أعلنت شركة مايكروسوفت عن جولة جديدة من عمليات تسريح الموظفين، تشمل ما يصل إلى 9,100 موظف، وهو ما يعادل نحو 4% من إجمالي القوى العاملة لديها. وتمثل هذه الخطوة استمرارًا لسلسلة من التخفيضات التي أجرتها الشركة خلال الأشهر الماضية، ضمن خطة لإعادة الهيكلة وتركيز الجهود على قطاعات تعتبرها استراتيجية للنمو المستقبلي.

ووفقًا لتقارير صحيفة، فإن قطاع الألعاب في مايكروسوفت، المعروف باسم Microsoft Gaming، يشهد النصيب الأكبر من هذه التسريحات، رغم عدم الإعلان الرسمي عن تفاصيل دقيقة حول الأقسام أو الأعداد المتضررة في كل وحدة.

Xbox وKing في واجهة العاصفة

أوضح فيل سبنسر، رئيس قطاع Xbox، في مذكرة داخلية وجهها للموظفين، أن هذه القرارات تهدف إلى تمكين قطاع الألعاب من تحقيق نجاح طويل الأمد، من خلال تقليص الأعمال في بعض المجالات، وإزالة طبقات إدارية معينة بهدف تعزيز الكفاءة والمرونة.

وأكدت تقارير من وكالة بلومبيرغ أن قسم King (المطور الشهير للعبة Candy Crush) والذي أصبح مملوكًا لمايكروسوفت، سيستغني عن 10% من موظفيه، أي حوالي 200 شخص. كما شملت التخفيضات وحدات أخرى تابعة لمايكروسوفت في أوروبا، مثل استوديو Zenimax.

وأشارت مصادر إلى أن استوديو Rare البريطاني، المعروف بعدة عناوين تاريخية، تأثر أيضًا بهذه الموجة، وتم إلغاء تطوير لعبة Everwild التي كان قد تم الإعلان عنها منذ عام 2019، بعد سنوات من التطوير غير المثمر.

سلسلة مستمرة من التسريحات منذ بداية 2024

تمثل هذه الموجة الأحدث من بين عدة جولات سابقة بدأت منذ يناير 2024، حين قامت مايكروسوفت بتسريح 1,900 موظف من فرق Activision Blizzard وXbox. وتبع ذلك إغلاق عدد من استوديوهات الألعاب في مايو، ثم فقدان 1,000 وظيفة من فرق HoloLens والحوسبة السحابية Azure في يونيو، بالإضافة إلى 650 موظفًا آخرين من Xbox في سبتمبر، وذلك ضمن عملية إعادة هيكلة أعقبت استحواذ مايكروسوفت على Activision Blizzard.

كما أعلنت الشركة في مايو الماضي عن تسريح أكثر من 6,000 موظف، ثم قلصت 305 وظائف إضافية في أوائل يونيو، مما زاد من الإحباط بين الموظفين، وخاصة مع ما وصفه البعض بجولات فصل تعتمد على الأداء، وهو ما أثر على المعنويات الداخلية بشكل كبير.

رسالة داخلية من فيل سبنسر

بعث فيل سبنسر برسالة إلى موظفي Xbox، عبر فيها عن أسفه العميق لهذه القرارات، مؤكدًا أن النجاح المستقبلي يتطلب اختيارات صعبة اليوم. وقال إن هذه الخطوات ضرورية للتركيز على الفرص ذات العائد الأكبر، وحماية المشاريع الناجحة وتعزيزها.

وأشار سبنسر إلى أن الشركة تمر الآن بفترة من النجاح غير المسبوق من حيث عدد اللاعبين، وساعات اللعب، وتنوع الألعاب والمشاريع. ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا الزخم يتطلب إعادة توجيه الجهود، والتخلي عن بعض المبادرات الأقل جدوى.

وأكد أن الموظفين المتأثرين بالتسريحات ليسوا سببًا في القرارات، بل على العكس، فإن إنجازاتهم وتفانيهم كان لهما دور كبير في الوصول إلى ما تحقق اليوم. وتعهد بأن يتم التعامل مع الموظفين المسرحين بكل احترام وتقدير، مع توفير باقة من الدعم تشمل تعويضات مالية، وتأمينًا صحيًا، وموارد لمساعدتهم في العثور على وظائف جديدة.

مستقبل غامض لألعاب مايكروسوفت

تثير هذه التسريحات قلقًا واسعًا داخل مجتمع الألعاب، خصوصًا مع إلغاء مشاريع واعدة وتأثر استوديوهات ذات سمعة طويلة مثل Rare. كما تضع هذه القرارات تساؤلات حول أولويات مايكروسوفت في قطاع الألعاب، وما إذا كانت ستواصل التركيز على التطوير الإبداعي، أم ستتحول إلى استراتيجية أكثر تحفظًا قائمة على تقليل المخاطر وزيادة العوائد.

في المقابل، ترى الشركة أن هذه التغييرات جزء من استراتيجية بعيدة المدى، تهدف إلى تعزيز موقعها في سوق الألعاب العالمي، لا سيما في ظل منافسة شرسة من شركات مثل سوني ونينتندو.

تسلط جولة التسريحات الأخيرة الضوء على التحديات التي تواجهها شركات التكنولوجيا الكبرى، حتى في أوقات النجاح الظاهري. فمع تزايد الضغط لتحقيق الأرباح، تضطر هذه الشركات إلى اتخاذ قرارات صعبة قد تعني التخلي عن مواهب بارزة ومشاريع طموحة. ومايكروسوفت، رغم نجاحاتها الحالية، ليست استثناءً من هذه القاعدة.

ستكشف الأسابيع القادمة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية الجديدة ستثمر عن تعزيز في الأداء والتركيز، أم أنها ستترك آثارًا طويلة الأمد على ثقافة الشركة وسمعتها بين المطورين واللاعبين على حد سواء.