لماذا أصبح كبار المديرين التنفيذيين في شركات التقنية هنود؟
ساتيا ناديلا المدير التنفيذي لمايكروسوفت, سوندار بيتشاي المدير التنفيذي لجوجل, أرفيند كريشنا المدير التنفيذي لـ IBM, شانتانو ناريين المدير التنفيذي لأدوبي وأخيراً وليس آخراً باراج أجراوال المدير التنفيذي الجديد لتويتر, كل هؤلاء يشتركون في شيء واحد وهو أن جميعهم هنود.
بات الأمر واضحاً الآن أن الهنود يسيطرون على كبرى الوظائف في شركات التقنية الأمريكية بل أن عدد منهم أصبحوا مُديرين تنفيذيين في أكبر شركات العالم ليس فقط في مجال التقنية بل في كافة المجالات، فما السبب وراء اختيارهم؟ وما الذي يميزهم عن منافسيهم الأمريكيين؟
نشأتهم في الهند
إذا نظرنا إلى الأمثلة التي ذكرناها فسنجد شيء أساسي بينهم, جميعهم هنود مهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع بداية العقد الثالث في حايتهم بعد الانتهاء من دراستهم الجامعية. ربما حياتهم بعد الهجرة إلى الولايات المتحدة لم تكن مختلفة كثيراً عن منافسيهم ولكن نشأتهم في الهند ساهمت كثيراً فما وصلوا إليه اليوم.
إذا كنت قد ولدت في الهند فأنت تواجه بعض التحديات التي لا يمر بها نفس الطفل المولود في الولايات المتحدة. أنت تنشئ في بيئة غير عادلة يكثر فيها الفساد والفقر ومن الصعب الحصول فيها على جودة تعليم جيدة على الأقل في سنواتك الدراسية الأولى. إذا لم تكن من أسرتك من طبقة اجتماعية مرموقة فأنت غالباً تواجه مشاكل تبدو بدائية للعصر الذي نعيش فيه مثل البنية التحتية من مياه, كهرباء, طرق ومواصلات.
للاستمرار في تلك الحياة يتطلب الأمر التغلب على المشاكل التي تواجهها بكل السبل الممكنة. طريقة التفكير الإبداعية التي تنشأ في أذهان الراغبين في تغيير حياتهم هناك تدفعهم لتحقيق نجاح أكبر عندما يحصلون على الفرصة المناسبة. استسلامك للأمر الواقع أو الشكوى المستمرة في تلك الظروف لن تغير شيء من واقعك.
نشأتهم أيضاً في الهند وسط أكثر مليار إنسان يتحدثون أكثر من 22 لغة محلية مختلفة ووسط مئات الديانات والمعتقدات مكنتهم من التعامل بحكمة أكبر في مواقف عديدة وهو ما يسظهر بصورة أكبر في النقاط التالية.
التعليم هو الحل
في وسط ظروف الحياة الصعبة يصبح التعليم هو الملجأ الوحيد لتغيير الوضع المزري الذي تعيشه. هذه الفكرة يؤمن بها مئات الملايين من الهنود ويحاولون توفير أفضل مستوى تعليمي لأبنائهم. والد سوندار بيتشاي المدير التنفيذي لمايكروسوفت على سبيل المثال أنفق ما يساوي راتب عام كامل حتى يتمكن ابنه من شراء تذكرة طيران للولايات المتحدة حتى يكمل دراسته في جامعة ستانفورد.
هذا الأمر يمكنك ملاحظته بسهولة عندما تقارن مستوى التعليم الذي يحصل عليه أو يتطلع إليه الهنود في الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة بمواطني الدولة نفسهم. يحمل أكثر من 90% من الهنود العاملين في مجال التقنية في الولايات المتحدة على مؤهل عال بينما يسعى أغلبهم للحصول على الدكتوراه في مجالات تتعلق بعملهم.
تنخفض هذه النسبة بين المواطنين الأمريكيين الذين لا يمثل لهم التعليم طوق النجاة في وسط مستوى معيشي يعد من الأفضل في العالم.
عجرفة الرجل الأبيض وبيئة العمل الصحية
بخلاف الفخر المبالغ بالذات لأنك أسست شركة ناشئة ونجحت والعجرفة التي تتبعها تنشئ غالباً بيئة عمل غير صحية في كبرى الشركات التي يديرها أمريكيون. الأمر قد لا يكون قاعدة عامة ولكن على الأقل في مجال التقنية هذا ما حدث في عدد من أكبر الشركات.
في مايكروسوفت لم يكن بيل جيتس المدير الذي تحلم أن يرأسك في عملك. كان ينهال مؤسس مايكروسوفت على موظفيه بالتعنيف الشديد في كافة الأوقات لا سيما وسط الاجتماعات. خليفته ستيف بالمر اشتهر باتباع نفس السياسة. في جوجل وقبل قدوم بيتشاي لم يكن الأمر يختلف كثيراً فيما يتعلق باحترام الموظفين بل كان أسوأ حيث كانت تؤثر العلاقات الجنسية بين المديرين والموظفين على بيئة العمل وتنشئ صدامات داخلية.
الوضع كان أفضل في تويتر وأدوبي ولكن الفكرة العامة لم تكن تختلف كثيراً, بيئة العمل ليست أفضل مكان للنجاح. المشاكل التي تصل للقضاء بين موظفي شركات مثل فيس بوك وأبل وبين إدارات شركاتهم قد تكون خير دليل على هذا الأمر.
نشأة المديرون التنفيذيون الهنود المتواضعة والتي استندت على العمل وتطوير الذات وليس على كونك الطفل الذي حصل على كل شيء ممكن ليصبح رائد أعمال في المستقبل مكنتهم من إدارة شركاتهم بصورة أكثر تواضعاً خالقين بيئة عمل أكثر هدوءاً تخلو تماماً من فكرة "أنا من صنعت هذه الشركة أيها الحمقى!".
نشأتهم أيضاً وسط مجتمع مليء بالاختلافات ومن ثم ترك كل ذلك والانتقال إلى مجتمع مختلف تماماً جعلتهم يؤمنون باختلاف الأشخاص وضرورة التكيف سوياً للنجاح.
الأمور السابقة ليست مجرد نقاط بسيطة جعلت من الهنود اختيار أول لشغل المناصب القيادية. التغيير الذي أجراه كل من النماذج السابقة في شركته على مستوى الإنتاجية, بيئة العمل, الأموال والصورة العامة ملموس بشكل كبير. مايكروسوفت مثلاً كانت على حافة الهاوية منذ 7 سنوات, الآن الشركة باتت تناطح أبل لتصبح الشركة التقنية الأكثر قيمة في البورصة.
?xml>