
مستقبل شاشات العرض: انسي الـ LED و الـ OLED وتعرف علي الـ MircroLED
لطالما ظلت خيارات المستخدمين في شاشات الألعاب محدودة ما بين شاشات الـ LED و شاشات الـ OLED.
شاشات الـ LED كانت هي الخيار الأكثر شيوعا والأقل سعرا، بسبب بساطة تصنيعها، كل ما هو مطلوب، هو ألواح كريستالية للألوان تضاء من الخلف بمصابيح كبيرة، لتنتج الألوان علي الشاشة.

ولأن التركيبة سهلة وليست معقدة، فان شاشات الـ LED تميزت بأنها عملية، تعيش فترة طويلة، ولها درجات عالية للغاية من السطوع مكنتنا كي نحصل علي تقنية السطوع العالي HDR ونحاكي اضاءة الشمس والأنوار شديدة التوهج علي الشاشات.
لكن تقنية LED كانت لها عيوب أخري، فلأنها تستعمل مصابيح كبيرة لتشغيل الألوان، فان اللون الأسود الناتج منها يكون ضعيفا، لأنه يتطلب اغلاق هذه المصابيح، واغلاق هذه المصابيح تماما أمر مستحيل لانها تشغل الشاشة، لذا فان المصنعين يحاولون حجب تلك المصابيح جزئيا، والحجب الجزئي ينتج عنه تسلل في الضوء وينتج عنه لون أسود يشوبه طيف من اضاءة المصابيح المتسربة، مما يعني أن الأسود يظهر كلون رمادي غامق. أو يظهر ملطخا ببقع شبه رمادية وبقع مضيئة. باختصار هو لون أسود غير حقيقي، أسود ملوث، غير نقي.

الي اليمين اللون الأسود الملوث ببقع رمادية، والي اليسار اللون الأسود النقي بسواد الظلام الدامس
وعلي الرغم من هذا العيب الذي يعتبره الكثيرون عيبا قاتلا، الا ان تطوير شاشات الـ LED استمر، مدفوعا بقوة سطوعها العالية في تقنية الـ HDR، فلقد وصلت الي درجة سطوع 1000 شمعة 1000nits أو يزيد.

الي اليمين جودة سطوع 1000 شمعة، المنتصف 600 شمعة، اليسار 400 شمعة فقط
وكان تطور شاشات الـ LED مدفوعا أيضا ببعض التقنيات التي خففت من حدة سوء اللون الأسود. وكان أشهر هذه التقنيات هي تقنية شبكة الاظلام، وفيها تاتي الشاشة بشبكة مصابيح صغيرة وكثيرة (بدلا من مصباح واحد أو مصباحين كبيرين)، هذه الشبكة تنقسم الي 384 مصباح علي الأقل موزعين علي أنحاء الشاشة بحيث يمكن اغلاق اي عدد منهم في اي وقت للحصول علي لون أسود حقيقي في الجزء الذي تم اغلاقة. ويسمي هذا باسم Full Array Local Dimming، أو شبكة الاظلام الكاملة.

وكلما زاد عدد المصابيح في الشاشة كلما زادت قدرتها علي تقليل تلوث اللون الأسود .. وبالتالي زادت قدرتها علي انتاج لون أسود قوي، في أي مكان علي الشاشة، وبخصوصية ودقة عالية، حتي لو كان المطلوب منها عمل بقع سوداء متفرقة في كل اتجاه من الشاشة.

الي اليمين بدون استخدام الاظلام الكامل و نصف الشاشة مضاء بلا داع، الي اليسار باستخدامه، لاحظ كيف تظلم الشاشة كلها باستثناء الجزء المضئ فقط ..
بالأعلي بدون استخدام الاظلام الكامل و جزء من الشاشة مضاء بلا داع، بالأسفل باستخدامه، لاحظ كيف تظلم الشاشة كلها باستثناء الجزء المضئ فقط (القمر)..
لكن رغم هذه الحلول الا أن مشكلة اللون الأسود غير النقي لا تزال قائمة، بالطبع تم تخفيفها الي الحدود الدنيا مع شبكة الاظلام، لكن ما تبقي منها لا يزال ينغض نقاء اللون الأسود .. فالشبكة لا تزال تعاني من تسرب الضوء رغم ذلك، وهو ما يلوث نقاء اللون الأسود في مناطق عديدة من الشاشة. فضلا عن ذلك فان الشاشات التي تأتي بشبكة اظلام كاملة تكون مرتفعة السعر للغاية.
وهناك عيوب أخري مثل زاوية الرؤية المحدودة، فعندما ينظر المستخدم الي الشاشة من الجانب فان مظهر الألوان يتغير وسطوع الشاشة يصبح أقل.

وبسبب كل هذه العيوب سعي بعض مصنعي الشاشات للخروج من حفرة تقنية LED باستخدام تقنية أخري جديدة، وتفادي عيوبها القاتلة من جهة اللون الاسود. وكانت التقنية التي مثلت فتحا مهما في هذا المجال هي تقنية الـ OLED. والـ OLED هي خلايا صغيرة تحوي مادة عضوية مضيئه ذاتيا، ولا تحتاج إلي مصابيح خلفية لتحصل منها علي الضوء. وهذه الحقيقة نفسها هي ما يجعل الـ OLED الحل السحري الذي يقضي بشكل مبرم علي مشكلة اللون الاسود، فلن نحتاج إلي مصابيح تلوث اللون الاسود ولن نعاني من تسرب الضوء، فكل خلية في الـ OLED تعمل كمصباح الوان مستقل، ويمكنها إغلاق نفسها تماما للحصول علي لون اسود بنقاء الظلام الدامس.
وهو ما يحدث بالفعل، إن نقاء اللون الاسود مع شاشات ال OLED هو نقاء كامل لا تشوبه شائبة، مما يعطي لونا اسودا حقيقيا وكاملا بنسبة 100٪.

لكن علي الرغم من هذا الفتح العظيم، إلا أن ما بدا تقنية واعدة كاملة، شابها عيوب متأصلة فيها منعتها من الوصول إلي هذا الكمال. بداية فإن درجة سطوع وتوهج خلايا الـ OLED اقل من ال LED، مما يعني أن مستوي سطوع الشاشة ككل اقل، ويعني أن شاشات الـ OLED لا تصل إلي مستويات السطوع العليا المطلوبة في درجات الـ HDR الفائقة .. وكأن شاشة الـ OLED تضحي بجزء من سطوعها كي تحصل علي لون أسود حقيقي.
عيب آخر هو أن الشاشة لها عمر افتراضي معين، بعده تبدأ خلايا الـ OLED في التحلل (لأنها خلايا بمادة عضوية بالأساس) ويبدأ سطوع الشاشة في الخفوت، وتنخفض قدرة الشاشة الكلية علي التوهج بمعدل النصف، وهو ما قد يلاحظة المستخدم مع شاشات الهواتف المحمولة التي تحوي شاشة OLED، فمع طول فترة الاستهلاك فان الشاشة تظلم بالتدريج.
عيب آخر شنيع هو انطباع الصور الثابتة علي الشاشة، ويحدث هذا عندما تعرض الشاشة نفس الصورة لفترة طويلة، فتجد أجزاء من الصورة منطبعة علي الشاشة ولا تختفي حتي لو تم تغيير الصورة .. ويطلق علي هذا العيب اسم استبقاء الصورة Image Retention أو احتراق الصورة Burn In .. وهو عيب خطير يصيب كل شاشات الـ OLED، ويتطلب أن يحرس المستخدم شاشته من المحتوي ذو الصور الثابتة أو ذو الأجزاء الثابتة. ولو لم يفعل هذا فان شاشته ستعاني من انطباع الصورة بكل سهولة.
أشكال عجيبة منطبعة علي الشاشة من بقايا صور ثابتة ..
ولهذه الأسباب فان المستخدمين عادة ما يكونون حذرين للغاية أثناء شراءهم لشاشات الـ OLED عالية الجودة، وقد يفضلون عليها شاشات الـ LED ذات شبكة الاظلام. وكلا الحلين مرتفع الثمن، لكن شاشات الـ LED لا تضعف مع مرور الوقت ولا تنطبع عليها الصورة علي الأقل .. مما يعني أنها خيار آمن من الناحية المستقبلية، علي العكس من الـ OLED التي تتطلب حرصا شديدا في التعامل معها.
وهو ما يضع المستخدم في حيرة، فأحد الحلول يحوي عيبا خطيرا في اللون الأسود، وفي زويا الرؤية، والحل الآخر يشمل سطوعا أقل للألوان، كما أنه أخطر في التعامل ويتطلب مستويات قصوي من الحيطة. لا يوجد بينهما حل كامل.
ولحسن الحظ فان حيرة المستخدم لن تطول، فالحل الكامل علي وشك الصدور، لقد تم الاعلان عنه بالفعل، انه تقنية MicroLED.
والشاشات التي تعمل بهذه التقنية تستعمل مصابيح صغيرة للغاية micro LED، كل مصباح يكون نقطة لونية pixel، وهذا يعطي القدرة للشاشة علي الحصول علي لون أسود كامل وحقيقي، فباغلاق كل pixel او كل مصباح يعني أن لونه الأسود صار بقوة الظلام الدامس، أي لون أسود نقي. وبهذا تحل الـ MicroLED مشكلة اللون الأسود الخاصة بالـ LED. ولأن هذه مصابيح صغيرة وليست خلايا ضوئية، فلها القدرة علي درجات عالية للغاية من السطوع تماثل الـ LED وتعلو عليها كذلك. وبهذا تحل الـ MircroLED مشكلة سطوع الاضاءة الخاصة بالـ OLED. ولانها مصابيح كهربية وليست خلايا عضوية، فان عمرها الافتراضي طويل للغاية، ولا يخشي عليه من اضحملال التوهج والسطوع، وبهذا تحل الـ MircroLED مشكلة العمر الافتراضي الخاصة بالـ OLED.
وفوق كل ذلك فان الـ MicroLED لا تعاني من انطباع الصورة ولا من محدودية زوايا الرؤية وهي تتفادي في ذلك عيوب متأصلة في كلا من الـ OLED و الـ LED.
تتميز الشاشات التي ستستعمل تقنية الـ MicroLED أيضا بأنها قابلة للتعديل بسهولة modular، ولقد عرضت Samsung في معرض CES2019 مجموعة من تلك الشاشات، كل شاشة مكونة من قوالب صغيرة، يمكن للمستخدم ازالة او اضافة قالب الي الشاشة كيفما ووقتما يشاء، ليقلل او يزيد من حجم شاشته حسب حاجته، وهي خاصية ثورية للغاية!
إن تقنية الـ MicroLED في الشاشات هي التقنية الكاملة حقا، فهي تتفادي عيوب ما سبقها من تقنيات، وتقدم مزية ثورية جديدة في قابليتها للتطويع والتركيب وفك التركيب. والتقنية لا تزال في مرحلة التصنيع الي الآن، ومن المتوقع أن نري منتجات تحملها بحلول العام القادم.
يعيب الـ MicroLED فقط سعرها المرتفع، لكن بالنظر الي كل مزاياها تلك، فهي تستحق، لا يمكننا الانتظار حتي تصبح تلك الشاشات المعيار الأوحد الأكثر شيوعا في عالم شاشات العرض، ولا يمكننا الانتظار حتي نراها في منتج حقيقي متوافر في الأسواق. فهي حقا الحل الكامل في شاشات العرض الفائقة.
?xml>