الحديث عن ألعاب الفيديو في وسائل الإعلام يأتينا دائمًا بطريقة سلبية، ويتم استخدامها كسبب رئيسي على كل الحوادث وإطلاق النيران المُكثف الذي أصبح منتشرًا بشكل مستمر في كل أنحاء العالم. هذه السمعة السيئة لألعاب الفيديو ظلت متواجدة منذ أواخر العقد الماضي خاصةً مع إصدار ألعاب مثل Mortal Kombat، DOOM، و Wolfenstein وظلت البرلمانات والحكومات العالمية تُشير أصابع الإتهام لتلك النوعية من الترفيه حتى لا يتحملون مسؤولية أي خطأ يقع في بلادهم.

ولكن دعونا نتحدث عن الأمر بشكل علمي قليلاً، هل فعلاً الألعاب تجعل الأشخاص أكثر عنفًا، وهل هي تهديد حقيقي على سلامة المجتمعات العالمية، أم تلك مجرد خرافة ابتدعتها وسائل الإعلام حتى تُغطي على مشاكل المجتمع الأساسية؟

الصراع بين وسائل الإعلام واللاعبين

الألعاب وقضية العنف والتنمر - لقاء تلفزيوني

تمر عليك أوقات كثيرة تدخل أثنائها في مناقشات حادة مع شخص تكرهه أو حتى أحد أصدقائك، وفي تلك المناقشة يكون كل شخص منكما متمسكًا برأيه. أنت ترى أنك على حق، وصديقك أو هذا الشخص الذي تكرهه ولا تطيقه يرى أنه هو الآخر على حق، ولا يحاول أحدًا منكما أن يجلس ويُفكر في الأمر من زاوية أخرى!

هذا حرفيًا نفس ما يحدث بين وسائل الإعلام واللاعبين منذ تسعينيات القرن الماضي. وسائل الإعلام ترى أن الألعاب هي السبب الرئيسي في انتشار العنف داخل مختلف المجتمعات، وأنه يجب منع الألعاب العنيفة.

من ناحية أخرى، يتحدث اللاعبون حول ألعابهم موضحين أنها مجرد ألعاب لا تؤثر على أفكارهم ومعتقداتهم، ولا حتى تجعلهم أكثر عنفًا من السابق. إنها في النهاية مجرد ألعاب تُساعدهم على الاستمتاع وتجربة شيء جديد ومختلف لفترة مُعينة من الزمن حتى ينتهون منه، وبالطبع لن يُفكر أحدهم في الخروج للشارع وتمزيق عنق المارة بعد تجربته لـ Mortal Kombat مثلاً!

من الناحية المنطقية، فاللاعبين على حق، ولكن أيضًا وسائل الإعلام على حق، وهذا سيكون الأساس الذي أبني عليه هذه المقالة من الآن وللنهاية. سأحاول على قدر الإمكان استعراض وجهات نظر كل طرف من أطراف هذه المناقشة بشكل محايد وبدون أخذ صف طرف مُحدد.

الهدف من كتابتي لتلك المقالة هو التركيز على الأمر بشكل علمي لأنه إذا كان للألعاب بالفعل تأثير على المجتمع من ناحية انتشار العنف، فهنا يجب أن نقف قليلاً ونُفكر مليًا فيما نفعله بمختلف الألعاب العنيفة التي نُجربها.

بداية العنف في عالم ألعاب الفيديو

لعبة Doom

صناعة الألعاب في البداية كانت عبارة عن مجموعة من التجارب البسيطة والمُسلية التي حرفيًا يمكن إطلاق عليها "بكسلات متحركة". لكن مع التقدم التقني الذي وصلنا إليه في أوائل تسعينيات القرن الماضي، بدأت تصدر مجموعة من الألعاب المميزة التي تنوي تقديم تجربة مختلفة.

بدأت تلك التجارب مع لعبتين: Mortal Kombat و Wolfenstein 3D في عام 1992، تلك السنة شهدت بداية وجود العنف في ألعاب الفيديو. Mortal Kombat هي لعبة صراع دموي ومميت بين شخصين، وحتى الوصف الرسمي للعبة وقتها كان "يمكنك تفجير دماغ العدو الذي أمامك باستخدام قواك المميزة".

وبالطبع لعبة Wolfenstein 3D هي واحدة من الألعاب الغنية عن التعريف التي مثلت بداية وجود ألعاب منظور الشخص الأول الذي اعتدنا عليه في وقتنا الحالي. فبدون استوديو id Software ولعبة Wolfenstein 3D، لم نكن سنحصل على ألعاب منظور الشخص الأول التي نُحبها ونعشقها الآن!

بعد إصدار Wolfenstein 3D بعامٍ واحد، شهدنا إصدار واحدة من أقوى وأعنف الألعاب في تاريخ الصناعة حتى وقتنا هذا وهي DOOM من نفس الاستوديو. ووقتها بدأ الإعلام الحديث بشكل كبير عن ألعاب الفيديو، وأنها ستكون السبب في نشر العنف في المجتمع عاجلاً أم آجلاً.

تأثير ألعاب الفيديو كان ملموسًا على أرض الواقع!

لعبة Mortal Kombat

في 20 أبريل 1999 قرر المراهقان Eric Harris و Dylan Klebold أن يتوجها إلى مدرستهما كولومباين الثانوية بالولايات المتحدة، ولكن هذا لم يكن يوم دراسي عادي، بل قررا ارتكاب أحد أكثر عمليات إطلاق النار الجماعية شهرة على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة.

قتل هاريس وكليبولد 13 شخصًا وجرحا 24 آخرين. بعد قتلهم لضحاياهم في مكتبة المدرسة، انتحرا لاحقًا. وفي ذلك الوقت، كان هذا هو أعنف إطلاق نار في المدرسة الثانوية في تاريخ الولايات المتحدة وبدأ الهيجان الإعلامي بالطبع ليروا ما سبب قيامهم بهذه المذبحة الغريبة.

تم فتح التحقيقات وبدأت الأبحاث حول المراهقين، واتضح في النهاية أنهما كان يلعبان معًا لعبة DOOM القديمة. Eric Harris لم يحب فقط DOOM بل كان يستخدمها واستوحى منها أفكارًا في المشاريع المطلوبة منه في المدرسة.

ليس ذلك وحسب، بل كان Eric Harris يصنع مراحل للعبة DOOM والتي تم تسميتها بعد ذلك بـ Eric Levels. تلك المراحل بالطبع كان يتم مشاركتها مع اللاعبين الآخرين على الإنترنت ليستمتعون بها في كل أنحاء العالم.

المراهقان Eric Harris و Dylan Klebold

تلك لم تكن حادثة العنف الوحيدة المرتبطة بألعاب الفيديو، ففي 22 يوليو 2011، فجر Anders Behring Breivik قنبلة أسمدة خارج البرج الذي يضم مكتب رئيس الوزراء Jens Stoltenberg في أوسلو، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص.

في غضون ساعات قليلة من الانفجار، سافر إلى جزيرة أوتويا لموقع معسكر لرابطة الشباب العمالية، وكان متنكرًا كضابط شرطة من أجل أخذ العبّارة إلى الجزيرة، ثم أطلق النار بشكل متقطع لأكثر من ساعة، مما أسفر عن مقتل 69 شخص، وأحد تلك الضحايا كان طفلاً صغيرًا لا يتجاوز عمره 14 عامًا!

تضمن بيانات Anders Breivik كتابات توضح بالتفصيل كيفية لعب ألعاب الفيديو مثل World of Warcraft للاسترخاء، و Call of Duty: Modern Warfare 2 لـ "محاكاة التدريب". أخبر المحكمة في أبريل 2012 أنه تدرب على الرماية باستخدام جهاز ثلاثي الأبعاد أثناء لعب Call of Duty، وادعى أن اللعبة ساعدته بشكل كبير أثناء استخدام السلاح على أرض الواقع في قتل الـ 69 شخص.

الطفل Anders Behring Breivik

المثال الأخير معنا اليوم هو وقع إطلاق النار على مدرسة ساندي هوك الابتدائية في 14 ديسمبر 2012، في نيو تاون بالولايات المتحدة، عندما أطلق Adam Lanza النيران على 26 شخص وقتلهم جميعًا. كان عشرين من الضحايا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة وسبع سنوات، وستة من الموظفين البالغين.

في وقتٍ سابق من ذلك اليوم وقبل قيادة سيارته إلى المدرسة، أطلق لانزا النار على والدته وقتلها في منزلهم في نيوتاون. مع وصول المستجيبين الأوائل من الشرطة إلى المدرسة، انتحر لانزا بإطلاق النار على رأسه.

عثرت الشرطة على العديد من ألعاب الفيديو في قبو منزل آدم لانزا، والذي كان يستخدمه كمنطقة ألعاب. أشار التقرير النهائي عن حادث إطلاق النار 2013  إلى أن لانزا كان يلعب ألعاب الفيديو في كثير من الأحيان، سواء بمفرده في المنزل أو عبر الإنترنت. ويمكن وصفها بأنها عنيفة وغير عنيفة على حد سواء.

الألعاب وقضية العنف والتنمر

على الرغم من وجود كل تلك الحوادث، هل هذا يعني أن ألعاب الفيديو كانت السبب الرئيسي فيها حقاً؟

تطور ألعاب الفيديو وردة فعل المجتمع ووسائل الإعلام عليها

الرياضة الإلكترونية غيرت من نظرة الأغلبية لصناعة الألعاب

شهدت ألعاب الفيديو تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية خاصةً في ساحة الرياضة الإلكترونية، وبشكل عام لا توجد أي دولة في العالم الآن لا يستمتع لاعبيها سواء بتجربة تلك النوعية من الألعاب، أو الدخول في مسابقات فيها.

الحديث عن التأثير السلبي لألعاب الفيديو على المجتمع قل بشكل نسبي في الوقت الحالي، ولا يتم فتح هذا الموضوع إلا عندما تحدث مشكلة في المجتمع من قبل الصغار في السن، ومن هنا تلجأ الحكومات مرةً أخرى لإشارة أصابع الإتهام إلى ألعاب الفيديو لأنه "لسببٍ ما" فكل المشاكل المتواجدة تقع على عاتق تلك الألعاب.

لكن كما أوضحت، فالحديث بهذا الشكل السلبي لم يصبح منتشرًا بشكل كبير خاصةً مع انتشار الرياضات الإلكترونية ودعم جزء كبير من الدول العالمية لها سواء كانت الدول الأوروبية، أو دول الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية، الإمارات، ومصر.

كان قديمًا ينظر المجتمع إلى الألعاب على أنها مجرد شيء ترفيهي يمكنك الاستمتاع به بعد تأدية واجباتك الأساسية في الحياة فقط ولا يوجد لها أي هدف آخر. حتى الأهالي منذ فترة ليست ببعيدة كانوا يجبرون أبناءهم على تمضية أكبر وقت ممكن بعيدًا عن الألعاب.

الآن الصناعة تغيرت بشكل كبير وأصبحت مصدر رئيسي لدخل عدد كبير من العاملين بها. ليس فقط مطورين الألعاب الذين يحصلون على أموالهم من بيع ألعابهم، ولكنني أتحدث هنا عن فئات كبيرة جدًا مثل النُقاد، المُحررين، وحتى الأفراد الذين يقدمون محتوى على YouTube أو بثوث مباشرة على Twitch.

نظرة المجتمع تغيرت بشكل كبير تجاه الألعاب في الفترة الماضية خاصةً بعد رؤية الأرباح التي يستطيع الفرد تحقيقها من ورائها. مُقدمي المحتوى الكبار على مستوى العالم أصبحوا يحققون ملايين الدولارات شهريًا، وأي شخص لديه كاريزما وقادر على تقديم أي محتوى جيمنج عبر أي منصة، يستطيع هو الآخر تحقيق أموال طائلة من وراء تلك الصناعة.

ليس ذلك فحسب، بل أصبحوا هؤلاء الأشخاص يحصلون على شراكات من استوديوهات وشراكات كبيرة لتمويلهم مقابل الإعلان عن منتجاتهم سواء عبر فيديوهاتهم أو بثوثهم المباشرة. الصناعة تغيرت ولم تظل مجرد شيء ترفيهي جانبي بالنسبة للكثير.

لنتحدث عن الأمر بشكل علمي، هل الألعاب فعلاً تُزيد من العنف؟

مصادر الدخل في الجيمنج توسعت

توجد العديد والعديد من الدراسات العلمية التي تؤكد على وجود علاقة بين العنف وألعاب الفيديو في المجتمع، ولكن في نفس الوقت توجد دراسات أخرى تؤكد أن الألعاب ليست هي السبب الرئيسي في انتشار العنف بين الشباب. كما ذكرت، فتلك المقالة ستكون محايدة، ولذلك سأشارككم اليوم بالرأي والرأي الآخر حتى نصل إلى حقيقة هذا الأمر.

وفقًا لنموذج العدوان، يؤثر التعرض قصير المدى لألعاب الفيديو العنيفة على مستوى الإثارة لدى الشخص، والإدراك المرتبط بالعدوانية، والمزاج الحالي. وتعمل هذه العوامل الثلاثة معًا للتأثير على سلوك الشخص عند مواجهة محفزات خارجية.

أظهر الباحثون أنه عبر العينات الكبيرة، يرتبط التعرض قصير المدى لألعاب الفيديو العنيفة، بزيادة الإدراك العدواني، انخفاض الاستثارة الفسيولوجية للعنف، وانخفاض التأثير . ومع ذلك، هناك تباين فردي كبير في هذه الآثار!

على المدى الطويل، يُنظَر إلى التعرض المتكرر لألعاب الفيديو العنيفة لتنشيط النصوص والمخططات المتعلقة بالعدوانية وتعزيزها بشكل متكرر، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الشخصية العدوانية، وانخفاض السلوك الاجتماعي، وإزالة الحساسية، وانخفاض التعاطف.

التعصب والعنف في الألعاب

ماذا تقول الدراسات والأبحاث العلمية؟

في دراسة أخرى تمت عبر جامعة ولاية لوا بالولايات المتحدة الأمريكية، تم توضيح أن أن الشباب الذين يتسمون بالعدوانية بشكل معتاد قد يكونون عرضة بشكل خاص للآثار المعززة للعدوانية نتيجة التعرض المتكرر للألعاب العنيفة.

وجدت الدراسة أيضًا أن الطلاب الذين يلعبون ألعاب فيديو أكثر عنفًا في المدارس الإعدادية والثانوية قد انخرطوا في سلوك أكثر عدوانية، ووجدت أيضًا أن مقدار الوقت الذي يقضونه في لعب ألعاب الفيديو كان مرتبطًا بدرجات أكاديمية أقل في الكلية بسبب تمضية معظم وقتهم على ألعاب الفيديو وعدم التركيز بشكل أساسي في الدراسة!

دراسة جامعة لوا أوضحت أيضًا الآتي:

[quote "توفر ألعاب الفيديو العنيفة منتدى للتعلم وممارسة الحلول الصارمة لحالات الصراع. على المدى القصير، يبدو أن لعب إحدى ألعاب الفيديو العنيفة يؤثر على الفكر العدواني من خلال إثارة الأفكار العدوانية. ومن المحتمل أن تكون التأثيرات طويلة المدى أيضًا، حيث يتعلم اللاعب ويمارس نصوصًا جديدة متعلقة بالعدوانية والتي من الممكن أن تزداد ومن المحتمل الوصول إليها واستخدامها عند ظهور حالات نزاع في الحياة الواقعية."]

على الرغم من وجود تلك الدراسات التي تؤكد على وجود علاقة كبيرة بين الألعاب وانتشار العنف، إلا أنه توجد في نفس الوقت أمثلة أخرى تؤكد لنا أنه لا توجد علاقة سببية فعلية بين العنف وألعاب الفيديو. هذه الدراسة تأتينا من الجمعية الأمريكية لعلم النفس حيث أكدت الآتي:

[quote "لا توجد أدلة علمية كافية لدعم العلاقة السببية بين ألعاب الفيديو العنيفة والسلوك العنيف، وفقًا لقرار محدث اعتمدته جمعية علم النفس الأمريكية. وقالت ساندرا إل شولمان، رئيسة جمعية علم النفس الأمريكية أن العنف مشكلة اجتماعية معقدة تنبع على الأرجح من العديد من العوامل التي تتطلب اهتمام الباحثين وصانعي السياسات والجمهور. إن نسب العنف إلى ألعاب الفيديو ليس سليمًا علميًا ويلفت الانتباه بعيدًا عن العوامل الأخرى، مثل تاريخ العنف، الذي نعرف من البحث أنه مؤشر رئيسي للعنف في المستقبل."]

أوضحت أيضًا الجمعية الأمريكية لعلم النفس أنه على الرغم من إمكانية وجود بعض العنف البسيطة النابع عن الألعاب مثل الصراخ، أو الدفع، إلا أنه يصعب توسيع نتائج هذه الأبحاث لتشمل نتائج أكثر عنفًا!

جامعة لوا الأمريكية

الجمعية الأمريكية لعلم النفس عملت (ولا تزال تعمل) لسنوات لدراسة تأثيرات ألعاب الفيديو والوسائط الأخرى على الأطفال مع تشجيع الصناعة على تصميم ألعاب فيديو مع ضوابط أبوية مناسبة. كما دفعت أيضًا إلى تحسين نظام تصنيف ألعاب الفيديو ليعكس مستويات وخصائص العنف في هذه الألعاب.

لم تتوقف الجمعية الأمريكية لعلم النفس عند ذلك وحسب، بل أصدرت الجمعية بيانًا سياسيًا في عام 2017 يستهدف السياسيين والإعلام وحثهم على تجنب ربط ألعاب الفيديو العنيفة بجرائم العنف، مع التأكيد على موضوع النتائج التي توصلوا إليها على مر السنين. في بيان متابع في عام 2020، أكدت الجمعية مجددًا أنه لا تزال هناك أدلة غير كافية لربط ألعاب الفيديو بالسلوك العنيف.

الأمر وصل للمحكمة العليا في الولايات المتحدة!

المثال الثاني الذي نود الحديث عنه اليوم هي المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد في قضية Brown v. Entertainment Merchants Association لعام 2011. 

في عام 2005، أقرت الهيئة التشريعية لولاية كاليفورنيا AB 1179، برعاية عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا آنذاك ليلاند يي بحظر بيع ألعاب الفيديو العنيفة لأي شخص دون سن 18 عامًا وتطلب تصنيفًا واضحًا يتجاوز نظام تصنيف ESRB الحالي. ينص القانون على غرامة قدرها 1000 دولار كحد أقصى لكل مخالفة!

ثم في عام 2011 صدر قرارًا تاريخيًا للمحكمة العليا الأمريكية والذي ألغى قانون كاليفورنيا لعام 2005 الذي يحظر بيع بعض ألعاب الفيديو العنيفة للأطفال دون إشراف الوالدين. في قرار 7-2، أيدت المحكمة العليا قرارات المحكمة الأدنى وألغت القانون، وحكمت بأن ألعاب الفيديو هي خطاب محمي بموجب التعديل الأول مثل أشكال أخرى من وسائل الإعلام.

تم اعتبار هذا الحكم انتصارًا كبيرًا لصناعة ألعاب الفيديو في ذلك الوقت. لكن على الرغم من ذلك، فقد اقترح العديد من قضاة المحكمة أن القضية قد تحتاج إلى إعادة النظر في المستقبل سواء القريب أو البعيد، خاصةً مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة المتغيرة لألعاب الفيديو وتقنياتها المتطورة باستمرار والتي قد تفتح ملف هذه القضية مرةً أخرى.

الاحصائيات الأخيرة توضح أن الألعاب لا تتسبب بشكل رئيسي في العنف!

المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية

معظم الإحصائيات التي سنذكرها ستُركز بشكل أساسي على الولايات المتحدة الأمريكية حيث أن تلك هي أكثر دولة يخرج منها احصائيات خاصة بألعاب الفيديو في السنوات الأخيرة.

وفقًا لآخر التقارير، فقد حدثت أكثر من 20 حادثة إطلاق نار في الولايات المتحدة الأمريكية خلال آخر 20 عام، وتلك الحوادث راح ضحيتها أكثر من 10 أشخاص في كل حادثة منهم. هذا يعني أنه على الأقل تحدث حادثة إطلاق نار كبيرة في الولايات المتحدة مرة كل عام!

من تلك الحوادث كلها التي ذكرتها، لا يوجد إلا 4 أو 5 فقط متعلقين بألعاب الفيديو حيث كان مُطلق النار نفسه مُحب لألعاب الفيديو و يعشقها لدرجة الجنون. هذا يعني أن حوالي 20% فقط من تلك الحوادث متعلقة بألعاب الفيديو، مما يؤكد على وجود أسباب أخرى في المجتمع تؤدي لنشر العنف بعيدًا عن تلك الصناعة.

الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر دولة في العالم تدفع أموالاً مقابل ألعاب الفيديو، ولكن توجد دول عملاقة أخرى تمد الصناعة بمئات الملايين سنويًا مثل الصين، اليابان، المملكة المتحدة، كوريا، ألمانيا، وغيرهم. وفقًا لآخر الاحصائيات، فإن حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة الأمريكية تؤدي لمقتل 4.5 من كل 100 ألف شخص، وكل الدول الأخرى التي ذكرتها مجتمعة مع بعضهم لا يشكلون نصف تلك النسبة تقريبًا!

هل هذا يعني أن العنف الخاص بالألعاب متواجد في الولايات المتحدة فقط؟ بالتأكيد لا، ولكن الولايات المتحدة يوجد بها العديد من المشاكل الأخرى التي تؤدي لحدوث مثل تلك عمليات القتل مثل أن الدولة نفسها سيئة أخلاقيًا، وبالطبع المشكلة الأساسية تكمن في إمكانية ترخيص السلاح لمعظم الأشخاص ومن السهل جدًا شراء تلك الأسلحة من أي مكان في الدولة.

هذه الاحصائيات تؤكد أن المشكلة الأساسية لا توجد في صناعة الألعاب نفسها، بل عدم فرض الرقابة والقوانين الكافية على كل أمور الحياة العادية.

رأي شخصي حول علاقة الألعاب بالعنف

إحدى مسابقات الرياضة الإلكترونية

بشكل عام، دراسات علم النفس بأجمعها أكدت أن مخ كل شخص يتصرف بشكل مختلف، وردة الفعل المخ تختلف من شخص لآخر على حسب ما يفعله أو يقوم به بشكل يومي وهو لا يشعر.

إذا قُلنا أن 99.9% من البشر لا تؤثر عليهم الألعاب العنيفة ولا تجعلهم حتى يُفكرون في ارتكاب مختلف الجرائم بعد تجربتهم لتلك الألعاب، فلا تزال توجد تلك النسبة الصغيرة 0.01% والتي من المحتمل أن تكون الألعاب العنيفة تؤثر على مخها وطريقة تفكير بطريقةٍ أو بأخرى.

على الرغم من عشقي للألعاب وتجربتي لها منذ عام 2005 وحتى الآن، إلا أنني لا أستطيع تأكيد أن الألعاب ليست مرتبطة بالعنف بشكل عام. مع وجود تلك الجرائم التي ذكرناها اليوم في مقالنا، فبالتأكيد توجد علاقة ولو بسيطة جدًا بين الألعاب والعنف وكيف تؤثر على عقل بعض المجانين في العالم.

لعبة Doom Eternal

لكن على الرغم من ذلك، فلا يُمكن ربط أي حدث عنيف يحدث في المجتمع بالألعاب. الألعاب يلعبها ملايين اللاعبين حول العالم، وإذا كانت هي السبب الرئيسي في جعل الشخص عنيفًا، فكنا سنرى كل يوم مجزرة تحدث بقتل آلاف الأشخاص بسبب الألعاب، لكن هذا بالطبع لا يحدث.

هل سننظر إلى كل حادثة قتل يكون المسؤول عنها يُجرب مختلف الألعاب ونقول: الألعاب هي السبب فتوقف عن تجربتها؟ حسنًا هيا نقول أن هذا القاتل يشرب المياه ويأكل الطعام ويشاهد التلفاز، فلا تفعل ذلك حتى لا تكون قاتلاً مثله!

لذلك يجب علينا أن نوضح، أنه على الرغم من أن الألعاب من الممكن أن تؤثر على الشخص وتفكيره، إلا أن هذا التأثير سيكون بسيطًا جدًا ومن المحتمل ألا تؤثر أيضًا على أكثر من 99% من اللاعبين.

ومن هنا يجب أن أوجه رسالة إلى السياسيين ووسائل الإعلام. ليست كل مشكلة تحدث في البلد من الشباب أصلها ألعاب الفيديو العنيفة. إذا كنتم لا تستطيعون الاعتراف بالمشاكل المتواجدة في المجتمع بالفعل، فاتركوا الألعاب بعيدًا عن النقاش ولا تحاولوا إشارة أصابع الإتهام إليها وإلى كل من يلعبونها.

نحن أشخاص عاديون نريد الاستمتاع مع أصدقائنا بشتى الطرق التي تجعلنا ننسى هموم الحياة التي نواجهها كل يوم سواء في دراستنا أو عملنا، فلا تجعلونا نشعر أننا نفعل شيء خاطئ كل يوم!

في النهاية

أداة التحكم في الألعاب

أخبرنا أنت رأيك، هل ترى أن الألعاب بالفعل تؤدي إلى نشر العنف في المجتمع، أم توجد العديد من العوامل الأخرى التي تُساعد في نشر العنف بعيدة كل البُعد عما تُقدمه صناعة الألعاب، ولكن وسائل الإعلام والسياسيين ينتقون العدو السهل ليُلقون أصابع الإتهام عليه؟

أيضًا إذا أعجبتك هذه المقالة، فنُرشح لك زيارة مقالة أخرى على موقعنا توضح الجانب الإيجابي من الألعاب وكيف ساعدت تلك الصناعة في حل مشكلة التوحد عند العديد من الأفراد. ألقي نظرة على المقالة من هنا.