في تحول جديد يؤكد على طموح جوجل في إعادة تشكيل تجربة التعلم والبحث، أعلنت الشركة عن مجموعة واسعة من التحديثات لوضع الذكاء الاصطناعي ضمن محرك البحث الخاص بها. تستهدف هذه الميزات الجديدة الطلاب بشكل خاص، إذ تتيح لهم استخدام الصور والكاميرا والملفات لتوجيه أسئلتهم والحصول على إجابات ذكية وسريعة.

الميزة الأساسية التي تم الكشف عنها هي إمكانية رفع الصور إلى وضع الذكاء الاصطناعي من خلال نسخة سطح المكتب. فعندما يكون لدى الطالب مسألة رياضية معقدة، أو واجب منزلي مكتوب بخط اليد، أو حتى صورة نبات غريب يريد معرفة نوعه، يمكنه ببساطة تحميل الصورة وطرح سؤال حول محتواها. وسيتولى الذكاء الاصطناعي من جوجل تفسير ما يظهر في الصورة، والبحث عن إجابات دقيقة.

نقلة في تجربة البحث والتعليم

منذ مايو الماضي، أطلقت جوجل رسميًا وضع الذكاء الاصطناعي داخل نتائج البحث؛ إذ يجمع هذا الوضع بين البحث التقليدي والدردشة الذكية المدعومة بنموذج Gemini. لا يكتفي المستخدمون بالحصول على إجابة واحدة، بل يمكنهم متابعة النقاش، وطرح أسئلة جديدة بناءً على الإجابة السابقة، تمامًا كما لو كانوا يتحدثون إلى معلم شخصي.

لكن الجديد هذه المرة هو إدخال عناصر بصرية وتفاعلية تعزز هذا التفاعل. جديرٌ بالذكر أن ميزة رفع الصور إلى الذكاء الاصطناعي أُتيحت سابقًا بشكل محدود، إلا أن توسيعها إلى سطح المكتب يجعل من السهل على الطلاب استخدام أجهزة الحاسوب لمراجعة الواجبات والمشاريع المدرسية.

مشاركة الكاميرا: سؤال بصوت وصورة

ولم تتوقف الابتكارات عند رفع الصور فقط، إذ تختبر جوجل الآن ميزة جديدة تسمح بمشاركة الكاميرا مباشرة مع الذكاء الاصطناعي، ما يعني أن الطالب أو المستخدم العادي يستطيع توجيه هاتفه إلى أي شيء في محيطه، وطرح سؤال بصوت مرتفع، ليقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل ما يراه ويسمعه في الوقت الحقيقي. تشبه هذه التجربة ما نشاهده في أفلام الخيال العلمي، لكنها اليوم تتحول إلى حقيقة بين يدي المستخدمين.

الميزة متاحة حاليًا على الهواتف في الولايات المتحدة، لمن انضموا إلى برنامج Search Labs التجريبي. وتُعد هذه الخطوة استمرارًا لتقنية Search Live التي طورتها جوجل سابقًا، لكنها الآن أكثر تطورًا بفضل تفاعل الصوت والصورة معًا.

عدسة جوجل تصبح أذكى في كروم

تعمل جوجل أيضًا على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل أعمق مع متصفح كروم، من خلال ميزة جديدة تظهر عند النقر على شريط العنوان تحت عنوان اسأل جوجل عن هذه الصفحة. عند اختيار هذا الخيار، يمكن للمستخدم اختيار فقرة أو عنصر من الصفحة ليبحث عنه الذكاء الاصطناعي، ثم يُعرض ملخص ذكي في الشريط الجانبي مباشرة دون مغادرة الصفحة.

يستطيع المستخدم بعد ذلك التوسع في النقاش، وطرح أسئلة إضافية عن النتائج من خلال النقر على خيار وضع الذكاء الاصطناعي أو الغوص أعمق، مما يحول كل صفحة ويب إلى بوابة معرفية مفتوحة.

رفع ملفات PDF والتكامل مع Google Drive

وفي تحديث مهم قادم، أعلنت جوجل أنها ستتيح رفع ملفات PDF مباشرة إلى وضع الذكاء الاصطناعي، ما يتيح للطلاب تحميل الكتب الدراسية أو الأوراق البحثية وطرح أسئلتهم عنها. إضافة إلى ذلك، سيكون بمقدور المستخدمين اختيار ملفات من Google Drive، ما يعزز التكامل بين أدوات جوجل المختلفة ويحولها إلى منظومة تعليمية متكاملة.

ستمكن هذه الإمكانية المستخدم من قراءة النصوص الطويلة بطريقة ذكية، حيث يستطيع الحصول على ملخصات، أو شرح لمصطلحات صعبة، أو حتى اقتراحات لإعادة صياغة الفقرات. وهي ميزة مثالية للطلاب الجامعيين والباحثين الذين يتعاملون مع كم كبير من الملفات الأكاديمية.

لوحة Canvas: ورشة معرفية تفاعلية

قدمت جوجل في شهر مارس أداة Canvas ضمن منصة Gemini، وهدفت من خلالها إلى دعم المستخدمين في مهام متعددة مثل الكتابة الإبداعية، وبرمجة التطبيقات، وتصميم الألعاب، وإنشاء الاختبارات. واليوم، تواصل الشركة تطوير هذه الأداة من خلال دمجها في وضع الذكاء الاصطناعي بمحرك البحث، في خطوة قد تُحدث تحولًا كبيرًا في طريقة إعداد المحتوى الدراسي وتنظيم عملية التعلم.

واليوم، ستحصل Canvas على دور جديد: مساعد ذكي في إعداد أدلة المذاكرة. يمكن للطالب أن يبدأ بسؤال، ثم يطلب من الذكاء الاصطناعي تلخيص فصل دراسي، أو إنشاء قائمة بالأسئلة والأجوبة، أو حتى تصميم اختبار بسيط للمراجعة. وستعرض الأداة النتائج في الشريط الجانبي، ويمكن تعديلها في الوقت الفعلي بناءً على استفسارات جديدة.

ستُتاح Canvas لمستخدمي سطح المكتب في الولايات المتحدة خلال الأسابيع القادمة، بشرط تفعيل تجربة Search Labs، ما يجعلها خطوة استراتيجية من جوجل لتحويل محرك البحث إلى بيئة تعليمية ديناميكية.

الدراسة عبر التكنولوجيا

تكشف الميزات الجديدة التي تضيفها جوجل إلى وضع الذكاء الاصطناعي عن توجه عميق نحو دمج التعلم بالتكنولوجيا بطريقة لم تكن متاحة من قبل. من رفع الصور والملفات، إلى التفاعل بالكاميرا والصوت، مرورًا بلوحة Canvas التفاعلية، تقدم جوجل أدوات يمكن أن تعيد تعريف طريقة الدراسة، وتجعل من الذكاء الاصطناعي شريكًا حقيقيًا للطالب.

إذا استمرت هذه التطورات على هذا النحو، فقد نكون أمام جيل جديد من البحث والتعليم، يصيغ المعلومة ويشرحها ويعيد تكييفها حسب حاجة المستخدم. وهذا هو جوهر الذكاء الاصطناعي الحقيقي في التعليم.