هل تقوم عادة بالتركيز على الجزء العلوي للشاشة عندما يقوم أحد أصدقائك بإرسال "سكرين شوت" ما؟ هل تلاحظ أن معظم لقطات الشاشة المرسلة لك من أصدقائك باختلاف أعمارهم يكون الهاتف على الوضع الصامت؟

يقول الخبراء إن نغمات الرنين هي الآن حكرًا على كبار السن ومتوسطي العمر، إضافة إلى ذلك سوف يصبح رنين الهواتف المحمولة في الأماكن العامة خطأً اجتماعيًا لا يغتفر، كما يحدث منذ مدّة داخل المجتمع الياباني.

كما لاحظ الخبراء تراجع في تنزيلات التطبيقات لنغمات الرنين في المملكة المتحدة بنحو الربع في السنوات الأخيرة، وأرجع العلماء هذه الظاهرة إلى تفضيل الشباب جعل هواتفهم على الوضع الصامت.

الجيل الصامت!

اختفاء نغمات رنين الهاتف

يأتي ذلك بعد استطلاعات الرأي التي أجرتها منظمة Ofcom التي أطلق عليها اسم "Generation Mute" من عمر 16 إلى 24 عامًا، حيث قال أكثر من ضعف عددهم إنهم يفضلون المراسلة الفورية على المكالمات الهاتفية.

يرى المحللون في The Telegraph أن السبب وراء الهواتف الصامتة للشباب سببها أنهم دائمًا ما يكونوا ملتصقين بشاشات هواتفهم، لذا فهم ليسوا بحاجة إلى نغمات الرنين لمعرفة متى يتصل بهم شخص ما، فضلاً على ذلك لاحظوا أن المراهقين يفضلون التواصل بصمت وتكتم بواسطة الرسائل لتجنب تنصت الآباء والآخرين على محادثاتهم.

بالعودة إلى فترات ازدهار نغمات الرنين للهواتف في أواخر التسعينيات وأوائل بدايات القرن العشرين، كانت النغمات هي وسيلة لإضفاء الطابع الشخصي على الهاتف، وإبراز بعض الجوانب الشخصية للمستخدمين،  في عام 2004 حققت نغمة Crazy Frog، التي صنعها المنتج السويدي Jamba أربعين مليون جنيه إسترليني بعد أن أصبحت ناجحة ومشهورة من قبل المستخدمين الشباب.

وكانت نغمات الرنين الصاخبة في الأماكن العامة هي سمة منتشرة في كل مكان في تلك الحقبة لدرجة أنها اشتهرت بسخرية على القناة الرابعة الكوميدية Trigger Happy TV حيث كان الممثل الكوميدي دوم جولي يحمل هاتفًا محمولًا ضخمًا من شأنه أن ينفجر نغمة رنين Nokia الشهيرة "Gran Vals" في المكتبات و دور السينما.

وعلى الرغم من كل ذلك إلى أن رغبة الجمهور تضاءلت ناحية النغمات بشكل مطرد حيث طورت الهواتف الذكية طرقًا جديدة متعددة للتواصل بخلاف المكالمات الصوتية التقليدية، وهو ما أكدته بيانات محللي الهواتف المحمولة  Sensor Tower أن تثبيت التطبيقات المتعلقة بنغمات الرنين قد انخفض في المملكة المتحدة بنسبة 20 في المائة بين عامي 2016 و 2020  من 4.6 مليون إلى 3.7 مليون.

قالت جيني إرين مديرة الأبحاث المساعدة في شركة التحليلات Childwise: "إن جزءًا من السبب هو أن الجيل الحالي من الشباب قد اعتاد على استخدام هواتفهم بطريقة خفية لتجنب اكتشافهم في المدرسة، يأخذ الكثير منهم هواتفهم المحمولة إلى المدرسة عندما لا يكون من المفترض تقنيًا الحصول عليها ويصبح هذا السلوك عادة عندما يكبرون، تظل الخصوصية عاملاً مهمًا بالنسبة لهم، فمن الأسهل مراسلة شخص ما بشكل خفي من التحدث إليه عبر الهاتف وخاصة في المنزل".

هناك اتجاه آخر يعجل زوال نغمة الرنين وهو الشعبية المتزايدة للتكنولوجيا القابلة للارتداء، أظهر بحث Childwise أن أعدادًا متزايدة من الشباب، وخاصة الفتيات يرتدون الآن أجهزة لياقة بدنية مثل ساعات Apple أو Fitbits، تتيح هذه الأجهزة للمستخدمين إبقاء هواتفهم في الوضع الصامت لأن هذه الأجهزة سوف تنبههم عند ورود رسالة أو مكالمة.

ذلك ما جعل إرنست دوكو خبير الاتصالات يؤكد على أن هذه الظاهرة تعني أن المملكة المتحدة تتجه في نفس اتجاه اليابان بل أنهم متأخرون بحوالي خمس أو عشر سنوات، حيث يُعد إصدار نغمة رنين عالية في الأماكن العامة أمرًا مستهجنًا واعتباره سلوكًا اجتماعيًا سيئًا، لأن جعل الهاتف على الوضع الصامت أمر متوقع الحدوث في هذه المجتمعات.

اختفاء المحافظ أيضًا!

NFC Mobile Payment

ولم تكن وحدها نغمات الرنين إلى زوال، بل تبعتها المحافظ والكاش بشكل عام، حيث انخفضت المدفوعات النقدية بنسبة 35 ٪ عام 2020 داخل المملكة المتحدة وخمس مدفوعات من أصل ست مدفوعات الآن غير نقدية.

في عام 2019 توقعت دراسة إلى أنه سيكون الدفع بشكل نقدي مرة كل 10 مدفوعات في المملكة المتحدة في غضون عقد من الزمن، ربما ساعدت جائحة كورونا في ذلك، حيث ضاعفت شكوكنا حول الأوراق النقدية، التي أصبت حكرًا على تجار المخدرات والمتهربين من الضرائب، بالإضافة إلى تحذيرات فقدت مصداقيتها منذ ذلك الحين من مخاطر العدوى ونصائح حكومية لتجار التجزئة لصالح المدفوعات دون تلامس.

 نظرًا لسهولة الدفع عبر الهاتف المحمول وانتشاره في كل مكان، فلماذا تبحث عن ماكينة صراف آلي متسخة، ويصعب الووصل إليها، أو الإنتظار حولها، لماذا تفعل كل ذلك عندما يكون لديك ما تحتاجه على هاتفك؟

على الجانب الأخر هناك رأي أخر يحذر من هذه الخطوة، بداية من إخفاء الهوية نقدًا التي من الممكن أن يتم استغلاله من قبل المجرمين، ولكن هل تريد حقًا أن يظهر كل شيء تفعله في حسابك المصرفي؟ الأمر لا يتعلق فقط بإخفاء مشترياتك المحرجة بين الأصدقاء، ماذا عن ضحايا العنف المنزلي ألا تشكل لهم الأموال طوق نجاة للفرار مما هم فيه، وكأننا نزيد من قيودهم قيد مادي لن يجرؤوا على الفرار أبدًا إلا بمساعدة معنفهم!

لست بحاجة إلى أن تكون خبير نقود حتى تشعر بالجاذبية الجمالية للنقود الحقيقية، وخاصة العملات الورقية والعملات المعدنية الأجنبية، وماله من تأثير عاطفي يدغدغ المشاعر ويثير الذكريات، أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعائلة هدايا الأجداد والوالدين!

هل تعتقد أن المجتمع المصري مستعد للنقلة الرقمية التي تحاول الحكومة المصرية القيام بها، ولا سيما بعد نجاح شركة حالًا المصرية للمحافظ الإلكترونية؟