[quote "لم يحدث أن أصابني الضرر في تلك المرات التي تصرفت فيها كشخص بغيض، وحدها المرات التي كنت فيها شخصًا لطيفًا هي التي ضرّتني"]

في ليلة هادئة من ليالي شهر أكتوبر المُنعشة، وفي وقت مُتاخر من المساء مُبتسماً، الهواء لطيف، لا أشعر بالحر ولسعة البرد التي في الأجواء تمر عليٍ كالحضن الدافئ الذي يملأني بالحياة، أتمنى أن يتوقف الوقت، هذا لن يحدث، اللعنة على صباح سيأتي بعد ساعات قليلة سأرى تلك الوجوه التي سرعان ما ستحول ذلك الهدوء إلى ضجيج، لم أعد أشعر بنسمة الهواء في الجو، جسدي ممتلئ بالحرارة، استشيط غضباً، اختفت تلك الابتسامة، الآن ليس في يدي سوى الإنتظار حتى الخامسة كي أرحل.

انا حقاً لا استطيع التنفس، كيف ومتي أصبحتم بهذا الغباء والجحود، هل ينتهي الأمر بمجرد حلول الخامسة؟ أم سأعاود هذا غداً، وبعد غداً، وبعد شهر، وبعد عام، لم يتغير الأمر بمرور الوقت، اللعنة مجدداً على الوقت بمروره تتحول الأمور دائماً للأسوأ، يجب أن أرحل تماماً، أنا عازم على تقديم استقالتي، لقد طفح الكيل ، مهلاً مهلاً .. ماذا بعد الرحيل؟ هل سأجد الراحة المنشودة في هذا المكان الأخر أم سأعاود نفس الفصل مع أناس مختلفين في الوجوه، يتشاركون نفس الطباع، على الأغلب هذا ما سيحدث، سأتراجع عن الاستقالة، لدي ديون ومسؤوليات وعائلة وأطفال، لا يمكن أن يحدث هذا، لقد أصبحت مثلكم تماماً.

أهلاً بك في حياتك العملية، تباً يا صديقي القارئ الذي دفعك الفضول لفتح هذا المقال هل ظننت لوهلة أني أتحدث عن حياتي، بربك بالطبع لا .. أحم أحم، يبدو أن مُستقبلي المهنى على المحك الآن، دعك من كل هذا الهراء.

لا شك أن بيئة العمل الجيدة، سواء كانت في المكتب أو في الموقع، أو حتى إذا كنت تعمل من المنزل تعكس بنسبة كبيرة قدرتك على الإنتاجية وتحقيق أهداف شركتك أو مؤسستك، والحصول على رضا مديرك الذي في هذا الزمان أصبح في أهمية رضا الوالدين، حتى إذا كنت مديراً فالحصول على رضا العميل بنفس ذات الأهمية، عندما تُدب السمية في بيئة العمل، يفسد كل شئ.

وفقاً لموقع "Study Finds" وبحسب دراسة جديدة فإن التواجد في بيئة عمل سامة ليس من شأنه أن يجعل الموظف غير سعيد أو يقلل من الإنتاجية والكفاءة الخاصة به وحسب، بل أنها قد تضر بصحتهم العقلية أيضاً حيث قال باحثون من جامعة جنوب أستراليا إن الأجواء العدائية بين الموظفين تزيد من خطر إصابتهم بالاكتئاب بنسبة تبلغ 300%.

موقع Blind المُتخصص في إحصاءات مكان العمل، أكد أيضاً في تقرير نشره على مدونته على إن مع قضاء معظم البالغين وقتهم في مكان العمل، فإن بيئة العمل غير الصحية يمكن أن تتركهم في حالة صحية سيئة وتضر أيضاً بعلاقاتهم الشخصية خارج المكتب.

حبك لعملك أياً ما كنت تقدمه ليس هو الشيء الذي سيجعل من عملك أمراً ممتعاً، ربما ستشعر بتلك المتعة في البداية فقط، ومع مرور الوقت، الضغوطات سوف ترتفع، الروتين سيتغلب، وحتى إذا كنت عملك هو الشيء الوحيد الذي تحب أن تفعله، سيثقل كاهلك، وستفقد الشغف رغماً عنك، في النهاية بشكل أو بأخر ستؤثر تلك الأجواء السامة على مردودك.

ابداعك وتفانيك في أداء عملك أيضاً ليس هو الشيء الذي سيجعل جميع ممن حولك راضون، وليس بالضروري أن يكون السبب في نجاحك، على العكس في كثير من الأحيان، فإن أولئك الذين يتقدمون في السلم الوظيفي هم الذين لديهم استعداد لمعرفة الطرق التي توصلهم إلى القمة، بينما تكون أنت مشغولًا فقط بالعمل الجاد الذي ستكتشف في النهاية أنه أغلب الوقت لا يغني ولا يسمن من جوع.

نعم يا عزيزي هل تظُن أن هذه الحياة عادلة؟ على الإطلاق، ربما كونك شديد اللطف هو السبب وراء ذلك البغض والمشاكل والتي تصل في النهاية إلى حد الإكتئاب وتقف عائق في طريقك وأنت لا تعلم، فكيف يُمكن أن يتحول العطاء الذي يمنحه المرء دون حساب إلى طعنات، تماماً كما قال السابقون"خيراً تعمل شراً تلقى".

بيئة العمل السمية

الأسوأ من كل ذلك، وبهذه المُجريات التي يملأها التُناقض الشديد، ستتحول أنت الشخص الهادئ الذي تحدثت عنه في مُقدمة المقال، لنفس الشخص التي كنت تريد أن لا يأتي الصباح كي لا تتعامل معه، وسيكون في نفس الوقت هناك شخص مازال حالماً لم يتلوث، كل ما يدور في باله ويفكر فيه أن لا يأتي صباحه حتى لا يرى وجهك هو الآخر، وهكذا ندور في حلقة مُفرغة.

فما الذي جعل حياتنا العملية تُصبح بهذا الشكل؟ أقصد حياتك أنت صديقي، في الحقيقة الأمر يرجع للكثير من الأسباب، وأنا هنا لمناقشتها معكم:

الشو يغلب الشطارة

عنوان المقال، وهو مُلخص لحال معظم الشركات في الوقت الحالي بالأخص في المنطقة العربية، البعض يتعامل مع الأمر على أنها مُزحة أو نكتة ولكن هو واقع أليم، الشطارة في أداء عملك ليست كافية في الوقت الحالي، هناك بعض الكسالي في شركتك لديهم رصيد أكبر منك بالرغم من أنك تعمل بشكل أكبر وأكفأ منهم ولكنك لا تستطيع إبراز عملك أمام الجميع بكل بساطة.

إذا كنت ذلك الشخص الصامت الهادئ الذي ينجز أعماله فقط دون إبهار الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة يومياً والحديث عنها خلال مرورك بمكاتب زملائك وعن صعوبتها مراراً وتكرارً، فأنت على الأغلب لا تعمل في نظر باقي الموظفين ومديرك أيضاً وذلك الكسول الجعجاع أفضل منك في كل الأحوال.

لا تفهمني خطأ عزيزي القارئ، ليس كل من يفعل ذلك يفعله من أجل الحصول على الشو، البعض نيته تكون حسنة ويقوم بإبراز ذلك من أجل شغفه فقط ومشاركة نجاحه مع أصدقائه، ولكن بشكل مؤسف يؤثر ذلك سلباً على الأشخاص الذي يفضلون العمل فقط دون الحاجه "لبروزته".

تلك الأمور لا تحيل على كل المدراء لكي أكون مُنصفا أيضاً، الأذكياء منهم لا ينطوى عليهم الأمر بسهولة، هم يعرفون بالتحديد من يعمل بجد ومن يصطنع العمل، ولكن قد يضعك حظك العاثر في إدارة لا تستطيع تمييز ذلك.

إن أول تلك الأشياء التي تجعلك تشعر بانك في "بيئة عمل تعاني من السمية" هو ذلك المُصطلح الذي ظهراً مؤخراً والذي جعل البعض من رواد التواصل الاجتماعي في الإطلاق عليه" قيراط شو ولا فدان شطارة"، وهو الذي دفعني لكتابة هذا المقال في المقام الأول.

[quote من أكثر الأشياء التي تجعل العمل ناجحاً هو العمل ككتلة واحدة، حتى إذا كنت تنجز الأعمال بنفسك دون مساعدة أحد وهذا الأمر يحدث في حالات قليلة، دائماً أذكر الفريق اللي تعمل معه كجزء من النجاح، استخدم كلمة "نحن" وليس "أنا"، تقوم الشركات على الأفراد والعمل الجماعي، فكرة الـ One Man Army لا وجود لها إلا في الأفلام الخيالية وعالم الكومكيس.]

إنجاز الأعمال الإضافية بلا مقابل

في بعض الأحيان يتطلب العمل جهداً إضافياً، وفي الحقيقة لا بأس بذلك على الإطلاق، قد تُساعد أحد زملاء العمل في أداء عملهم إذا تطلب الأمر ودون مقابل، لكن المشكلة تبدأ في أن تكرار هذا الأمر يتحول مع الوقت إلى واجب، في وقت ما سيُظن صاحب العمل وزميلك الذي تُساعده أن هذا جزءاً رئيسياً من عملك وعندما لا تقوم به لأي سبب كان ستكون مُقصراً أو منبوذاً.

محاولة المساعدة وإبراز قدراتك في المكان قد تكون سمة أساسية إذا كنت جديد في شركة ما وتريد إثبات حضورك، وهو يحدث تقريباً مع معظمنا وهو ما أحب أن أطلق عليه دائماً "حماس البدايات"، مع الوقت ستدرك أن كلمة "لا أعرف" أو "انا مشغول بعملي" هي الأفضل في هذه الظروف.

مع مرور الوقت أيضاً سوف ترفض تلك الأعمال الإضافية إذا كانت بلا مقابل وستكتفي بأداء عملك فقط، إن تقديم تلك المساعدات الغير ضرورية لزملائك كانت من المُفترض أن تعطي انطباع أنك شخص تريد مساعدة الجميع في هذا المكان، في الواقع لا يُنظر للأمر كذلك، الإنطباع الأول الذي يأخذه الناس عنك غالباً هو الذي سيدوم طيلة عملك في نفس المكان، وبالتالي احرص على اظهار قوة شخصيتك في البداية بقول "لا" إذا استدعى الأمر.

لن تكون موظفاً سيئاً هنا اذا ما قررت ذلك، ولا أنت لست هذا الشخص البغيض بعد الذي تحدثت عنه في بداية المقال، وزميلك لن يلومك على رفضك ولكنه سوف يلومك إذا ما كنت تفعل ذلك ولم تستطع مُستقبلاً وهنا تظهر المشكلة، والثقة بهؤلاء الرفقاء تُفقد.

المشكلة تُكمن في أن هناك دائماً ذلك الشخص الذي يعطي بلا مقابل، فهو يعطي ساعات إضافية ويعمل خلال العطل الأسبوعية بلا توقف، الأمر الذي يجعل المدراء يطمعون في باقي زملاء العمل بالأخص الذين على نفس الدرجة الوظيفية أو في نفس القسم من أجل حثهم على العمل مثله، ويجعلهم ينظرون أيضاً إلي أن ذلك الشخص الذي لا يعطي ساعات إضافية في العمل بأنه لا يؤدي عمله.

أظهرت دراسات حديثة أن الموظفين في جميع أنحاء العالم يعملون في المتوسط 9.2 ساعة من العمل الإضافي غير مدفوع الأجر في الأسبوع، من متوسط 7.3 ساعة قبل عام واحد فقط، هذا يثبت أن محاولة الظهور بشكل أفضل أمام مديرك تطلب دائماً التضحيات، ولكن ضحية ذلك الأشخاص الذي يلتزمون بأوقات العمل الرسمية بالرغم من تقديمهم للمردود المطلوب، لكن لا يكون الأمر كافياً.

تقول دراسة أخرى أن معظم الأشخاص الذي يقومون بعملهم بشكل مُتقن وفي هدوء ويعاملون الجميع بلطف ودون تصنع، يعانون من الاكتئاب بينما الأشخاص البغضاء هم أكثر سعادة وهدوء، وهي دراسة تثبت صحة المقولة التي افتتحت بها حديثي وهي إقتباس عن الكاتب الراحل د.أحمد خالد توفيق.

ببساطة إن تفكير هؤلاء اللطفاء الزائد في محاولة جعل مكان العمل أفضل دائماً يصطدم بحقيقة أن لا شئ مثالي، وبالتالي السعي دائماً في محاولة إرضاء كل من في العمل عندما يفشل يجعل من هذا الشخص اللطيف يشعر بخيبة أمل تصل للاكتئاب في نهاية الأمر.

بينما الشخص البغيض دائما، فهو لا يفكر سوى في نفسه وخارج العمل هو لا يعطي بالاً، وبالتالي يقع الضرر هنا على ما لا يستحقه، وهذه النظرية تُعمم لتشمل كل مناحي الحياة وليس في العمل فقط.

الفوضى والعشوائية

معني أنك إنسان مُنظم في حياتك بشكل عام ليس بالضرورة أن ينتقل معك إلى العمل، حياتك الشخصية تستطيع إدارتها وتتحكم فيها وتبعد كل المواطن التي لا تساعد في تنظيمها بالشكل الذي يرضي طموحك، بينما في بيئة العمل سوف تتأثر بمن حولك، إذا كانت بيئة العمل منظمة سوف ينتقل إليك الأمر وإذا كانت لا، سيكون هذا هو كابوسك اليومي الذي تضطر لمواجهته.

لكي أكون صادقاً، هذا الأمر أيضاً ليس من شأنه أن يدمر بيئة العمل، لم نصل لمرحلة "القاضية ممكن" بعد، العمل سينقضي بأي شكل حتى إذا كان يُدار بشكل عشوائي، ربما يتأخر وربما تقل جودته ولكن سينقضي، ولكن الأشخاص المنظمون دائماً ما سوف يعانون في مثل هذه البيئات وربما تتأثر انتاجيتهم وتطورهم على المستوى البعيد.

غياب التقدير

بعد أن تبدأ بالشك في نفسك وفي زملائك، تبدأ الريبة تتسلل إليك، وتسأل نفسك السؤال الذي يراودك كما تقول أغنية "سبيس تون" ونحن صغار، لماذا نحن هنا؟ سؤال صعب حقاً، ولكن تستمر في مسعاك وفي الواقع لا مشكلة حقيقية حتى تلك اللحظة ولكن عندما يبدأ الموظف بالشعور بعدم التقدير يبدأ الخلل في الظهور.

التقدير في العمل هو بمثابة كل شئ، وأعني بذلك حرفياً، ربما يتفوق على قدرة المال، قد تُقنع موظفك بالعمل لساعات إضافية، وفي أيام العطلات الرسمية والأسبوعية، إذا كنت تعامله بشكل جيد "معنوياً" وتقدره بالشكل اللائق الذي يُناسب عمله، المعاملة الحسنة والكلمة الطيبة لديها مفعول السحر.

في بعض الأحيان لا يكون المال مُغرياً لكل شئ،، سأتخلى عنه في بعض الأوقات مقابل راحتي النفسية، لكني لا أستطيع أن أرفض طلباً لشخص يعرف قدري ويعطيني من الحقوق المعنوية قبل المادية ما استحقه، عندما لا تحصل على التقدير المطلوب حينها ستشعر بخيبة أمل كبيرة، من تلك النقطة بالتحديد يبدأ الانهيار وفقدان الثقة بالنفس ثم زملائك وتبدأ تلك النظرة التي يبدأ منها "تحولك" تجاه زملاء العمل.

إن أبرز تلك الأمور التي تُساهم بشكل أساسي في تدمير الحياة العملية في بيئة العمل هو غياب التقدير، من هنا يبدأ الموظفون بتصيد الأخطاء لبعضهم البعض وفي الواقع هذه هي النقطة الفاصلة التي تترتب عليها أهم مشاكل بيئة العمل السامة.

اصطياد الأخطاء

لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ، ليس في العمل فقط بل في كل شئ نفعله في حياتنا، وبالتالي الأخطاء هي أمر طبيعي في أي عمل مهما كانت سنوات خبرتك، أن تكون ذلك الشخص الأقل أخطاء هو الهدف الذي نسعى إليه، لأنك ستخطأ في أحد المرات لا محالة.

في "بيئات العمل السامة" يمكن للمرء أن يعمل بجد لسنوات دون أخطاء، وهذا طبيعي ومع أول خطأ يقترفه تُعلق له المشانق وكأنه لم يعمل يوماً قبل، كل ما قدمه يُنسى في لحظة، وبالقلم الأحمر العريض يتم الشطب على كل ما أفناه من عطاء في العمل.

شعور الموظف بأن مديره أو حتى زملاء عمله يتصيدون له الأخطاء حتى تلك الأخطاء الصغيرة، سيجعل من ذلك الموظف يتحول مع الوقت لذلك الشخص الذي تحدثت عنه في مقدمة المقال، وربما ينقل هذا إلي زملائه، وإذا كان في موقع إدارة، سينقل ذلك للفريق الذي يديره أيضاً.

هذه النقاط الخمسة، هي الأساس في تدمير بيئة العمل وتحويلها من مجرد مكان يتعاون فيه الجميع مع بعض لتقديم خدمة أي كانت، إلى كابوس تتمني أن ينتهي سريعاً، ولكنها بالطبع ليست النقاط الوحيدة، انا لم انتهي بعد من مقالي، هناك بعض المُصطلحات الهامة أيضاً التي يجب أن تعرفها وتعيها جيداً لتجنب وقوع مؤسستك في فخ "السمية"، هذا إذا كنت من هؤلاء المحظوظين والذي لازلت تعمل في بيئة عاملة تتسم بالهدوء والحب، أو حتى اذا كنت تعمل في مكان مصاب بالفعل ولكن تُريد من داخلك الاصلاح، لم يفت الآوان، دائماً هناك حل لأي مشكلة.

مُصطلح "Your Best"

في موسم 2011-2012 سجل أسطورة الكرة الأرجنتيني ولاعب برشلونة الأيقوني السابق ليونيل ميسي 73 هدفاً في 60 مباراة لعبها خلال الموسم، إذا رأينا منحني أهداف ميسي في كل المواسم التي لعبها مع فريق مقاطعة كتالونيا، سنجد أن هذا الرقم أعلى بـ 13 هدف من موسم 2013 الذي سجل فيه 60 هدفاً، وأعلى من من باقي المواسم بمتوسط بلغ 23 هدفاً تقريباً.

بالرغم من ذلك لا يمكن لوم ميسي على عدم تسجيلة لـ 70 هدفاً في كل موسم، وايضاً لا يمكن مطالبته بمحاول كسر هذا الرقم الاعجازي الذي يتحقق في العمر مرة واحدة، وفكرة تحقيقه بالأساس كانت مستحيلة إذا فكرنا في الأمر قبل حدوثه، ولكن ما علاقة هذا المثال بالشركات؟

بيئة العمل السامة ميسي

هذا الأمر نفسه ينطبق على الأفراد في الشركات، بغض النظر عن أنك لا تمتلك مهارات ميسي يا صديقي حتي على صعيد عملك، منحني "الأفضل" لديك مُتغير وليس معناه بالضرورة أن هذا المنحني لابد أن يستمر بالصعود مع مرور السنوات، بل سيتعرض للحظات انكسار في بعض الأوقات وهو أمر طبيعي.

عندما يتعرض المنحني للهبوط، يجب أن يفكر من حولك في الشركة أن هذا الهبوط ليس معناه أنني مُقصر في العمل، أو لا اعمل بالقدر الكافي، ربما كانت الفترة الذي أنفجر فيها ذلك المنحني للأعلى كانت استثنائية، ولن تتكرر مرة أخرى أبداً، ومع ذلك هذا الموظف ليس مٌقصرا على الإطلاق.

مفهوم الكم والجودة

في الأعمال التي تُعرض للجمهور، يصطدم دائماً الكم مع الجودة، وإذا كان هناك عاقلاً واحداً في مؤسستك سيعلم تماماً أن الشخص الذي ينتج عمل واحد في اليوم على سبيل المثال بجودة 90% ، إذا تم إجباره على مضاعفة الكمية فإن جودة ذلك العمل ستقل لا محالة، لا يمكن الجمع بين الاثنين أبداً في نفس المدة الزمنية مهما كانت كفاءة الموظف.

تظهر المشكلة في أن معظم المدراء لا يفهمون ذلك، مع ترقي الموظف ووصوله لعدد سنوات من الخبرة أعلى يعتقد البعض أنه يستطيع إنجاز المهام بشكل أسرع وبنفس الجودة، وفي الواقع الأمر لا يسري بهذه الطريقة، فالبشر ليسوا مثل الآلات، ومن هنا يبدأ الصدام والصراع ما بين الكم والجودة، بعض الشركات تطلب الكم على حساب الجودة، والبعض الاخر العكس.

وبعض الموظفين لا يقبلون سوى بإخراج الجودة على حساب الكمية، والبعض الآخر يكتفي بما يطلبه مديره مهما كلف الأمر، ثم يختل التوازن.

في جميع الأحوال وسواء كانت شركتك أو مؤسستك أو مكان عملك يؤمن بتلك المُصطلحات أو ربما لم يسمع بها من قبل، ستشعر بأنك مُقصر إن لم تُحقق "التارجت" الذي ترتفع أرقامه مع الوقت سواء كانت المطلوب جودة أو كمية بالرغم من أنك نفس الإنسان، بنفس الأدوات، ونفس عدد ساعات العمل وغالباً نفس الراتب أيضاً، ستصل لتلك اللحظة التي تصرخ فيها قائلاً "أنا أنطفيت"، في النهاية سوف تسأل نفسك السؤال الذي يتكرر يومياً، متى تدق عقارب الساعة الخامسة؟

هل حقاً شركات التقنية هي الأكثر سمية؟

أظهرت دراسة تم نشرها في عام 2018 أن 52٪ من موظفي الشركات التي تتعلق بالتكنولوجيا "التقنية" يقولون إن أماكن عملهم سامة، والمُفاجئ هو وجود واحدة من أكبر الشركات على رأس تلك القائمة والتي ننتظر منها جيلاً جديداً من المعالجات في خلال الاسبوعين المقبلين، الدراسة التي أجريت سألت حوالي 13 ألأف عامل تقني عما إذا كانت بيئة عملهم صحية، قال 52٪ أنها ليست كذلك ووجد الاستطلاع أن الثقافة السامة إلى جانب الإدارة السيئة وعبء العمل الزائد كانت الأسباب الثلاثة الرئيسية لإرهاق الموظفين.

نتائج الاستطلاع أظهرت أن إنتل في الصدارة كأكثر بيئة عمل سامة وذلك وفقًا لـ 48.5٪ من موظفيها تليها أمازون بنسبة 46.5٪ وإي باي بنسب وصلت إلى 44.5٪، بينما الشركات التي حصلت على نسبة أقل كانت على الترتيب منصة لينكد أن بنسبة 17.3% وجوجل (23.7٪) وأوبر (29.7٪).

قد يروق لك: كيف تبدأ رحلة خطة عمل شركتك الناشئة؟

صديقي، إذا وجدت إجابة واضحة على تلك التساؤلات التي حولت من عالمك المهني إلى جحيم، جاوبني في قسم التعليقات ربما أنا وأنت بحاجة للعون، ولكن تذكر دائماً ان مكان العمل هو الذي ستقضي فيه معظم وقتك في هذه الحياة، فأحرص على تقديم العون ومحاولة المساعدة وعدم أذية الغير و إ …. عذراً دقت الخامسة لدي، عليٍ للتوقف الآن عن الكتابة ونشر هذا المقال حتى تلك النقطة وإنهاء عملي اليوم، آراكم لاحقاً!