شهدت الفترة الأخيرة بداية هيمنة المملكة العربية السعودية على صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية عن طريق الدخول في الكثير من الاستثمارات بأكبر شركات واستوديوهات الصناعة، لدرجة أنها أصبحت الآن أكبر مستثمر خارجي في شركة Nintendo. السعودية لديها خطة قوية لتُصبح رمزًا لا يعلو فوقه أي إسم آخر في الصناعة، وتلك الخطة بدأت تأخذ مجراها الصحيح خلال العام الماضي ومروروًا بـ 2023. فما الذي تنوي عليه المملكة، وما الاستثمارات الرائعة التي جعلت نفسها جزءًا منها في الآونة الأخيرة؟

السعودية تُهيمن على صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية!

ما خطة السعودية التي تنوي تحقيقها في صناعة الألعاب؟

أعلنت المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية أنها ستستثمر مبلغ 37.8 مليار دولار في مجال صناعة الألعاب، من ضمنهم 13 مليار دولار سيتم صرفها من أجل الاستحواذ على "ناشر ألعاب كبير".

تلك الاستثمارات تتم عبر شركة Savvy Games Group المملوكة لصندوق الاستثمار العام في المملكة العربية السعودية حيث تهدف الدولة إلى وجودها ضمن مكانة عالية في صناعة الألعاب. سيتم استثمار 18.6 مليار دولار (من أصل 37.8) في الاستحواذ على حصص في شركات ألعاب تدعم أجندات Savvy Games Group.

لكن الأهم من ذلك هو استثمار الشركة مبلغ 13 مليار دولار للاستحواذ على شركة كبيرة من الشركات الناشرة للألعاب حتى تكون بمثابة شريك استراتيجي في عملية التنمية. سيتم أيضًا استثمار مبلغ 481 مليون دولار لتنمية الألعاب التي لا تزال في مراحل تطوير مُبكرة، وتنمية الرياضة الإلكترونية. ليس ذلك وحسب، بل سيتم استثمار مبلغ 4.8 مليار دولار في شركاء الصناعة الذين يضيفون القيمة والخبرة إلى Savvy Games Group.

السعودية تُهيمن على صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية!

هذا ما قاله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان:

[quote إن Savvy Games gorup هي جزء من استراتيجيتنا الطموحة التي تهدف إلى جعل المملكة العربية السعودية المركز العالمي النهائي لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030. نحن نسخر الإمكانات غير المستغلة عبر قطاع الرياضات الإلكترونية والألعاب لتنويع اقتصادنا ودفع الابتكار في هذا القطاع وتوسيع نطاق عروض منافسات الترفيه والرياضات الإلكترونية في جميع أنحاء المملكة.]

بالطبع أساس الاستثمارات في صناعة الألعاب سيكون في الشركات الناشرة العملاقة، وهذا بدوره يضمن للمملكة تحقيق أرباح وعائد مادي عملاق في الفترة المُقبلة، لكن نتوقع أيضًا أن تستثمر المملكة في صناعة الكثير من الاستوديوهات المُطورة للألعاب وتدريب مختلف المطورين، وهذا سيفتح آلاف فرص العمل للشباب الشغوف بصناعة الألعاب في المملكة والوطن العربي ككل! 

السعودية تُهيمن على صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية!

ما الذي قدمته المملكة لعالم الرياضات الإلكترونية؟

دائمًا ما كانت المملكة العربية السعودية هي أفضل دولة في الشرق الأوسط لتنظيم البطولات المحلية والعالمية بجوائز عملاقة ومنافسات شرسة بين كل اللاعبين، لكن كل هذا أصبح أفضل وأكثر قوة في العام الماضي وقت قيام حدث "موسم الجيمرز".

ها نحن ذا في عام 2023، وحدث "موسم الجيمرز" سيعود بموسمه الثاني في 6 يوليو القادم بالرياض تحت عنوان "موسم الجيمرز: أرض الأبطال" وذلك للدلالة على منافسة أبطال الرياضات الإلكترونية العالميين والمحليين من أجل اعتلاء قمّة هذا الحدث الضخم، وعلى كون المملكة العربية السعودية وجهة الألعاب والرياضات الإلكترونية العالمية ومركز أبطال هذه الرياضات ونقطة الانطلاق العالمية لها.

نسخة سنة 2023 ستشهد منافسات عملاقة بمجموع جوائز يصل لـ 30 مليون دولار أمريكي (أكثر من ضعف جوائز العام الماضي تقريبًا). الرائع في حدث موسم الجيمرز أنه لا يضم فقط منافسات للألعاب، بل به الكثير من الحفلات الموسيقية والفعاليات الترفيهية المُنوعة، وهذا ما جذب أكثر من 1.4 مليون زائر من كل أنحاء العالم في نسخة العام الماضي.

وكان الموسم الأوّل قد شهد مشاركة 113 فريقًا محترفًا عالميًا في بطولات متعدّدة في أقوى الألعاب الإلكترونية الشهيرة عالميًا مثل Rocket league وDota 2 وFortnite وPUBG Mobile وTom Clancy’s Rainbow Six Siege والتي قدّمت جوائز للفرق الفائزة بقيمة 15 مليون دولار أمريكي، وسيشهد الموسم الجديد العديد من الألعابالتي سيتم إضافتها إلى البطولات. كما ستتنوّع فعاليات الموسم لتشمل حفلات موسيقية يحييها أبرز الفنانين بالإضافة إلى فعاليات ترفيهية وتثقيفية تناسب جميع أفراد المجتمع.

كل هذا يحدث ونحن لا نزال في الموسم الثاني من فعالية "موسم الجيمرز"، فما بالك كيف سيبدو التنظيم وكيف ستبدو البطولات بعد عشرة سنوات من الآن مثلاً. يمكننا قول أن السعودية تقوم "بالاحماء" فقط في الوقت الحالي، وقوة التنظيم ستظهر بشكل أقوى وأكبر على مدار السنوات القادمة. أقرأ المزيد عن مستقبل المملكة عبر مقابلتنا مع فيصل بن حُمران..مدير الرياضة الإلكترونية في السعودية!

السعودية تُهيمن على صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية!

ماذا عن استثمارات السعودية الأخيرة في الشركات الناشرة؟

يُمكن تلخيص أهم الاستثمارات الأخيرة للمملكة العربية السعودية في مجموعة شركات رئيسية، من أكبر وأضخم الشركات الناشرة للألعاب حول العالم:

كانت قد استثمرت السعودية سابقًا في شركة Electronic Arts (الشهيرة بـ FIFA، Dead Space، و Battlefield وغيرهم)، ولكن في الفترة الأخيرة قامت برفع حصتها فيها لتصل لـ 5.8% من إجمالي قيمة الأسهم. الزيادة هنا كانت 2 مليون سهم إضافي. أما بالنسبة لشركة Take Two Interactive (الشهيرة بـ GTA V و Red Dead 2 وغيرهما من الألعاب العملاقة) فقد رفعت حصتها فيها لتصل لـ 6.8% حيث قامت بشراء 3 مليون سهم إضافي.

بشكل عام، صندوق الاستثمارات السعودي أصبح يمتلك أسهمًا بقيمة 2.9 مليار دولار في Activision Blizzard، و 1.2 مليار دولار في Take Two، و 1.7 مليار دولار في Electronic Arts. ليس ذلك فحسب، بل أيضًا استثمر الصندوق في الشركة العالمية Embracer Group بمبلغ مليار دولار تقريبًا!

تلك الاستثمارات كلها كانت على مدار عام 2022 بأكمله، ولكن زيادة الحصص جاءت في أواخر العام الماضي. لكن لعل أكبر وأهم استثمار قامت به المملكة العربية السعودية عبر شركة Savvy Group، هو شراء أكبر حصة خارجية في العملاقة اليابانية Nintendo.

وفقًا للتقارير الأخيرة من Bloomberg، فقد قام صندوق الاستثمارات العامة للمملكة العربية السعودية بزيادة حصته في أسهم شركة Nintendo من 7.1% إلى 8.3%، وبذلك الرقم تُصبح السعودية هي أكبر مُستثمر خارجي في شركة Nintendo. السعودية الآن أصبحت ثاني أكبر مستثمر في Nintendo بعد شركة Nintendo نفسها التي تمتلك قيمة 10% من الأسهم.

السعودية تُهيمن على صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية!

في النهاية

خلال أقل من عامين، تمكنت المملكة العربية السعودية من صنع إسم ضخم لنفسها في مجال صناعة الألعاب. التطور الرهيب الذي حدث في بطولات الرياضة الإلكترونية، تنظيم حدث موسم الجيمرز، الاستثمارات والمليارات العملاقة التي تم ضخها في الكثير من الشركات الناشرة. كل هذا يجعلنا متأكدين من أن القيادة السعودية تأخذ الأمور في تلك الصناعة بجدية أكثر من أي دولة عربية أخرى. السعودية في طريقها لتُصبح بالفعل المركز العالمي لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، ولا أستطيع الانتظار لأرى ما الذي ستصل إليه الدولة بحلول عام 2030. وكما ذكرت سابقًا في المقالة، فالسعودية الآن لا تزال في مرحلة الإحماء…