يرى الكثيرين في وقتنا هذا أن عصر الابتكار في الهواتف الذكية قد ذهب دون عودة على الأقل في الفترة الحالية والتي لا نرى فيها فارق ملموس بين كل هاتف وآخر بل مجرد تحسينات ليكون الإصدار الجديد قادر على القيام بنفس مهام سالفه ولكن بصورة أفضل قليلاً, خاصة عند مقارنة ما كان يقدمه كل جيل جديد من الهواتف منذ 6 أو 7 سنوات. على الجهة الأخرى يرى آخرون أن الابتكار ما زال موجوداً ولكنه لم يعد كما كان في السابق فهواتف الفئة العليا ما زالت تتنافس كل عام على تقديم كل ما هو جديد.

هذا التضارب في الأفكار والآراء دفعنا اليوم أن نناقش معكم أسباب انتشار فكرة توقف الابتكار في الهواتف الذكية والتي انتشرت مؤخراً بسبب عدة عوامل سنناقشها معكم خلال السطور التالية.

تباطؤ عملية التطوير

بالتأكيد وكأي من مناصري فكرة توقف الابتكار في الهواتف الذكية قد تشير إلى أن تطوير الهواتف الذكية لم يعد كما كان في الماضي وقد تعول عليها كسبب رئيسي فيما تراه ولكن الأمر ليس كما يبدوا, فدورة حياة أي منتج مهما كان تبدأ دائماً بتطوير سريع في البداية ثم تتقلص تلك العملية فيما بعد. هذا الأمر وإذا اسقطناه على تطوير أجهزة الحاسب سنلاحظه بشكل أوضح, ففي الفترة بين نهاية القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الجديدة تغيرت مفهوم أجهزة الحاسب تماماً بداية من طريقة العمل مروراً بنظم التشغيل, الأحجام والاستخدامات ولكن خلال العشر سنوات الأخيرة لم يتواجد ما قد نعتبره ابتكاراً جديداً فقط تطوير لما كان موجود مع بعض الابتكارات الجديدة التي لم تغير من مفهوم تلك الأجهزة حتى الآن.

قصر الفترة بين كل هاتف وآخر

بعيداً عن أبل التي تطرح هواتفها مرة واحدة كل عام تقدم كل من هواوي, سوني, سامسونج, LG هواتف من الفئة العليا مرتين خلال العام الواحد وهو ما يحجم قدرتها في تقديم كل ما لديها مرة واحدة, فإذا قامت بتلك الخطوة لن تجد ما هو جديد لتقدمه في الهاتف المقبل خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن الفترة الزمنية بين كل هاتف وآخر لا تزيد عن 6 أشهر وهي فترة غير كافية لتقديم فروقات كبيرة باستمرار.

التسريبات

لم تعد مؤتمرات الشركات للإعلان عن هواتفها الجديدة أمر مشوق كما كان في الماضي, فالأن وبفضل التسريبات أصبحنا نعرف كل شيء عن الهواتف الجديدة قبل ان يُعلن عنها بل في بعض الأحيان أصبحنا نشاهد مقاطع مصورة لها بل صورة ملتقطة بكاميراتها. هذا الأمر جعل المستخدمين يشعرون بأن الشركات لا تقدم ما هو جديد نظراً لأن التسريبات لا تصدر مرة واحدة بل جزء فجزء.

الابتكار لم بعد يجنى الأرباح

قد ترى أن العنوان السابق غريباً ولكنه أصبح حقيقة فالشركات صاحبة أعلى معدلات نمو في المبيعات والأرباح لا تقدم ما هو جديد بل تستنسخ ما تقدمه الشركات الأخرى مع توفيره بسعر أقل وأكثر تنافسيه. هذا الأمر يمكن ملاحظته بسهولة في هواتف شاومي وأبوبو واللاتان عملتا لفترة طويلة على استنساخ ما تقدمه أبل من تصميم خارجي للهاتف أو حتى للنظام وتوفيره بسعر يصل إلى ربع هواتف الشركة الأمريكية.

ارتفاع أسعار هواتف الفئة العليا والذي تحدثنا عنه في موضوعنا السابق لماذا ارتفعت أسعار هواتف الفئة العليا بصورة جنونية خلال السنوات الأخيرة؟ ساعد أيضاً في بزوغ هذه الفكرة فالقطاع الأكبر للمستخدمين لم يعد يفكر في الحصول على ما هو جديد بقدر سعيه للحصول على أقصى قيمة ممكنة مقابل ما يدفع.

الاعتماد على اسم الشركة وظهور Fanboys

بنت معظم الشركات المتواجدة حالياً على الساحة قاعدة جماهيرية كبيرة تربطها بها حُب أعمى برغم ما تقدمه الشركة فقطاع لا بأس به من المستخدمين لم يعد يفاضل بين الهواتف ليحصل على الأفضل بل يشتري هاتف الشركة التي يفضلها مهما كان الهاتف مكرر ولا يقدم الجديد. هذا الأمر ساعد الشركات في طرح هواتف دون أي ابتكار حقيقي وبفروقات بسيطة عن الإصدارات السابقة تأكداً منها أن الهاتف سيُباع وسيحقق المبيعات المحققة.

مما قد قرأته خلال النقاط السابقة سترى بالتأكيد أنني من مناصري رأي أن الابتكار لم يتوقف في الهواتف الذكية وهو ما لا أنفيه بل أفضل تأكيده من خلال عرض نماذج عددية خلال العامين السابقين.

بعض الابتكارات الجديدة:

  • خاصية التعرف على الوجه التي تقدمها أبل بدقة كبيرة وصعوبة خداعها مقارنة بما كانت عليه في الماضي
  • خاصية Samsung DEX و Huawei PC Mode اللتان تقدمان واجهة الحاسب للهواتف الذكية من خلال توصيلها بشاشة.
  • استخدام كاميرا ToF في Honor View 20 لتشغيل الألعاب كما هو في Xbox Kinect.
  • الشحن اللاسلكي العكسي والذي يتيح حل سهلاً وسريع لشحن الساعات الذكية والسماعات اللاسلكية.
  • إخفاء مستشعر بصمة الإصبع, سماعة المكالمات وبعض المستشعرات أسفل الشاشة في العديد من الهواتف.
  • ابتكار الشركات في تطوير تصميم الهواتف وتقديم شاشات منحنية وخالية من الحواف بأكثر قدر ممكن وكذلك تقديم بدائل جديدة لمكان الكاميرا الأمامية للهاتف.
  • ساعة Nubia Alpha التي تقدم ساعة جديدة قادرة على القيام بكل مهام الهاتف ولكن في قبضة اليد.
  • هاتفي Galaxy Fold و Mate X القابلين للطي واللذان يقدمان مفهوماً جديد للهواتف الذكية.
  • بصمة اليد في LG V50 ThinQ والتي تعتمد على قياس مستوى الهيموجلوبين في الدم ومكان الأوعية الدموية.
  • مستشعر البصمة من نوع Ultrasonic في Galaxy S10 والذي يتميز بدقة أعلى من كافة المستشعرات الأخرى.
  • كاميرا هاتف P30 Pro وقدرتها المذهلة في التقريب.

والمزيد والمزيد من الابتكارات الجديدة التي نراها يوماً تلو الأخر والتي سيطول ذكرها.

بعد ما ناقشناه حول الابتكار في الهواتف الذكية, ما هو رأيك في هذا الأمر؟ هل ترى أن الابتكار قد توقف أم أن العوامل التي ذكرناها تساعد على انتشار هذه الفكرة؟
شاركنا برأيك!