الروح تدب في مكتبة 12 DirectX، و تُبعث للحياة من جديد!
منذ أربعة أعوام قررت Microsoft تحديث مكتبة DirectX 11 الي الاصدار الـ 12 مع مقدم Windows 10، وجاء الاصدار الجديد حاملا تغييرات بدت كبيرة وشاملة حينها، جاء حاملا وعودا كثيرا للغاية. قالت الشركة أنها دمجت عدد كبيرا من تقنيات المعالجة في المكتبة الجديدة، وأن تلك التقنيات ستزيد من أداء البطاقات الرسومية. كل البطاقات الرسومية!
كان هذا استجابة لطلبات الجماهير من المطورين واللاعبين، فلسنوات طويلة عانت ألعاب الحاسب الشخصي PC من قيود شنيعة كبلت الحاسب الشخصي برسوم منصات منزلية consoles متدنية وبأداء وتطويعات غير مرضية .. كان عتاد الحاسوب الأقوي يتعرض للابتذال والاهمال علي يد العاب لم تصمم له ولا تستغل امكانياته وتجعل الأولوية للمنصات المنزلية. وكانت أصابع الاتهام تتجه الي مكتبة DirectX الغير مصممة لاستخراج كل قطرة أداء من عتاد الحاسب. ومن عدم تطورها الا كل فترات طويلة .. خصوصا بعد اصدارها الاخير DX11.
أعلنت Microsoft عن مكتبة DX12 الجديدة، الهدف المباشر من المكتبة هو تبسيط بيئة تطوير الألعاب علي الحاسب الشخصي PC، وجعلها مكافئة للمنصات المنزلية Home Consoles في قوة التطويع Optimizations، كان الهدف هو زيادة أداء عتاد الحاسب الشخصي كله لتستغل الألعاب كل قطرة أداء من المعالج الرسومي GPU والمركزي CPU.
لكن مكتبة DX12 بدأت بداية متعثرة للغاية، فقد أحجم عنها المطورين بشكل عام، الا من بعض المطورين الذين دفعتهم شركات العتاد (مثل AMD و NVIDIA) لذلك دفعا، وحتي هؤلاء لم يصدروا ألعابهم بدعم DX12 الا بعد عدة شهور من صدور تلك الألعاب، بل أنهم أصدروها في هيئات ترقيعات وتحديثات أولية Beta Patches ممتلئة بالأخطاء Bugs والمشكلات! وبدا الأمر غريبا، ما السر يا تري وراء هذا الإحجام، ألم يكن الجميع متحمسا ومٌفعما بالأمل؟ هل حلت عليهم لعنة من الكسل؟
ثم برز ما هو اغرب، أداء ألعاب DX12 كان سيئا للغاية علي معظم البطاقات، دون أن تجلب أي تحسينات لرسوم اللعبة! ربما كان الأداء ناجحا في البداية علي بعض بطاقات AMD، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لبقية البطاقات الرسومية، كما أن الآية انقلبت حتي علي بطاقات AMD نفسها!
كان المثير للذهول حقا هو ظهور العديد من ألعاب DX12 التي تعمل علي DX11 بشكل أفضل كثيرا من DX12 رغم تساوي مستوي الرسوم بين المكتبتين! وهو الامر الذي هو أشبه بالفضيحة! والتي جاءت بعد ما ظهر أن عددا من ألعاب DX12 تعمل بشكل ردئ للغاية، رغم عملها بشكل جيد مع DX11. وهو الامر الذي صار مثارا للسخرية، فكيف يمكن للمكتبة القديمة ان تعمل بشكل اسرع من الجديدة رغم التحسينات التي وعدت بها الجديدة؟
والحقيقة المخزية هي أن أداء DX12 كان سيئا للغاية في ألعاب مثل Quantum Break و Deus Ex Mankind Divided و Battlefield 1 و FIFA18 و Warhammer 1 و Warhammer 2، الي الحد الذي يجعل لعب هذه الألعاب بمكتبة DX11 القديمة مسألة لا مفر منها. ويتراوح الاداء السئ ما بين اطارات اقل الي خلل في ايقاع الاطارات Frame Pacing وتقطعات ووقفات Stutters في سلاسة العرض. والغريب أن الكثيرين يختبرون تلك الألعاب في وضعية DX12 رغم كونها وضعية معطوبة، يشوبها خلل كبير. وهو ما يبين خطر الانسياق الأعمي وراء التقنيات الجديدة اللامعة حتي ولو كانت تضر ولا تفيد.
Deus Ex Mankind Divided: تعمل بشكل سئ في DX12 سواء علي بطاقات AMD او NVIDIA.. وتجربة اللعب باستخدام DX11 هي الافضل لكلاهما
Battlefield 1: تعمل بشكل سئ في DX12 سواء علي بطاقات AMD او NVIDIA.. وتجربة اللعب باستخدام DX11 هي الافضل لكلاهما
Quantum Break: تعمل بشكل سئ في DX12 سواء علي بطاقات AMD او NVIDIA.. وتجربة اللعب باستخدام DX11 هي الافضل لكلاهما
لم يلاحظ احدا هذه الظاهرة في البداية، بسبب قلة ألعاب DX12 وبسبب دعاية شركات العتاد (مثل AMD) عن قوة DX12 في الألعاب .. ففي البداية صالت AMD وجالت في البقاع متحدثة عن عظمة أداء مكتبتها مع DX12 وعن دعم بطاقاتها الصريح لتقنية جديدة في مكتبة DX12 تسمي المعالجة المختلطة Asynchronous Compute والتي تفتقر اليها بطاقات NVIDIA في ذلك الوقت .. وان تلك التقنية هي اهم تقنية في مكتبة DX12. ولقد ساهم هذا في إيمان الكثيرين ان DX12 مفيد حقا، لكن الحقيقة كانت أن الألعاب التي تعمل جيدا علي بطاقات AMD مع DX12 هي ألعاب مطوعة لبطاقات AMD بالأساس ولا علاقة للأمر بمكتبة DX12 ولا Asynchronous Compute.
لعبة Ashes Of Singularity تعمل بشكل أفضل علي بطاقات AMD في وضعية DX12، و المقارنة هنا مع أبطال الجيل السابق 980Ti و FuryX!
وتقنية Asynchronous Compute لمن لا يعرف هي تقنية للمعالجة الغير متماثلة أو المختلطة علي المعالجات الرسومية GPUs. فالمعالجات الرسومية تعمل علي بيانات رسومية Graphics او بيانات حوسبية Compute كالتعدين وفك الشفرات وحساب المعادلات العلمية وخلافه. والبطاقة الرسومية اما ان تعمل في وضعية الرسوم او وضعية الحوسبة. ولا يمكن لها ان تعمل علي الوضعين معا. أي انها تعمل فقط علي بيانات متماثلة في كل مرة، رسومية فقط او حوسبية فقط.
لكن مع مقدم تقنية المعالجة غير المتماثلة Asynchronous Compute (او لنسمها المعالجة المختلطة) تغير هذا الامر، واتاحت التقنية تشغيل النوعين معا. ولما كان جزء من بيانات الالعاب في هيئة معادلات حسابية Compute بالفعل.. فان التقنية تمثل فرصة عظيمة لتشغيل النوعين بسرعة معا اذا توفرت الظروف الملائمة. والظروف الملائمة هنا هي كون المعالج الرسومي شاغرا بالطبع! فبفرض كون المعالج مشغولا بنسبة 100% في معالجة بيانات رسومية.. فكيف يمكن للبيانات الحوسبية ان تعمل عليه؟ والعكس صحيح، اذا ما كان المعالج الرسومي منشغلا بنسبة 100% في بيانات حوسبية، فكيف يمكن للبيانات الرسومية ان تعمل؟
تملأ تقنية المعالجة المختلطة فراغات المعالج الرسومي بالبيانات، ليستطيع معالجة بيانات الحوسبة Compute والرسوم Graphics معا
ومن هنا نفهم ان التقنية تعمل لسد الفراغات في المعالج الرسومي.. فمثلا اذا كان منشغلا بنسبة 70% ببيانات رسومية، فيمكن للبيانات للحوسبية ان تعمل الي جوارها في مساحة ال 30% الشاغرة. والتقنية هنا تعمل وكانها مسارات ثانوية HyperThreading. لكن المشكلة تبدأ في الظهور حينما يكون المعالج الرسومي مكتظا بالبيانات علي نحو دائم بسبب انه ينجح في تغذية نفسه بنسبة 100% باستمرار . هنا تصبح التقنية بلا فائدة في غالبية الاحوال. بل ويصبح تفعيلها قسرا امرا مضرا للاداء لانها تقطع سيل المعالجة الحالية!
وهذا ديدن معالجات NVIDIA الرسومية.. والتي تنجح تعريفات القيادة فيها في امدادها بكم كبير من البيانات الرسومية يكفي لابقاءها مشغولة بنسب تتخطي ال90%. لذا فاستفادة NVIDIA من تقنية المعالجة المختلطة محدودة للغاية. اما معالجات AMD فالحال فيها مختلف، فهي لا تستطيع تغذية نفسها بشكل دائم، وتعاني دوما من وحود فقاقيع شاغرة bubbles بداخل المعالج الرسومي، لهذا تكون تقنية المعالجة المختلطة بمثابة المنقذ الذي يبقي معالجاتها مستغلة بنسب تقترب من ال 90%. من هنا نفهم ان عبارة دعم المعالجة المختلطة Asynchronous Compute هي عبارة مضللة، فكل البطاقات تدعمها، لكن ليس كلها من يستفيد منها علي النحو الامثل. وعلي هذا فلا ينبغي التفاخر باستفادة بطاقة ما من التقنية.. فهي ليست مزية تفضيلية، وانما تعني عجز تلك البطاقة عن العمل بنسبة 100% دونها. وما ينبغي فعله هو تقييم الاداء الكلي بغض النظر عن فائدة التقنية من عدمه.
والأداء الكلي نفسه من تقنية المعالجة المختلطة لم يكن كبيرا، فطبقا للعديد من المطورين لم تتعد نسبة تحسن الأداء منه سوي 5% الي 10% .. ومع ذلك، فقد قامت AMD بدفع المطورين دفعا نحو الاهتمام الكامل بتقنية المعالجة المختلطة Asynchronous Compute لتضمن رفع نسبة الاداء علي بطاقاتها.. كما قامت بحملة دعائية ضخمة للتوعية بتلك التقنية وكانها قلب وروح مكتبة DX12 علي الرغم من كونها جزءا ضئيلا من المكتبة وعلي الرغم من وجود تقنيات اخري محورية ومهمة، وتحسينات في جودة الصورة ممكنة من خلال DX12.
علي الرغم من هذا لم يبد المطورين حماسة كافية لاستخدام تقنية المعالجة المختلطة كون معظم محركات الالعاب لا تدعمها بشكل كاف، كما ان استفادة بطاقات AMD نفسها منها غير مشجعة في احيان كثيرة، فالتقنية تتطلب توازنا معينا في التعامل مع المعالجات الرسومية من الاجيال المختلفة، فلا يمكن الاسراف في استخدامها مثلا مع البطاقات الضعيفة او المتوسطة او حتي بطاقات الاجيال الاولي من معمارية GCN. لهذا قامت AMD بتعطيل التقنية بشكل كامل في بطاقات HD 7000 من تعريف القيادة.
لذا فلم تنجح تقنية المعالجة المختلطة في اخفاء عيوب الأداء السئ لـ DX12، ومن هذا نفهم أن أداء المكتبة الجديدة لم يكن عاليا من الأصل، ولم يقدم استفادة كبيرة من عتاد الحاسب الشخصي، وزاد هذا في عدم حب المطورين للمكتبة من الاصل .. اضافة الي ذلك أتت فالمكتبة ببعض العيوب السيئة مثل استهلاك الذاكرة الرسومية العال، ومثل صعوبة العمل عليها، لقد اشتكي العديد من المطورون من صعوبة التطويع والتطوير علي المكتبة الجديدة مقارنة بـ DX11.. بل ان بعضهم ذهب الي ابعد من ذلك قائلا ان المرء يجب ان يشعر بالرضا الكامل اذا ما وصل اداء DX12 الي مستوي اداء DX11.
أحد المطورين يحذر من السعي خلف زيادة الأداء في DX12، علي أساس أنها محاولة غير مجدية
والمشكلة أن أغلب محركات الالعاب حاليا تعتمد علي اسس مكتبات DX11 و DX9 وهي الاسس التي تتعارض في اغلب الاحيان مع اسس مكتبة DX12.. لذا يضطر المطورون الي عمل محاكاة لطبقة DX12 فوق طبقة DX11، وهو الامر الذي ياتي بنتائج عكسية علي الاداء، وهذا هو السبب الرئيسي في تخلف سرعة مكتبة DX12 عن DX11، فالمحاكاة Emulation لا يمكنها ابدا العمل بنفس سرعة التعليمات الاصلية. والمعضلة ان تطوير محركات جديدة باسس DX12 يستغرق اعواما طويلة وتكاليف باهظة لا يرغب فيها المطورون حاليا. الذين يرون ان مكتبة DX11 اكثر من كافية في الظروف الحالية.
اشتكي البعض ايضا من زيادة تعقيد تصميم اللعبة علي DX12 بسبب تولي المطور مسئولية كل شئ، واشتكوا ايضا زيادة تعقيد تعريفات القيادة Driver مع DX12. باختصار كان من الواضح كراهية المطورين للمكتبة الجديدة، وهو الامر الذي لم يكن من المتوقع اطلاقا.
مطور آخر يشكو صعوبة التطوير علي DX12 ويطالب بتقليل التوقعات المطلوبة منه، وبعدم مقارنته بأداء DX11
حتي مطورو لعبة Ashes Of The Singularity، أقروا بكل تلك العيوب، وتخلوا عن اصدار بعض العابهم بـ DX12 لنفس الأسباب السابقة: أزمان تحميل طويلة للألعاب مع DX12، بسبب أنه لا يقوم بتنظيم عملية التحميل، ويحتاج لتطويع ايقاع التحميل يدويا من خلال المطور .. كما أنه لا ينظم عملية ملأ الذاكرة الرسومية VRAM ويستهلكها للنهاية، مسببا انهيار اللعبة crash، ويحتاج أيضا الي التطويع والتوجيه اليدوي من خلال المطور، فضلا عن احتياج المطور لتنظيم سير البيانات الي المعالج الرسومي GPU بنفسه!
وكل هذا من أجل ماذا؟ ربما زيادة 15% الي 20% في الأداء في أحسن الحالات، في مقابل مضاعفة مجهود التطوير وصناعة اللعبة مرتين الي ثلاثة مرات علي الأقل!
باختصار كان الأداء سيئا من DX12 رغم كل وعود التحسينات التي حصلنا عليها من Microsoft .. مما جعل فائدة المكتبة الجديدة علي المحك .. لماذا يجب علي المطور استغلال المكتبة وهي لا تقدم أي شئ جديد لعتاد الحاسب الشخصي القوي سوي الأداء الضعيف؟! حسنا لم يكن DX12 مشجعا من جانب الأداء، لكنها علي الأقل حوت تحسينات رسومية جديدة؟ أليس كذلك؟!
نعم كان للمكتبة خواص لتحسين جودة الرسوم، وتحديدا في جانب الظلال، خواص مثل تقنية Conservative Rasterization و تقنية Raster Ordered Views والتي تنظم عملية رسم الظلال لتجعلها متناسقة وخالية من العيوب .. لكنها كانت خواص محدودة التأثير، وغير مدعومة الا علي بطاقات شركة NVIDIA فقط، مع غيابها في أغلب بطاقات AMD. لذا لم يلتفت المطورون كثيرا الي تلك الخواص، ولم يدمجوها في ألعابهم، ولم تهتم NVIDIA نفسها بهذا! بل إن NVIDIA لم تحاول استغلال تفوقها النوعي في تحسينات DX12 الرسومية بأي شكل من الاشكال.
وتلك هي الحقيقة المخزية الأخري، أن مكتبة DX12 لم تقدم أي جودة صورة أو رسوم اضافية في أي لعبة من الألعاب التي تدعمها، فحتي ومكتبة DX12 تقدم أداء أقل من DX11، لم تكن هناك رسوما جديدة أو جودة صورة اضافية مع DX12 علي الاطلاق! بل علي العكس: بعض الألعاب جاءت بمؤثرات رسوم اضافية في DX11 اكثر من DX12، مثل ألعاب The Division و Rise Of Tomb Raider و Battlefront 2 حيث تعمل تلك الألعاب بمؤثرات ظلال أعلي حصريا علي بطاقات NVIDIA مع مكتبة DX11 فقط.
ولكل هذا كان حال مكتبة DX12 سيئا للغاية، فبعد أعوام عديدة من اصدارها، لم تدعمها سوي حوالي ألعاب معدودة في كل عام، وسط عزوف مستمر من المطورين. وابتدأ الوسط التقني في اليأس من حال المكتبة التي كتبت شهادة وفاتها بالفعل وتنتظر فقط التوقيع النهائي من الطبيب المعالج!
لكن كل هذا تغير مع مقدم التحديث الأخير للمكتبة، تحديث تتبع الأشعة Ray Tracing، أو كما أطلقت عليه Microsoft اسم DXR.
فبعدما خوت المكتبة من اية تحسينات بصرية ذات أهمية، أصبحت الآن صاحبة ما يعد أهم ترقية رسومية في العقد الأخير كله، بل وربما منذ اختراع الرسوم ثلاثية الأبعاد نفسها. فمن خلال تقنية تتبع الأشعة ستستطيع اللعبة رسم مؤثرات اضاءة فائقة الجودة، تحاكي العالم الحقيقي، وتستطيع رسم عدد أكبر من الظلال بوضوح حقيقي، ومحاكاة كاملة لسقوط الظل لأصغر التفاصيل في المشهد.
وفوق كل ذلك تسمح برسم مؤثرات رسومية غير ممكنة بأي تقنيات أخري سابقة او مكتبات رسومية سابقة، مثل الانعكاسات الحقيقية الكاملة والمحاكية للواقع، ومثل الظلال الشفافة ومثل الأسطح الشفافة العاكسة، وغير ذلك العديد من المؤثرات الاخري.
بالطبع تأتي هذه المؤثرات الرسومية بتكلفة أداء كبيرة، لكنها مبررة بالزيادة الهائلة في جودة الصورة وفي قوة الرسوم. أن مقارنة الاعدادت الرسومية الدنيا Low Graphics بالاعدادات الرسومية القصوي Ultra Graphics في الالعاب المعاصرة لا تبين الا فوارق ضئيلة للغاية في جودة الصورة ومستوي الرسوم، ورغم ذلك تكلف قدرا كبيرا من الاداء.
وكذا الأمر عند مقارنة بعض الاعدادات الرسومية المتقدمة، فالفارق البصري جراء تفعليها من عدم تفعيلها يكون ضئيلا، ومع ذلك ففارق الاداء ضخم للغاية. وحتي تفعيل DX12 نفسه في أغلب الالعاب يكلف نسبة غير هينة من الأداء مقارنة ب DX11 رغم ثبات الرسوم في كلتا الحالتين.
تفعيل إعداد Insane Reflections في لعبة Gears Of War 4 يخسف الأداء علي بطاقة GTX 1080 من 90fps الي 52fps، وكل هذا من أجل تحسن ضئيل في دقة الانعكاسات، تحسن لا يقارن بانعكاسات تتبع الأشعة اطلاقا!
لذا وبالوضع في الاعتبار كل الحالات السابقة، فان تفعيل تقنية تتيع الأشعة في اللعبة هو أفضل هذه الخيارات كلها، فهو يعطي تحسن فوري هائل وضخم في جودة الرسوم، ما يبرى تكلفة الاداء العالية التي تطلبها التقنية.
بمعني أخر، اخيرا صار لمكتبة DX12 فائدة حقيقية بصرية تبرر عيوبها المتأصلة فيها. وبفضل ذلك سارع المطورون الي تبني مكتبة DX12 بشكل أسرع، لاستغلال خواصها الرسومية المتقدمة. وهي الخواص التي طالما نادي بها المطورون منذ زمن طويل.
وتمثل الاصدار الاول للتقنية في صورة علامة RTX التابعة لشركة NVIDIA .. التي صممت انوية مخصصة لمعالجة مؤثرات تتبع الاشعة بشكل عتادي مسرع. ومنذ الاعلان عن تقنية تتبع الأشعة تضاعف عدد الالعاب التي اعلنت عن دعم مكتبة DX12 مرتين الي ثلاثة مرات علي الاقل، وليس هذا حبا في المكتبة، فعيوبها الرئيسية لم تتغير، لكنه حب في تقنية تتبع الاشعة التي صارت جزءا من المكتبة. وشاء الجميع ام أبوا، لقد دبت الحياة في عروق مكتبة DX12 التي كانت علي شفا الموت المحتوم.
لكن هذا لم يكن التغيير الثوري الوحيد الذي تعرضت له مكتبة DX12، فبعد تحديث جديد، تستطيع المكتبة الان استغلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي في رسم مؤثرات رسومية جديدة او في تحسين الذكاء الاصطناعي في الالعاب. وتنتوي Microsoft استغلال هذه الخاصية في مضاعفة دقة وضوح العرض Resolution في الالعاب، دون تكلفة أداء كبيرة. وهو الامر الذي يشبه تقنية DLSS من NVIDIA.
ولقد سمت Microsoft التحديث باسم DirectX Machine Learning أو DirectML اختصارا. وفيه تنتوي الجمع بين الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence والتعلم العميق Machine Learning، لتحسين رسوم الألعاب ..
ومن خلال هذا التحديث ستتمكن الألعاب من استغلال وحدات الذكاء الاصطناعي الموجودة في بطاقات RTX، لكي تقوم بتحسين وضوح العرض Resolution، كما في تقنية DLSS، أو تحسين تحريك الشخصيات Animation، أو تحسين ذكاء اللعبة الاصطناعي ..الخ. بمعني آخر فان تقنية DLSS المقدمة من NVIDIA قد صارت جزءا محوريا من مكتبة DirectX 12 الآن.
وقد أوضحت Microsoft هذا الأمر من خلال شراكتها مع NVIDIA، هذا العام. عندما قامت بعمل استعراضات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تعظيم دقة عرض الألعاب Resolution UpScaling، وفي القضاء علي التعرجات Aliasing في الرسم باستخدام الذكاء الاصطناعي أيضا.
مقارنة بين تعظيم الصورة بدون الذكاء الاصطناعي (الي اليمين) وباستخدام الذكاء الاصطناعي من خلال DirectML (الي اليسار)، لاحظ فارق الوضوح
مع استخدام الذكاء الاصطناعي (اقصي اليمين) فان التعرجات في الرسوم تكون أقل ..
مع استخدام الذكاء الاصطناعي (اقصي اليمين) فان التعرجات في الرسوم تكون أقل ..
تحديث جديد أخر تعرضت له المكتبة هو تقنية الرسم ذو المعدل المتغير، Variable Rate Shading وتختص برفع أداء اللعبة في المشاهد الثابتة عن طريق اختصار الرسم المبذول بما لا يضر بجودة الصورة.
ولقد دعمت Microsoft هذه التقنية في آخر اصدار من مكتبة DirectX 12 ..وأطلقت الشركة عليها نفس الاسم Variable Rate Shading أو VRS اختصارا (بمعني معدل الرسم المتغير).
ويختص معدل الرسم المتغير بتقليل العمليات الحسابية علي الرسوم الثابتة في المشاهد .. فبدلا من أن يضيع المعالج الرسومي وقته في عمل عمليات حسابية معقدة علي أجزاء ثابتة من المشهد، مثل حائطا أو سماء، فانه يختصر من رسم تلك الأجزاء، ويقوم بتركيز جهده علي الأجزاء التي تتغير في المشهد. فهي التي تحتاج عمليات حسابية معقدة.
وبسبب الاختصار في العمليات الحسابية علي الأجزاء الثابتة في المشاهد، فان البطاقة الرسومية تحصل علي أداء أعلي في تلك المشاهد، دون التضحية بجودة الصورة أو التأثير بالسلب علي جودة الرسوم.
وبشكل عام، فان التقنية تساعد بشدة في دقة وضوح 4K، ويظهر تأثيرها في زيادة الأداء كأوضح ما يكون علي هذه الدقة تحديدا، خصوصا مع البطاقات الرسومية الوسطي مثل RTX 2060 مثلا، وقد وضعت NVIDIA مقارنات عديدة أوضحت كيف تكتسب بطاقة RTX 2060 ما يماثل نسبة 15% من الأداء الاضافي مع تشغيل التقنية.
وطبقا لاختبارات 3D Mark القائم علي مكتبة DX12، فإن نسبة زيادة الاداء المستخرجة من خلال التقنية تصل الي 50% علي بعض البطاقات الرسومية، وهي نسبة هائلة وذات فائدة جمة، خصوصا لتلك البطاقات ذات القدرة الضعيفة.
وحصلت بطاقات RTX من NVIDIA علي نسب زيادة في الأداء مماثلة أيضا، وصلت الي 46% باستخدام بطاقة RTX 2080Ti و 50% باستخدام بطاقتي RTX 2080 و RTX 2060.
وأخيرا ينتظر المكتبة تحديث اخر جديد، سيصدر في غضون أشهر قليلة، يضيف هذا التحديث تقنية تسمي مسرعات الاشكال او المجسمات Mesh Shaders، وتختص بمضاعفة عدد الاشكال والاجسام التي يمكن رسمها علي الشاشة دون بتكلفة أداء صغيرة للغاية.
في النهاية، وبعد كل هذه التحديثات الجذرية، فان مكانة مكتبة DX12 في عالم الرسوم قد صارت اساسية ومحورية، بعدما ظلت أعواما كثيرة في حكم الموت السريري، اما الان فإن أهمية وانتشار المكتبة صارتا في ازدياد مضطرد يوما بعد يوم.
?xml>