هل حقا تحتاج لشاشة GSync أو FreeSync لتحصل علي تجربة لعب مثالية؟

الحقيقة أنه لا توجد علاقة منسية في عالم الرسوميات أكثر من علاقة البطاقة الرسومية بالشاشة، اللاعب يختار البطاقة الرسومية ويتفنن في التدقيق في مواصفاتها العتادية، وقدراتها وامكانياتها البصرية، يركبها في حاسبه، ويتوقع أن تعمل بكل الأداء المرضي، والرسوميات الصافية الفائقة، وتجربة اللعب السلسة الخالية من أي شوائب.

لكن سرعان ما يخيب هذا التوقع، وينكفأ علي وجهه بمنتهي العنف، ذلك لأن اللعب معالجة وعرض، واللاعب المسكين لم يلقي بالا للعرض، وشغل ذهنه فقط بالمعالجة، وهي البطاقة الرسومية، ثم يكتشف أن هذا هو الخطأ المميت!

في البداية يلاحظ اللاعب تلك التقطعات في الصورة، تلك الخطوط الموجية التي تصول وتجول في الشاشة، والأسوأ أن كل هذا يزداد كلما زاد اداء لعبته!

يسمع أن هناك تقنية تسمي المزامنة الطولية Vertical Synchronization -أو VSync اختصارا- موجودة في كل لعبة، وعندها القدرة علي أن تلغي هذه الظاهرة، فيقوم بتفعيلها، لكنه يفاجئ ان الحال أصبح الي أسوأ، التقطعات لا تزال موجودة، فقط أضيف عليه قصورا في معدل استجابة اللعبة لأوامره … يشعر أن التحكم ثقيل، صارت اللعبة الآن أسوأ بشكل يقيني، لا يفهم ويصاب بالحيرة! لماذا يكون هناك خيار لجعل اللعبة أسوأ بحق الله؟

والحقيقة أن هذا ليس ذنب اللاعب علي وجه الخصوص، بل هو ذنب صناعة بأكملها، صناعة ركزت علي جانب المعالجة أضعاف ما فعلت مع جانب العرض.

والنتيجة هي الحاصلة الآن: شاشات تعمل بمعدل عرض Refresh Rate ثابت في كل الأحوال وخلال كل الظروف، سواء عملت اللعبة بنفس معدل عرض، أو أقل أو حتي أعلي منه، وهذا هو لب المشكلة! ثبات معدل العرض!

ولنضرب مثالا شهيرا لشاشة تعمل بمعدل عرض 60 مرة في الثانية (60Hz) أي أنها تعرض 60 صورة في الثانية، اذا تلقت الشاشة 70 صورة من البطاقة الرسومية فانها تحشرهم حشرا بحيث يصيروا 60 صورة أيضا، حتي لو انطبقت الصور علي بعضها انطباقا! المهم أن لا يتخطي عددهم معدل العرض أبدا!

وهو ما يحدث بالفعل! الصور تنطبق علي بعضها، فيري المستخدم ظاهرة التقطيع في الصورة Tearing، والتي ما هي الا صور مختلفة محشورة فوق بعضها في صورة واحدة!

صور منطبقة علي بعضها، والخطوط الصفراء هي التقطيع ..

أما اذا أعطتها البطاقة الرسومية عددا أقل من معدل العرض، 50 صورة مثلا، فان الشاشة البلهاء تكرر منهم 10 صور اضافية، ليصير المجموع الكلي 60 صورة، ثم لا تكتفي بذلك فحسب! بل تستقبل هؤلاء الـ 50 وتكرر عليهم الـ 10 في غير نظام أو انتظام، فتنطبق بعض الصور فوق بعضها البعض مسببة ظاهرة التقطيع أيضا!

والنتيجة أن ما يراه اللاعب هو تقطيعات في كل مكان، تقطيعات بكل الألوان!

صورة أخري لتقطعات Tearing العرض ..

والحل؟ اجبار البطاقة الرسومية والشاشة علي التواصل بتوافق، عن طريق مزامنة دورات العمل بينهما باستخدام المزامنة الطولية VSync.

والمزامنة الطولية تجبر بطاقة الرسوميات علي ألا ترسل أكثر من 60 صورة في الثانية (اكثر من معدل عرض الشاشة)، فتتجنب الشاشة حشر أية صور زائدة، وتحتفي ظاهرة التقطيع تماما!

الي اليمين بدون تقطعات، والي اليسار بالتقطعات ..

لكن هناك مشكلة سخيفة للغاية في تقنية المزامنة الطولية المزعومة تلك، وسببها أكثر سخافة!

عند تفعيل هذه التقنية، فان البطاقة الرسومية تُجبر نفسها علي التوافق مع كل دورة لرسم الشاشة، ودورة رسم الشاشة تبدأ من الأعلي، أي بطول الشاشة .. حيث تبدا الشاشة رسم كل صورة من أعلي الي أسفل، أي بطريقة راسية، أو طولية. ومنها اٌشتق الأسم.

في الشاشات التي تعمل بمعدل عرض 60Hz، فان كل دورة رأسية تستغرق 1/60 جزء من الثانية، أي حوالي 16 مللي ثانية.

يجب علي البطاقة الرسوميّة معالجة كل صورة بحيث لا يزيد زمنها عن 1/60 جزء من الثانية (أو 16 مللي ثانية ) حتي ترسلها الي الشاشة في ميعاد دورة الرسم القادمة.

في معظم الأحوال، ومع البطاقات الرسومية القوية فان هذا لا يمثّل أي مشكلة، والأغلب أن البطاقة تُنهي كل صورة في زمن أقل من 16 مللي ثانية، لكنها تنتظر باقي هذه المدة حتي ترسل الصورة الي الشاشة في دورة الرسم القادمة، لتتفادي التقطيع في الصورة Tearing والخطوط الموجية كما قلنا.

لكن للأسف تأتي بعض الصور بمؤثّرات قوية، وهذه تزيد من العبأ الحسابي، مما يزيد من زمن معالجة هذه الصورة الثقيلة، الي حد أن زمن المعالجة يتعدّي زمن 16 مللي ثانية، ليصبح 20 مللي ثانية مثلا!

عندما يحدث هذا، فان الصورة تفوتها دورة رسم واحدة من دورات الشاشة، حيث لا ترسلها البطاقة الي الشاشة لأنها لم تكتمل، وتضطر الصورة الي الانتظار حتي الدورة القادمة.. أي أن الصورة الحمقاء انتظرت دورتين كاملتين من دورات الشاشة!

VSync

اذا تكرر هذا الأمر مع ثلاثين صورة في الثانية الواحدة (مثلا في مشهد انفجار كبير، أو أضواء كثيرة ساطعة) فان كل صورة منهم تنتظر دورتين من أصل 60! وهنا تحدّث الشاشة نفسها 30 مرة فقط، وهذا يُسبب انخفاض عدد الصور المعروضة الي النصف فورا! ويفاجئ اللاعب بخلل مفاجئ وبطء ملحوظ في سلاسة العرض وثقل Lag في استجابة اللعبة لأوامره.. والأسوأ أن انخفاض معدل الصور ينتج عنه نوع من الاهتزاز أو الارتعاش Judder في الصورة عندما تنتظر الشاشة صورة طال زمن معالجتها.

بل إن منظومة العرض عادة ما تنهار تماما اذا انخفض عدد الصور عن 60 لأي سبب كان، فمتي حدث أي انخفاض، فان التزامن والتوافق بين الشاشة وبطاقة الرسوميات ينهار، وتبدأ بعض الصور في الولوج الي دورات رسم ليست لها بطريقة غير متساوية، ويحدث التقطيع أيضا رغما عن أنف المزامنة الطولية! وفي أحيان أخري تضطر الشاشة لتعويض النقص بصور مكررة، مما يعني أن عملية العرض كلها تصاب بالخلل، فتدفق سلاسة العرض يختل Stutter بسبب انخفاض عدد الصور و تكرارها واستقبالها في غير انتظام، فيلاحظ اللاعب أن العرض يبطأ فجأة في بعض الصور، ثم يعود سريعا كما كان، ثم يبطأ فجاة كأنه يتقافز بين الصور بطريقة غير متساوية  وهو ما يطلق عليه اسم التعثر Stutter أو التأتأة (مثل التأتأة في الكلام) .. والظاهرة تحدث في غضون أجزاء من الثانية، لكنها ترصد وتسجل من قبل العين وتقلل من جودة العرض بدرجة ملحوظة.

صورة للاختلال المفاجئ لسلاسة العرض Stutter بالأعلي، وبالأسفل صورة للاختلال المستمر ..

إن هذا لكابوس! ربما لم يكن البعض يدري أن منظومة العرض في عالمنا معيبة ومخترقة حتي النخاغ الي هذا الحد! لكنها الحقيقة للأسف! إن كل الاحتمالات تقريبا تؤدي الي خلل في سلاسة العرض:

عدد صور أعلي من معدل العرض= تقطيع Tearing! صور أقل من معدل العرض= تقطيع Tearing واهتزاز Judder! مزامنة طولية وصور أقل من معدل العرض= تقطيع Tearing وبطء شديد في اللعبة low fps وتلعثم في سلاسة العرض Stutter! مزامنة طولية وصور أعلي من معدل العرض =تقطيع Tearing وبطء شديد في اللعبة low fps!

إنه المثل الغربي الشهير : لُعنت اذا فعلت، ولُعنت اذا لم تفعل! أربعة من اصل أربعة احتمالات للعرض لا تؤدي الا لكارثة، لقد جن العالم و اتخذ من الرداءة مرتعا!

Tearing

صورة متحركة تبين التقطعات Tearing علي خلفية بيضاء وسوداء ..

صورة للاختلال المفاجئ لسلاسة العرض Stutter ..

ولا توجد أدني مبالغة في العبارة الأخيرة، فقد اتخذ مطورو الرسوميات ومصنعي العتاد من تلك الرداءة مرتعا بالفعل، وتأقلموا معها، واعتبروها قدرا لا مقر منه، وعلموا أنفسهم تجاهلها والتعود عليها، بل وعلموا ألعابهم محاكاة تلك الرداءة للحفاظ علي معدل عرض الصور علي منصات الألعاب المنزلية consoles .. فلديهم لا تجد أي مانع من ارسال صور غير مكتملة الي الشاشة حتي لو سببت تقطعات Tearing، فأي صورة تتخطي زمن معالجتها حاجز الـ 33 مللي ثانية، ترسل الي الشاشة فورا حتي لو لم يرسم منها سوي سطرا واحدا! والنتيجة هي انطباق هذه الصورة الناقصة علي ما قبلها بطريقة غير سوية مسببا تقطيعا أيضا!

إن ما فعله كل هؤلاء الخبراء والمتمرسون تحاه هذه المشكلة المحورية، لم يكن يرقي الا لمستوي تجاهل الفيل الضخم في الحجرة الصغيرة، وكم يشعرون بالعجز عندما يلاحظ المبتدئون والهواة هذا الفيل الضخم فيسألونهم عنه، فتكون الاجابة كقا بنقلب علي كف!

لقد رأيتم أنه حتي مع المزامنة الطولية، فان العروض تعاني من تقطيع الاطارات Tearing، و تذبذب وتلعثم سلاسة العرض Stutter، واهتزاز الشاشة وارتعاشها عند انخفاض الاطارات Judder، وثقل استجابة اللعبة Lag، إن هذا لحفل صاخب للرداءة والجميع مدعوون!!

إن أي شخص ذو اهتمام عابر بالرسوميات لن يكون بوسعه سوي الشعور بالضيق والعجب، والتساؤل عن سبب هذه الظواهر اللعينة! الا أن الاجابة من الخبراء ستكون هي: أية ظواهر؟ لا توجد ظواهر! تجاهلها!

كان هذا حتي أعلنت NVIDIA عن اصدارها الخاص من المزامنة أطلقت عليه المزامنة G، أو GSync.

ستضع NVIDIA معالجا صغيرا بداخل كل شاشة، ومعالجا آخر بداخل كل بطاقة رسومية، وسيقوم المعالجين بأداء خوارزمية معقدة ليتزامنا سويا بحيث متي انخفض عدد الصور عن معدل العرض فان الشاشة تخُفض من معدل عرضها ليتساوي مع عدد الصور، ولتذهب ظاهرة التقطيع الي الجحيم!

إذا أرسلت البطاقة الرسومية 50 صورة، فان الشاشة تعمل بمعدل 50 صورة فقط، بلا زيادة ولا نقصان!

GSync

لن تحتاج الشاشة الي تكرار أية صور، ولن تعاني من اية تقطيعات Tear أو اهتزازات Judder عندما تنهار عن معدل العرض.. ولن تحتاج الي أداء مزامنة اجبارية تسبب ثقلا Lag في الاستجابة أو خللا في سلاسة العرض Stutter، فمعدل عرض الشاشة يتغير في التو واللحظة ليتواءم مع ما ترسله البطاقة الرسومية من صور أو إطارات Frames!

إنه حل سحري غاية في البساطة والأناقة الي الحد الذي يدفعك للتساؤل، لماذا لم يفكر اي أحمق سابق فيه من قبل؟

إن توابع هذا الحل لن تتوقف عند مسألة الخلاص من التقطيعات فقط، بل تمتد الي البطاقة الرسومية نفسها .. الآن أصبحت البطاقة التي تعمل بـ GSync تقدم عرضا أكثر سلاسة وصفاء من البطاقة التي تعمل بدون GSync حتي لو قدمت هذه الأخيرة عددا أعلي من الصور/الاطارات!

وبفرض أن تلك البطاقة تقدم 50 صورة في الثانية في لعبة ما، بتقطيعات رديئة في كل مكان، تخصم من جودة العرض، وتعطي انطباعا سيئا لدي اللاعب الذي يشعر أن العرض يسير بمعدل صور أقل من الـ50 بكثير! فان البطاقة ذات الـ GSync ستقدم عرضا أكثر سلاسة بلا أية تقطيعات وبانطباع فائق النقاء لدي اللاعب حتي لو عملت اللعبة علي 40 صورة فقط!

GSync On vs VSync Off

بالطبع لن يؤثر هذا علي حاجة المرء لبطاقات قوية، فالصور تحتاج أن تصل الي الشاشة بسرعة في كل الأحوال، لكن هذا الأمر يقلص الفوارق بين البطاقات المتقاربة.

الآن أصبح كذلك بامكان أي لاعب الحصول علي عرض صاف حتي باستخدام 30 صورة فقط!

الآن لم يعد من الملزم علي مطوري ألعاب المنصات أن يجبروا ألعابهم علي العمل بمعدل اطارات ثابت، خشية التقطيعات، فلتعمل اللعبة كما تريد، وستتولي تقنية GSync معادلة الزوائد والنواقص.

تقول NVIDIA أن GSync تحتاج 30 اطارا كحد أدني حتي تؤدي المطلوب منها بدقة، تحت هذا الحد فان الشاشة ستهتز Flicker بسبب نقص الاطارات، وسيكون هذا ملحوظا لأي شخص، لذا فالحاجة لبطاقات جيدة الأداء هي أمر لا مفر منه.

ولقد طورت AMD تقنيتها الخاصة مثل NVIDIA، وأطلقت عليها اسم FreeSync، والسبب انها لا تحتاج لمعالج في الشاشة مثل GSync، وانما تعمل من خلال تعريف القيادة driver الخاص بـ AMD. مما يجعلها خيارا أقل تكلفة.

FreeSync

هناك فروق جوهرية بين FreeSync و GSync، فلأن الأخيرة تحوي معالجا مستقلا في الشاشة، فانها تستطيع التعامل مع أي مجال من عدد الصور أو معدل العرض Refresh Rate، من الصفر وحتي 240Hz فأكثر، بينما عادة تكون FreeSync مقيدة بمجال محدد (مثلا من 40 الي 70Hz). ولقد أصدرت AMD الاصدار الثاني من التقنية لتلافي هذا العيب ولقبته بـ FreeSync 2، وهو يحتاج الي تصميم الشاشة بشكل معين حتي تستطيع العمل من الصفر الي 240Hz فأكثر.

أيضا تستطيع GSync العمل مع تقنية HDR 1000، بسهولة شديدة وبمعدل عرض عالي، بينما لا تزال FreeSync مقيدة بـ HDR 600 فقط، وقد يتغير هذا مستقبلا.

في كل الأحوال، لقد اصبحت المزامنة G والمزامنة الحرة Free في غفلة من العالم، هي المعيار القياسي لسلاسة العرض، ساحقة المزامنة الطولية العتيقة العقيمة بالضربة القاضية! ولقد أطلق عليهما اصطلاحا اسم المزامنة المتغيرة Variable Sync، ومما لا شك فيه أن Intel ستنضم للقافلة من بعد AMD و NVIDIA.

لهذا فلقد أصبح لزاما علي أي لاعب متحمس أن يقتني شاشة تدعم المزامنة المتغيرة Variable Sync، سواء كانت GSync أو FreeSync، هذا اذا كان يرغب حقا في الحصول علي تجربة عرض سلسلة دون تقطعات أو تلعثمات أو ارتعاشات في العرض خاصة بعد كل ما رأينا من معاناة مع تقنية VSync العتيقة.

لقد اعتدنا علي أن نشاهد اضافة الجديد في تقنيات الرسوميات كل يوم، حتي صار الأمر تقليديا، لكننا لم نتعود قط أن نشاهد واحدة من تقينات الرسومات المعمرة تنعدم وتنحسر هكذا فجأة!

آن للمزامنة الطولية V.Sync أن تختفي، لقد صاحبتنا ما عرفنا الألعاب ثلاثية الأبعاد، لكنها لم تكن سوي شوكة في أعناق الجميع، لا يستخدمها أحد ولا يطيقها أحد، والذين استخدموها لم يحصدوا منها سوي المشكلات والعيوب، حتي تحيروا وتشككوا في تفسير وجودها من الأصل!

وداعا أيتها المزامنة الطولية، كانت اقامتك طويلة، لكنها مملة ومنفرة، كان وجودك ثقيلا كالكابوس، سخيفا كمزحة مكررة، فارغا كسبة بذيئة، لحنا قبيحا تردد طوال المساء حتي سأمناه ثم اشرق الصباح فنسيناه!

وداعا أيتها المزامنة الطولية، عسي أن تجدي مثواك الأخير في المراجع الرسومية، المراجع التي تتحدث عن زمن فات ومضي، وجاء محله ما ابتكر وارتقي.