لعبة Assassin's Creed Odyssey تمثل بداية مرحلة جديدة للسلسلة
نعلم جميعاً أن سلسلة ألعاب Assassin's Creed فقدت هويتها وطابعها السابق بشكل كامل خلال الأعوام الماضية وصولاً إلى Odyssey. في الحقيقة لا يعتبر ذلك أمراً مزعجاً إطلاقاً لعشاق اللعبة إن فكرنا قليلاً في الأمر. ولكن يمكننا أن نبدأ بمقارنة اللعبة الأخيرة مع أحد أجزاء السلسلة الأصلية، لو قمنا بعرض اللعبتين جنباً إلى جنب لاعتقد البعض أنهما لعبتين مختلفتين تماماً لسلسلتين مختلفتين ولا ترابط بينهما
يرى البعض وخاصة بعد صدور Origins أن السلسلة تحاول أن تتجه لتقليد سلسلة Witcher وتصبح أحد ألعاب الـRPG وهو رأي يحمل الكثير من المغالطات. خاصة إذا ما قارننا Odyssey بما رأيناه في Witcher 3. ولكن بلاشك أن اللعبة غيرت توجهها تماماً وأعادت هيكلة نفسها.
كما يرى الكثيرون أن لعبة Unity هي الجزء الذي بدأ انحدار اللعبة بها، ولكن هذه ليست الحقيقة بالنظر لما ه أصبحت عليه Unity في نهاية المطاف. وعندما عادت إلينا Ubisoft بجزء Origins بعد Syndicate بدا الأمر جلياً بالابتعاد تماماً عن اتجاه السلسلة السابق ولكن ما لم يعلمه أحد آنذاك أن اللعبة كانت مقدمة فقط لما في جعبة Ubisoft و أن لعبة Origins كانت مجرد تهيئة للاعبين لما سيرونه في Odyssey وما يبدو أنه الاتجاه الجديد الذي ستسير عليه Ubisoft فاللعبة تقدم تجربة مميزة عن كل الألعاب الأخرى التي تتشارك معها في الـ Genre أو التصنيف العام.
ولكن لماذا قررت Ubisoft الاستغناء عن الإرث الذي صنعته بالفعل والبدء بصنع شيء جديد ؟
ربما لا توجد سلسلة في عالم الألعاب بنفس غرابة وعدم ثبات على مستوى مثل Assassin's Creed ولكن برغم ذلك يمكننا القول أن Odyssey هي خطوة في الاتجاه الصحيح حتى ةإن كانت تشوبها بعض العيوب التي ستبعد بالتأكيد البعض عنها.
دعونا أولاً نأخذكم في رحلة قصيرة عبر بعض الذكريات. نتذكر جميعاً لعبة Prince of Persia، ولكن ربما لا تتذكرون Prince of Persia Assassin's وهي مشروع لأحد أجزاء اللعبة التي كانت قيد التطوير والتي تحمل في طيتها فكرة أساسية عن إنقاذ أحد الـ Assassin's للأمير. لكن الأمر انتهى بإلغاء الفكرة ولكن مع بقاء عامل واحد فقط منها وهو فكرة الـ Assassin ومن هنا بدأ العمل على تطوير أول أجزاء سلسلة Assassin's Creed.
قبل أحد عشر سنة وتحديداً عام 2007 أصدرت Ubisoft الجزء الأول من السلسلة، وعلى الرغم من تأثير هذا الجزء الثوري على مسار الألعاب فيما بعد إلا أنه عانى كثيراً من الفوضى بداخله. يمكننا أن نعتبرها فوضى ثورية أدت للكثير من التطور فيما بعد. فقد كانت اللعبة وسيلة لإثبات أن الفكرة العامة يمكنها النجاح بالفعل أكثر من كونها لعبة بالشكل الكامل وكما ينبغي أن يقدمه لنا المطور. ومن هنا بدأت الفكرة بالتطور مع الحفاظ على بعض الجوانب الجوهرية كالتعمق في السياق التاريخي للفكرة وأصبحت العوالم في اللعبة أكثر كثافة وعمقاً. ولكن على صعيد ميكتنيكية وسلاسة اللعب لم تتطور اللعبة بالشكل المرجو من اللاعبين وبالتأكيد ليس بنفس سرعة تطور الجوانب الأخرى لذلك دائماً كنا نقارنها بالأجزاء الأولى. ولكن وبعد عشر سنوات قررت ubisoft أن تقوم بعمل لعبة مختلفة تماماً.
وبدأت رحلة Assassin's Creed
بعد التعجل بإصدار Unity وتأثير ذلك على مبيعات الجزء اللاحق لها Syndicate تم اتخاذ القرار بإيقاف سلسلة إصدار جزء جديد في كل عام وهو قرار كان جميع اللاعبين يأمل ويرجو من Ubisoft أن تتخذه. وهو قرار لم يكن متوقعاً آنذاك نظراً للوضع الذي كان عليه إصدار الألعاب في ذلك الوقت (إطلاق الألعاب بكثير من العيوب ليكون مصيرها الفشل وسلسلة من التحديثات لمحاولة المعالجة بلا جدوى). ولكن هذا ما حدث وقررت Ubisoft منح فريق التطوير سنة إضافية للعمل على الجزء القادم لتأتي لنا بـ Origins وهي لعبة غيرت من شكل Assassin's Creed تماماً لتتحول من لعبة تخفي و أكشن إلى احتوائها على كل العوامل التي تجعل منها لعبة RPG، ولكنها لعبة RPG استطاعت الدمج بين نوعين من الألعاب واستغلال خلفيتها السابقة.
أعجب اللاعبون وأحبوا الاصدار الجديد المتمثل في Origins مما جعلها أفضل إطلاق لأحد الإصدارات في تاريخ السلسلة، وأغدق الناقدون عليها بالثناء وحققت الجانب الأهم لـ Ubisoft بمبيعات تخط ما حققته Syndicate بنسبة 100%. مما يوصلنا لنتيجة أن التجديد وإعادة البناء كان خطوة في الطريق الصحيح، وهو ما استغله المطور مع Odyssey بتبني هذا الاتجاه بشكل كامل.
علينا أولاً أن نتحدث عن التغييرات الملحوظة ونبدأها بملاحظتنا أننا في هذا الجزء لن نرى لعبة العالم المفتوح التي اعتدناها، هذه المرة الغلبة للمياه ! مثل ما حدث في Rouge و Black flag ولكن لأسباب مختلفة فما تقدمه اللعبة هو أكبر عالم تقدمه لعبة Assassin's Creed حتى الآن ولكنه متنوع بشكل واسع للغاية فمن مناطق باردة ومتجمدة إلى مناطق جبلية تشبه ما رأيناه في Rouge إلى شواطئ مثل Black flag وحتى غابات.
ربما لاحظتم عند حصول شخصية "بايك" على النصل المخفي أنه أول من يحمله من الـAssassin's وبما أن القصة في Odyssey تسبق Origins ستجد أن سلاحك الرئيسي هو رمح يقدم الكثير من التجديد في أسلوب القتال في اللعبة وهو أمر هام ولكن ليس بأهمية تأكيد فريق التطوير على التخفي في هذا الجزء وأنها ستشكل فارقاً كبيراً وحقيقياً إذا ما جمعناها مع نظام القتال المختلف، إذن نحن أمام حالة تقارب التغيير الجذري في هذا الجانب. وربما يمكنكم ملاحظة ذلك عندما يتم الدفع بك في المعارك الكبرى التي ستحوي ما يقارب 300 شخصية في نفس الوقت ومطالبتك بإحداث فارق في القتال.
في كل مرة تصدر فيها لعبة جديدة توصف بأنها لعبة RPG عادة يقصدون أنه تم إضافة شجرة مهارات أو قصة تعتمد على اخياراتك ومحادثاتك داخل اللعبة مما يعني أنها مجرد مبالغة فليس هذه العوامل فقط ما تجعل من اللعبة RPG. ولكن في حالة Odyssey لا يعد الأمر مبالغة إطلاقاً فهي لعبة تملك كافة العوامل التي تجعل منها لعبة RPG أصيلة. فقد جمعت اللعبة بين عناصر ألعاب ربما رأيتموها من انتاج Bioware أو CD Project Red، بالطبع هناك بعض التغييرات على اللعبة كاختيار الشخصية والتعديل المتعمق لمظهر وعتاد تلك الشخصية فيما بعد وهي تغييرات لم تحدث من قبل في أي من أجزاء السلسلة.
هذه التغييرات تتخطى مجرد تعديل الشخصية والعتاد ولكن اختيار أسلوب التقدم في اللعبة عن طريق الجمل الحوارية التي تؤثر على تقدمك وتغير في علاقاتك مع بعض الشخصيات والتي تؤدي لأول مرة أيضاً حصول عدة لاعبين على تجارب مختلفة والوصول لنهايات مختلفة للقصة. ستجد أيضاً التغير الملحوظ في التدرج والتطور الشجري الذي يؤثر فيه أسلوب لعبك بشكل كبير، فمثلاً إن أردت التخفي فعليك الالتزام بهذا الطريق أثناء اختيارك لمهارات شخصيتك التي ستتطور لتعطيك الأداء الأفضل لهذا الأسلوب من اللعب كل هذا يؤثر في تجربة اللعب لتصبح نوعاً ما كأحد ألعاب Fallout فأنت تشارك في لقصة بلسانك قبل سلاحك وكل لقاء لك مع شخصية ليس إلزامياً أن ينتهي بقتال أو معركة حامية.
رغم كل هذه التغييرات إلا أن اللعبة ما زالت متعلقة بجذورها بلمسات ملحوظة من الأجزاء السابقة.
اللعبة تعتبر كاستعراض لأفضل ما قدمته السلسلة في تاريخها من معارك بحرية التي تم تقديمها التركيز عليه في Black Flag، ونظام القتال المعتمد على المرواغة واستغلال الوقت في Origins، وعلى ذكر Origins فلن نرى في هذا الجزء عودة تسلق الأبراج لكشف المناطق على الخريطة ولكن سيستخدم التطور الأخير بتقديم أسلوب عين الطائر والذي ظهر لأول مرة في Far Cry Primal. هذا بالإضافة إلى محاولات Odyssey التمسك باتجاه التخفي والـ Stealth المعروف عن اللعبة، ونظام التخطيط والاستراتيجية قبل الانقضاض على العدو الذي قدمته Unity بشكل رائع وأهمله الاصدار السابق تماماً.
يبدو أن Odyssey تنوي إعادته أيضاً، ولكن نظراً لأنه تم محوه تماماً فلا نتوقع أن يعود بنفس القوة خاصة مع عدم توجه المطورين للحديث عنه حتى الآن. وأخيراً التاريخ الجانب الذي لم تتخل عنه السلسلة على الإطلاق يؤكد المطورون أنهم هذه المرة لن يحاولوا التغيير من الأحداث التاريخية وسيحاولون توفيقها بشكل كبير لتتلاءم مع سير القصة مع الحفاظ على عرضها كما حدثت على الأقل بالنسبة للمهام والأحداث الرئيسية. حتى جوانب العودة للعالم الحالي التي قدمتها Ubisoft في عدة أجزاء من اللعبة يتوقع عودتها وبقوة هذه المرة.
كل هذا يبدو رائعاً ولكن بوصول ubisoft لهذه التوليفة وبافتراض نجاحها، هل ستعود نفس السياسات بإنتاج جزء سنوي من اللعبة الأمر الذي نعلم جميعاً أنه سيؤدي لانحدار مستوى التطوير والابداع في اللعبة تدريجياً ليصل بها مرة أخرى لدرجة الانهيار ؟ شئنا أم أبينا الألعاب تبقى صناعة تقوم عليها شركات هدفها الرئيس تحقيق الربح ومن الواضح أن Ubisoft لا تختلف في رؤيتها كثيراً عن الباقين، فتذكروا أن انحدار مبيعات Syndicate هو العامل الرئيسي الذي أدى إلى حدوث هذا التغيير من الأساس مما يعني أن الأمر يتعلق أولاً وأخيراً بقدرة اللعبة على تحقيق الأرباح لا أكثر ولا أقل. يتأكد ذلك أيضاً عندما تعلمون أنه عند إصدار Origins كانت Odyssey قيد التطوير بالفعل !