ما القصة وراء حظر الصين الغريب لممارسة ألعاب الفيديو؟
إن كنت تبلغ من العمر 14 عاماً، تعيش في الصين وتعشق ألعاب الفيديو، فأنت الآن في أسوأ فترات حياتك. كنت تلعب لعبتك المفضلة مع أصدقائك الثلاث لكي تشغروا بارتي كاملة، ذهبتم للنوم وأنتم تفكرون في اللعب مجدداً ليلة الغد لكي ترفعوا من ترتيبكم في نفس اللعبة التي تقضون عليها الساعات والساعات بدون ملل، لكن….الحكومة كان لها رأيٌ أخر.
ها أنت ذا، تجلس مع والدك ووالدتك على مائدة الإفطار وأنتم تشربون حليب الصويا مع التوفو. السعادة تملأ قلبك لأنك ستقابل أصدقائك في المدرسة وتتناقشون بشأن خططكم لرفع مرتبتكم داخل اللعبة، لكن مع الأسف، أصبحتم جميعكم شاحبين اللون عندما تقابلتم لأنكم، وببساطة، لن تلعبون سوياً إلا ثلاث ساعات في الأسبوع، ولن تلعبون أكثر من ساعةٍ في اليوم.
حياة سيئة إن سألتني. أعني...لا أظن أن ساعة واحدة صارت كافية للعب في اليوم. في الواقع، يختلف الأمر من شخصٍ إلى شخص، لكن ما أعرفه هو أن المتوسط في الجمهورية الصينية هو أعلى من 12 ساعة. أعني…..تم تقليل النسبة بحوالي 75% بالغصب إن قمنا بعمل بعض الحسابات الرياضية البسيطة، أليس كذلك؟
لكن، يبقى السؤال هنا. ما الذي حدث؟
تفاصيل حظر ألعاب الفيديو في الصين
القرار الذي صدر من الحكومة الصينية ينص على أن كل من هو تحت سن الـ 18 لن يستطيع ممارسة الألعاب إلا في ساعةٍ واحدة، وهي من الثامنة للتاسعة مساءً في عطلة نهاية الأسبوع والأجازات الرسمية في الصين، وهذا القرار يأتي لحماية الصحة النفسية والجسدية للأطفال.
طريقة تطبيق القانون الجديد هي أذكى طريقة كان يمكن التفكير فيها. سيتوجب على جميع الشركات التي توفر خدمات الألعاب لمستخدميها أن تقوم بتوفير هذه الخدمات لهم في حالة واحدة، وهي بعد أن تأخذ منهم أسمائهم الحقيقية مع أعمارهم الحقيقية أيضاً، وهذا لضمان إمكانية معاقبة من يكسر هذه القوانين.
لكن هذا التعديل على القانون في الصين لم يكن رحيماً مقارنةً بالقانون الذي قدمته الدولة من قبل. في عام 2019، كان القانون صيني ينص على أن كل من هو تحت سن الـ 18 سنة له الحق في أن يلعب ما يصل إلى ساعة ونصف في اليوم الواحد في معظم أيام الأسبوع، وهذا كان مقبولاً للغاية مقارنةً بالقانون الجديد الذي نعلم أننا لن نسمع شكاوى عنه من الشرق الأوسط، لكن هناك من سيتذمر في ردهات المدارس.
التأثير على الصناعة
على حسب ما أقر به المحلل دانيل آحماد من Niko Partners، فسوق ألعاب الفيديو سيخسر الكثير من اللاعبين الذين لم يصل سنهم إلى 18 عاماً بعد. نحن نتحدث هنا عن 110 مليون طفل في الصين يلعبون ألعاب الفيديو، وبالطبع، هذا العدد سيهبط بسبب القوانين الجديدة التي تقلص من وقت اللعب، وبالنسبة للبعض، قد لا يرون أن الأمر يستحق اللعب لمدة ساعة واحدة في أيام الأجازات.
عند النظر إلى الخسائر التي ستتكبدها الشركات الكبيرة، فمن المتوقع أن تكون الخسارة صغيرة بعض الشيء. في تصريح ماضي لشركة Tencent، وهي الشركة الناشرة لألعابٍ مثل PUBG Mobile للهواتف المحمولة، أقرت الشركة بأن اجمالي الأرباح التي وصلت للشركة كان 2.6% منها يأتي من الأطفال، وبأطفال نعني هنا من هم أسفل الـ 16 عاماً.
هذه الأرقام تعود فقط على الأرباح التي تأتي لهم من الألعاب، أو بمعنى أخر، من البطاقات المدفوعة والحسابات التي يتم دفع الأموال بها. هذه الأرقام قد لا تكون صحيحة في النهاية، وقد يكون التأثير أكبر بكثير من الرقم المطروح، هناك العديد من الأطفال الذين يستخدمون حسابات ذويهم أو يقومون بتسجيل تواريخ ميلاد خاطئة، لهذا لا نرى أن الخسارة ستكون قريبة لهذه الأرقام.
مجانية الألعاب ووجود أجهزة غير مكلفة للوصول لها كان السبب
إن كنت تظن أن الأمر يتوقف فقط على ألعاب الكمبيوتر وألعاب الكونسول، فأنت على خطأ. الأزمة مع الصين ظهرت بشكلٍ واضح مع الهواتف الذكية التي صارت متاحة لجميع الأشخاص في الوقت الحالي. أنت تعلم هذا، أليس كذلك؟ ترى الأطفال وصغار السن يحملون هواتف ذكية وهذا طبيعي.
لكن أتعلم ما الطبيعي بالنسبة للأطفال أيضاً؟ أنهم يريدون دائماً اللعب بدون دفع الأموال ومع التواصل مع أصدقائهم أثناء اللعب أيضاً، وهذا ما توفره لك ألعاب الفيديو المصممة للهواتف الذكية. الهواتف الذكية التي لا تكلفهم الكثير والتي يلعبون عليها ألعاب مجانية بحتة لن تجد أي مشكلة في تشغيلها، وفي نفس الوقت، يستطيعون التواصل مع بعضهم البعض أثناء اللعب كما تتواصل أنت مع أصدقائك على مخدمات Discord.
عرضت لك الطبيعي، ولكنني لم أعرض لك المضحك. المضحك في الأمر أن هذه الألعاب كلها كانت مدعومة من الحكومة الصينية التي وفرت بيئة تطوير ممتازة للألعاب، بل وسهلت أيضاً جميع الإجراءات الخاصة بتطويرها. التناقض الذي حدث هنا هو أن الحكومة تريد أن تقلل من أثر صناعة هي تدعمها بالفعل، فلماذا أعطيت للمطورين عنصر "العشم"؟ لا نعرف.
لكن ما نعرفه أيضاً هو أن عام 2020 كان العام الأفضل في عالم ألعاب الفيديو داخل الصين، وبالأخص سوق ألعاب الفيديو على الهواتف المحمولة. نحن نتحدث عن أرباح وصلت إلى 29.2 مليار دولار في عامٍ واحد، وهذا كان أعلى من عام 2019 بنسبة وصلت إلى 30.9%.
الطبيعي والمضحك هنا؟ أين الغريب إذاً؟ الغريب هو أن عام 2019 كان بداية وضع القبضة على عالم الألعاب في الصين، مما يبدو مضحكاً غريباً نوعاً ما بالنسبة لنا. كيف وضعت الصين قبضتها على عالم الألعاب في 2019 وحققت نفس الصناعة ما وصل إلى 30.9% من أرباح كزيادة من العام للعام؟ لا نعلم.
لكن ما نعلمه في بقية العالم هو….
أن عنصر التحكم في الوقت الذي يلعب فيه الأطفال يرجع لذويهم. الحفاظ على صحة وسلامة أطفالك، سواء كانوا يمارسون ألعاب الفيديو أو لا، هو أهم شيء يجب أن تركز فيه كأب. كل شيءٍ له حدود، والمعقول هو الأفضل دائماً. لا توجد منفعة في حرمان الطفل من ساعة واحدة في اليوم على الكمبيوتر، ولا يوجد إلا الضرر في تركه داخل غرفته لساعاتٍ وساعات وهو يلعب فقط لا غير.
أما إن كنت تحت سن الـ 16 وتقرأ هذه المقالة، فيستحسن أن تركز على دراستك وأن تلعب الرياضة بجانب ألعاب الفيديو. العالم ليس مكاناً افتراضيا فقط، ومن الأفضل أن تعتاد على هذا قبل أن تفكر دولتك في تطبيق هذا القانون قبل أن تعتاد على توفير وقتٍ أقل لألعاب الفيديو.
?xml>