يرتبط اسم بيل جيتس دائماً بمايكروسوفت حتى أن البعض ما زال يظن أنه المدير التنفيذي للشركة برغم تركه للمنصب منذ قرابة العشرون عاماً. هذا الارتباط الوطيد بين واحد من أثرى أثرياء العالم وشركته التي أسسها منذ 37 عاماً يعود ليس فقط لتأثيره الواضح في مستقبلها ولكن أيضاً لسيطرتها على حياته بشكل كامل حتى حياته الشخصية.

بالتأكيد لا أتحدث هنا عن تأثير مايكروسوفت على حياته بسبب الأرباح الطائلة التي حققها من وراء هذه الشركة ولكن تأثيرها على كل قراراته بداية من اختيار شريكة حياته ثم الزواج وتربية أبناءه، وحتى التوجه للعمل الخيري. فكيف إذاً أثرت مايكروسوفت في كل هذه الجوانب من حياة بيل جيتس؟

كيف بدأت القصة؟

أسس بيل جيتس شركة مايكروسوفت في عام 1975 لتكون شركة متخصصة في البرمجيات والتي سرعان ما تحولت إلى شركة متخصصة في أنظمة التشغيل بداية من عام 1980، قبل أن يشق الإصدار الأول من الويندوز طريقه بعدها بخمسة سنوات. تأثير مايكروسوفت الأول على حياة بيل كانت في تفضيله السعي وراء حلمه بتطوير الشركة تاركاً دراسته في هارفارد والتي اتضح فيما بعد أنه كان قراراً صائباً.

بيل جيتس

خلال هذه الفترة لم تكن حياة جيتس كأي شاب في منتصف السبعينيات أو بداية الثمانينات، فبدلاً من الاستمتاع بهذه الفترة من عمره قرر الشاب الأمريكي آنذاك استثمار وقته بشكل كامل في كتابة الكود البرمجي لمنتجات الشركة الأولى. كان جيتس يقضي اليوم بأكمله في العمل، ولا أقصد هنا حتى نهاية النهار بل حتى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، حتى أنه لم يكن يخصص بعض الوقت من أجل تناول الطعام، بل كان يقوم بتناول حبيبات Tang (عصير البرتقال سريع التحضير) بيده في محاولة للحصول على أكبر قدر من الطاقة دون إضاعة الوقت في تناول الطعام أو النوم.

بعد نجاح الإصدار الأول من الويندوز تغير الأمر قليلاً فلم يعد بيل جيتس داخل عملية التطوير كما كان في السابق، وتغير نمط حياته ليكون مناسب أكثر لنمط حياة المدير التنفيذي لشركة ناشئة.

تأثير مايكروسوفت على حياة بيل جيتس!

انشغال جيتس في تطوير شركته لم يدع له الوقت الكافي للبحث عن شريكة حياة ولكن الأمر لم يستمر طويلاً. تعرف بيل جيتس على زوجته المستقبلية في عام 1987 داخل أسوار شركته وبالتحديد في عشاء عمل بعدما تم تعيينها كمديرة للمنتجات في الشركة.

تعرف بيل جيتس بزوجته المستقبلية مليندا وإعجابه به بل حبهما بعضهما البعض لم يكن كافياً حتى يتخذ قرار الزواج بها. كان يخشي أصغر ملياردير في العام حينها من أن الالتزامات الزوجية ودوره كزوج ومن ثم كأب قد يشغله عن تطوير مايكروسوفت وقيادتها نحو المزيد من النجاح. الأمر وصل للتفكير في الزواج بصورة عملية بحتة، حيث قام بيل بكتابة مميزات الزواج وعيوبه على السابورة المتواجدة في غرفته ليتخذ القرار وكأنه يتخذ أي قرار متعلق بمايكروسوفت والذي يبدو أنه حبه الأول وليس زوجته مليندا.

الظهور الأول لتأثير الثروة الطائلة التي حصل عليها بيل جيتس من عمله في مايكروسوفت كان عندما اتخذ قرار الزواج في عام 1994. قام جيتس حينها بتأجير إحدى أجزاء هاواي بشكل كامل حيث قام بتأجير كل غرف الفندق وحتى كل الطائرات التي يمكن أن يتم استقلالها للوصول للجزيرة. الزفاف تكلف تقريباً مليون دولار أمريكي حينها بحسب Business Insider.

اقرأ أيضًا: أقوى رجال التقنية: بيل جيتس

الشيء الوحيد الذي لم يتأثر بمايكروسوفت بشكل مباشر كانت تربية أبناء بيل جيتس الثلاثة. بالتأكيد كون والدهم واحد من أثرى أثرياء العالم ضمن لهم مستوى معيشي مرتفع وجودة تعليم عالية إلا أن آباءهما رفضا تماماً أن يؤثر هذا الثراء عليهما بصورة تخل من تربيتهم. وكان أول شيء اهتم بيل ومليندا جيتس بزرعه في أبناءهما هو تقاسم الواجبات المنزلية. كان بيل يحرص دائماً على مشاركة زوجته في المهام المنزلية بعد عودته من عمله كرئيس تنفيذي لمايكروسوفت، أو كعضو مجلس إدارة الشركة بعد تنحيه عن المنصب، خاصة فيما يتعلق بغسل الصحون بعد الانتهاء من وجبة العشاء.

حجب الزوجين أطفالهما عن حياة المشاهير برغم أنهما من أشهر الأزواج على مستوى العالم ولكنهما فضلا أن يعيش أبنائهم بعيد عن صخب الأضواء.

امتلاك واحدة من كبرى شركات التقنية والبرمجيات في العالم لم تجعل حياة أبنائهم تدور حول هذا الأمر، بل وكأي منزل يهتم فيه الآباء بتربية أبنائهم كان هناك وقت محدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية وساعة محددة لا يمكن بعدها استخدام هذه الأجهزة، حتى يُضمن لهم نوم سليم وصحي. لم تتح عائلة جيتس لأبنائها امتلاك أي نوع من الهواتف حتى سن الرابعة عشر وهو شيء قد تراه غريباً في وقتنا هذا ولكنه دليل على مدى حرص الأبوين على تربية أبنائهم.

الأغرب من هذا الشيء هو خوف الأبوين جيتس على أبنائهما من ثروتهما الطائلة حتى أنهما سيحرمان أبنائهم تقريباً من ميراثهم المستقبلي. سيحصل كل واحد من الأبناء الثلاثة (أبنتين وأبن وحيد) على 10 ملايين دولار فقط بإجمالي 30 مليون دولار من ثروة إجمالية تقدر بحوالي 100 مليار دولار ستذهب أغلبها للأعمال الخيرية. وبرر بيل جيتس هذا التصرف الغريب بأنه يريد ألا يشعر أبناءه بالحاجة للمال ولكن في نفس الوقت لا يريدهم أن يمتلكوا من المال ما يدفعهم للتوقف عن العمل لعدم الاحتياج له.

والآن، أعلن كل من بيل وميليندا انفصالهما رسمياً بعد زواج دام لـ 27 عاماً، لكنهما أشارا إلا أنهما سيواصلان عملهما معاً في مؤسستهما الخيرية.

في النهاية وكما شاهدنا أثرت مايكروسوفت على بيل جيتس في كل جوانب حياته، هل ترى شركة أخرى قد أثرت على صابحها بقدر مماثل؟