شهدت صناعة التكنولوجيا في البحرين نموًا هائلاً في السنوات الأخيرة، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى التزام الحكومة بدعم قطاع التكنولوجيا والاستثمار فيه، حيث اتخذت الحكومة البحرينية عدة خطوات لتعزيز بيئة داعمة لشركات التكنولوجيا ورواد الأعمال؛ مما أدى إلى نظام بيئي تكنولوجي مزدهر في البلاد.
[quote تُعد هذه المُبادرات والتي سنذكُر عددًا منها خلال الأسطُر القادمة جُزءًا من خُطة مملكة البحرين للخروج من بئر البترول، ومُحاولة التوسع في العديد من المجالات الأُخرى لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل لها والتوجه إلى المجالات الصناعية والسياحية والتقنية.]
أحد أهم المبادرات التي قامت بها الحكومة لتعزيز الاقتصاد المُتعلق بقطاع التكنولوجيا والاتصالات هي إنشاء "المنطقة الحرة" المفتوحة للشركات التقنية، وتقدم هذه المنطقة مجموعة من المزايا لشركات التكنولوجيا، بما في ذلك البنية التحتية السليمة والحوافز الضريبية وتوفير الموارد اللازمة لتشغيل تلك الشركات، بجانب تضمنها لمطار البحرين الدولي والمنطقة البحرينية اللوجستية، وأصبحت هذه المنطقة مركزاً للابتكار التكنولوجي في دولة البحرين، حيث استقطبت بعضاً من شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم ورجال الأعمال لتأسيس عمليات في البحرين.
من المُبادرات المهمة الأخرى هي إطلاق برامج متنوعة تهدُف إلى تعزيز الابتكار وريادة الأعمال في صناعة التكنولوجيا ووضع الخطط الإستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة في القطاعات المتعلقة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ما هي خطة البحرين لتنمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2023-2026؟
أحدثت التكنولوجيا الرقمية تحولات جذرية وسط كل مجتمعات العالم واقتصادات الدول، ولدى البحرين رؤية ثاقبة بشأن ذلك، حيث وضعت المملكة خطة لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمواكبة آخر التطورات في عالمنا.
ضمن "خطة التعافي الاقتصادي"، تهدف إستراتيجية البحرين لتحسين مرتبة مملكة البحرين في مؤشر المشاركة الإلكترونية ضمن تقرير الأمم المتحدة للحكومات الإلكترونية، وتوفير بنية تحتية ذات مستوى عالمي، وتطوير معايير الأمن السيبراني وتعزيز الترصد للحوادث والهجمات الإلكترونية، بالإضافة إلى جعل المملكة مركزاً للابتكار الرقمي في المنطقة، واستقطاب الشركات الرائدة.
وقد تؤتي الخطة ثمارها، حيث أن الخبراء في دولة البحرين أشادوا بتلك الإستراتيجية التي وضعتها الحكومة، ومن بينهم قد أشاد الدكتور محمد علي حسن علي (رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس الشورى البحريني) بجانب المهندس كمال بن أحمد محمد (وزير المواصلات والاتصالات) بقدرة الاستراتيجية على تحسين قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للـسنوات الثلاث القادمة، وأكد هو ومسؤولي شركات الاتصالات البحرينية أن هذه الخطة ستساعد في تحقيق تطلعات ورؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتنمية القطاعات الإنتاجية والخدمية والاقتصادية في البلاد؛ مما سيؤدي إلى تنمية اقتصادية شاملة.
تعد الخطة من الأولويات لتنمية القطاعات الواعدة بخطة التعافي الاقتصادي، وقال المسؤولين أنها ستُحقّق تطلعات ورؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة التي تهدف إلى تطوير وتنمية قطاعات الدولة لتحقيق بيئة اقتصادية مثالية.
قال مصعب عبدالله (المدير التنفيذي بإدارة تطوير الاستثمارات) في تصريحات جديدة:
[quote تتخذ العديد من شركات التكنولوجيا البحرين مقراً للانطلاق بأعمالها في المنطقة مستفيدةً من التطوير المستمر للقطاع الذي يقع ضمن الأولويات الاستراتيجية للمملكة، ويقوم فريق البحرين بمساندة هذه الشركات من خلال تعزيز المزايا التنافسية التي تجعل البحرين وجهة مثالية للشركات العالمية في قطاع تكنولوجيا معلومات الاتصالات ومن بين هذه المزايا المواهب والكفاءات عالية التأهيل، والكلفة التشغيلية التنافسية، وإتاحة الملكية الأجنبية بنسبة 100%، إلى جانب الموقع الاستراتيجي والاتصال الوثيق مع المنطقة إجمالاً]
قامت الحكومة خلال السنوات الأخيرة بضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية لقطاع الاتصالات، بما في ذلك استثماراتها لتطوير شبكات المحمول والإنترنت السريع مثل نشر دعم تقنية الـ 5G (الخاصة) في جميع أنحاء المملكة، وهي الدولة الأولى التابعة لمجلس التعاون الخليجي التي تحقق هذا الإنجاز، فضلاً عن سعيها لإتاحة شبكات الـ 5G لجميع سكان المملكة بنسبة 100% بحلول 2026!
تواصل مملكة البحرين المُضي بخطوات ثابتة على مسار مستقيم نحو تطوير التقنيات الحديثة ونُظم الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين الخدمات الحكومية.
في الماضي، ساهم تبني التقنيات الحديثة في تمكين قطاع التعليم من مواصلة العمل بسلاسة أثناء المراحل الأولى من جائحة فيروس كورونا من خلال توفير البوابة التعليمية السحابية للتعلم عن بُعد، والتي كانت ضمن استراتيجية "السحابة أولًا"، وهي استراتيجية تهدُف إلى:
- الاستفادة من خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عند الطلب، وخفض الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقليل نقاط الضعف في بيئة التكنولوجيا من خلال عدم تقديم نفس الحل بشكل متكرر من قبل أطراف متعددة.
- تحسين الأمان باستخدام المنصات معتمد.
- زيادة الإنتاجية وتقديم الخدمات للمواطنين بسلاسة.
وكل ذلك بجانب اهتمامها بقطاع الخدمات المالية الرقمية في ظل سعيها لتسهيل المعاملات المالية وبناء منظومة رقابية قوية.
ومن بين الاستثمارات التي قامت بها البحرين في مجال الحوسبة السحابية هو ما قامت به في عام 2021 عندما قامت بتوقيع مُذكرة تفاهم مع شركة Tencent Cloud; الشركة المُتخصصة في تقديم الخدمات السحابية والمُتفرعة من شركة Tencent، واحدة من أكبر الشركات على مُستوى العالم في المجال التقني.
وهدفت هذه المُذكرة إلى الوصول بالبحرين لتُصبح مركزًا لبيانات الإنترنت (Internet Data Center)، ولتُصبح مركزًا إقليميًا لخدمات الحوسبة السحابية (Cloud Computing) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالفعل قد تم إنشاء مركزًا جديدًا لبيانات الإنترنت في عام 2021 في البحرين، كما تم إطلاق مجموعة من برامج التدريب والعمل مع الجهات الحكومية والجامعات والمُؤسسات التعليمية في المملكة بهدف زيادة الخبرات والمواهب التقنية الرقمية المُؤهلة.
إشادة رئيس STC البحرين بجهود الحكومة البحرينية
مؤخراً قامت STC البحرين باتخاذ خطوة قوية نحو رفع مكانة المملكة البحرينية في وسط عالم التكنولوجيا، حيث قررت STC البحرين أن تصبح أول مشغل اتصالات في المنطقة العربية يبدأ في قبول المدفوعات بالعملات المشفرة عبر "EazyPay" و "Binance Pay"، وفي ظل التطورات التي أعلنتها الحكومة أشاد الرئيس التنفيذي لشركة STC البحرين بالمساعي القيادية الحكيمة والحكومة وكافة الجهات المعنية بالقطاعين العام والخاص التي تحفز على النهوض بالاقتصاد الوطني، مؤكداً على أهمية استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والتي تأتي ضمن خطة التعافي الاقتصادي وتشمل تطوير هذا القطاع الواعد وتنميته.
وفي هذا السياق، جديرٌ بالذِكر أن البنية التحتية الرقمية في مملكة البحرين تشهد تقدما ملحوظًا يواكب التطورات التقنية العالمية، وبما يسهم في تحقيق متطلبات وأهداف التنمية المستدامة، ومن الواجب أيضاً الإشادة بحرص مملكة البحرين على دعم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي بكل السبل لتحقيق التنمية المرغوبة في تلك القطاعات وبما في ذلك دعم ركائز الاقتصاد الوطني ومسيرة التنمية المستدامة، وتسهم الخطط الموضوعة في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية لـ 2030، حيث لفت الدكتور محمد علي حسن علي إلى أن ما تزخر به المملكة من كفاءات وطنية تقود بكل اقتدار هذا القطاع الحيوي نحو المؤمل منه في تحقيق الأهداف التنموية المنشودة.
حتى الآن استقطب مجلس التنمية الاقتصادية بالتعاون مع فريق البحرين الكثير من الاستثمارات مباشرة، والتي تخطت قيمتها الـ 98 مليون دولار أميركي (شملت 14 شركة عالمية بارزة في قطاع تكنولوجيا) خلال التسعة شهور الأولى من 2022، ويتوقع أن تخلق هذه الاستثمارات أكثر من 770 فرصة وظيفية خلال السنوات الثلاث القادمة وستساعد في تحقيق أهداف خطة التعافي الاقتصادي التي تتبناها المملكة.
ما هي مبادرة "فريق البحرين"؟
فريق البحرين هو مبادرة عامة أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى ورئيس مجلس الوزراء، مع الاهتمام بكل جندي يحمي الحدود والمصالح الوطنية، كل ضابط شرطة يدافع عن سلامة واستقرار البلاد، كل موظف في وكالات القطاعين العام والخاص.
ترتبط هذه المبادرة بحكومة البحرين المرنة، والتي تعمل مع القطاع الخاص لإيجاد حلول مخصصة للمستثمرين ورجال الأعمال الذين يتطلعون إلى القيام بأعمال تجارية في البحرين. تم عرض نتائج المبادرة بالكامل في مؤتمر بوابة الخليج في المنامة في مايو 2018، حيث تم عرض مشاريع بقيمة 26 مليار دولار في مجموعة من القطاعات التي من بينها التكنولوجيا والعقارات والسياحة والإسكان والطاقة والمياه والنقل والأشغال العامة والتصنيع.
تشمل الأمثلة على ذلك جذب الشركات الناشئة ذات الأفكار الجريئة التي تتطلب بيئة داعمة أو استثمارًا عبر الحدود، مثل Amazon Web Services، التي قررت إنشاء أول مكتب لها في الشرق الأوسط في البحرين، مما يعكس نجاح مفهوم عمل فريق البحرين.
ما هو متوسط دخل الفرد في البحرين؟
يُذكر أن البحرين، وتحديدًا في عام 2021، جاءت في المرتبة الرابعة بمُتوسط بلغ 26.9 ألف دولار لقيمة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وبذلك لم يسبقها في ذلك الحين سوا الإمارات العربية الكويت والإمارات العربية المُتحدة ودولة قطر التي وصل مُتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بها 61.7 ألف دولار.
إسهامات الحكومة البحرينية في تحسين البنية التحتية
قامت الحكومة خلال السنوات الأخيرة بضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية، وقد سهلت هذه الاستثمارات على شركات التكنولوجيا ورواد الأعمال الوصول إلى الموارد التي يحتاجون إليها للنمو والنجاح، كما ساعدت أيضاً في إنشاء اقتصاد أكثر ارتباطاً وكفاءة، بالإضافة إلى أن الحكومة قد اتخذت خطوات لجذب أفضل المواهب في صناعة التكنولوجيا والاحتفاظ بها، وقد أطلقت برامج لتعليم الشباب وتدريبهم على المهارات اللازمة لصناعة التكنولوجيا، كما سهلت على شركات التكنولوجيا توظيف عمال من الخارج.
النتائج الفعالة لإسهامات حكومة البحرين لزيادة كفاءة القوى العاملة
ساعدت مبادرات الحكومة البحرينية في تكوين قوة عاملة موهوبة ومتنوعة مجتمعة مع بعضها تقود الابتكار والنمو في صناعة التكنولوجيا، وكنتيجة: كانت لمساهمات الحكومة البحرينية في صناعة التكنولوجيا دور فعال في خلق بيئة داعمة للشباب المبدع في مجال التكنولوجيا، وخلقت لهم فرص لم يكن بالإمكان الوصول إليها إن لم تكن للحكومة دور في ذلك.
منذ فترة تم إطلاق برامج تأهيل لتنمية مهارات البحرينيين للعمل في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالشراكة مع القطاع الخاص لتوفير منح تدريبية للشباب البحريني، وأصبح هناك زيادة في عدد الخريجين المتخصصين في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)؛ بسبب تحفيز الطلبة على التسجيل في هذه التخصصات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وقد عملت الحكومة على توفير البرامج التدريبية من خلال التعاون مع القطاع الخاص، وتم تنظيم العديد من ورش التوعوية لطلاب المدارس لشرح أهمية هذه المجالات واحتياجات سوق العمل لها وأهميتها للوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي.
يعتبر قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي أحد أبرز القطاعات في المملكة البحرينية في الوقت الحالي، ولا شك بأن تركيز الحكومة على وضع الاستراتيجيات سيسهم بشكل مباشر في تعزيز موقع ومكانة في هذا المجال، وسيرفع البحرين اقتصادياً إن تم تطبيق الخطط بالشكل اللازم وفي التوقيت الصحيح، ولا شك أن هذا القطاع الواعد مليء بالفرص.
كانت هذه مُجرد نُقطة في بحر استراتيجية البحرين 2022-2026، الاستراتيجية التي تضمنت بداخلها العديد من المحاور والمُبادرات التي بدأت بالفعل في جذب الانتباه بفضل التقدُّم الذي تُحققه على مدار السنوات الماضية والقادمة.
نُقدِّم في عرب هاردوير كامل دعمنا لخُطة المملكة البحرينية، ونتمنى لهم التوفيق والسداد فيما يُخططوا إليه.
?xml>