بالأمس علمنا أن شبكة Netflix تعمل على مسلسل جديد مستوحى من لعبة Assassin's creed وهذه ليست المرة الأولى التي يتم تصوير عمل فني مستوحى من قصة اللعبة حيث شاهدنا من قبل فيلم سينمائي كان يحمل نفس عنوان السلسلة الشهيرة ولكنه لم يلقى النجاح المتوقع وقدم تجربة سينمائية عادية جدا.

في حقيقية الأمر فيلم Assassin's creed لم يكن هو العمل الفني الوحيد المبني على قصة فيلم فقد شاهدنا مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية الأخرى التي اتبعت نفس النهج مثل فيلم Resident Evil وفيلم Prince of Persia.

إذا تتبعنا تقييمات هذه الأفلام والمسلسلات نجد أنها تقدم تجربة متوسطة معظم الوقت وغالبا لا تلقى هذه الأفلام النجاح الجماهيري المتوقع، أما في حالة تصميم لعبة مستوحاة من عمل سينمائي أصلا نجد أن هذه الألعاب تحظى بنجاح كبير مثل ألعاب Star Wars و ألعاب Batman والقائمة تطول.

الآن قد يتسائل العديد حول الأسباب التي تؤدي إلى فشل هذه الأفلام ونجاح الألعاب المبنية على أفلام وكأنه يوجد رابط سري غير معلوم ولكن في الحقيقة الأسباب واضحة بشكل كبير وسنتحدث عنها سويا في هذا المقال.

هل الألعاب المبنية على أفلام سينمائية ناجحة أصلا؟

قبل أن نحلل أسباب نجاح الألعاب المبنية على أفلام ومسلسلات يجب أولا أن نتأكد من هذه المعلومة التي تبدو للوهلة الأولى معلومة صحيحة ومطلقة ولكن في حقيقة الأمر هذه المعلومة ليست صحيحة على الإطلاق.

بشكل دوري يتم إصدار مجموعة من الألعاب المستوحاة من أفلام ومسلسلات شهيرة جدا ومع ذلك لا تلقى النجاح المطلوب منها وإليك مجموعة من العناوين الفاشلة التي تثبت وجهة نظرنا

  • Enter the Matrix
  • Cat Woman
  • Fast and furious
  • Charli's Angels

ما سبق ذكره هو مجموعة عناوين على سبيل المثال وليس الحصر فيمكننا أن نُعد قائمة طويلة جدا بنفس الفكرة ولكن لكي أكون صادق عدد العناوين الناجحة أكبر بكثير من العناوين الفاشلة ولكن عموما لا يمكننا تعميم فكرة نجاح الألعاب المبنية على أفلام شهيرة.

اللعبة الناجحة لا تكفي لصناعة فيلم ناجح.

عندما يقوم المطور بتصميم لعبة تتداخل العديد من العناصر التي تؤدي إلى نجاحها مثل القصة، أسلوب اللعب، تصميم الشخصيات، مستوى الرسوم وحجم المحتوى ونوعية أطوار اللعب.

عندما يقوم صانع الفيلم بأخذ اللعبة لتحويلها إلى مادة مصورة نجد أنه يقتبس فقط القصة أو عالم اللعبة بطبيعة الحال فهو لا يمكنه اقتباس أسلوب اللعب أو نوعية أطوار اللعب التي طالما أحببناها.

لنأخذ مثال على فيلم Assassin's creed وهو بالمناسبة فيلم متوسط فهو ليس فاشل بكل المقاييس، في هذا الفيلم نجد أن صانع الفيلم اقتبس الخطوط والفكرة العامة من اللعبة وهذا هو كل ما يمكن اقتباسه من اللعبة.

الآن على فريق عمل الفيلم التفكير بشكل إبداعي منقطع النظير لصناعة فيلم ممتاز فلا يمكن أخذ شخصية الطاير وأحداثها وقصتها بالحرف ووضعها في الفيلم لأنه سيكون متوقع ومحروق وبلا حبكة درامية ويمكن أن يتعرض للفشل الذريع.

كذلك لا يمكن التفكير في قصة عادية يمكن قبولها في ظروف أخرى لأن اللعبة تحظى بزخم كبير أصلا ومع هذا الزخم تزداد توقعات المتلقي للفيلم.

الأزمة تكمن أيضا في التفكير الإبداعي المربوط بالخطوط العريضة للقصة الأصلية والزمان والمكان الخاص بها، حتى الحركات المميزة التي نحبها في اللعبة شاهدناها بالفعل ولن تكون بنفس قدر الإبهار على سبيل المثال حركة القتل باستخدام الـ Hidden Blade عندما نراها في الفيلم ستكون معتادة وليست جديدة علينا.

أيضا هذه الحركات المميزة ستكون مبهرة لمن لا يعرف اللعبة أصلا كما حدث مع فيلم "الكنز" مصري الجنسية حيث شاهد الجمهور البطل وهو يقوم بقفزات الـ Assassin's واستخدام أسلوب قتال سريع وهنا انبهر الجمهور المحلي بما يعرض لأنه غير منخرط في عالم الألعاب وربما لا يُدرك أصلا أن هذه الحركات مأخوذة من لعبة بينما كانت الحركات مدعاة للسخرية من قبل أي شخص يعرف اللعبة خصوصا وأن تنفيذها كان ركيك.

لذلك فالصانع الأجنبي مربوط بعدة قواعد يجب عليه اتباعها ولا يمكنه الاستعانة بكثير من التفاصيل الموجودة في اللعبة ولذلك نجد هذا المستوى المهزوز والمتوسط من الأفلام المبنية على قصص ألعاب.

الأفلام الناجحة يجب أن تستند على قصص عميقة.

بالطبع يوجد بعض الأفلام والمسلسلات الناجحة المبنية على ألعاب لعل آخرها كان مسلسل The witcher من Netflix.

وإذا تتبعنا هذه الأفلام الناجحة نجد أنها مبنية على ألعاب تمتلك خلفية قصصية عميقة وفي الكثير من الأوقات تكون قصص الألعاب نفسها مبنية على رواية شهيرة وهو ما حدث بالفعل مع المسلسل سابق الذكر.

هنا الأمور تصبح أسهل قليلا على صانع العمل السينمائي لأنه يمتلك خطوط عريضة وعميقة في نفس الوقت يمكن العمل من خلالها، لديه عالم كامل ملئ بالتفاصيل الصغيرة والمعلومات التي تساعده في بناء حبكة درامية قوية دون التقيد بقصة اللعبة نفسها.

على العكس تماما نرى قصة مثل Assassin's creed تحتاج لمجهود كبير جدا لإخراجها في عمل سينمائي لأن القصة هنا جيدة جدا ومناسبة ولكن للعبة فقط فهي لا تمتلك الكثير من التفاصيل أو عالم تم بناءه من الصفر.

كذلك فيلم مثل Warcraft نجد أنه قدم تجربة جيدة كانت ستكون ممتازة لو تم اختيار فريق تمثيل أفضل وهذا بسبب عالم Warcraft الموجود أصلا والغير مربوط بلعبة معينة وعندما تم نقل العالم فقط إلى فيلم كان ممتع جدا بفضل التفاصيل الكثيرة الموجودة داخله.

الأمور أسهل بكثير بالنسبة لصناعة الألعاب.

نجد هنا الأمور تنقلب رأسا على عقب لأن مطور اللعبة لا يحتاج إلى إرهاق نفسه بالكثير من التفاصيل ويمكنه أخذ قصة الفيلم ووضعها داخل اللعبة ويظل الأمر ممتع لأن تجربة اللعب لا تعتمد فقط على القصة بل يدخل معها العديد من العناصر مثل أسلوب اللعب وجودة الرسوم، حتى إن كانت القصة تلعب دور كبير سيظل اللاعب يشعر بمتعة وهو يتحكم في أحداث الفيلم الذي يحبه.

نفس الأمر يتكرر مع الحركات الشهيرة والمميزة الموجودة في الفيلم فمثلا ألعاب Star Wars نجدها ممتعة جدا ونحب القتال بالسيوف الضوئية على الرغم من أن هذا الأمر نعرفه جيدا من الفيلم ولكن هنا التفاعل يلعب دور كبير جدا فاللاعب يشعر بالمتعة عندما يستخدم هذا السيف والقتال به على العكس إذا كانت الحركة من اللعبة وتم نقلها إلى الفيلم.

نفس الأمر تكرر مع لعبة Marvel's Avengers حيث استمتعنا جميعا ونحن نستخدم قدرات الأبطال بأنفسنا ونقوم بسحق الأعداء وتدمير البيئة من حولنا فمن منا سيكره أن يدمر الأشياء بنفسه على طريقة الرجل الأخضر أو أن يطير في الجو ويطلق الصواريخ والليزر مثل الرجل الحديدي؟

بالطبع لا أحد.

بكل بساطة صانع اللعبة يمكنه تطوير لعبة ممتازة مستوحاة من فيلم طالما اتبع القواعد الهامة وقام بتقديم لعبة على مستوى عالي من الدقة سواء في أسلوب اللعب أو جودة الرسوم وهو أمر يمكن القيام به بسهولة في ظل وجود شركات ناشرة عملاقة وفرق تطوير ممتازة.

لذلك فالألعاب التي تفشل تكون دائما بسبب أسلوب اللعب السيئ أو الرسوم الرخيصة والتي تعكس دائما مستوى الإنفاق المحدود على هذه الألعاب، أما الأفلام فحجم الإنفاق لا يكون هو المعيار الوحيد فقد نرى أفلام تحتوي على تقنيات فائقة ومشاهد قتالية عالية ولكن مازالت مملة لأنه في العمل المصور يكون الإبداع الفكري الخالص هو العامل الرئيسي في النجاح وليس التقنيات وحجم الإنفاق فقط.

الخلاصة.

أفلام مستوحاة من ألعاب