"عافية ذوق": البنود السرية والمهمة لحياة صحية مع زوجك الجيمر!
[quote ” الضرة مرة ولو كانت جُرة”]
في زمان غير بعيد حيث النساء هن النساء تزوج رجل من امرأة تملك مقومات الزواج الأربعة وكان الزوج يتمنى من الله أن يرزقه طفلًا منها، غير أن السنوات مرت دون جدوى، فشعرت هي بضيق زوجها، وطلبت منه أن يبدأ في البحث عن أخرى، لعل الله يرزقه ماينتظره.
لكن الزوج رفض رفضًا تامًا. ومع إلحاحها إصرارها وافق أخيرًا. وأخبرها أنه سوف يخرج للبحث عمن يتزوج. وبعد مرور يومين عاد الزوج إلى المنزل، حاملًا في يده جُرة كبيرة من الفخار، وقد ألبسها ملابس النساء وأدخلها الغرفة!
وهكذا استيقظ في صباح اليوم التالي ذاهبًا إلى عمله وما إن عاد حتى وجد زوجته الأولى تبكي بحرقة وبين شهقة وأخرى تخبره بأن زوجته الثانية قد أهانتها، بل حتى إنها ضربتها، وطلبت منه أن ينتقم لها، فوافق الزوج، ودخل غرفته ليجلب عصا كبيرة، ملبيًا طلب زوجته ووجه لها ضربة قوية. فتهشمت على إثرها الجرة، وما إن سقطت أجزاء الفخار على الأرض، حتى علمت الزوجة المسكينة بالخدعة التي قام بها زوجها حينها قالت جملتها الشهيرة :
جُرتي أنا.. كانت البلايستيشن!
أكاد أجزم أني أرى ابتساماته الخبيثة لي. كلما نشب شجار بيني وبين زوجي بسببه. بالتأكيد لن أقول ذلك بصوت مرتفع. فأنا بالفعل متهمة بالجنون والعصبية من جماد لا يتحرك ياحرام. لكن الجماد البريء هذا يقضي معه ساعات وساعات أنا الأحق بها.
على كل حال كان أمامي خيارين لا ثالث لهما إما أن نظل في صراعات دائمة لا تنتهي أُتهم فيها بعدم التفهم، وأتهمه بالتقصير. أو الاستسلام والاعتراف بأهمية عدوي القابع في عقر داري حرفيًا. ووضع اتفاقية للسلام أنص أنا بنودها. وقد كان..
البند الأول :
إن الحدود الدائمة بيني وبين البلايستيشن هي حدود غرفة اللعب فلا يحق له التواجد لا في غرفة المعيشة ولا غرفة النوم. إلا في حالات الأصدقاء أو الأقارب نظرًا لصغر مساحة أراضيه. وعليه يقر الطرفان بأن هذه الحدود مصونة لا تمس. ويتعهد كل منهما باحترام سلامة أراضي الطرف الأخر بما في ذلك الوقت المقتطع لكل منهما.
البند الثاني:
كما هو موضح في البند الأول أن الحالات الاستثنائية التي يسمح للبلايستيشن بالتواجد فيها داخل غرفة المعيشة هي وجود الأصدقاء أو الأقارب. ولكن المتفق عليهم. ويعني ذلك أن كل فرد تواجد داخل المنزل وقام بتكسير أثاثه-لأنه خسر "الجيم"- غير مسموح له بالتواجد وفقًا لبنود هذه المعاهدة. كذا الأمر بالنسبة لأصحاب الصوت العالي والسباب المتصل.
البند الثالث:
تنشأ لجنة مشتركة لتسهيل تنفيذ هذه المعاهدة مكونة من ثلاثة أعضاء من بينهم صديق مشتر ك غير مهتم بالجيمز من الأساس. على أن يكون العضوين الآخرين من داخل أسرة كل منا.
البند الرابع والأخير:
يتعهد الطرفان بعدم الدخول في أي التزام يتعارض مع هذه المعاهدة. حتى لو كان توفر لعبة God of war Ragnarok -على سبيل المثال لا الحصر- داخل الأسواق. فلا يحق للبلايستيشن اجتزاء أو اقتطاع مدة إضافية له من الوقت الخاص بي. "..."
وبالفعل كان لهذه الاتفاقية أثر السحر على حياتي. حيث ألتزمت الأطراف المعنية بالبنود التزام الصائم بشهر رمضان. وتقبلت وجود هذا الغريب في بيتي واحترمت حدوده على مضض. وفي أحد الليالي التي يكون فيها للصمت من قوته صوت. سمعت أحدهم من خارج الغرفة يقول "The fallen leaves tell a story" استعذت بالله من الشيطان الرجيم ومددت يدي أوقظ زوجي العزيز فلم أجده!
تحسست مكانه البارد أكثر من مرة حتى أتأكد من صحة ما أخشاه. تسللت للخارج أتتبع الصوت بأُذني ثعلب بري حتى وصلت إلى غرفة البلايستيشن وقد خرج من داخلها ضوء خافت لكنه لامع يكسر سكون وظلمة الغرفة. لم أتحرك من مكاني رغم غضبي الشديد بسبب ابتسامة الأطفال التي رأيتها مرسومة على وجهه. لا أتذكر أنه نظر لي بتلك اللهفة من قبل ولا حتى يوم زواجنا. المهم أنني عدت أدراجي أجر أذيال الخيبة ورائي وقضيت الليلة بأكملها أفزع من نومي على أصوات سيوف تضرب وأجراس تقرع ممزوجة بسباب عنيف.
وفي اليوم التالي قصدت ألا يشعر بأي تغير من ناحيتي. وفي الحقيقة حتى لو عقدت حاجبيني فوق حاجبي لما لاحظ أي شيء. فقد سهر الليل بطوله واستيقظ في تمام السادسة كأن شيء لم يكن. وبمجرد خروجه إلى العمل هاتفت صديقتنا المتفق عليها داخل البند الثالث وبكيت بكاء زوجة اكتشفت خيانة زوجها للتو حتى قاطعتني صديقتي بغضب نافذ الصبر: " ماتحمدي ربنا بقى، على الأقل عارفة هتلاقيه فين"
لم أفهم ما قالته حتى استطردت بأن زوجي لا خوف من ناحيته فهو شخص مسالم يخرج جل غضبه في ألعاب الفيديو لهذا يتمتع بهدوء يحسد عليه. هممت بالاعتراض لكنها قاطعتني بأني لا أشعر بصبره تجاهي، على سبيل المثال كل المرات التي تأخرت فيها عن الموعد المحدد بسبب إفراطي في الاستعداد.
لا يتذمر كبقية الرجال بل يجلس أمام شاشته حتى أخرج من غرفتي. أشفقت عليه فأنا لم أر الأمر من هذا المنظور من قبل، ومرت أمام عيني كل المواقف المشابهة، حتى انتشلتني صديقتي قبل أن أغرق في أفكاري وذكرتني ببدايات علاقتي به، وكيف كنت متيمة بصبره وتواجده الدائم مهما كان توقيت اتصالي وذلك بفضل البلايستيشن الذي أكرهه الآن!
قلت لها أن جملتها الأخيرة غير منطقية بالمرة فكيف لي الموافقة على أن يقضي عشرات الساعات مهمشًا إياي بهذا الشكل، وجاء ردها كأنه حضرت هذا النقاش من قبل: "كما يقضي ساعات في انتظار سحبة الأي لاينر أن تكون مطابقة لنظيرتها". ولكني لم أقتنع.
فلا مجال هنا للمقارنة. هذه عشرات الساعات وهذه ساعة أو ساعتين عندما أتلكأ، زاد حنقها علي بأن الهدف من ضرب المثال ليس عدد الساعات ولكن المبدأ نفسه، مبدأ احترام اهتمامات الطرف الأخر ومحاولة فهم ما يشغله وهو ما كنت أفعله في بداية علاقتنا بل إن أول هدية له كانت لعبة Red Dead Redemption 2. صدمتني حقيقة أني لم أعد أبذل مجهود تجاهه وأن التقصير الذي طالما أتهمته به صادر مني أنا.
قبل أن أرد عليها سمعت صوت خشخشة مفاتيحه قادمة من الخارج فأغلقت المكالمة سريعًا حتى لا يلحظ أني على علم بما حدث أمس واستقبلته استقبال الحجاج على بوابات المطار حتى شعر بالريبة من فرط حماستي لقدومه فهو يأتي في هذا الموعد كل يوم. ما الجديد؟ لكنه رحب بهذا التغيير على أي حال واستقبله بمزيد من التهليل. أشفقت عليه، كم هو طفل كبير فعلًا! وفي نهاية اليوم أرسلت لي صديقتي مقال بعنوان "قلب الرجل معدته وقلب الجيمر لعبته" وضحكت من حقيقة هذا العنوان.
عموماً، أنا لا أتذكر بأن كانت له طلبات معينة أو محددة على مائدة الطعام بل كان يحب كل ما هو سهل المضغ والبلع. كذلك الأمر في شتى أمور حياتنا فهو سريع الحركة، سريع الكلام والقرار. وقبل أن أغرق في حديثي الداخلي كالعادة بدأت في قراءة المقال الذي يحكي قصة الضرة والجرة في زمان غير بعيد. حيث النساء هن النساء…
?xml>