• أول بطولة عالمية للروبوتات تقام في بكين بمشاركة أكثر من 500 روبوت.
  • الروبوتات تنافست في سباقات الجري والكرة والفنون القتالية والمهام العملية.
  • الصين تسعى لتأكيد ريادتها التكنولوجية عبر هذه البطولة الفريدة.
  • حضور جماهيري واسع من الطلاب والعائلات لدعم الجيل الجديد.

شهدت العاصمة الصينية بكين يوم الخامس عشر من أغسطس 2025 حدثا غير مسبوق تمثل في افتتاح أول بطولة عالمية مخصصة للروبوتات. لم يكن الأمر أولمبيادًا رسميًا كما قد يظن البعض، بل بطولة مستقلة هي الأولى من نوعها تهدف إلى اختبار قدرات الروبوتات التي صُممت لتشبه جسم الإنسان وحركاته.

تنافس أكثر من 500 روبوت في فعاليات متنوعة امتدت من سباقات الجري والكرة إلى الفنون القتالية، ليظهروا مزيجًا من الأداء الجاد والطرائف التي أضفت على البطولة طابعًا استعراضيًا مرحًا.

تنوع غير معتاد في المسابقات

تميزت البطولة ببرنامجها الغني الذي جمع بين الرياضات التقليدية كألعاب القوى وكرة السلة، ومهام عملية مثل فرز الأدوية وأعمال التنظيف. وقد كان هذا التنوع بمثابة رسالة واضحة بأن الروبوتات يمكن أن تؤدي أدوارًا عملية في الحياة اليومية بجانب قدرتها على تقليد الحركات الرياضية للبشر.

ورغم أن بعض الروبوتات أظهرت قدرات مبهرة، فإن الكثير منها وقع في مواقف طريفة، حيث تعثر البعض أو سقط فجأة في مشاهد أشعلت ضحك الجماهير.

سباقات الجري والسرعة

من أبرز الفعاليات التي جذبت الأنظار سباق 1500 متر؛ إذ قدمت روبوتات شركة Unitree الصينية أداءً لافتًا عندما قطعت المسافة بخطوات ثابتة وسريعة متفوقة على منافسيها القادمين من 16 دولة مختلفة.

وأنهى أسرع روبوت السباق في زمن قدره 6 دقائق و29 ثانية، وهو أبطأ بكثير من الرقم العالمي البشري البالغ 3 دقائق و26 ثانية، لكنه يعكس قفزة كبيرة في قدرة الآلات على التحمل والسرعة.

كما وقع أحد المواقف الطريفة حين اصطدم أحد الروبوتات بمشغله البشري فبقي الروبوت واقفا بينما سقط الإنسان أرضًا، ما أثار دهشة الحضور.

كرة القدم الخماسية

لم تخل البطولة من مشاهد كوميدية خاصة في مباريات كرة القدم الخماسية، حيث تنافس عشرة روبوتات صغيرة الحجم في مباراة استعراضية. بدت تحركاتهم بطيئة ومترددة، وفي لحظة واحدة وجدوا أنفسهم جميعًا عالقين في المنتصف وسقطوا معًا.

رغم ذلك، فإن مجرد قدرة هذه الروبوتات على التحرك بشكل جماعي نحو الكرة يعد إنجازًا تقنيًا يوضح إمكانات التطوير المستقبلية.

رؤية وطنية صينية

تؤكد هذه البطولة أن الصين لا تنظر إلى الروبوتات على أنها مجرد أدوات صناعية، بل تراها جزءًا من استراتيجيتها الوطنية طويلة المدى.

وقد أشار الاتحاد الدولي للروبوتات في تقرير صدر عشية البطولة إلى أن بكين وضعت الروبوتات في قلب خططها المستقبلية، مضيفا أن الحكومة تسعى من خلال مثل هذه الفعاليات إلى إظهار قوتها التكنولوجية أمام العالم.

وفي مارس الماضي أعلنت الصين عن إنشاء صندوق استثماري ضخم بقيمة تريليون يوان لدعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والروبوتات، ما يؤكد جديتها في بناء صناعة متكاملة.

دور المجتمع والتعليم

لم يكن الحضور مقتصرا على الباحثين والمهندسين فقط، بل شاركت عائلات وأطفال في متابعة الحدث. ونظمت كثير من المدارس رحلات لطلابها إلى بكين لمشاهدة البطولة عن قرب. 

كان الجمهور الشاب هو الأكثر حماسًا. وقال أحد الطلاب البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا، إنه يستعد لدراسة الأتمتة في الجامعة، وأن مشاهدته لهذه البطولة زادت من شغفه بالمجال.

وأضاف أن أكثر ما جذب انتباهه هو منافسات الملاكمة لأنها تكشف بوضوح مدى التحسن الذي طرأ على رشاقة الروبوتات وسرعة استجابتها مقارنة بالسنوات الماضية.

لمسات كوميدية في الكونغ فو

من أكثر اللحظات التي أضحكت الحضور عرض الكونغ فو، حيث حاول روبوت صغير يشبه شخصية من سلسلة الأفلام الشهيرة ترانسفورمر تنفيذ حركة قتالية، لكنه سقط على وجهه وظل يتدحرج محاولا النهوض وسط تشجيع الجماهير.

تكشف البطولة أن الروبوتات باتت جزءًا من صناعة تسعى دول كبرى إلى قيادتها. تريد الصين التي تُعد بالفعل أكبر سوق للروبوتات الصناعية في العالم، أن تصبح رائدة أيضًا في تطوير الروبوتات ذات الشكل البشري القادرة على محاكاة القدرات الجسدية والعقلية للإنسان.

ومع تزايد الاستثمارات والتطورات التقنية، قد نشهد في المستقبل القريب بطولات أكثر تقدمًا تجعل الفارق بين أداء البشر والروبوتات أقل وضوحًا. وقد شكلت هذه البطولة خطوة رمزية نحو عصر جديد تندمج فيه التكنولوجيا مع الرياضة والحياة اليومية.