
للمناقشة.. مستقبل الألعاب بين الابتكار والتكنولوجيا!!
مع مرور السنين أصبحنا نرى تقدم جذري في التكنولوجيا وبالتحديد في هاردوير الكمبيوترات والمنصات المنزلية لأن هذا ما يهمنا، فمن معالج كذا إلى آخر أقوى منه ومن كارت شاشة يتميز بكذا وكذا ، نرى التقدم التكنولوجي جلياً جداً خلال العشرين عام الأخيرة ، وفي عالم كل الأحلام تتحقق فيه رويداً رويداً فهل كنا نتوقع في يوم من الأيام أن نستيقظ لنجد هاتف ذكي بكل هذه الإمكانيات ؟ هل كان بإمكاني سؤالك عزيزي القاريء منذ عشرة أعوام عن وجود جهاز سيحاكي الواقع الافتراضي ؟؟ أعتقد أني كنت سأقابل بالسخرية ، ولذلك نرى أن التكنولوجيا قد أوصلتنا لأبعد الحدود و أبعد مما كنا نتخيل ، بات لدينا حواسيب خارقة كأقل كلمة توصفها بإمكانيات معقدة وتطورت معها الألعاب بدورها تطور جذري أيضاً ولكن يمكننا القول بأن هذا التقدم كان سريعاً أكثر من اللازم حيث أننا قد وصلنا لمرحلة لا يمكنني القول عنها بأنها مرحلة الإشباع بل مرحلة انسداد فكري و جفاف ابتكاري ، أينعم تتواجد كل سنة تصاميم جديدة و إمكانيات إضافية ولكن ليست بالثورية ، ليست بثورية تحولنا من ألعاب الGameboy إلى ألعاب الواقع الإفتراضي في عشرة أعوام فقط مثلاً بجانب أن التكنولوجيا الحالية هي أكثر من كافية لجعلك تعيش حياة أفضل من الممتازة ، ماذا نريد أكثر من هذا غير بعض التطويرات هنا وهناك ؟؟
هل وصل التقدم التكنولوجي إلى سد أخيراً ؟
وهنا نصل عزيزي القاريء إلى سؤال مهم !! هل أصبحت التكنولوجيا عاجزة عن ابتكار جديد ؟؟ هل وصلنا إلى تلك المرحلة من السقف التكنولوجي الذي لا يوجد بعده شئ مختلف خاصة في الألعاب ؟ هل أصبحت شركات الهاردوير بكافة منصاتها تواجه مشكلة ؟ لأجيب عليك سأقول أن العلم ليس له نهاية بالتأكيد ولكن ما أقصده هنا هو أن تقدمنا أصبح بطيئاً مقارنة بأعوام مضت وكأن أصحاب الشركات قد تداركوا الأمر فجأة ..ولكن في نفس الوقت أعتقد أن نعم!! تعطل مسار التكنولوجيا قليلاً والدليل على ذلك هو توجهات الشركات نحو عصر ابتكاري جديد ، عصر سحابي ، عصر الخدمات السحابية والابتكارات أمام التكنولوجيا وهو موضوع مقالنا اليوم …
ما هي الخدمات السحابية ؟
كنا نعيش حياتنا في سلام عندما تم الإعلان عن الخدمات السحابية كابتكار ثوري سيقلب موازين اللعبة تماماً وكي نبدأ علينا أولاً التعرف على تاريخ الخدمات السحابية وكيف بدأت وما هي فكرتها من الأساس ؟ في البداية كانت الفكرة موجودة منذ عام 1969 تحت مسمى ARPANET والتي كانت خدمة مثل الإنترنت مقتصرة فقط على الحواسيب العلمية ومجالات العمل فقط ، أي أنها لم تكن في متناول الشخص العادي .
ومع مرور الزمن كانت جوجل هي أول من قامت بالإعلان عنها في عام 2006 رسمياً ومن ثم الإفصاح عن مبدأ الApps في عام 2009 لجعل هذه الخدمة في متناول الجميع ومن هنا بدأت الشعلة الابتكارية التي ما تزال متواجدة إلى الآن ، حسنأً ولكن ما هو النظام السحابي وما دخل الألعاب به في النهاية ؟ ببساطة هو عبارة عن محفظة تقوم بالحفاظ على معلوماتك الخاصة وعملك داخل نظام وهمي تتحكم فيه الشركة المصنعة بالطبع بدلاً من الاحتفاظ بال Data في ورق وما شابه ، كل ما عليك فعله هو رفع هذه المعلومات إلى خوادم الشركة وسيحفظها هو لك لكي تستطيع الإطلاع عليها وقتما تريد ويتمثل ذلك في تطبيقات الموبايل التي نستخدمها الآن فكل معلوماتك المربوطة بحسابك يتم رفعها للخدمة السحابية للحفاظ عليها ، حتى الآن الأمور رائعة ولكن ما الذي أقحم الألعاب وما صلة ذلك بشركات الهاردوير وشركات المنصات المنزلية ؟؟
ما هي عوامل نجاح فكرة ضخمة كفكرة Stadia ؟
الحقيقة أن الألعاب كانت وما تزال تحت سيطرة المنصات المنزلية مثل Xbox و Playstation بجانب الPC والذي تدعمه شركات المعالجات وكروت الشاشة إلى آخرها ، وأما الخدمات السحابية فكانت مقتصرة فقط على الهواتف الذكية ووجودها في التطبيقات حتى قررت Google دخول مجال الألعاب من خلال تطبيق خدمتها السحابية الجديدة Stadia والذي أعلنت عنه منذ فترة قصيرة ، فبدلاً من رفع معلوماتك الخاصة إلى الخوادم لحفظها ، توسع الأمر ليشمل الألعاب حيث ستمكنك المنصة كما نعلم من اللعب بدقة تصل إلى 8K وعلى كل المنصات التكنولوجية فقط من خلال سرعة انترنت قوي جداً وحسب سرعة الانترنت تتحدد دقة اللعب وكأنك تشاهد فيديو على Youtube ، وبالطبع سيعتمد هذا الموضوع على سرعة نقل المعلومات بسرعة من بعد تلقي اللعبة للأمر منك إلى الخوادم التابعة لجوجل ومن ثم معالجة البيانات بسرعة فائقة ومن ثم إرسال معلومات مرة أخرى إلى جهازك تتمثل في Rendering للصورة وبالتالي تتضح أمامك ملامح اللعبة
ولم تكن جوجل وحدها التي قامت بالخطوة فانضمت إليها Xbox بمشروع X Cloud الذي سيتم الإعلان عن تفاصيله قريباً في معرض E3 ومن هنا نصل إلى استنتاج أن الشركات يمكن أن تكون قد رأت أن للتكنولوجيا أفق وسقف لن تعبره وبالتالي خططت لهذه الخدمة المبتكرة !!، جيد والآن ماذا عن شركات الهاردوير وماذا عن مستقبل المنصات المنزلية ؟؟
هل هي نهاية الألعاب بالنسبة لشركات الهاردوير ؟
قد نقول أنه لا داعي للقلق الآن وذلك لأن Stadia ستكون في مرحلة تجريبية ويمكنها الفشل مثل غيرها ولكن تبقى احتمالية نجاحها واردة جداً فكيف سيؤثر ذلك على اتجاه الألعاب ؟ هل ستعتمد على الابتكارية كطريق قادم أم ستظل تعتمد على التقدم التكنولوجي من ناحية الهاردوير ؟ في الواقع أتوقع كارثة على شركات الهاردوير إذا نجح Stadia ، ما الذي يدفعني لشراء قطع كمبيوتر باهظة الثمن إن كنت أستطيع الحصول على نفس الجودة من خدمة سحابية ستكلفني اشتراك انترنت ضئيل ؟؟ وهنا مربط الفرس ، إذ سيضمحل سوق الهاردوير تماماً فلن نعد نحتاج كروت الشاشة و المعالجات ذات الفئة العالية أخيراً والتي تسببت بتفرقة بين اللاعبين على أساس العنصر المادي ولكن لن ينقرض سوق الهاردوير أيضا فهو أينعم يعتمد بنسبة كبير على سوق الألعاب لبيع منتجاته إلا وأن هناك العديد من البرامج التي تحتاج هاردوير عال مثل تطبيقات الRendering ، Programming وإلى آخرها بجانب أنها ستعمل على تزويد المنصات السحابية بالقوة اللازمة من وراء الكواليس فقط ، الناجون الوحيدون من هذه الكارثة هما Sony و Xbox وذلك لوضعهم خطة الخدمة السحابية في حسبانهم وسنتعرف كيف سينجون بالضبط ..
هل خدمة Stadia خدمة متكاملة حقاً ؟
كما ذكرنا مميزات خدمة Stadia في الأعلى فسنذكر البعض الآخر أيضاً وهو أنك لن تحتاج إلى قرص لتشغيل الألعاب بل لن تحتاج لانتظار ساعات التحميل التي تسلب الكثير من وقتك الثمين بجانب توفير نفقات قطع الهاردوير إذا كنا سنتكلم عن الPC بجانب البساطة في التشغيل
ولكن …
لكي تعبر الخدمة السحابية إلى منطقة الأمان سيتوجب عليها حل مشكلة سرعة الانترنت ، حيث لا تحظى كل دول العالم بنفس السرعة بالتأكيد بجانب أن الانترنت ليس بالمنصة التي يعتمد عليها لتفاوت سرعاته كثيراً أي أنه نظرياً لا يوجد ما يسمى بالانترنت الثابت أو الStable فستحتاج جوجل إلى حل هذه المشكلة أيضاً ، ولم تنتهي مشاكلنا بعد فمعظم البشر يحظون بسعة للانترنت المنزلي فكيف ستتأثر السعة أمام عملية Rendering لحظية !!! كما نتكلم عن دقة لعب تصل إلى 4k و 8k !!
هنالك مشكلتان آخران وهما : Delay والمقصود هنا هو سرعة استجابة اللعبة لأوامرك فكما ذكرنا تتم العملية من خلال نقل معلومات بسرعة شديدة ويجب أن تظل كذلك وإلا سيلاحظ اللاعب تأخر اللعبة في التفاعل معه تلقائياً أي سرعة تحصيل و معالجة المعلومة أصبحت أبطأ لينتهي بك المطاف أمام Lag و Freezing من عيار ثقيل ،ففي النهاية هذه السرعة ستعتمد على كفاءة الانترنت لديك كما قلنا!
مشكلة أخيرة قد تواجه الألعاب وهي : Historical Preservation بمعنى الحفاظ على الإرث بمعنى ؟؟ دعني أشرح لك ، عندما تلعب لعبة ما من خلال قرص أو تحميل Digital فإنك تحصل على نسخة فعلية للعبة تمتلكها أنت ،لكن الأمر مختلف مع stadia عزيزي القاريء فسيكون الأمر أشبه بتأجير ساعة لعب او اثنتان مثلما كنت تفعل وأنت صغير لأنك لن تملك نسخة فعلية من اللعبة ، أنت تلعب على خدمة وهمية مفعلة من خوادم جوجل ، ماذا سيحدث إذا لسبب ما انقطع اتصالك بالانترنت أو توقفت خوادم جوجل عن العمل وهو شيء محتمل جداً ، في تلك الحالة ستصبح بلا لعبة نهائياً بجانب أن وجود Data للعبة شيء مهم للغاية حيث سنتمكن من توريث هذه ال Data للأجيال القادمة ليستطيعوا لعب ألعاب الماضي مثلما كنا نفعل في صغرنا ولكن هذه الإمكانية لن تكون متوفرة في Stadia ، في حوار مع Phil Harrison رئيس Stadia ، تم سؤاله عن كل هذه الأسئلة ولم يرد إلا بأن جوجل لديها خطة محكمة ولن تكون هذه النقاط حواجز صعبة للشركة وستسطيع التعامل معها بسهولة فلا يمكننا الانتظار لنرى ..
إذا هل تتجه الالعاب صوب الخدمات السحابية وتستغنى عن الPC ؟
كل هذه العيوب ومع ذلك ستكون نهاية الهاردوير فعلياً إن نجحت جوجل بالتغلب على هذه المشكلات و بالتأكيد ستلعب جوجل على العامل المادي للاشتراك في الخدمة بجانب البساطة في التعامل والمميزات القوية التي سيحظى بها Stadia ليستقطب عدد كبير من اللاعبين حيث هناك دراسة تقول بأن هناك 20 مليون لاعب سيتجه للخدمات السحابية و المنصات المنزلية بدلاً من ال PC قريبا جداً ويرجع ذلك لضعف المساندة من الاستوديوهات الكبيرة للمنصة مع غياب حصريات وهو ما يثير الأعصاب فعلاً إذا كنت قد دفعت مبلغاً كبيراً في قطع الكمبيوتر دون الاستفادة بها ،ولكن حتى الآن يظل الPc هو أقوى المنصات الموجودة للحصول على جودة خيالية ، فهل أصبحت أيامه معدودة وهل ستتركه الألعاب للذهاب الى المنصات السحابية القادمة بقوة ؟
ماذا عن المنصات المنزلية ؟ هل ستسلم من الخطر؟
هل تتذكرون عندما قلت أن الأوضاع مختلفة بالنسبة ل Sony و Xbox ؟؟ حان الوقت لمعرفة السبب .. في البداية يجب أن تعلم عزيزي القاريء أن هذه الأنواع من الشركات تعرف كيف تصل إلى ربحها بصورة ممتازة وبشتى الطرق ، ما سيعطي Stadia العلامة النهائية من الصفر هو ال Game Acquisition بمعنى تملك الألعاب ، لقد تركت جوجل مجالها بمشروع Stadia وشرعت في الدخول إلى عالم لا تعلم عنه إلا القليل ، لماذا يتفوق Sony على Xbox في الفترة الأخيرة ؟؟ الغالبية ستقول بسبب الحصريات !! وهي بالضبط ما أعنيه بال Gaming Acquisition
وجود منصة قوية بهاردوير قوي و امتيازات ضخمة و أسعار خيالية لن يعطيك الأسبقية التنافسية وإلا لكان الPC و Xbox من أنجح منصات العالم الآن ، العامل الرئيسي هو الألعاب التي ستتوافر على منصتك فإن كنت مستهلك فلن تقوم بشراء منصة قوية لا تدعم ألعاب قوية ، لا يجب نسيان المغزى من الأمر وهو أنك تريد ألعاب قوية على منصتك فقط ..وهو الأمر الذي تفشل فيه Google وتنجح فيه Sony و Xbox بامتياز ، فستكون نهاية Stadia فعلاً إن قامت Sony و Xbox باستقطاب الاستوديوهات لصالحها كما تفعل في العادة بل بإمكانها الترويج لمنصتها السحابية أيضاً X Cloud والبيع بسعر أعلى من جوجل وسيضطر اللاعبون إلى الشراء للحصول على الألعاب الجيدة ، فلم يكن تعاون Sony و Xbox هباء عزيزي القارئ ، لقد تعاونوا معاً لهذا السبب
وكي تقلب جوجل الأمور لصالحها ، كل ما عليها فعله هو أن تحاول أن تضمن عدد لا بأس به من الاستديوهات في البداية لكي تستطيع التنافس مع ملوك المنصات والحقيقة أن Sony و Xbox قد خططا بامتياز لهذا السيناريو ولذلك هم الناجون من طوفان Stadia …
في النهاية الأمر عائد إلى التجربة ونجاح Stadia من عدمه فإن نجح فسيشجع ذلك العديد من الشركات لتبدأ بتطوير خدماتها السحابية وإن لم تنجح فسترجع الأمور إلى طبيعتها ، شاركنا عزيزي القارئ هل تتوقع نجاح Stadia ؟ وما هو مصير الPC وشركات الهاردوير ؟؟ هل ستتجه الألعاب فعلا اتجاه التقدم التكنولوجي وتؤكد عليه أم أنها ستلعب لعبة الحظ مع ابتكارات جديدة مثل الخدمات السحابية ؟؟ و أخيرا أين ترى مستقبل الألعاب بعد الآن ؟؟
?xml>