تعرضت شركة جوجل لغرامة مالية بمبلغ 5 مليار دولار أمريكي (4.3 مليار يورو) نتيجة لانتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار. حيث تقول المفوضية الأوروبية أن جوجل احتكرت نظام تشغيل اندرويد بصورة غير صحيحة من خلال 3 مجالات رئيسية. المجال الأولي هو أن جوجل جعلت من متصفحها Chrome ومحرك بحثها جزء لا يتجزأ من نظام التشغيل حيث يكونوا مثبتين بصورة افتراضية مع الهواتف الجديدة ولا يمكن للمستخدم ازالتهم,والثاني هو أنها دفعت مبالغ طائلة لمصنعي الهواتف الذكية ليكون تطبيق بحث جوجل هو تطبيق البحث الوحيد المثبت افتراضيا عند شراء المستخدمين للهاتف أما الإخير كان منعها لمصنعي الهواتف من طرح هواتفهم باستخدام نسخ متشعبة من نظام تشغيل اندرويد.

ولمن لا يعلم فالنسخ المتشعبة من نظام تشغيل اندرويد هي نسخ طورت باستخدام نفس الكود البرمجي مفتوح المصدر الذي تستخدمه جوجل في تطوير نسخها من الاندرويد مثل KitKat و Marshmallow و Oreo إلا أن الاختلاف بينهم قد يكون نتيجة تطوير الكود البرمجي واستخدامه وإصدار نسخ مختلفة عن نسخ جوجل أو استخدام نسخ جوجل ولكن بدون أي خدماتها مثلما هو الحال في الكثير من البلدان في جنوب شرق آسيا فعلى سبيل المثال دولة مثل الصين تطرح فيها الهواتف الاندرويد بدون متجر جوجل  Play, متصفح Chrome, خرائط جوجل أو أي خدمات أخري توفرها الشركة بصورة افتراضية مع الهاتف.

نظام تشغيل اندرويد

وتسعي المفوضية الأوروبية لإلزام جوجل بمنع أنشطتها الاحتكارية خلال فترة لا تتجاوز التسعين يوما, حيث ستضطر جوجل لوقف إجبار الشركات المصنعة على فرض تطبيقاتها وخدماتها مثل متجرها ومتصفحها وتطبيق بحثها بصورة افتراضية على النظام, بل سيكون من حق الشركات توفير خدمات جوجل أو خدمات أي شركة أخري. كما ستضطر أيضا إلى التوقف عن منع الشركات المصنعة للهواتف من استخدام نسخ متشعبة من اندرويد.

للتوضيح: في الصين على سبيل المثال معظم خدمات جوجل إذ لم تكن جميعها محجوبة عن المستخدمين بناءً على قرارات من الحكومة الصينية, لذا فكل الهواتف التي تعمل هناك تستخدم نسخ متشعبة من نظام اندرويد حيث لا أثر لخدمات جوجل نهائيا برغم من استخدام نسخها المطورة من النظام أي يمكنك أن تشتري هاتف يعمل بنظام اندرويد Oreo متطابق تطابق كامل مع ذلك الذي ستجده في أي دول العالم إلا أنك لن تجد أي خدمات جوجل مثبت افتراضيا على الهاتف بل ستجد خدمات أخري ومتاجر أخري للتطبيقات تختلف باختلاف الشركة المصنعة.

ومن جانبها أعلنت جوجل أنها ستطعن على قرار المفوضية الأوروبية حيث صرح المتحدث الرسمي باسم جوجل قائلا " لقد خلق اندرويد خيرات أكثر للجميع, فالاسعار الرخيصة والنظام النابض بالحياة وبالابتكار السريع هو المناخ المناسب للمنافسة وليس الاحتكار" وأضاف " سوف نطعن على قرار المفوضية الأوروبية"

وكانت المفوضية الأوروبية تحقق عن قرب في احتكار جوجل بعد شكوي العديد من المنافسين باحتكار جوجل لتطبيقات الهواتف الذكية بصورة عامة وبنظام تشغل اندرويد بصورة خاصة. ويعود الأمر إلى قضية رفعتها مجموعة FairSearch ضد جوجل في عام 2013 حيث تضمنت المجموعة كل من مايكروسوفت ونوكيا وأوراكل "Oracle" والذي اشتكوا من طريقة تصميم تطبيقات اندرويد واحتكار جوجل للنظام الذي تقدم دائما أفضلية لتطبيقاتها مقارنة بتطبيقات المنافسين. وبرغم أن المشاكل بين جوجل ومايكروسوفت انتهت منذ عدة سنوات إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يتوقف عن التحقيق في الأمر.

الاتحاد الأوروبي والغرامات

وتأتي تلك الغرامة بعد غرامة أخري تقدر بمبلغ 2.7 مليار دولار أمريكي فرضتها المفوضية الأوروبية أيضاُ على جوجل ولكن هذه المرة بسبب التلاعب في نتائج البحث على حد وصفها لتطعن جوجل أيضاً على القرار ويستمر الأمر في المحكمة الأوروبية منذ حينها. في الحقيقة جوجل ليست الوحيدة التي واجهة احكام وغرامات بسبب انتهاك قانون الاحتكار فكل Facebook, Intel و Microsoft واجهوا أحكام مشابهة, فعلى سبيل المثال واجهة مايكروسوفت غرامة مرتين بسبب طرحها إمكانية اختيار متصفح من أشهر 12 متصفح حينها يمكن للمستخدم أن يثبت أحدهم خلال تثبيته للإصدار الأول من ويندوز 7 فيما بررت مايكروسوفت أنه كان عطل تقني وقامت بإزالة إمكانية اختيار المتصفح سريعا. أبل هي الأخرى غرمت بمبلغ 15.4 مليون يورو كضرائب متأخرة عن الشركة للاتحاد الأوروبي.

[caption id="attachment_212519" align="aligncenter" width="788"] الغرامات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على كبرى الشركات خلال أخر 10 أعوام[/caption]

استمر نظام تشغيل اندرويد كواحد من أشهر أنظمة التشغيل مفتوحة المصدر خلال السنوات الماضية إلا أن جوجل قامت شيئا فشيئا بربط أجزاء هامة من نسخها من النظام بخدماتها المتعددة. كما وقعت العديد من الاتفاقيات لعدم تجزئة النظام واستخدام بعض الخدمات دون الأخرى ليصبح الوضع كما هو عليه الآن, فتقريبا كل الهواتف التي تطرح بنظام تشغيل اندرويد الآن تأتي بخدمات الشركة وتطبيقاتها مثبتة افتراضيا (ما عدا الصين).

المفوضية الأوروبية تركت لجوجل 90 يوما للرجوع عما أسمته احتكار نظام الاندرويد لتطعن الأخيرة على القرار في أسرع وقت فيما يبدو أن الأمر سيستمر في المحاكم لعدة سنوات.

في رأيك على تحتقر حقا جوجل نظام الاندرويد؟ وهل ستضطر  للانصياع لقرارات الاتحاد الأوروبي أم أن الشركة ستثبت براءتها من تلك التهم؟

شاركنا برأيك!