هل فكرت في يوم من الأيام أن تسأل نفسك ما الإرث الذي سوف نتركه خلفنا؟ أو كيف سترانا الأجيال القادمة؟ هل شعرت بالحزن بسبب الاتجاه الذي يخطو نحوه عالمنا؟ هل نورث لهم النزاعات العرقية والدينية؟ أم نتركهم إلى المجاعات والأوبئة تفتك بهم؟ إذا لم تخطر في بالك كل هذه الأسئلة من قبل دعني أسرد لك الحياة من البداية وكيف انتهينا إلى ما نحن عليه، ولكن بشرط أن تحمل معك بطاقة إنسانيتك فقط!

ظهر الإنسان وبدأت اللعبة، وبدأ الوقت في التناقص، ووفقًا لهرم ماسلو أنت مازلت عند سفح الهرم، بلا مأوى لا تجد قوت يومك، تجاهد للصمود ليوم آخر، وما به من تحديات قد تودي بحياتك في أي لحظة. لكن هذا الوضع لم يستمر كثيرًا، وعرف الإنسان الزراعة، ومع أول سياج أحاط به أحدهم أرضه، وأعلن ملكيته لها، أثار ذلك سخط جاره الذي يرى أن الأرض ملك للجميع والثمار ليست لأحد، ولم يمضِ وقت طويل حتى أحاط هو الأخر قطعة أخرى بسياج وأعلن ملكيته لها، وكما يشرح إيرا ميستريش: "تتطلب الحرب نوعًا من الموارد الجماعية والتنظيم الذي لا يمكن أن توفره إلا الحضارة، وبالتالي فإن الأرض الخصبة التي حصد منها البشر أولى ثمار الحضارة، أنبتت سنون التنين للحرب."

تكنولوجيا المستقبل: 5 أفكار تقنية على وشك تغيير عالمنا!

وعليه وكما يوضح توينبي فإن إمكانية شن الحرب، تحتاج إلى حد أدنى من التقنية والتنظيم وفائضًا في الثروة يتجاوز ما هو مطلوب للعيش المجرد، مع الوضع في الاعتبار أن صنع الحرب هو الحافز الأكثر أهمية الذي تنمو حوله بناء الحضارة وتكتسب بريقها.

ومن هنا استخلص كوينسي رايت استنتاجات مماثلة حيث قال: "كانت الحرب البدائية عاملاً مهمًا في تطوير الحضارة، مثل غرس فضائل الشجاعة والولاء والطاعة، الأمر الذي خلق جماعات صلبة، هدفها توسيع مساحة هذه المجموعات، وكانت كلها لا غنى عنها لخلق الحضارات التي تلت ذلك ". أي أن الحضارة والحرب وجهان لعملة واحدة، ولا تختلف العلاقة بين الحضارة والطبيعة كثيرًا عن العلاقة الجدلية بين الحضارة والحرب، فكلما ارتفع مستوى الحضارة، زاد استغلال الطبيعة، وكلما زاد استغلال الطبيعة، كلما تقدمت الحضارة. 

وكما هو الحال مع الحضارة والحرب، فإن هذه العلاقة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، حيث أن استخراج الموارد الطبيعية واستغلالها ليس حفرة لا نهاية لها، بل هو محدود ويمكن أن يدعم فقط الكثير من الناس لفترة طويلة، ولا يشمل ذلك الأجيال القادمة بالتأكيد.

كما أن هناك عواقب وخيمة مرتبطة بعمليات الحضارة والتحديث والتحضر وكل ما هو مرتبط بها، فمثلأ دورة استخراج المزيد من الأشياء من الأرض، ومعالجة المزيد من الأشياء، وبناء المزيد من الأشياء، وإنتاج المزيد من الأشياء،  وامتلاك المزيد من الأشياء، والتخلص من المزيد من الأشياء، وشراء المزيد من الأشياء الجديدة لاستبدالها، بعد أن ثبت أنها غير مستدامة، تتشكل نتائجه في مدى تدهور البيئة وتغير المناخ، مثل ذوبان القمم الجليدية القطبية، وارتفاع مستوى سطح البحر، والتغيرات في درجات حرارة الهواء والبحر، كذا الأمر بالنسبة إلى المعاناة من فترات طويلة من الجفاف في بعض أجزاء العالم ، أو على النقيض زيادة هطول الأمطار والفيضانات، وزيادة تواتر ظواهر الطقس المتطرفة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.

قد يبدو إذن أن الحضارة تتأرجح بشكل واضح تمامًا كما تخيلها الكثيرون، فنحن نعيش أطول من أسلافنا ونحصل على تعليم أفضل أكثر من أي وقت مضى، ولدينا إمكانية الوصول إلى أشياء أكثر بكثير مما يحتاجه معظمنا، ولكن بأي ثمن جاءت هذه الحضارة؟ 

5 أفكار تقنية على وشك تغيير عالمنا!

كان العالم الراحل فرانك فينر، الذي أعلن للعالم في عام 1980 أنه تم القضاء على الجدري، قد صرح: "إن الإنسان العاقل سوف ينقرض ربما في غضون 100 عام، ومع نمو عدد سكان الأرض إلى سبعة أو ثمانية أو تسعة مليارات، سيكون هناك المزيد من الحروب على الغذاء".

هذا وتشير النتائج إلى أنه كلما أصبحنا أكثر تحضرًا بمرور الوقت، كلما تقدمنا خطوة ​​أكثر من حالة  الوحشية وزادت نسب العنف، والنزاع المسلح، وهو ما وصلنا إليه اليوم، ولأن عادة البشر هي عدم الإلتزام بأية نظريات أو حسابات، نعمل الآن على عدد من المشروعات التقنية، التي قد تحسن صورتنا في أعين الأجيال القادمة، وهو الأمر الذي ينفي العلاقة الطردية بين الحضارة والوحشية.

كلاب إرشادية آلية

https://www.youtube.com/watch?v=GHGBcwWWNOs

بالعودة إلى هرم ماسلو، فإن تلبية الاحتياجات الفسيولوجية هي أولى الاحتياجات التي يسعى الإنسان إلى إشباعها، لهذا قام طالب في جامعة لوبورو بتصميم "كلب إرشادي آلي" يساعد في دعم الأشخاص المعاقين بصريًا، والغير قادرين على إيواء حيوان حقيقي، النموذج الذي تم اختراعه يقوم بأداء كل وظائف كلب الإرشاد بالإضافة إلى برمجة طرق سريعة وآمنة إلى الوجهات التي يتكرر التردد عليها، يحرك Theia، تيمنًا باسم إله النور والبصر، أيدي المستخدمين ليقودهم جسديًا، تمامًا مثل حمل دعامة كلب الإرشاد.

خيوط جراحية ذكية تكشف العدوى

 كيف يعرف الطبيب إصابة جرح المريض بعدوى؟ يمكننا الانتظار حتى يبدأ المريض في إظهار علامات العدوى، أو يمكننا التحدث إلى طالبة في المدرسة الثانوية من أوهايو طورت اختراعًا بارعًا ومنقذًا للحياة، في سن السابعة عشر، ابتكرت داسيا تايلور خيوطًا يتغير لونها من الأحمر الفاتح إلى الأرجواني الداكن عند إصابة الجرح بالعدوى، من خلال اكتشاف تغيير في مستوى الأس الهيدروجيني للجلد، عندما يصاب جرح من إصابة أو عملية جراحية بالعدوى، يرتفع الرقم الهيدروجيني من 5 إلى 9، وجدت داسيا أن عصير الشمندر يتغير لونه بشكل طبيعي عند درجة حموضة 9، قد يبدو اختراعًا بدائيًا ولكن ليس بالنسبة إلى دول العالم الثالث.

كائنات حية قابلة للبرمجة

https://www.youtube.com/watch?v=wL64jqYn4CE

يمكن استخدام الروبوتات الهجينة الصغيرة المصنوعة من الخلايا الجذعية المأخوذة من أجنة الضفادع يومًا ما للسباحة داخل أجسام البشر إلى مناطق محددة  تتطلب الدواء، أو لتجميع البلاستيك الدقيق في المحيطات قال جوشوا بونجارد عالم الكمبيوتر و خبير الروبوتات بجامعة فيرمونت ، الذي شارك في تطوير الروبوتات التي يبلغ عرضها ملليمترًا والمعروفة باسم xenobots: "هذه آلات حية جديدة، إنهم ليسوا روبوتًا تقليديًا ولا نوعًا معروفًا من الحيوانات".

طاقة القهوة

تنتج صناعة القهوة في لندن أكثر من 200000 طن من النفايات كل عام، فماذا نفعل بها؟ تتمثل الفكرة الكبيرة لرائد الأعمال آرثر كاي في استخدام شركته bio-bean  لتحويل 85 في المائة من نفايات القهوة إلى وقود حيوي لتدفئة المباني وتشغيل وسائل النقل.

إنترنت للجميع

لا يبدو أننا نعيش بدون الإنترنت الآن، لكن لا يزال حوالي نصف سكان العالم بدونه هناك العديد من الأسباب لذلك بما في ذلك الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، ولكن بالنسبة للبعض لا يمكن الوصول إلى الإنترنت نظرًا لعدم توفر اتصال لديهم من الأساس، ولهذا  تحاول جوجل ببطء حل المشكلة باستخدام بالونات الهيليوم لإرسال الإنترنت إلى مناطق يتعذر الوصول إليها، بينما تخلى فيسبوك عن خططه لفعل الشيء نفسه باستخدام طائرات بدون طيار.

الحقيقة هي أننا لن نهرب أبدًا من قدر الرفض من أحفادنا، وعلى الرغم من ذلك  إذا تمكنا من فهم مستقبلهم المحتمل بإيمان ودقة كافيين، فقد نحقق لهم أفضل مما نأمل من خلال تجنب الأسوأ، والتطلع إلى الأفضل، لنورث الكوكب في وضع أفضل من الذي ورثناه عليه.