تواجه شركة جوجل انتقادات متزايدة بعد أن أطلقت تحديثًا جديدًا لنظام أندرويد يقيد بشكل مباشر أداء بطارية هاتف Pixel 6a، وهو ثاني قرار من هذا النوع خلال عام واحد. ورغم تبرير الشركة أن الإجراء يأتي لحماية المستخدمين من مخاطر البطاريات القديمة، إلا أن الأسلوب الذي اتبعته جوجل أثار موجة من الغضب والخيبة، لا سيما من المستخدمين الذين يثقون في الخدمات المقدمة من الشركة.

البطارية: نقطة ضعف قاتلة في سلسلة Pixel

تشتهر هواتف Pixel بكاميراتها الممتازة وتجربة أندرويد الخام والدعم البرمجي الطويل. لكن في المقابل، أصبحت مشاكل البطارية أحد أبرز النقاط السوداء التي تهدد سمعة هذه الهواتف. فبعد ما قامت جوجل بتقييد بطارية Pixel 4a في وقت سابق من هذا العام، ها هي تعود من جديد مع هاتف Pixel 6a، عبر تحديث يوليو الذي يتضمن ما تسميه الشركة: ميزات إدارة البطارية.

بموجب هذا التحديث، يتم تقليص سرعة الشحن وسعة البطارية القصوى بشكل إجباري بعد وصول الهاتف إلى 400 دورة شحن. هذا التغيير لا يمكن التراجع عنه، ما يترك المستخدمين أمام خيارات محدودة: القبول بالأداء المنخفض أو الدخول في إجراءات معقدة للحصول على تعويض.

لماذا تتدهور بطاريات الليثيوم بهذه السرعة؟

تعمل معظم الهواتف الحديثة ببطاريات ليثيوم أيون، وهي توفر كثافة طاقة عالية وكفاءة ممتازة، لكن مع مرور الوقت، تبدأ هذه البطاريات بفقدان قدرتها تدريجيًا. وتزداد احتمالية الخلل عندما تتعرض البطارية لحرارة زائدة، أو يتم شحنها بشكل متكرر وسريع. من أبرز المشاكل التي يمكن أن تظهر: انتفاخ البطارية، تسرب الغازات القابلة للاشتعال، أو تكون تفرعات ليثيوم داخلية قد تؤدي إلى تماس كهربائي.

في حالات نادرة، قد يصل الوضع إلى الهروب الحراري، وهي حالة خطيرة تنفجر فيها البطارية تلقائيًا بفعل ارتفاع حرارتها الداخلي. وقد حدثت مثل هذه الحالات مع هواتف Pixel 6a، ما دفع جوجل للتدخل بتحديث إجباري يُقيد سعة البطارية.

أخطاء الماضي تتكرر مع كل جيل

ما يُثير القلق أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها جوجل مشاكل تتعلق بجودة بطارياتها. سابقًا، قامت الشركة بتخفيض أداء بطارية Pixel 4a المصنعة من طرف شركة Lishen، بينما تجنبت التأثير على البطاريات الأخرى من نفس الطراز. أما مع Pixel 6a، فالأمر أكثر شمولية، ويعتمد على عدد دورات الشحن، ما يعني أن جميع الأجهزة تقريبًا ستكون معرضة لتقليل الأداء عاجلًا أو آجلًا.

استبدل بعض المستخدمين هاتف Pixel 4a بـ Pixel 6a، ليجدوا أنفسهم اليوم في نفس المأزق، ما يزيد من حالة الإحباط وفقدان الثقة في العلامة التجارية.

تعويضات محدودة ومعقدة

رغم أن جوجل حاولت امتصاص الغضب من خلال برنامج تعويض، إلا أن التفاصيل كشفت عن عقبات كثيرة. فقد عرضت الشركة استبدال البطارية مجانًا أو دفع 100 دولار نقدًا، أو تقديم رصيد بقيمة 150 دولارًا في متجر جوجل. إلا أن هذه التعويضات محاطة بشروط معقدة، مثل أن يكون الهاتف في حالة ممتازة من دون أي خدوش أو كسر زجاجي. كما أن رصيد المتجر لا يمكن استخدامه مع العروض أو الخصومات الأخرى، ما يجعله أقل جاذبية.
اختارت جوجل مثل باقي المصنعين منذ سنوات تصميم هواتفها ببطاريات غير قابلة للإزالة، بحجة تقليل سُمك الجهاز وزيادة مقاومة الماء. لكن هذا التوجه يجعل إصلاح الهاتف أمرًا صعبًا، ويزيد من احتمالية التخلص من الجهاز بالكامل بمجرد ظهور مشكلة في البطارية.

يتناقض ذلك تمامًا مع ما تدعيه الشركة بشأن الاستدامة، حيث تزعم أنها تستخدم مواد معاد تدويرها وتهدف إلى إنتاج أجهزة تدوم طويلًا. لكن الواقع يقول العكس، فعندما تضطر الشركة إلى إضعاف هواتفها بعد عامين أو ثلاثة، فإن ذلك يؤدي إلى إهدار إلكتروني متسارع، يُلقي بأعبائه على البيئة والمستهلك في آن واحد.

إلى أين تتجه هواتف Pixel؟

من الملاحظ أن مشاكل البطارية تتركز في هواتف الفئة المتوسطة من جوجل. بينما لم تُسجَّل حتى الآن حالات مماثلة في الطرازات الأعلى مثل Pixel 6 Pro أو Pixel 7 Pro. هل يعني ذلك أن جوجل تستخدم بطاريات أقل جودة في هواتفها الأرخص ثمنًا؟ وإذا استمرت على هذا النهج، هل يجب أن نتوقع تكرار المشكلة في Pixel 7a أو Pixel 8a مستقبلًا؟

حتى لو كان تقييد الأداء هو الحل الوحيد الممكن تقنيًا، فإن طريقة التنفيذ والتعويض يجب أن تكون أكثر شفافية وإنصافًا، خاصة في ظل تكرار هذه المشكلة على مدى أجيال متعاقبة.