عندما صدرت Resident Evil 6 عام 2012، شعر كثير من عشاق السلسلة أن الاسم الذي نشأوا عليه قد ضل طريقه. اللعبة تخلّت عن جذورها تمامًا، وركّزت على الأكشن المبالغ فيه والمشاهد السينمائية أكثر من تقديم تجربة "رعب بقاء" حقيقية. وبالرغم من النجاح التجاري النسبي، إلا أن الانتقادات كانت قاسية: قصة مشتتة، شخصيات مبالغ فيها، وزومبي يطيرون ويستخدمون أسلحة. بدا أن السلسلة العريقة قد فقدت هويتها.  ثم جاءت Resident Evil 7 في 2017 لتقلب كل التوقعات. عادت Capcom إلى الأساس، لكن بروح مُجددة، وقدّمت تجربة مرعبة ومُكثفة أحيت السلسلة من جديد، وجعلت الكثيرين يؤمنون أن الرعب لا يموت.. بل يمكنه أن يولد من جديد في أكثر لحظات الظلام.

بداية من الصفر: كيف قررت Capcom إنقاذ ما يمكن إنقاذه

بعد الإحباط الذي تسببت فيه Resident Evil 6، فهمت Capcom أنها بحاجة إلى تغيير حقيقي، لا مجرد تحسينات سطحية. تم تطوير Resident Evil 7 بسرية تامة تحت اسم رمزي "Project Kitchen"، وكانت اللعبة بمثابة رهان محفوف بالمخاطر: منظور جديد، أبطال جدد، مكان مختلف، وقصة تبتعد لأول مرة عن الشخصيات الشهيرة مثل كريس وليون وجيل.

واحدة من أبرز التغييرات في Resident Evil 7 كانت التحول الكامل إلى منظور الشخص الأول. خطوة جريئة جعلت تجربة الرعب أكثر قربًا وواقعية، وخلقت شعورًا بالاختناق والعزلة، خاصة في البيئة المغلقة لمنزل عائلة Bakers.

من خلال هذا المنظور، أصبح اللاعب يرى ما يراه البطل تمامًا، ويتفاعل مع الرعب في وجهه مباشرةً، لا من خلال كاميرا ثابتة أو كاميرا خلف الكتف. كل حركة، كل صرير، وكل ظل متحرك كان كفيلًا برفع معدل ضربات القلب، وهذا كان واضحًا من الكشف الأول عن اللعبة في حدث PlayStation E3 2016.

عودة للرعب الخام: Resident Evil كما عرفناها لأول مرة

رغم التغيير في المنظور، إلا أن جوهر اللعبة عاد إلى أصول السلسلة: موارد محدودة، ألغاز مرعبة، أعداء أقوياء، وضغط نفسي دائم. البيئة الضيقة، الإضاءة الخافتة، والأصوات الغامضة كلها كانت عناصر تصميم ذكية لإحياء إحساس الرعب الكلاسيكي. اللعبة أيضًا قللت بشكل كبير من المواجهات المباشرة، وركزت على أجواء التوتر، مما جعل كل لقاء مع أحد أفراد العائلة يمثل كابوسًا حقيقيًا.

عائلة Bakers لم تكن مجرد أعداء، بل كانت تجسيدًا لأنواع مختلفة من الرعب السينمائي:

  • جاك بيكر: يجسد رعب المطاردة الدموية، على غرار أفلام The Texas Chainsaw Massacre. مطاردته للاعب لا تتوقف، حتى بعد أن تظن أنه مات.
  • مارغريت بيكر: تمثل الرعب الجسدي والاشمئزاز، مع حشرات تزحف من جسدها، وتجسد كوابيس أفلام الـ Body Horror.
  • لوكاس بيكر: مهووس بالتعذيب والألغاز القاتلة، على طريقة أفلام Saw.
  • إيفلين: الطفلة الغامضة التي تمثل رعب فقدان السيطرة والعقل، مثل فيلم The Ring.
  • كل فرد من العائلة كان تحديًا فريدًا بطريقته، وأضفى تنوعًا على تجربة الرعب دون أن يفقدها التماسك.

إيثان وينترز: بطل غير تقليدي في قلب الجحيم

ظهور شخصية "إيثان وينترز" في Resident Evil 7 كان مفاجأة على جميع المستويات. على عكس الأبطال السابقين المدربين عسكريًا، كان إيثان مجرد رجل عادي يبحث عن زوجته المفقودة. هذا جعل اللاعب يشعر بضعفه وقلة حيلته، مما زاد من توتر اللعبة وتأثير الرعب.

إيثان لم يكن خارقًا، بل إنسانيًا بالكامل. تصرفاته كانت عفوية، وصراخه في لحظات الخطر لم يكن استعراضًا للقوة بل انعكاسًا حقيقيًا للذعر. ورغم بساطته، استطاع أن يحظى بحب اللاعبين لأنه كان يشبههم.. شخصًا عاديًا وُضع في موقف استثنائي. استمر وجود إيثان في Resident Evil 8، وأصبح أحد أعمدة السرد الجديدة في السلسلة، مقدمًا قصة شخصية عن الأبوة والتضحية وسط عالم من الكوابيس.

نقلة تقنية: محرك RE Engine وتجربة الواقع الافتراضي المرعبة

مع إصدار Resident Evil 7، كشفت Capcom لأول مرة عن محركها الرسومي الجديد RE Engine، والذي صُمم خصيصًا لتلبية متطلبات الجيل الجديد من الألعاب، من حيث الأداء البصري والديناميكية. هذا المحرك لم يكن مجرد أداة تقنية، بل كان أحد مفاتيح نجاح اللعبة، حيث قدم مستوى غير مسبوق من الواقعية في تصميم البيئات، الشخصيات، والإضاءة، وكل هذا مع دعم 60 إطار في الثانية على دقة عرض مرتفعة!

الإضاءة الديناميكية في اللعبة خلقت ظلالًا مرعبة ومضللة، والانعكاسات على الأسطح المعدنية والرطبة داخل بيت آل Bakers أضافت بعدًا بصريًا يعزز التوتر. كما أن تفاصيل الوجوه والانفعالات الحركية كانت أكثر إقناعًا، ما جعل تفاعل اللاعب مع الأحداث أكثر تأثيرًا، خصوصًا في لحظات المواجهة أو الحوار.

أما على الجانب الصوتي، فقد استغل المحرك تقنيات متقدمة لخلق نظام صوت محيطي ثلاثي الأبعاد، حيث يمكن للاعب تحديد مصدر الأصوات واتجاهها بدقة، مما زاد من غمره داخل تجربة الرعب.

تجربة الواقع الافتراضي كانت أسطورية!

ولعل أكثر التجارب توترًا كانت من خلال دعم اللعبة الكامل لتقنية الواقع الافتراضي على جهاز PlayStation VR. إذ تمكّن اللاعبون من خوض أحداث اللعبة بالكامل من منظور الشخص الأول داخل بيئة 360 درجة، حيث تصبح كل صرخة، وكل نظرة من أحد أفراد عائلة Bakers، تجربة شخصية مرعبة.

التفاعل في الواقع الافتراضي كان واقعيًا لدرجة أن العديد من اللاعبين لم يتمكنوا من استكمال جلساتهم دون التوقف لالتقاط أنفاسهم. Resident Evil 7 أصبحت معيارًا يُقاس عليه في كيفية دمج تقنيات الـ VR مع ألعاب الرعب النفسية بشكل متكامل وفعّال.

استقبال نقدي وجماهيري أعاد الثقة للسلسلة

فور صدورها، لاقت Resident Evil 7 إشادة من النقاد واللاعبين على حد سواء. أُشيد بالتحول الشجاع، والأجواء المشوقة، والتصميم الصوتي والبصري. لأول مرة منذ سنوات، شعر اللاعبون أن Resident Evil عادت لما كانت عليه. اللعبة كانت بمثابة نقطة تحول حقيقية أعادت الثقة للاعبين، وساهمت في تشجيع Capcom على مواصلة هذا الاتجاه، وفتح الطريق لإعادة صنع كلاسيكيات مثل Resident Evil 2 و Resident Evil 4 بجودة عالية.
 

الحفاظ على النجاح وتوسيع التجربة مع لعبة Resident Evil 8

عندما أطلقت Capcom الجزء التالي بعنوان Resident Evil Village أو RE8، استمرت معظم العناصر التي نجحت في الجزء السابع: منظور الشخص الأول، أجواء الرعب النفسي، وبطل القصة "إيثان وينترز". لكن هذه المرة، قررت Capcom زيادة جرعة الأكشن نوعًا ما. الأعداء أكثر عددًا وتنوعًا، والأسلحة أقوى، والمواجهات أكثر حدة. ومع ذلك، لم تتخلَ اللعبة عن أجواء الرعب، بل قدّمت لحظات مرعبة لا تُنسى، أبرزها منطقة منزل Beneviento التي تُعتبر من أكثر اللحظات رعبًا في تاريخ السلسلة بالأخص مع ظهور الوحش البيبي الذي لا يزال يلاحق أحلامي حتى الآن.

النتيجة؟ Resident Evil 8 نالت إعجاب الجماهير، وترشحت لجائزة لعبة العام في The Game Awards 2021، ما أكد أن Capcom وجدت المعادلة الذهبية بين الرعب والأكشن، وقد ظهرت هذه المعادلة بأفضل شكل ممكن مع الريميك الأخير Resident Evil 4 الذي يعتبره البعض أفضل إطلاق في تاريخ كابكوم.

الإعلان عن Resident Evil 9 اقترب، والحماس في أعلى مستوياته!

حاليًا كل الأنظار تتجه للعبة Resident Evil 9 والتي بنسبة 99% سيتم الكشف عنها خلال حدث Summer Game Fest يوم الجمعة المُقبل، والحماس في أعلى مستوياته. إليكم أبرز التسريبات التي سمعنا عنها حتى الآن من المُسرب الشهير Dusk Golem:

  • ليون س. كينيدي سيكون بطل Resident Evil 9.
  • اللعبة ستتضمن شخصيات أخرى قابلة للعب، لكن ليون سيكون المحور الأساسي.
  • تعتبر هذه اللعبة بمثابة ختام لثلاثية ليون التي بدأت مع RE2 Remake و 4 Remake.
  • التطوير بدأ في 2017 وكان من المخطط أن تكون لعبة عالم مفتوح تعاونية تقع أحداثها على جزيرة مستوحاة من سنغافورة.
  • في 2021، تم إلغاء الفكرة الأصلية وإعادة تطوير اللعبة بالكامل لتصبح تجربة رعب فردية تقليدية.
  • جيل فالنتاين كانت ضمن الشخصيات الرئيسية في النسخة الأولى من المشروع، لكن تم تقليص دورها بعد إعادة التطوير.
  • أجواء اللعبة ستكون مزيج من الرعب الـ Gothic والطابع السحري الغامض.
  • التركيز سيكون على الرعب أكثر من الأكشن، على عكس RE8.
    اللعبة ستُغلق القصة الحالية في عالم Resident Evil، وستمهّد للانتقال إلى سرد جديد لاحقًا.
  • أسلوب اللعب سيكون من منظور الشخص الثالث، مع احتمال وجود خيار للمنظور الأول.
  • ستُستخدم نسخة محسنة من محرك RE Engine، مستفيدة من تقنيات ظهرت في Dragon’s Dogma 2 وMonster Hunter Wilds.
  • اللعبة لن تكون عالمًا مفتوحًا بالكامل، لكن ستحتوي على مناطق كبيرة قابلة للاستكشاف.
  • تم تأجيل المشروع مرتين، والتوقعات تشير إلى إصدار اللعبة في 2026.

حين يُولد الرعب من جديد

لعبة Resident Evil 7 لم تكن مجرد لعبة ناجحة، بل كانت لحظة مفصلية أعادت تعريف السلسلة، وفتحت أمامها أبوابًا جديدة. عادت إلى جذورها، لكن دون أن تبقى حبيسة الماضي، واستطاعت عبر تغييرات ذكية أن تُعيد صياغة تجربة الرعب بأسلوب عصري. واليوم، مع ترقب الإعلان عن الجزء التاسع، يتضح أن قرار Capcom بالمخاطرة والتجديد كان قرارًا أنقذ اسم Resident Evil من الانقراض، وأعاده إلى صدارة ألعاب الرعب في العالم. فالرعب لا يموت.. بل يتجدد، وينهض من جديد بطرق مختلفة...