كمتابع شغوف لمشهد الرياضات الإلكترونية في منطقة الوطن العربي وبالتحديد جمهورية مصر العربية، يمكنني أن أقول هذا الشهر يُعد  واحداً من أهم الشهور التي مرت على مشهد الرياضات والبطولات الإلكترونية.

خلال هذا الشهر حدث عدد من الفعاليات والأحداث التي تؤكد أن الرياضة الإلكترونية تسير على النهج الصحيح لها، تحدثنا مُنذ فترة عن المشهد الحالي وكيف تطورت الرياضة الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة لتصل إلى المشهد الذي لدينا الآن.

لكن في شهر يوليو 2021 بالتحديد حث أمر هام جداً وهو الإعلان عن فريق Team Occupy المختص بالألعاب الرياضية والإعلان جاء عن طريق مقطع غنائي مصور احترافي يبين حجم المجهود الاحترافي المبذول للكشف عن التنظيم الجديد.

عندما تابعت عرض الكشف عن الفريق المصري الجديد توقفت للحظة وفكرت عميقاً، هل بالفعل يمكن أن نقول بدأ عصر الاحتراف الحقيقي لمشهد الرياضات الإلكترونية في مصر، لكن عادت بعض الأخبار السيئة للظهور مرة أخرى لتبين أن المشهد لم يصل إلى درجة الاحترافية حتى الآن.

حسنا اليوم سنتحدث بالمزيد من التفصيل عن الأمر ونرى ماذا ينقص هذا المجال لكي نبدأ نسير على طريق الاحتراف في الرياضات الإلكترونية.

فريق Occupy والدور الكبير الذي يلعبه.

أوكيباي روستر

مُنذ بداية مشهد الرياضات الإلكترونية في مصر ونحن لدينا فريق واحد مسيطر على كل البطولات وهو فريق أنوبيس، فهذا الفريق هو الأقدم والأكثر تنظيماً بل ويمكن اعتباره الرائد في هذا المجال بالنسبة لمصر.

في هذه المرحلة كنا نتمنى ظهور فريق آخر ينافس أنوبيس ويجعل الأمور بها قدر من الحماسة، وهو ما حدث بالفعل مع ظهور فريق رعد التابع لشركة المصرية للإتصالات، لنكون أمام أول فريق رياضات إلكترونية تابع في الأصل لفريق رياضي عادي وهو فريق المصرية للاتصالات الرياضي.

عند وصولنا لهذه النقطة بدأت الأمور تزداد حماساً ولكن تحول الأمر نوعاً ما إلى أهلى وزمالك قليلاً، فلدينا فريقان أقوياء يهيمنون على كل البطولات، مع وجود بعض الفرق العشوائية في بعض الألعاب هنا وهناك.

هنا يأتي فريق Occupy ليكون الفريق الكبير الثالث المنضم إلى الساحة وبالمناسبة هذا الفريق هو أول فريق ينتمي إلى مؤسسة صحفية رسمية في مصر.

بدأنا قليلاً مع الإعلان عن فريق Occupy الخروج من سيناريو الأهلي والزمالك السيئ جداً، وبدأنا نرى جمهور أنوبيس وجمهور لرعد وجمهور لـ Occupy وحتى جمهور لفرق أخرى مثل عبعال والصحبة.

رحيل غريب!

فالورانت أوكيباي

للأسف الشديد بعد الإعلان عن الروستر الخاص بـ Team Occupy تم الإعلان عن رحيل فريق لعبة فالورانت عقب هزيمته في بطولة Valorant Strike Arabia، وجاء الإعلان عن الرحيل ليؤكد أن القرار اتخذه اللاعبون وليس بسبب الهزيمة في البطولة، بل أن أعضاء الفريق لا يريدون الاستمرار سوياً.

إعلان الرحيل جاء حرفيا بعد يومين من الكشف عن روستر الفريق، وهو الأمر المحبط جداً حتى وإن كنا نعلم أن الفريق العام سيتمكن من إحضار روستر محترف خلال الفترة القادمة.

رحيل أغرب!

مدرب أنوبيس فالورانت

جميعنا تابع مباريات أنوبيس الأخيرة للعبة فالورانت ولاحظ الجميع الأداء المتذبذب للفريق والنتائج الغير جيدة، لكن جميعنا وقفنا خلف الفريق الذي يسافر إلى إسبانيا للمشاركة في بطولة العالم للعبة Valorant.

للأسف الشديد أعلن الفريق قبل بدء مواجهاته بنصف ساعة فقط في البطولة العالمية عن رحيل المدرب الخاص بروستر فالورانت، وأكد الفريق أن المدرب لم يشارك في أخر بطولات للفريق بما فيها بطولة Valorant Strike Championship.

حسب الفريق فإن الجاء جاء أيضاً حسب رغبة المدير الفني الذي يفضل نقل مجال عمله إلى منطقة أوروبا بدلاً من الشرق الأوسط، ولكن بكل تأكيد هذا التوقيت غير منطقي تماماً فلا يمكن للمدرب أن يترك الفريق في هذه النهائيات الصعبة جداً، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبيرة جداً على قرار المدرب ولا أعرف أي مجال يريد البدء فيه داخل أوروبا وهو يمتلك هذه الدرجة من الإهمال وعدم الانضباط.

الاحتراف يعني المزيد من التنظيم.

للأسف الشديد هذه المواقف العشوائية تؤكد على أن عصر الاحتراف لم يصل بعد لمشهد الرياضات الإلكترونية ولكن بكل تأكيد نحن نسير على الطريق.

الأمر يحتاج لمزيد من التنظيم، لا أعلم كيف تتفق الفرق مع اللاعبين ولكني أعتقد أنهم في حاجة إلى وجود عقود مدنية تلزم كل طرف بواجباته وتضمن حتى للاعب حقوقه تجاه الفريق.

ذكرت في هذا المقال أكثر من حالة لرحيل روستر أو أعضاء من الروستر لأسباب شخصية بحتة، وهذا الأمر غير مقبول أو يمكن أن نقول يحتاج لجزاء، يجب أن توجد عقود توضح العلاقة بين اللاعب والنادي وفي نفس الوقت تضع شرطاً جزائياً على اللاعب في حالة رغبة الرحيل المفاجئ.

عدم وجود عقد ملزم هو ما جعل مدير فني لفريق تركه في مباريات نهائية هامة جداً وتركه أيضاً قبل بداية بطولة العالم ، وهو حدث يعتبر أسطوري بالنسبة للفرق المصرية، ولكن عدم وجود تعاقد ملزم جعل المدير الفني حر تماماً.

أيضاً فكرة وجود عقد تعطي المسئول عن النادي رؤية أكثر وضوحاً فمثلاً هو يعلم بتاريخ انطلاق بطولة العالم، وإذا كان لديه عقود أوشكت على الانتهاء فيمكنه البدء في محادثات لتجديد التعاقد أو حتى إيجاد بديل.

فالورانت

العقود هي أول خطوة للاحتراف الحقيقي ولا يمكن بناء مؤسسة احترافية بدون أي عقود، ولا يمكن لأي فرد الرحيل وقتما شماء، الأمر غير احترافي على الإطلاق أن يرحل فريق كامل بعد الكشف عنه بيومين، إذا كان الفريق لا يريد الاستمرار سوياً فلماذا قبل أصلاً العرض المقدم من Occupy.

لكي أكون صريح أيضاً فكرة العقد قد تواجه مشكلة قليلاً لأنها تحتاج تمويل كبير، لأن كل لاعب يحتاج إلى عقد به بند مكافآت وأجور شهرية وما إلى ذلك، ولكنه قد يكون في نفس الوقت مصدر للمال لأنه إذا حدث هذا الأمر سيكون للاعب قيمة سوقية ويمكن للفريق بيعه مقابلها.

كما أن هذه الفكرة تضمن استقرار أكبر وبالتالي ظهور الرعاة الرسميين الذي يضمنون أن لاعب معين سيكون موجود لفترة معينة يقوم بالترويج لمنتجاتهم.

في الحقيقة هذه النقطة تحتاج إلى الكثير من الحديث ويمكن إفرادها في مقال منفصل نتحدث فيه عن الإضافات التي تحتاجها الرياضة الإلكترونية في مصر، ولكن بالنسبة لحديث اليوم فنكتفي بأن الفرق المصرية مازالت تحتاج إلى تنظيم.

دعم حكومي كبير جداً يُنذر بالخير.

أنوبيس

لسنا هنا للحديث عن السلبيات، بل نحن هنا للتحدث عن الوضع الحالي فقط والوضع الحالي يؤكد وجود اهتمام كبير داً ومتابعة من الجهات الحكومية في مصر تجاه الرياضات الإلكترونية.

تابعنا تحركات السيد الدكتور/ أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة لدعم فريق أنوبيس المصري أثناء سفره إلى إسبانيا، حيث حرصت وزارة الشباب والرياضة على تسهيل إجراءات السفر ودعم البعثة المصرية.

أيضاً قام السيد الوزير بالاتصال هاتفياً بالبعثة المصرية وأكد على دعمه لهم وتمنى لهم التوفيق في كل المحافل الدولية، ومن الواضح أن الحكومة المصرية تعطي قدراً كبيراً من الاهتمام للبطولات الرياضية في مصر.

لدينا أيضاً بطولة مثل The Club التي تأتي برعاية وزارة الشباب والرياضة للعبتي فيفا 2021 و ليج اوف ليجندز بمجموع جوائز مالية 2 مليون دولار كاملة، وهو مبلغ كبير جداً يعكس الاهتمام الحكومي بالرياضات الإلكترونية.

حسناً كانت هذه بعض الأحداث التي جرت في مشهد الرياضة الإلكترونية مؤخراً وكما نرى يوجد الكثير من الحراك في المشهد، فقد لا نكون وصلنا بالفعل إلى عصر الاحتراف ولكن بكل تأكيد سنصل يوماً ما إذا استمر هذا الحراك.