
نظرة تقنية على Half-Life 2 RTX: حينما يلتقي الحنين بالتكنولوجيا
على الرغم من أنني في الحقيقة من جيل التسعينيات، فإنني -للأسف- لم أحظ بفرصة تجربة لعبة Half-Life 2 أو سلسلة Half-Life كلها عند إطلاقها لأول مرّة في بدايات الألفية الحالية. بالطبع، قد يبدو الأمر غريبًا كوني أحد عُشّاق أجهزة الكمبيوتر منذ نعومة أظافري، لكنّني وفقط فوّتت هذه المُتعة في ذلك الوقت، أو لعلّي لم أُفوّتها تمامًا! فإذا كُنت مثلي ولم تحظ بتجربة هذا العنوان الرائع من Valve عند صدوره لأول مرة عام 2004، ستتمكّن الآن من تجربته. ليس هذا فحسب، بل ستتمكّن من فعل ذلك برسوميات وإضاءات مُعاصرة مع نُسخة لعبة Half-Life 2 RTX المُحسّنة كُلّيًا.
مدينة 17 تعود إلينا بحُلّة جديدة!
عندما أصدرت Valve لعبة Half-Life 2 لأول مرة عام 2004، كانت تجربة ثورية بكل المقاييس، سواء كان ذلك على صعيد تصميم اللعبة الفريد، أو قصتها العميقة وعالمها الفيزيائي التفاعلي. وبالرغم من أنني لم أكن من سعيدي الحظ الذين جرّبوا اللعبة آنذاك، فإن الكثير من أصدقائي خاضوا مغامرات جوردون فريمان آنذاك، وكُنت أرى عليهم علامات الانبهار غير المسبوق بفضل ما قدّمته اللعبة في ذلك الوقت على صعيد الرسوميات.
فبفضل الإضاءة الديناميكية، وفيزيائية اللعبة المُتقدمة، والتفاصيل البيئية الدقيقة التي كانت تعتبر قمة التطور التقني حينها، قدّمت لعبة Half-Life 2 في ذلك الوقت تجربة لا تُنسى في عالم الألعاب. تجربة جعلتها واحدة من أشهر العناوين التي خلّدتها صناعة الألعاب، وجعلتها تحصل على العلامة الكاملة في تقييمات المُراجعين.
اليوم، وبعد ما يقرب من عقدين من الزمان، تعود Half-Life 2 مرّة أُخرى لتُثير ذكريات الزمن الجميل والجيل الذهبي. ولكن بحُلّة جديدة كُليًّا، تجعلها تبدو كلعبة عصرية للغاية، بفضل تقنيات NVIDIA RTX، وبالأخص تقنيات تتبع الأشعة (Ray Tracing) التي أعادت تعريف الإضاءة في اللعبة.
ما هي منصة تقنيات NVIDIA RTX؟
إذا كُنت مُتأخّرًا عن الحفلة، فلابد أنك قد لا تدري بعد ما هي منصة RTX Remix، لكن لا مُشكلة، دعني أوضّح لك. منصة NVIDIA RTX Remix هي منصة تعديل لأجهزة الكمبيوتر المزودة بمعالجات الذكاء الاصطناعي RTX، تعمل على تحسين الرسوميات الخاصة بالألعاب لمواكبة التطوّر.
تسمح هذه التقنية بإعادة تصميم رسوميات الألعاب الكلاسيكية بتقنية تتبع الأشعة المتطورة، ما يُتيح لعشاق الألعاب القدامى عيش مغامراتهم المفضلة بتفاصيل مذهلة، بجانب تعريف الجيل الجديد من اللاعبين بالألعاب التي شكلت تلك الحقبةً من الزمن.
أطلقت NVIDIA تقنية NVIDIA RTX Remix في نسختها التجريبية العام الماضي. مانحين بذلك مجتمع التعديل أداةً رائدةً لتحديث الألعاب الكلاسيكية، وتحسين صورها مع الحفاظ على جوهر أسلوب اللعب الذي يميزها دون تغيير. ومنذ إصدار RTX Remix الأولي، جرّب أكثر من 30,000 معدّل مئات الألعاب الكلاسيكية وعدّلوا عليها، ولعب أكثر من مليون لاعب تعديلات RTX Remix.
بالأمس، أصدرت NVIDIA رسميًا أداة RTX Remix، لتخرج من الإصدار التجريبي إلى حُلّتها الكاملة مع مجموعة من الإمكانات الجديدة، بما في ذلك دعم DLSS 4 مع Multi Frame Generation، وتقنيات RTX Neural Rendering المتطورة. كل هذا بالطبع مع الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والعديد من التغييرات التي طلبها المجتمع والتي ستمكن المطورين من تحسين عمليات إعادة الإتقان الخاصة بهم، وزيادة جودة الصورة، وتسريع الأداء بصورة أكبر.
أكثر من مُجرّد تحسين
واحدة من الأمور المهمّة التي توفّرها مكتبة RTX Remix هو أنها تعيد تصميم الكثير من العناصر من البداية وليس فقط "تحسينها". أمور مثل الإكساءات والنماذج والإضاءة والمؤثرات وغيرها يُمكن تحسينها وتصنيفها، وإعادة تجميعها في مشهد قابل للتعديل. بل وحتّى زيادة دقّتها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وزيادة الأداء النهائي بفضل إضافة DLSS 4.


المميز في الأمر هُنا أيضًا أن عملية التعديل ستكون سهلة على المُصمّمين والمُعدّلين بفضل الدعم الواسع لبرامج التصميم مثل Blender أو Autodesk Maya وغيرهم. في حين أن اللاعبين ليس عليهم سوى تشغيل اللعبة، والغوص في التجربة المُحسّنة، وسيقوم RTX Remix بكل شئ.
الذكاء الاصطناعي في أبهى صوره: دعم DLSS 4 مع توليد الإطارات المتعددة والتظليل العصبي
أطلقت NVIDIA جيلها الجديد من كروت الشاشة بمعمارية Blackwell، التي سمحت للكروت بتبنّي تقنيات العرض العصبي والتظليل العصبي، وذلك لتحسين الإضاءة والأداء. بجانب دعم تقنية تحسين الصورة بالذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد DLSS 4، التي تسمح بأداء أفضل لتتبّع الأشعّة، مع دعم تقنية إنشاء الإطارات المُتعدّدة التي تسمح بمُضاعفة الأداء إلى حوالي 10 أضعاف! الأمر الذي جعل كارت RTX 5090 يعرض اللعبة بعدد 265 إطارًا في الثانية الواحدة مع أعلى الإعدادات الرسومية ودقّة عرض 4K.
جدير بالذكر أيضًا أن الأجيال الماضية ستستفيد هي الأُخرى من الجيل الجديد من DLSS، وإن كانت لن تدعم توليد الإطارات المُتعدّد MFG. لكنها في المُقابل ستوفّر جودة رسومية أفضل، واستهلاك ذاكرة أقل، مع مستويات أداء مُحسّنة مع جيل RTX 40، والأجيال الماضية.
الإضاءة والتظليل: نقلة نوعية بفضل تتبع الأشعة
إذا كُنت واحدًا من هؤلاء الذين تمتّعوا بتجربة Half-Life في بدايات الألفية الجديدة، فلابد أنك لاحظت أن اللعبة كانت واحدة من العناوين القليلة التي اهتمّت كثيرًا بالتفاصيل. وهنا لا أقصد فقد التفاصيل في القصة أو طريقة اللعب، بل حتّى تفاصيل العوالم والرسوميات الموجودة حولك. مُتقنة لدرجة أنك إذا جرّبت اللعبة مرّة أُخرى حاليًا، أو حتى لأول مرّة -إذا كُنت مثلي- لن تشعر أنك أمام لعبة مر عليها عشرون عامًا.


لكن ماذا سيحدث إن كانت التجربة مُعاصرة أكثر؟ مثل استخدام تقنية تتبع الأشعة الكاملة (Full Ray Tracing) معها؟ بالتأكيد، ستكون التجربة ثورية تمامًا. حيث أصبحت الإضاءة أقرب ما تكون إلى الواقعية، وذلك بفضل تتبع كل شعاع ضوئي ديناميكيًا لتقديم ظلال وانعكاسات لم نشهدها من قبل. هذا التحديث يعني أن كل مصدر ضوء في اللعبة – سواء كان مصباحًا في زنزانة نوفا بروسبكت أو نارًا متوهجة في رافينهولم – يتفاعل مع البيئة بشكل فوري، مما يعزز إحساس الانغماس.
التحسينات الأُخرى
كل هذا مع العديد من التحسينات في مكتبة RTX Remix نفسها، التي تعد بزيادة في الأداء تصل إلى 15% تقريبًا مع الألعاب القديمة المُعاد تصميمها. ويُمكننا تلخيص التحسينات التي تمت ضمن هذه النقاط التالية:
- ذاكرة أقل مع الإكساءات: لا شك أن عملية تحميل المراحل السريعة والتنقّل السلس بين الأماكن داخل الألعاب تُعد واحدة من أهم ما يُميّز الألعاب الحديثة. لذا توفّر تقنية NVIDIA RTX IO مع نظام بث الإكساءات الجديد القدرة على الحصول على إكساءات أكثر دقّة دون التأثير بشكل كارثي على كميّة الذاكرة المُستخدمة، أو مساحة تنزيل اللعبة.
- تحسين جودة الشخصيات بفضل RTX Skin، وتحسين الأجواء والإضاءة، بل وحتى الإنعكاسات في تعديلاتهم باستخدام RTX Volumetrics.
- انعكاسات ومواد واقعية: لطالما كانت City 17 بيئة موحشة وكئيبة، ولكن مع إعادة تصميم الخامات باستخدام تقنية (Physically Based Rendering)، أصبح لكل سطح ملمس دقيق وانعكاسات تحاكي الواقع. مثل الزجاج الذي يعكس الأضواء بدقّة، وتأثيرات الزمن على المباني والأجسام.
- استخدام تقنية RTX Direct Illumination، ما أضاف ملايين الأضواء الديناميكية دون استنزاف للأداء. فالمصابيح، ألسنة اللهب، وحتى الطلقات النارية، أصبحت تُلقي بظلال أكثر واقعية، مما يضفي على اللعبة بعدًا سينمائيًا لم يكن متاحًا من قبل.
- تقنية RTX Neural Radiance Cache التي تعمل على تحسين الإضاءة غير المباشرة عن طريق الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من دقة الظلال والإضاءة المنعكسة دون التأثير على الأداء.
- لعل أحد أكثر التحسينات إثارة للإعجاب في نسخة RTX هو كيفية تفاعل الضوء مع البيئات الديناميكية مثل الضباب والدخان. في السابق، كانت تأثيرات الضباب مجرد طبقات مسطحة، أما الآن، وبفضل NVIDIA RTX Volumetrics، أصبح بإمكانك رؤية أشعة الضوء تخترق الضباب بدقة عالية، مما يعزز الإحساس بالغموض والرعب في أماكن مثل رافينهولم.
زمن الاستجابة لم يكن أفضل مع NVIDIA Reflex
في ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول مثل Half-Life 2، تُعد ردود الفعل السريعة ذات أهميّة خاصّة، حيث تُمثّل الفارق اللحظي بين الاحتراف والموت. لذا تصبح تقنيات مثل NVIDIA Reflex عنصرًا أساسيًا في التجربة. فكما نعلم تُقلّل هذه التقنية من تأخر الاستجابة الحاصل بين عناصر الإدخال والإخراج، خاصّة مع تفعيل تقنيات إنشاء الإطارات. كما أنها ضرورية للغاية للحصول على التوازن المنشود بين الأداء العالي وسلاسة اللعب، مع الجودة الرسومية المُحسّنة.
تجربتنا للعبة Half-Life 2 RTX Remix
ماذا عن تجربتنا للعبة Half-Life 2 RTX Remix إذًأ؟ حسنًا، لا أُخفي عليكم سرًّا أن التجربة كانت مُبهرة للغاية. بدايةً من الرسوميات والإضاءة والإنعكاسات، ووصولًا لجودة التجربة والشعور الذي لم يختلف عن شعورنا مع العنوان الأصلي وقت صدوره. كل هذا مع قفزة قوية في الأداء بفضل تقنيات DLSS 4 المُحسّنة وجيل كروت RTX 50 الذي يتمتّع بالقوة الكاملة لتقنيات DLSS 4 وأعلى أداء مُمكن لهذه التجربة.
بالطبع، قد يرى البعض أن الإضاءات مُبهرة للغاية، وتُفقد اللعبة طابع الغموض لبعض المراحل. لكنها في الوقت نفسه أكثر وضوحًا لمن لا يُحب الأماكن الأكثر ظلامًا. لكن مع القدرة على اختيار الإعدادات الرسومية المرغوبة والتعديل عليها، لن يُشكّل هذا الأمر مشكلة للجميع. والآن أترككم مع صور للفوارق بين المناطق المُختلفة في اللعبة.
معشوقة الجماهير Half-Life 2 أصبحت مُتاحة الآن للتجربة على متجر Steam
إن كان هُناك ما يُمكن قوله لاستوديو Orbifold Studios الذي عمل على تحسين تجربة Half-Life 2 الكلاسيكية بشكلها الجديد، فسيكون بكل تأكيد "شكرًا جزيلًا لكم!". من دون أية تكاليف إضافية لمُلّاك النسخة الأصلية من Half-Life 2، سيتمكّن اللاعبون من تجربة واحد من أفضل عناوين الألعاب الكلاسيكية في التاريخ. والفضل يعود في ذلك بالطبع إلى تقنيات NVIDIA الثورية.
تحسنت اللعبة على جميع الأصعدة، مع إبقاء الطابع الكلاسيكي وأسلوب اللعب كما هو، وذلك للغوص في تلك التجربة المليئة بالذكريات مرّة أُخرى، دون الإحساس بأي فجوة زمنية بينها وبين عناوين الألعاب الحديثة لمن جرّب اللعبة في الماضي. أو الدخول لأول مرة لعالم Half-Life 2 المميّز، وتجربة واحدة من أفضل العناوين على الإطلاق.
الآن، يُمكنك تنزيل النسخة التجريبية الجديدة من Half-Life 2 RTX، التي تضم بعض المراحل من Ravenholm وNova Prospekt. ولا تقلق إذا كُنت لا تمتلك Half-Life 2، فهي متوفرة بخصم 80% في تخفيضات Steam الربيعية حتى 20 مارس.
تتوفّر اللعبة أيضًا مع مجموعة من الإعدادات الرسومية المُختلفة، التي يُمكنك الوصول إليها عن طريق الضغط على Alt+X داخل اللعبة لفتح قائمة إعدادات RTX Remix. هُناك يُمكنك التبديل بسرعة بين عدد من الرسومات وإعدادات DLSS المسبقة. مع العلم أن الحد الأدنى لكروت الشاشة المطلوبة للنسخة التجريبية هو GeForce RTX 3060 Ti.
?xml>