ذاكرة عشوائية أو RAM ، كلمة نراها يومياً على صفحات الانترنت أو على علب المنتجات الالكترونية التي نشتريها يوماً بعد يوم، سواء كانت هواتف أندرويد أو ايفون أو كانت أجهزة منزلية مثل الثلاجة الذكية الخاصة بك، لكن ما هي الذاكرة العشوائية - رام - في الأساس؟ من صممها؟ ولماذا؟ وكيف كانت في الماضي؟ حان الوقت لنعلم كل هذا!

ما هي الذاكرة العشوائية (Ram)؟

هي نوع من أنواع الذاكرة الداخلية للحاسب الآلي التي تمتاز بسرعة إستجابتها لأوامر المعالج وتنفيذها له بسرعة تفوق الـ Hard Disk بأضعاف مضاعفة. ولهذا يتم تحميل جزء كبير من نظام التشغيل عليها أثناء تشغيل الحاسب مع تخزين جميع البيانات التي يتم إستخدامها في وقتها الحالي لكي يقوم الحاسب بالعمل عليها في أسرع وقت، ولهذا تسمى بالذاكرة الرئيسية.

طبيعة البيانات فيها متطايرة؛ مما يعني أنك إذا قمت بغلق البرنامج أو الحاسب سيتم إزالة جميع البيانات التي تم تسجيلها على الـ RAM وتلك العملية أيضاً تحدث في الهواتف الذكية سواء كانت ايفون أو أندرويد.

كيف تعمل الـ RAM ؟

تخيل معي الذاكرة وكأنها مستودع صناديق فارغة وتريد أن تقوم بوضع كرة ما في أي صندوق بدون أي إهتمام لترتيبه أو مكانه لأنك في النهاية بعد إستخدامه ستظل مدرك لمكانه بشكل دائم حتى الوصول إليه لتأخذ الكرة. هكذا تعمل الذاكرة العشوائية في حالة التخزين بها، فعنوان الذاكرة -وهو الدليل على مكانها- يظل محفوظاً ما أن تسجل عليه البيانات الخاصة بالبرنامج أو تقوم بتعديل عليها. على عكس الأقراص التي تحتاج أن تبدأ من أولها لتصل إلى المكان الذي يحتوي على البيانات الخاصة بها، مما يطيل وقت التخزين والمراجعة الخاصة بالبيانات.

البطاقات والأقراص الممغنطة ما هي إلى أنواع رخيصة من وسائط التخزين الخاصة بالحاسب الألي نظراً لبطئها بالمقارنة مع الذاكرة العشوائية، ويعود هذا لطريقة التصنيع. فالذاكرة العشوائية هي مجموعة كبيرة من الترانزيستورز الصغيرة للغاية مجمعة مع بعضها البعض على سطح لوحة من السيليكون مما يجعلها أغلى بكثير من باقي أقراص التخزين.

أنواع الذاكرة العشوائية رام تنقسم إلى:

  1. ذاكرة عشوائية ديناميكية (DRAM)
  2. ذاكرة عشوائية ثابتة (SRAM)
  3. ذاكرات الطاقة الصغيرة (LPDDR)

ديناميكية (DRAM): وهي النوع المفضل للمستهلكين العاديين نظراً لسعرها الرخيص وأدائها للوظائف التي نحتاجها بشكل يومي على أفضل شكل ممكن. رخص سعرها يرجع إلى تكوينها في الأساس، فهي عبارة عن  مجموعة مكثفات تم توصيلها سوياً لتشكل وحدة تخزين.

[caption id="attachment_246777" align="aligncenter" width="800"]RAM ايفون أندرويد DDR4 DRAM[/caption]

كل خلية منها قد تحتوي أو لا تحتوي على شحنة، فتلك المكثفات تحتفظ بالبيانات على شكل شحنات كهربائية. لكن المكثفات تخسر كل الشحنات بداخلها كل فترة من تلقاء نفسها لأسباب فيزيائية لن نتمعن فيها، ولهذا يتم توصيلها بدائرة كهربائية تقوم بإنعاشها كل فترة حتى لا تخسر البيانات التي تم تخزينها. يتم إلحاقها بترانزستور يقوم بالعمل كحارس لها ليحدد إن كانت العملية القادمة هي قرائة أم تعديل على البيانات.

ثابتة (SRAM): وهي النوع الثاني الذي يحتاج إلى كهرباء مستمرة أيضاً، لكنه لا يحتاج إلى تلك الدائرة الكهربائية التي تقع بداخل النوع الأول لتقوم بإنعاش البيانات. ففي الذاكرة الثابتة، تحتوي على مجموعة من الترانزستورز التي -مثل أي حاسب- تحتوي على رقم 1 أو 0 للدلالة على وجود البيانات من عدمها، وتحتاج إلى العديد من تلك القطع لكي تصل إلى الوصول لبت واحدة من البيانات بداخل الذاكرة.

[caption id="attachment_246778" align="aligncenter" width="709"]Ram ايفون أندرويد الشكل البدائي للـ SRAM[/caption]

لكن في النهاية هي النوع الأسرع والأقل تكلفة من الناحية الكهربائية عن أختها من النوع الديناميكي، وبسبب العدد المهول من الترانزستورز سنجد أن فارق الحجم أكبر أيضاً. وبسبب سعرها العالي، يتم إستخدامها كـ Cache Memory بداخل المعالج الرئيسي للحاسب فقط.

ذاكرات الطاقة الصغيرة (LPDDR) : والتي تم تصميمها خصيصاً من أجل الهواتف الخلوية والأجهزة اللوحية نظراً لصغر حجمها الشديد لكي يتم وضعها بداخل هاتف في حجم اليد. وهي أيضاً من الفئة الديناميكية وتتواجد بشكل مستطيل أو مربع صغير محاط بدبابيس من كل جانب متصل باللوحة الأم الخاصة بالهاتف المحمول.

[caption id="attachment_246779" align="aligncenter" width="680"]Ram رام ايفون أندرويد الذاكرة العشوائية الخاصة بالهواتف.[/caption]

تضييق فارق السرعة بين الـ RAM و المعالج:

في الماضي لم تكن الذاكرة العشوائية متزامنة بأي شكل من الأشكال مع المعالج من ناحية السرعة، وهذا كان بسبب بطء سرعة المعالج مقارنة بالسرعات التي نسمع عنها حالياً في كل إعلان على شبكة الانترنت أو إعلانات هواتف أندرويد و ايفون .

ففي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، بدأت تلك المشكلة بالتصاعد حتى تم إيجاد الحل المثالي وهو إختراع نوع من الذاكرة العشوائية من الفئة الديناميكية لكي تكون متزامنة مع سرعة المعالج عن طريق قراءة المدخلات من المعالج للذاكرة العشوائية. ولكنها وجدت نهايتها في عام 2000 بشكل سريع نظراً لبطئها نسبياً مع المعالج مما أدى إلى إكتشاف نوع جديد مرة أخرى.

الـ Double Data Rate أو ما نعرفه بإسم DDR هو التقنية الجديدة التي تم إستخدامها لكي تقوم الذاكرة -حرفياً - بمضاعفة معدل نقل وقراءة البيانات- سواء على الحاسب أو أجهزة أندرويد و أجهزة ايفون - مرتين حتى تم تطويرها ثلاث مرات أخرى وهو DDR2، DDR3، DDR4. ولا يتوافق أي نوع منهم مع ما جاء قبله نظراً للفارق الملحوظ في أداء كل منهم عن الآخر وتناول البيانات بأحجام أكبر.

تقوم حالياً منشأة JEDEC Solid State Technology Association بالعمل على فئة DDR5 والتي كان من المقرر صدورها في العام الماضي، لكن مازلنا ننتظرها إلى الآن.

تأثير الذاكرة العشوائية رام على البطاقات الرسومية:

كما يوجد Double Data Rate RAM من أجل الذاكرة الأساسية، تواجدت أيضاً من أجل البطاقات الرسومية ليتم إختراع Graphics Double Data Rate SDRAM والتي يتم إستخدامها في البطاقات الرسومية وكل ما يتعلق بالرسوميات والرندرة. فهي تدعم أيضاً نقل البيانات والعمل عليها في وقت أسرع.

لكن مع الأسف تحتاج إلى طاقة كهربية أعلى من الذاكرة العادية ولها توقيت أقل منها في العمل أيضاً لأنها تعمل بشكل متوازي يسمح للبطاقة بالعمل على أكثر من عملية في نفس الوقت مثل القيام بتحميل رسومات ألعاب الفيديو سواء كانت بعدين أو ثلاثية الأبعاد أو رنردة مقاطع الفيديو.

مثل الـ DDR العادية، تسمح بنقل البيانات في سرعة أعلى وأفضل عن ما قبل حتى أنها دخلت في العديد من مراحل التطوير لتصل الآن إلى GDDR6.

ماذا يحدث عند إنشغال الـ RAM بالكامل؟

قد تكون الذاكرة ممتلئة بشكل كامل يمنعها من العمل على برنامج أخر، وتحدث تلك الأزمة خاصةً أثناء تشغيل العديد من التطبيقات في وقت واحد لكي يؤثر هذا بشكل ملحوظ على سرعة وأداء الحاسب أثناء إستخدامه. حتى قامت أنظمة التشغيل بإيجاد حل يسمى بالذاكرة الإفتراضية.

الذاكرة الإفتراضية تلعب دور كبير يتضمن نقل البيانات بشكل مؤقت إلى مكان ما في القرص الصلب الخاص بحاسبك من الذاكرة الخاصة بك حتى تزداد مساحة العناوين الإفتراضية الخاصة ببياناتك على القرص الصلب لكي يحمل البيانات وعنوانها حتى لا تضيع أثناء عملية النقل، مما يساعد النظام على تحميل عدد أكبر من الببرامج في نفس الوقت وكأنهم يعملون بذاكرة غير منتهية بدون شراء ذاكرة عشوائية.

تستطيع تلك الذاكرة الإفتراضية أن تتحمل الكثير من العناوين على عكس الذاكرة العشوائية حتى تقوم الذاكرة العشوائية بالتخلص من البرامج التي شغلته لوقت ما فتحول تلك العناوين الإفتراضية إلى عناوين حقيقية بداخل الذاكرة العشوائية. ولكن الذاكرة الإفتراضية تقوم بإبطاء عمل الحاسب نظراً لعمليات تحديد العناوين الخاصة بالبيانات التي تحدث أثناء إستخدامها.

مستقبل الذاكرة العشوائية:

المستقبل الآن يمشي في إتجاه الذاكرة المضادة، وهي نوع جديد من الذاكرة العشوائية التي يتم تطويرها لزيادة سرعة قراءة وتعديل البيانات الخاصة بالحاسب حتى تستطيع البرامج على جميع الأجهزة سواء كانت حاسب مكتبي، لابتوب، أو هاتف من فئة ايفون أو أندرويد أن تعمل بسرعة أعلى وبشكل أدق.

تلك الذاكرة لن تكون قابلة للمسح على عكس سابقتها، ويعود هذا لقدرتها على تخزين البيانات حتى إن تم إطفاء الجهاز التي تم تركيبها فيه وهذا يجعلها مرشح أكثر من جيد لكي تقوم بأخذ مكان الذاكرة العشوائية.

ستكون تلك الذاكرة أيضاً أفضل من ناحية الأجهزة التي لا تستخدم طاقة كهربائية عالية مثل الهواتف الذكية مثل أندرويد و ايفون والأجهزة المضمنة ذات الوظيفة الواحدة، مما يجعلنا نراها قادمة لتلك الأجهزة على سبيل التجربة قبل أن يتم إستخدامها على أجهزة الحاسب الألي الخاصة بنا.

لازلنا لا نعلم أيضاً متى سنرى تقنية الـ DDR5 التي كان من المقرر أن نراها في صيف العام الماضي، فهل تم الإستغناء وإيقاف العمل عنها؟ أم مازال علينا الإنتظار؟ سنرى!