أحد اهم الامور التي يبحث عنها اللاعيبن على منصة الحاسوب هو الحصول على مشاهد رسومية في الألعاب ذات جودة رسومية عالية خالية من أي شوائب او مشاكل في المشهد الرسومي بحد ذاته, ويمكن أن أقول أنهم يبحثون عن الكمال في ذلك المشهد الرسومي الذي يعيشون فيه جو مليئ بالمتعه والتشويق مع ألعاب الحاسوب. احد المعضلات الرئيسية في تحسين شكل المشهد الرسومي ليظهر بمظهر مثالي هو ما يعرف بتنعيف الحواف Anti-Aliasing, هذه الخاصية المستخدمة منذ فترات طويلة من الزمن كانت تهدف إلى عرض صورة أفضل في الالعاب من خلال تقليل وتحسين شكل المشهد الرسومي من خلال تقليل التعرجات والانحناءات التي تشاهد بوضوح في اللعبة.

حديثنا في هذا المقال سيكون متعلق بتطور جديد في عالم تنعيم الحواف يحمل إسم DLSS (وهي عملية تنعيف حواف فائقة تعتمد على التعلم العميق) ودورها يكمن بالاستفادة من التعلم العميق والذكاء الاصطناعي، مما ينتج عنها تنعيم حواف سلسة دقيقة على الأغراض والمشهد الرسومي المصيير في الألعاب. حيث سنرى كيف تعمل هذه التقنية الجديدة لتحسين المشاهد الرسومية في الألعاب وماهي إيجابياتها وسلبياتها.

بداية وقبل كل شيء..ماهو تنعيم الحواف AA؟

Anti-aliasing هي تقنية تقلل من أثر حدة تعرج الحواف ويجعلها تبدو أنها تمتلك دقة وجودة صورة أفضل. بالتالي أتى تنعيم الحواف AA للتخلص من حدة تعرج الظاهر على الخطوط للمضلعات المصيرة. ولتقديم جودة صورة مثالية للمجسمات والأضلاع فأنت تحتاج إلى الحد الأعلى من درجة تنعيم الحواف, ولكن بالمقابل أنت بحاجة الى أقل حد من استهلاك الأداء لتحصل على جودة صورة ممتازة, وبالمقابل استهلاك مقبول للإطارات. عند رسم خط مستقيم باستخدام أي برنامج للرسم ومن ثم كبرت الصورة، سوف تكتشف أن الخط يبدو كما لو أنه متعرج. لإزالة هذا التعرج وجعله يبدو فعلا كخط مستقيم خالي من التشويه, فإنه يتم حل هذه المشكلة بواسطة MIP-Mapping, أو يتم حلها بواسطة التنعيم AA.

هذه التقنية تستخدم في عالم الالعاب بكثرة لأنها قادرة على عرض جودة صورة أفضل من خلال إنهاء مشكلة تعرج الحواف. لكن ذلك يكلف عدد كبير من الإطارات مما جعل الشركات تعمل على تطوير تنعيم الحواف مثل CSAA القديم و SSAA بجانب MSAA و FXAA المطورة من قبل انفيديا و TSAA ولا ننسى MFAA المطور من قبل انفيديا أيضاً مع البطاقات المستندة على معمارية ماكسويل. وأخيراً اليوم ننتقل نحو DLSS المطورة من قبل انفيديا والمخصصة لبطاقات الجيل الجديد RTX 2000 التي تدعي انها سوف تعرض لنا جودة رسومية أعلى بفضل معالجة تعرج الحواف بشكل مثالي من خلال الذكاء الاصطناعي الذي يعمل على اختيار أفضل نسخة من الصور للمشهد المراد تنفيذ تنعيم الحواف عليه.

سمعنا عن MSAA/MFAA/TAA والان نحن نحو DLSS..هل لك ان توضح لنا الفروقات؟

لا يختلف اثنان ان هناك الكثير من انماط تنعيم الحواف التي نجدها متوفرة من انفيديا و AMD وكل واحدة منهم لديها سلبيات وإيجابيات, فمن السلبيات هو تقليل الاداء بشكل كبير على حساب عرض جودة صورة أفضل, تعتيم الصورة بشكل سيء, ومن الإيجابيات حدوث تنعيم حواف افضل ولكن دون الكثير من استهلاك الاداء أي نسبة انخفاض الأداء تكون محدودة. لن أسرد التاريخ في هذا المقال عن تنعيم الحواف وماهي الانواع المستخدمة والاكثر شهرة ولكن من هذه الأنماط المستخدمة بكثرة بين اللاعبين هو MSAA, ما كان يتميز به MSAA أنه يقلل من مستوى الحواف الحادة أو المتعرجه ، لكن المشكلة كانت تكمن أنه مقابل تلك الإيجابيات كانت تلك التقنية تستهلك قوة رسومية اكبر, مما ينتج عنها بالمحصلة إطارات منخفضة أثناء اللعب, وهو ما لا يرغب به الاعبيون.

فعلى سبيل المثال أنت تلعب على دقة 2K وعلى لعبة ما على أعلى إعدادات الرسومية ستجد ان بطاقتك الرسومية تعطيك 60 فريم ولكن مع تفعيل تنعيم الحواف MSAA بمستوى 4x او 8x ستجد أن الاداء انخفض بنسبة كبيرة حوالي 15 فريم إلى 20 فريم بحسب اللعبة المختبرة عليها. لذلك كان لابد من حل عملي حيث طورت انفيديا حلاً اخر وهو  MFAA أختصار لـ Multi-Frame Sampled Anti-Aliasing. مع تقنية MFAA لمعمارية ماكسويل، قدمت انفيديا برمجة أفضل لعملية المعالجة للتنقيط والمخزنة على ذاكرة الوصول العشوائي RAM، مما ينشئ لنا تقنية تنعيم حواف أكثر ابتكار ومرونة وحداثة والتي تعالج على نحو فريد التحديات التي تواجه المضلعات والمجسمات، أضف الى تكلفة الأداء المتزايدة للتنعيم عالي الجودة. الأرقام التي رأيناه في السنوات الماضية مع MFAA أثبت التالي: عند اختيارك لتنعيف الحواف 4xMFAA فسوف تلاحظ بالمقابل تكلفة أداء تنعيم الحواف 2xMSAA، لكنه يصل الى جودة 4xMSAA! وهذا أمر ملفت أن نجده أنه يصل الى نفس جودة 4xMSAA لكنه بالمقابل يستهلك نفس أداء 2xMSAA.

بالانتقال نحو الجيل الجديد من بطاقات انفيديا RTX 2000 نلاحظ توجه مهندسي الشركة نحو نقلة جديدة في عالم تنعيف الحواف من خلال تحسينها بأفضل ما يكون. تقنية DLSS الجديدة من انفيديا تصنف اليوم من ضمن اكثر التقنيات الواعدة في عالم الألعاب بسبب قدرتها الفريدة من نوعها. هذه التقنية الجديدة القادمة مع الجيل الجديد لم يتم الكشف كثيراً حول ألية عملها بشكل مفصل بل كان الشرح المتعلق بها بسيط وسطحي إن صح التعبير, مع ذلك نحن في عرب هاردوير كما عودناكم نحلل الأمور بنظرتنا الخاصة حتى نوضحها لكم بالشكل الأمثل. تعرف DLSS على أنها ميزة مساعدة على تنعيم الحواف لتتيح لنا أداء أفضل "معدل إطارات أفضل" من تنعيم الحواف التقليدي عند دقات عالية مثل 2K و 4K، وبنفس الوقت ستحقق جودة صورة أفضل مما تمنحنا إياه تلك الأنماط الأخرى, حيث يمكن أن تسميه بنمط  "Ultra AA". فهذه التقنية يقال انها قادرة على عرض مشهد رسومي بجودة عالية عند معدلات إطار أسرع..إلى أي مدى هذا الكلام صحيح؟ يمكن ان أقول ان ذلك الكلام صحيح بنسبة كبيرة ولكن هناك بعض السلبيات لابد من التطرق لها.

DLSS يستفيد من الشبكة العصبية العميقة لاستخراج ميزات متعددة الأبعاد للمشهد المصير ليجمع بذكاء التفاصيل من عدة إطارات لإنشاء صورة نهائية عالية الجودة. هذا يسمح للبطاقات الرسومية المستندة على Turing أن تستخدم نصف النماذج لتصيير واستخدام الذكاء الاصطناعي في ملأ المعلومات لإنشاء الصورة النهائية. في تفصيل أكبر تستخدم واجهة NGX API "المخصصة للمطورين" الشبكات العصبية العميقة المعروفة بإختصار (DNN) ودورها يكمن بوضع الخدمات العصبية لإجراء المهام المطلوبة والمستندة على الذكاء الاصطناعي التي تسرع وتحسن من الرسوميات، التصيير وغيرها من التطبيقات من جانب المطور أو المستخدم لتلك الواجهة. NGX توظف بدورها أنوية Tensor "المخصصة لمعالجة العمليات المستندة على التعلم العميق" لتسريع أبحاث التعلم العميق وتعزيز الرسومات وتصوير الصور ومعالجة الفيديو مباشرة في التطبيقات والالعاب لتعمل فقط على البطاقات الرسومية المستندة على معمارية Turing.

يمكن أن نقول ان جميع ميزات تقنية NVIDIA NGX ستكون مدارة بواسطة برنامج GeForce Experience في حالة استخدمت بطاقة رسومية من الجيل الجديد RTX 2000 ليكون دور ذلك البرنامج البحث عن المعالج الرسومي من معمارية Turing وعند عثوره عليه، سوف يتابع تحميل حزمة NVIDIA NGX وكذلك وحدات الشبكة العصبية العميقة المتوفرة للتطبيقات والألعاب المنصبة على حاسوبك, طبعاً فقط المدعومة بهذه التقنية. بدورها سيكون للشبكة العصبية العميقة DNN ارتباط كامل مع واجهات DirectX, Vulkan , CUDA 10 المسرعة في عملياتها بفضل أنوية Tensor لتستفيد من الاستدلال العالي الأداء القادر على تقديم ناتج عالي وخمول منخفض.

قد تتسائل ما أدخل DLSS في كل ذلك؟ الفكرة أن كلاً من NGX بجانب الشبكة العصبية العميقة DNN مرتبطة مع DLSS لتعمل كوحدة DNN "التي تستفيد من قدرات معالجة الصور لشبكة التعلم العميق" لكي تحل المشاكل المعروفة مثل الضبابية والظلال الضعيفة الموجودة مع تنعيم الحواف TAA. بفضل هذا التجانس بالادوار بينهم سيكون من الممكن القول "وفقاً للنتائج التي كشف في وقت سابق" ان DLSS سيقدم إما جودة أعلى بكثير من TAA أو أداء أسرع بكثير. على سبيل المثال، بدقة 4K عرض لنا DLSS أداء أسرع بمرتين من TAA في النسخة التجريبية لديمو infiltrator الذي يستخدم فيه محرك Epic’s Unreal Engine 4. لكن للوصول إلى هذه النتيجة هناك متطلبات مسبقة وهي عملية التدريب التي تحتاجها الشبكة العصبية العميقة DNN لتتعلم كيفية إنتاج النتيجة المطلوبة بفضل العدد الكبير للصور المعروضة ذات الجودة العالية.

توضح انفيديا أنه ولتدريب الشبكة العصبية العميقة احتاجت لاستدعاء آلاف من الصور المصييرة بجودة عالية (64xSS). فتنعيم الحواف 64x supersampling يعني أنه بدلا من تظليل كل بكسل على حدى، فإنها تظلل 64 عينة مختلفة ضمن البكسل الواحد، ومن ثم تجمع النواتج، بحيث تولد صورة كاملة مع تفاصيل مثالية وجودة تنعيم عالية. كما تلتقط صور المدخلات الخام المتشابهة والمصييرة بشكل طبيعي لتبدأ انفيديا بتدريب شبكة DLSS لتماثل إطارات ناتج 64xSS، وبعد العديد من عمليات التكرار، يتعلم DLSS لوحده إنتاج نتائج مقاربة تقريبا لجودة 64xSS، وبنفس الوقت يتعلم أيضا تجنب المشاكل المعروفة في تنعيم الحواف كما هو الحال مع TAA.

هل هذا أقصى ما سيقدمه DLSS؟ بالتأكيد لها فهناك نمط اخر وهو DLSS 2X الذي يرتكز كليا على عرض الجودة العالية والقصوى بدلا من الأداء. DLSS 2X يوفر جودة خرافية بصورة 64x supersampled، والتي في الوقت الحالي من المستحيل تصييرها في الوقت الفعلي بسبب حاجتها لقدرة حوسبية هائلة, بمعنى أخر في عالم الألعاب قد لا نراها بعد, ولكن هي نظرة مستقبلية على ما نحن قادمون إليه. المثال المرفق في الصورة التالية يوضح لك أن DLSS 2X يقدم جودة صورة فائقة جداً أثناء مقارنتها مع TAA.

إذاً وبعد هذا الشرح سيكون الملخص البسيط لشرح هذه التقنية ان DLSS تستفيد من الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق التي تدعمه انفيديا مع الجيل الجديد بانوية خاصة لإعادة إنتاج المشهد الرسومي عند دقة أعلى بكثير من اللعبة المصيرة على تنعيم حواف اخر. إنها مصممة لتحسين الدقة البصرية للمشاهد الرسومية ولتكون أقل تطلباً للفريمات عن تقنيات تنعيم الحواف الأخرى مثل TAA.

لنتحدث بلغة الأرقام ولغة الصور...ماذا يمكن أن تخبرنا؟

بلغة الأرقام سنبدأ اولاً مع لعبة Shadow of the Tomb Raider التي اظهرت فيها انفيديا أنه عند تفعيل تقنية DLSS مع بطاقة RTX 2080 استطاعت ان تصل إلى 55 فريم تقريباً على دقة 4K "أي مع تفعيل DLSS ازداد الاداء وتحسنت الصورة" بينما بطاقة RTX 2080 Ti على دقة 4k من دون تفعيل DLSS حققت 60 فريم تقريباً. لعبة أخرى؟ Final Fantasy XV هي من الألعاب التي تعد بأنها ستسفيد بشكل أكبر من هذه التقنية فوفقا للمخرج الرئيسي والمبرمج الأساسي للعبة Final Fantasy XV السيد تاكيشي أراماكي، فإن قدرة تقنية DLSS تبدو مذهلة. فلقد أشار ان حواف المضلعات أصبحت أكثر نقاوة حيث كانوا قادرين على تحقيق تقليل واضح في الضبابية. كما أن الأداء يزداد بشكل كبير مع دقة 4K ومعدل الإطارات أصبح أفضل. وهذا تأكيد أخر على أن هذه التقية تبدو حقاً واعدة.

حتى لا أبالغ وأشعركم بأن هذه التقنية مثالية للغاية, فإنها مثل أي تقنية تحمل في طياتها الإيجابيات والسلبيات, لكن الإيجابيات أكثر من السلبيات بناء على ما رأيته حتى الان. ففي بعض الحالات ومن خلال الصور التي سوف أريكم إياها تبدو تقنية DLSS أفضل من TAA، وأحيانا تبدو أقل منها. ولكن بالمجمل هي تعرض لنا قدرات وجودة وأداء أفضل من أي حلول أخرى. في الصور التي تشاهدها بالأعلى ستلاحظ أن الصور الملتقطة بتقنية DLSS تعرض جودة أفضل, فقط كبر الصورة وسوف ترى في الخلفية النباتات بجودة متفوقة على TAA.

سنتفق مع من سيقول انه من الصعب رؤية كل تلك الفروقات وأنت تلعب تلك الالعاب لان الامر يحتاج إلى تدقيق في الصورة دون تحريكها حتى ترى بالضبط الفروقات ولكن بنفس الوقت عندما تلعب على شاشة كبيرة الحجم وبدقة 4K ستشاهد جزء من تلك التفاصيل المثيرة للاهتمام وربما الاهم لك كلاعب هو ليس حصولك على جودة أفضل فقط بل بنفس الوقت الحصول على معدل إطارات أسرع, فحتى الان النتائج المختبرة من قبل انفيديا أو بعض المقريبن منها الذين استطاعوا اختبارها بشكل دقيق تبين لهم أن دقة 4K مع تمكين DLSS تعمل على نحو أسرع من 4K بدون أي تنعيم, وهو شيء ملفت جداً.

البداية مبشرة مع دعم أكثر من 25 لعبة لهذه التقنية الجديدة