
فيسبوك تعترف بمشاركتها رسائلك الخاصة مع شركات تقنية عملاقة
هذا العام لم يكن سارًا بالنسبة لفيسبوك، ليس كثيرًا لنكون صادقين، حيث أن الكوارث الأمنية مستمرة في الحدوث مع فيسبوك دون أي توقّف، والشركة من ناحيتها لا تقول سوى: "نحن آسفون، هذا لن يحدث مرة أخرى" ومع كل مصيبة نجد نفس العذر، لكن مع استمرار الأمر في الحدوث ومع كثرة التقارير التي تخرج من الصحف العالمية يبدو أن فيسبوك لا تخطئ هنا، بل أن كل هذا يكون مقصودًا منها، على الأقل في الأمور التي تحتمل هذا الاحتمال، وهذا لأنه ومن خلال تقرير أصدرته The New York Times علمنا أن فيسبوك، عملاقة التواصل الاجتماعي، تقوم بالفعل وبشكل مقصود بمشاركة معلوماتك الخاصة مع الشركات التقنية العملاقة الأخرى.
أنا لن اعترض عند وصول إحدى الشركات التقنية إلى تاريخ ميلادي وبريدي الإلكتروني، حسنًا الأمر هنا ليس بخطير، لكن المصيبة هنا أن فيسبوك قد قامت فعليًا بمشاركة رسائلك الخاصة مع شركات تقنية عملاقة عديدة، وهو أمر أقرّت به فيسبوك بنفسها من خلال تدوينة لهم، حيث أن فيسبوك قد اعطت لكل من Spotify، Netflex و Royal Bank of Canada الوصول إلى رسائل المستخدمين الخاصة، وليس ذلك فقط، بل أتاحت لهم كتابتها، قرائتها وكذلك مسحها، وأما عن نيتفلكس على وجه الخصوص فقد قالت من خلال بيان رسمي: "على مدى الأعوام السابقة حاولنا في نيتفلكس أن نكون اجتماعيين بقدر الامكان -وهنا يقصدون التفاعل عبر الشبكات الاجتماعية- حيث أننا وفي العام 2014 قد أتحنا للمستخدمين ترشيخ (Recommend) مسلسلات أو أفلام لأصدقائهم عبر Messenger أو عبر شبكة نتفلكس نفسها، إلا أن هذه الميزة لم تنال شهرتها ولم تنال استحسان المستخدمين لذلك قد تم إغلاقها لاحقًا في 2015، وعليه فنحن لم نحاول الوصول للرسائل الخاصة للمستخدمين ولم نطلب حتى الأحقية لفعل ذلك.
هل اقتصر الأمر على نتفلكس وسبوتيفاي؟
بداية من أبل ووصولًا إلى مايكروسوفت، يبدو أن فيسبوك قد أتاحت لمعظم -أو ربما كل- الشركات التقنية إمكانية الوصول إلى بيانات مستخدمي فيسبوك، وحسب تقرير New York Times فإن فيسبوك لم تقم ببيع بيانات المستخدمين بشكل مباشر خوفًا من المسائلة القانونية، إلا أنها قد فعلت ما هو أسوأ، وهو إعطاء هذه الشركات تصريح الوصول إلى الرسائل الخاصة للمستخدمين، وهو في حد ذاته كنز للمستخدمين، ولعلّك لاحظت أنك عادةً ما تجد إعلانات مشابهة لما تقول لصديقك أنك تريد شرائه بعد يوم أو أقل من مراسلاتكم.. الأمر مخيف وكذلك سخيف، وفيما يلي نعرض عليكم أهم الأمثلة لتلك الشراكات التي تمت بين فيسبوك والشركات التقنية العملاقة، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
1- فيسبوك دعمت شركة أبل من خلال حجب كافة المؤشرات عن مستخدمي شركة أبل وهنا نتحدّث عن مؤشرات طلب الأجهزة لتصريح الوصول للبيانات، من ناحية أخرى علينا أن نذكر أن أجهزة أبل كان لديها وصول للأرقام المسجلة وكذلك الـCalendar لأؤلك المستخدمين الذين اختاروا أن لا يقوموا بمشاركة هذه البيانات مع أحد!
2- فيسبوك أتاحت لشركة أمازون إمكانية الوصول -والحصول- على أسماء المستخدمين وكذلك معلومات جهات الاتصال الخاصة بهم، كذلك أتاحت لشركة ياهوو إمكانية مشاهدة المنشورات والـStreams الخاصة بالأصدقاء الخاصين بك حتى لو كانت تلك الأمور ليست عامة Public.
3- أتاحت الشبكة الاجتماعية الأكبر أيضًا لمحرك البحث Bing الخاص بشركة مايكروسوفت امكانية معرفة جميع أسماء أصدقائك بشكل مباشر، والأهم من كل ذلك والأخطر أنها أتاحت لشركات مثل نيتفلكس وسبوتيفاي إمكانية الوصول إلى الرسائل الخاصة للمستخدمين، ومنهم أنت، وبالعودة لـBing و Microsoft فقد أكد مسؤولين من شركة مايكروسوفت أن Bing كان يقوم ببناء ملفات شخصية لمستخدمي فيسبوك على سيرفرات مايكروسوفت لأيًا كان السبب، كذلك فقد رفضوا الإدلاء بمزيد من المعلومات لكن أكدوا أنها لن يتم استخدامها في الإعلانات، هل تصدق؟
المضحك في الأمر أن هذه الاتفاقات المذكور منها أعلاه كانت عامة ومعروفة للجميع، لكن الأكثر إضحاكًا هو أن فيسبوك أكدت أنها قد أنته هذه لاتفاقات وذلك منذ ما يزيد عن السنة، إلا أنه وكما يمكننا أن نرى أنها لازالت مستمرة بما في ذلك الاتفاقات الأكثر خطرًا وتأثيرًا مثل تلك التي بين فيسبوك وكلًا من سبوتيفاي ونتفلكس، وعندما أكدت فيسبوك أن هذه الاتفاقات قد انتهت كان تبريرها حينها هو أن التطبيقات على أندرويد و iOS لم تعد تحتاج لهذه الاتفاقات للعمل بشكل سليم، لكن عدد كبير من المستندات أكدت أن هذه الشركات لازالت تتمتع بالوصول للبيانات.
ماذا جاء في باقي التقرير؟ وماذا قالت فيسبوك؟
كذلك، في عام 2017، استطاعت كلًا من Sony، Microsoft و Amazon الوصول إلى البريد الإلكتروني الخاص بجميع أصدقائك، حتى وإن كانت هذه المعلومة تحت بند أنا فقط (Only Me) على حسابك على فيسبوك، وبالرغم من أن بعضًا من هذا الـAccess التي حصلت عليه الشركات بشكل عام كان مجرد وصول للمعلومات المتاحة للعامة Shared Publicly إلا أن عددًا كبيرًا من شركات فيسبوك كان يصل لما هو أبعد من البيانات العامة، وهو أمر قد أوضحناه من الأمثلة بالأعلى، كذلك فالتقرير قد تطرق إلى أمور أخرى عديدة بما في ذلك تقصير فيسبوك في حماية بيانات المستخدمين وعدم أخذها لهذه الأمور على محمل الجد، ولا ننسى فضيحة تسريب بيانات أكثر من 50 مليون مستخدم إلى جانب فضائح فيسبوك الأخرى المتعددة.
هذا التقرير ليس صادمًا بقدر ما هو يوضّح حقائق هي للأسف معروفة عن فيسبوك وتصرفاتها الغريبة مع الأمان وحماية الخصوصية، لكن فيسبوك ردّت وقالت أن كل هذا ليس إلا لمساعدة المستخدمية، حيث أن فيسبوك أتاحت هذا الوصول للشركات فقط لبناء تجربة استخدام رائعة لفيسبوك، وكذلك لتحقيق النفع للشركات الأخرى أيضًا، كما أكدت فيسبوك أيضًا أن الشركاء المعنيين في هذا الأمر لن يقوموا باستخدام البيانات في أمر سيئ، هذا ما قاله Steve Satterfield وهو مدير الخصوصية والسياسات العامة لفيسبوك، وقد أتى البيان بالنص التالي: "على مدار الأعوام السابقة قد تعاونّا مع شركات متعددة بغرض الحصول على تجربة متعلقة بفيسبوك على على الأجهزة والمنصات التي لا ندعمها بنفسنا، هذا مثل الألعاب وكذلك الخدمات الموسيقية وتطبيقات الطرف الثالث بشكل عام، وكان هذا كله لتحسين تجربة المستخدم وليس لاتاحة هذه المعلومات للشركات الأخرى لاستخدامها بطريقة خاطئة.
هنا ينتهي مقالنا، لكن من الواضح أن مشاكل فيسبوك تلك لا تنوي أن تنتهي في أي وقت لاحق، هذا إلى جانب مشكلة تسريب بيانات ملايين المستخدمين التي عرضناها بالأعلى، هنا تتوقف عقولنا أمام سؤال هام: هل يجدر بي مغادرة فيسبوك تماماً؟ الإجابة هنا تعتمد عليك، في 90% من الحالات ستكون لا، هذا لأن فيسبوك أصبح عالم آخر متكامل لا يمكن الاستغناء عنه غالبًا حتى ولو كان الأمر بعيدًا عن التواصل الاجتماعي وهو الغرض الرئيسي له، بل أصبحت فيسبوك شبكة للأعمال أيضًا والتجارة الإلكترونية، هنا ننتظر رأيك وتعليقك على الأمر..
?xml>