوصول إلى كميات غير مسبوقة من بيانات المشترين والبائعين، فإن الأسئلة تدور منذ سنوات حول حوافز أمازون للضغط على استخراج الأموال بشكل غير عادل من العلامات التجارية والبائعين الآخرين.

لا يستطيع معظم التجار عدم التواجد على منصة أمازون للتجارة الإلكترونية، وهذا يعني أنهم مضطرون لقبول أي صفقة تقدمها لهم شركة أمازون. وفي السنوات الأخيرة، اشتكى عدد متزايد من الشركات من أن تلك الصفقات كانت سيئة. حيث اشتكى التجار المستقلون من أن أمازون تجبرهم على البيع بأسعار منخفضة، وتسمح للمزورين بالهرب، وحتى أنها تضعف البائعين من خلال تقليد تصميماتهم مع المنتجات التي تحمل علامة أمازون التجارية.

وفي شهر أبريل الماضي، ذكر تقرير صحيفة وول ستريت جورنال أن شركة أمازون كانت تستخدم بيانات من بائعين خارجيين لتطوير منتجاتها الخاصة، بالرغم من إصرار الشركة على نفي قيامها بذلك. وخلال الثورة حول هذا التقرير، دعا الكونجرس الملياردير جيف بيزوس إلى الإدلاء بشهادته للمرة الأولى.

شركة أبل.. نسبة عمولة 30% غير العادلة! 

تيم كوك

قد تكون القضية ضد شركة أبل هي الأسهل في الشرح، وسوف تدور حول سياسات الشركة في متجر التطبيقات App Store، حيث قد اشتكى مطورو التطبيقات من أن نسبة عمولة أبل 30% على جميع الإيرادات من متجر التطبيقات الخاص بها هي نسبة غير عادلة. كما اتهموا شركة أبل بالتمييز والتفرقة التي تمارسها ضد التطبيقات التي تتنافس مباشرة مع خدمات تقدمها الشركة.

وكان قد شهد الرئيس التنفيذي لشركة Tile، التي تصنع الأجهزة والبرامج لمساعدة الأشخاص على تتبع أشياء مثل مفاتيحهم ومحفظتهم، أن شركة أبل غيرت تطبيق Find My iPhone لتقليد تطبيق Tile، ثم قررت التوقف عن بيع منتجات شركة Tile في متجرها.

يستحوذ جهاز أيفون على نحو 40% إلى 50% من سوق الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة. وتمامًا مثل قضية التجار على الإنترنت وشركة أمازون، يواجه مطورو التطبيقات الذين يتم منعهم من الوصول إلى متجر التطبيقات App Store تهديدًا من شركة أبل. وكانت المشكلة الأخيرة بسبب رفض أبل نسخة محدثة من تطبيق البريد الإلكتروني الجديد Hey من على متجر تطبيقاتها.

وتحسبًا لهذا الهجوم، أصدرت شركة أبل الأسبوع الماضي دراسةً تشير فيها إلى أن عمولتها البالغة 30% هي عمولة عادية، ويمكن مقارنتها بما يفرضه المنافسون في الأسواق الرقمية الأخرى مثل شركات جوجل وأمازون على التطبيقات على أجهزتهم.

وهو ما قد يجاوب عليه أعضاء اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار بأنهم لهذا السبب قاموا بدعوة جوجل وأمازون أيضًا إلى نفس الجلسة!