توجه الألعاب المجانية (Free to Play): لماذا نظن بأنه الطريق الصحيح؟
خلال السنوات الماضية، قررت الكثير من الشركات المُطورة للألعاب أن تتجه إلى صناعة التجارب المجانية بالكامل للاعبين (Free to Play)، وأصبحت أشهر الألعاب المتوفرة في الأسواق حاليًا هي ألعاب لا تحتاج أن تدفع بها جنيه أو ريال واحد. فلماذا إذًا حدث هذا التغير في صناعة الألعاب في الآونة الأخيرة،؟ وهل هو الطريق الصحيح للمستقبل، أم الألعاب يجب أن تكون مدفوعة حتى تُقدم للاعبين التجارب الرائعة المطلوبة؟
بداية التوجه لصناعة تجارب مجانية لكل اللاعبين!
دائمًا ما كانت تتواجد الألعاب المجانية في الأسواق وبالتحديد على منصة الحاسب الشخصي، ولكن معظم اللاعبين لم يهتموا بتجربة تلك الألعاب حيث وجدوا متعتهم الأكبر في الألعاب المدفوعة سواء كانت FIFA، Call of Duty، أو Battlefield، لكن هذه الفكرة تغيرت تمامًا منذ سنواتٍ قليلة!
دعونا نعود بالتاريخ لعام 2017، وهو العام الذي بدأت فيه "موضة" ألعاب الـ Battle Royale بإصدار PlayerUnknown's Battlegrounds في شهر مارس. تلك اللعبة أصبحت أشهر الألعاب المتواجدة في الأسواق خلال أيام بسيطة من إصدارها وسيطرت على مبيعات Steam وأصبح يلعبها مئات الآلاف ويشاهدها الملايين عبر YouTube و Twitch.
يمكن إعتبار PUBG أنها طفرة في صناعة الألعاب خلال العصر الحديث لتقديمها فكرة الـ Battle Royale بأفضل شكل، وأصبحت هي المثل الأعلى في الصناعة خلال أوائل عام 2017.
على الرغم من كل هذا النجاح، إلا أنه كانت توجد مشكلة وحيدة، وهي أن PUBG هي لعبة مدفوعة ويجب عليك شرائها حتى تستمتع بها مع أصدقائك. بالطبع لم يواجه جزء كبير من اللاعبين أي مشاكل في شرائها، ولكن بعض اللاعبين أرادوا الحصول على تجارب مجانية!
هنا جاء دور شركة Epic Games حيث أنه وبعد بضعة أشهر من إصدار PUBG، قررت الشركة أن تُطلق لعبة جديدة كليًا تحت عنوان Fortnite: Battle Royale، وتلك اللعبة أصبحت واحدة من الأكثر شهرة في التاريخ (اقتربت الآن من 400 مليون لاعب).
لعبة Fortnite أصبحت اللعبة المُحببة لكل اللاعبين بسرعة لعدة أسباب:
- اللعبة متوفرة بشكل مجاني بالكامل لكل اللاعبين وكل ما عليك فعله لتجربتها هو تحميلها فقط
- اللعبة ليست متوفرة على منصة الحاسب الشخصي فقط، بل متوفرة أيضًا على أجهزة الكونسول مع إمكانية اللعب مع أصدقائك عبر مختلف المنصات (فكرة الـ Crossplay كانت متواجدة بشكل مُبسط وقتها)
- اللعبة تتمتع برسومات كرتونية مما يجعلها تجذب كل الأعمار من الصغار للكبار
- اللعبة بها مشتريات مدفوعة (Microtransactions)، ولكنها لا تؤثر على أسلوب اللعب، بل هي شكليات فقط.
لعبة Fortnite وتقديمها لفكرة المشتريات المدفوعة بدون التأثير على أسلوب اللعب!
في وقت انتشرت فيه الألعاب التي تُقدم مشتريات مدفوعة تؤثر على أسلوب اللعب مثل Call of Duty، Star Wars: Battlefront، وغيرهما من الألعاب التي كان يكره اللاعبين فكرة المشتريات المدفوعة بها، تأتي Fortnite لتُقدم فكرة وتجربة جديدة ومختلفة كليًا على المشتريات المدفوعة!
شركة Epic Games أكدت وقت الإصدار أنك كشخص تلعب Fortnite، فأنت لا تحتاج إطلاقًا إلى شراء أي شيء في اللعبة حتى تتمكن من الانتصار. اللعبة تعتمد بشكل أساسي على مهارتك أنت كلاعب، ولا تعتمد على كم المشتريات المدفوعة التي تقوم بالحصول عليها بأموالك الحقيقية.
لكن على الرغم من ذلك، فلعبة Fortnite: Battle Royale كانت (ولا تزال) تُحقق لـ Epic Games ملايين الدولارات بشكل يومي، والسبب أن المشتريات المدفوعة باللعبة رائعة وتجذب اللاعبين لشرائها.
المشتريات المدفوعة عبارة عن Skins، شخصيات، ورقصات مختلفة يمكنك الحصول عليها من الـ Item Shop. كل تلك الأشياء تجعلك مميزًا في اللعبة عن اللاعبين الآخرين، ولذلك كان يتوافد العديد والعديد من اللاعبين لشراء أي Skin جديدة فور إصدارها لدرجة أن العديد منهم صرفوا آلاف الدولارات على Fortnite!
بتلك الفكرة، لم تُقدم شركة Epic Games لعبة مجانية وحسب، بل أعطت درسًا لكل الاستوديوهات الأخرى في الصناعة أن المشتريات المدفوعة لا تحتاج أن تُقدم مميزات إضافية تجعل اللاعب يتفوق بأمواله على اللاعبين الآخرين.
كل الشركات الآن باتت تأخذ نفس طريق Epic Games مع Fortnite
فجأة، قررت كل الشركات أن تسير في نفس الطريق الذي سارت فيه شركة Epic Games. رأينا كم ضخم من ألعاب الـ Battle Royale المجانية التي سيطرت على الصناعة مثل Apex Legends، Call of Duty: Warzone، وغيرهما من العناوين الرائعة. كل تلك الألعاب أصبح لها مُعجبيها المُخلصين الذين يجلسون عليها بالساعات كل يوم ولا يلعبون غيرها.
حتى الألعاب المدفوعة مثل PlayerUnknown's Battlegrounds، قررت أن تتحول لتجارب مجانية بالكامل لأن الكرة الآن أصبحت في ملعب الألعاب المجانية. آخر لعبة حدث لها مثل هذا الأمر كانت Fall Guys التي صدرت في 2020 وقدمت تجربة جديدة، مختلفة، ومُسلية.
ملايين اللاعبين قاموا بشراء اللعبة وقت الإصدار، ولكن مع مرور الأسابيع والأشهر قل عدد لاعبيها بشكل كبير. الاستوديو المُطور لتلك اللعبة (Mediatonic) أخذ أفضل قرار منذ عدة أيام بتوفير اللعبة بشكل مجاني بالكامل على كل المنصات، وهذا ضمن له الحصول على ملايين اللاعبين.
بعض الألعاب الأخرى التي تعودنا أن تأتينا كألعاب مدفوعة مثل Halo، صدرت بتجربة أونلاين Multiplayer مجانية بالكامل مع Halo Infinite، وتوجد تسريبات حالية تؤكد أن اللعبة ستحصل على نمط باتل رويال وسيتوفر هو الآخر بشكل مجاني بالكامل!
حتى شركة مثل Ubiosft المعروفة بأنها تريد الحصول على أكبر قدر ممكن من أموال اللاعبين، قررت هي أيضاً أن تقتحم الساحة وتتحول هي الأخرى لصنع تجارب مجانية وخلال الفترة المُقبلة سنحصل على:
- Tom Clancy’s XDefiant
- Tom Clancy's Ghost Recon Frontline
- Tom Clancy's The Division: Heartland
- وغيرهم من العناوين المجانية المستقبلية، فلا تتفاجئوا إذا رأيتم لعبة مثل Assassin's Creed تحصل على تجربة أونلاين Multiplayer خدمية مثلاً!
هل الألعاب المجانية هي مستقبل الصناعة بالفعل؟
إذا نظرنا للأمر من الناحية المنطقية، فالألعاب المجانية هي بالفعل مستقبل الصناعة من ناحية الأونلاين Multiplayer. أي شركة تُفكر في صناعة لعبة أونلاين بالكامل وتُقدمها للاعبين كلعبة مدفوعة، فتلك الشركة تحكم على اللعبة بالموت قبل حتى أن تصدر. أي لاعب سيبحث عن تجارب أخرى مجانية، وبنسبة كبيرة ستكون أكثر متعة من تلك اللعبة الأونلاين المدفوعة.
أما بالنسبة للألعاب القصصية، فتلك من المستحيل أن تكون مجانية خاصةً وأن الاستوديوهات المُطورة تصرف الملايين والملايين من الأموال لتعيين ممثلين يقومون بعمل Motion Capture ويُقدمون تجارب سينمائية خلابة.
ألعاب القصة ستظل ألعابًا مدفوعة للأبد، وهذا ما سيُميزها ويجعل كل الاستوديوهات التي تصنعها تُقدم أفضل ما عندها فيها حتى تستطيع جني الأموال التي صرفتها عليها مرةً أخرى.
إذًا ما الأرباح التي تجنيها الألعاب المجانية مقارنةً بألعاب القصة؟
وفقًا لآخر التقارير، فلعبة مثل Fortnite: Battle Royale تُحقق أموالاً طائلة بشكل يومي لشركة Epic Games. الشركة على الأقل تحصل على 3 مليون دولار بشكل يومي من اللاعبين وهذا في اليوم العادي. في مواسم الأعياد أو وقت إصدار الـ Skins المميزة، تزيد الأرباح لتصل لـ 5 مليون دولار يوميًا تقريبًا!
اللعبة حققت مليارات الدولارات منذ إصدارها في 2017 حتى الآن، ويُقال أنه على الأقل تربح شركة Epic Games ما لا يقل عن مليار ونصف من اللعبة بشكل سنوي، وهذا أضخم بكثير من أي لعبة قصصية!
واحدة من أضخم الألعاب القصصية في السنوات الماضية مثل Red Dead Redemption 2، باعت 44 مليون نسخة في 4 سنوات تقريبًا من إصدارها. مما يعني أنها خلال تلك الفترة تمكنت من تحقيق حوالي 2 مليار دولار.
قارن ذلك الرقم بأرباح Fortnite، وستجد أن اللعبة المجانية تُحقق نفس الأرقام في أقل من عام ونصف. الألعاب القصصية العادية الأخرى مثل The Last of Us Part II، باعت 10 مليون نسخة خلال عامين من الإصدار، مما يعني أنها حققت حوالي 500 مليون دولار فقط لـ PlayStation في تلك المدة.
حتى لعبة أونلاين بسيطة مثل Fall Guys، حققت لاستوديو Mediatonic أرباحًا تصل لـ 185 مليون دولار خلال أول شهر فقط من إصدارها على منصة الحاسب الشخصي. الآن اللعبة أصبحت متوفرة على كل المنصات، وقريبًا ستتجه للهواتف الذكية مما يعني أنها ستُحقق المزيد والمزيد من الأرباح اليومية.
بشكل عام، أيًا كانت الأرباح التي تُحققها ألعاب القصة لأي استوديو، فلن تصل لمستوى أرباح الألعاب المجانية، إلا في حالة واحدة. تلك الحالة ستكون لعبة Grand Theft Auto VI والتي من المتوقع أن تُحقق أرباح بقيمة مليار دولار خلال أول 24 ساعة من الإطلاق الرسمي.
في النهاية، نود أن نُرشح لكم مجموعة من الألعاب المجانية التي تستحق التجربة:
- Call of Duty: Warzone
- Fortnite: Battle Royale
- Apex Legends
- PUBG: Battlegrounds
- Fall Guys
- The Cycle: Frontier
- Destiny 2
- War Thunder
- Valorant
- World of Tanks
- Paladins
- Rogue Company
- Warframe
- Counter Strike: Global Offensive
- Dota 2
- League of Legends
شاركونا أرائكم في التعليقات حول تحول الصناعة إلى تقديم مختلف الألعاب المجانية عبر مختلف المنصات، ولا تنسوا إخبارنا بلعبتكم المجانية المفضلة التي تقضون عليها أكثر وقت مع أصدقائكم!
?xml>