بدأت تيك توك تنفيذ خطوة تنظيمية جديدة تمثلت في دمج فريق المنتج الأساسي مع فريق الثقة والأمان ضمن كيان موحد. جاء هذا القرار في وقت حساس تعيش فيه المنصة حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلها داخل الولايات المتحدة، وسط تهديدات مستمرة بالحظر وتوترات تنظيمية متصاعدة.

وقد أوضح المدير التنفيذي للشركة شوا زي تشيو، في مذكرة داخلية أرسلها إلى الموظفين، أن هذه الخطوة تهدف إلى تسريع تطوير تقنيات الأمان، وتعزيز كفاءة العمل من خلال توحيد الجهود التقنية لتحقيق أهداف العمل والسلامة معًا.

تعزيز الكفاءة عبر الدمج

أشار المدير التنفيذي إلى أن دمج الفريقين سيسمح للشركة بالاستفادة بشكل أفضل من قدراتها التقنية عبر مختلف الأهداف، سواء كانت تجارية أو أمنية.

وتسعى تيك توك من خلال هذا الهيكل الجديد إلى التحرك بسرعة أكبر لتطوير الجيل القادم من تقنيات الأمان، في وقت باتت فيه قضايا سلامة المستخدمين وجودة المحتوى على رأس أولوياتها، خاصة مع ازدياد التدقيق من قبل الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة.

تغييرات قيادية لدعم المرحلة القادمة

تزامن هذا التغيير التنظيمي مع تعديلات في المناصب القيادية داخل الشركة. إذ تولى آدم بريسير، الذي كان يشغل منصب رئيس العمليات والثقة والأمان في تيك توك، مهمة جديدة كمدير عام لكيان TikTok USDS، وهو الكيان المنفصل الذي أُنشئ لحماية المصالح الأمنية الوطنية الأميركية المتعلقة بتطبيق تيك توك.

يمثل هذا الكيان محاولة من الشركة للفصل بين العمليات داخل الولايات المتحدة والخوادم العالمية، في سياق السعي إلى التوافق مع المطالب الحكومية الأميركية.

أما آندي بونيلو، المدير العام السابق لـ TikTok USDS والذي قاد تأسيس هذا الكيان ونموه خلال الفترة الماضية، فسيتحول إلى دور استشاري جديد كمستشار أول يقدم تقاريره مباشرة إلى بريسير. وفي الوقت ذاته، تم تعيين ساندِيب غروفر كرئيس جديد لقسم الثقة والأمان العالمي، بينما تولت جيني زي قيادة وحدة تيك توك لايف، وهي الوحدة المسؤولة عن خدمات البث المباشر في المنصة.

منصة موحدة بمسؤوليات أوسع

تسعى تيك توك من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق تنسيق أفضل بين فرق العمل التي كانت تعمل في السابق بشكل منفصل. أشار تشيو إلى أن فريق الثقة والأمان الخاص بالمنتج سيصبح الآن جزءًا من فريق المنتج العام، ما يتيح له التفاعل المباشر مع فرق التطوير والابتكار.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الشركة عن تأسيس فريق جديد تحت اسم فريق مسؤولية المنصة، سيقوده آدم وانغ ويقدم تقاريره إلى فيونا تشي، حيث سيتولى هذا الفريق مسؤولية الإشراف على الالتزام بالقواعد الأخلاقية والضوابط التنظيمية عبر المنصة.

تهديد الإغلاق لا يزال قائمًا

يأتي هذا التغيير في وقت حرج، إذ مدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للمرة الثالثة مهلة إغلاق تيك توك داخل الولايات المتحدة، على أن تنتهي المهلة الحالية في 17 سبتمبر المقبل. وفي الوقت ذاته، صرح وزير التجارة الأميركي هوارد لَتنِك بأن التطبيق سيتعرض للحظر الكامل في حال لم توافق الحكومة الصينية على صفقة بيع المنصة، مشددًا على أن الولايات المتحدة تطالب أيضًا بالسيطرة الكاملة على خوارزمية تيك توك كجزء من أي صفقة محتملة.

تُعد هذه المطالب جزءًا من توتر أكبر بين واشنطن وبكين، في ظل حرب تجارية متواصلة بين الطرفين. ومن غير المستبعد أن تكون هذه التحركات الداخلية في تيك توك محاولة لتعزيز موقف الشركة في أي مفاوضات مستقبلية تتعلق بوضعها داخل السوق الأميركية.

رؤية استراتيجية لمستقبل أكثر أمانًا

تهدف إعادة الهيكلة الجديدة إلى بناء منصة أكثر تكاملًا وأمانًا، من خلال كيان موحد يجمع بين تطوير المنتجات وحماية المستخدمين. إذ تعتمد تيك توك بشكل متزايد على فرق تقنية قادرة على تصميم أدوات ذكاء اصطناعي تتيح الكشف المبكر عن المحتوى الضار، وتحليل السلوكيات، وتوفير تجربة آمنة لملايين المستخدمين حول العالم.

عبر هذه الخطوات، تسعى تيك توك إلى تقليل الفجوة بين فرق العمل وتعزيز التنسيق بين الابتكار والمسؤولية. ومن المتوقع أن تثمر هذه التغييرات في تطوير حلول أمان أكثر فعالية وتقديم تجارب استخدام تتماشى مع تطلعات المستخدمين والهيئات الرقابية على حد سواء.

تجد تيك توك نفسها اليوم في مفترق طرق حساس، فهي مطالبة بالحفاظ على ريادتها في سوق تنافسي من جهة، وبالاستجابة للمطالب التنظيمية المتزايدة من جهة أخرى. ويبدو أن دمج الفرق وتعيين قيادات جديدة يشكل جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إظهار التزام الشركة بالشفافية والأمان.

في ظل هذا الواقع المتقلب، تسير تيك توك على خيط رفيع بين البقاء في السوق الأميركية وتحقيق النمو العالمي، بينما تواصل تطوير بنيتها التنظيمية والتقنية لمواكبة التحديات المقبلة.