في زمن تتسارع فيه خطوات الذكاء الاصطناعي، جاء إعلان إيلون ماسك الأخير ليشعل فضول المتابعين، فقد أعلن مؤسّس شركة xAI عبر موقع X أن نموذج Grok 2.5 -إنجاز الشركة الأهم خلال العام الماضي- قد أصبح متاحًا كمصدر مفتوح على منصة Hugging Face.

هذا القرار يعني ببساطة أن المطوّرين والباحثين حول العالم أصبح بإمكانهم الاطلاع على وزن النموذج وطريقة عمله، بل وتوظيفه في أبحاثهم ومشاريعهم وإن كان ذلك ضمن قيود معينة، فقد أشار مهندس الذكاء الاصطناعي Tim Kellogg إلى أن الرخصة المرفقة بالنموذج "مخصصة وتحمل بعض البنود المانعة للمنافسة"، أي أن الانفتاح ليس مطلقًا كما قد يتصوّر البعض.

اقرأ أيضًا: تجربة «آني» الصديقة الافتراضية في تحديث Grok

Grok 3: وعد بالمستقبل القريب

لم يكتفِ ماسك بفتح باب Grok 2.5 أمام الجمهور، بل أعلن أن النسخة التالية Grok 3 ستُطرح أيضًا كمصدر مفتوح خلال الأشهر الستة القادمة.

هذا الوعد يعكس رؤية xAI في نشر المعرفة وفتح الطريق أمام الباحثين الشباب والشركات الناشئة لاستكشاف قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدّم. وكأن الشركة تقول: "ها هو الطريق أمامكم، من أراد أن يسلكه فليتهيأ لمسؤولياته".

إنّ مثل هذه الخطوة تمنح المجال للجامعات ومراكز الأبحاث أن تدرس الذكاء الاصطناعي بعمق بعيدًا عن جدران الشركات المغلقة، وتتيح للجيل الجديد أن يكون جزءًا من بناء المستقبل بدلًا من أن يكون مجرّد متلقٍ له.

الوجه الآخر: جدل لا يهدأ

لكن كما يقول المثل: "للوردة شوكها". لم يكن مسار Grok خاليًا من العثرات، فقد أثار النموذج في نسخ سابقة ضجة واسعة حين ظهر أنه يتبنى أحيانًا روايات مثيرة للجدل، منها نظريات المؤامرة حول "الإبادة البيضاء"، بل وأبدى شكوكًا في أعداد ضحايا المحرقة النازية، واصفًا نفسه بتعبيرات صادمة، وهذه الحوادث دفعت شركة xAI إلى نشر التعليمات الداخلية للنموذج على GitHub، محاولةً إظهار مزيد من الشفافية وإعادة ضبط الخوارزميات.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، فقد كشفت تقارير حديثة أن أكثر من 370 ألف دردشة مع Grok ظهرت على محركات البحث متاحة للجميع، وبعضها احتوى على بيانات حساسة أو خطيرة، وهذا أثار انتقادات حادة تتعلق بالخصوصية وأمان البيانات.

هنا يبرز السؤال الكبير: هل نحن أمام تقنية قادرة على قيادة العالم نحو معرفة أعمق، أم أمام قوة تحتاج إلى قيود صارمة حتى لا تتحوّل إلى خطر على المجتمع؟

Grok 2.5: انفتاح مشروط

النموذج متاح للجميع عبر منصة مفتوحة، لكن تحت رخصة تحمل بنودًا تحدّ من الاستخدام التجاري الكامل.

هكذا يظهر الذكاء الاصطناعي أمامنا: إمكانات لا نهائية، لكنها مرتبطة بوعي البشر وقدرتهم على ضبط المسار، فهل نركض خلف وعود الانفتاح وحدها، أم نتمهّل لنزن العواقب؟ الجواب متروك لك أيها القارئ، وأمامك نصف عام لتنتظر ولادة Grok 3، لترى إلى أي طريق ستأخذنا هذه المغامرة.