أعلنت شركة جوجل عن نتائج قوية في الربع الأول من هذا العام؛ إذ حققت أرباحًا قدرها 23.7  مليار دولار، بزيادة 15% عن العام الماضي. وشهدت الشركة ارتفاعًا قياسيًا في أسهمها، منذ عام 2015، بنسبة 11%، لتصل قيمتها السوقية إلى 2 تريليون دولار، وذلك بعد إعلانها عن توزيع أرباح للمستثمرين لأول مرة في تاريخها، وإطلاق برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة 70 مليار دولار.

على الرغم من النتائج المالية المذهلة التي حققتها جوجل، تستمر في عمليات تسريح الموظفين. فقد سرحت الشركة 200 موظف على الأقل من فرقها الأساسية قبل إعلان نتائج أرباحها الربع سنوية، وذلك في إطار عملية "إعادة هيكلة" تشمل نقل بعض الوظائف إلى الهند والمكسيك. وأعلن الرئيس التنفيذي للشركة، سوندار بيتشاي، أن جوجل تخطط لمزيد من عمليات التسريح هذا العام.

جوجل تتخلى عن الآلاف من موظفيها

نفذت جوجل عمليات تسريح كبيرة في عام 2023 بنحو 12000 موظف؛ ما يمثل 6% من القوى العاملة العالمية للشركة. وقال بيتشاي، في إعلانه عن تسريح العمال لعام 2023، أن الشركة شهدت "نموًا هائلًا" على مدار العامين الماضيين أثناء جائحة كورونا، ولمواكبة النمو لجأت جوجل إلى زيادة عدد موظفيها. ولكن بعد انتهاء الجائحة تغيرت الظروف الاقتصادية وأهداف الشركة أيضًا؛ ما أدى إلى إعادة هيكلة تستلزم التخلي عن العديد من الوظائف وبالتالي شاغليها.

وفي يناير 2024؛ حذر الرئيس التنفيذي لجوجل بمزيد من عمليات التسريح القادمة، وقال في مذكرة داخلية للموظفين أن تخفيضات العاملين القادمة تتعلق "بإزالة الطبقات" لتبسيط الهيكل التنظيمي للشركة من خلال تقليل عدد المستويات الإدارية؛ ما يساهم في تحسين عمليات اتخاذ القرار وزيادة السرعة في بعض المجالات. ومن المقرر أنرتتأثر الفرق في أقسام المبيعات، والإعلانات، والمنتجات، ويوتيوب بتخفيض عدد الموظفين.

بدءًا من تصريح بيتشاي في يناير؛ قطعت الشركة آلاف الوظائف عبر فرق الهندسة كفريق البايثون بالكامل والأجهزة الأساسية أيضًا. وشجعت جوجل بعض الموظفين المتأثرين بعملية التسريح بالتقدم لشغل وظائف شاغرة آخرى في الشركة. ووفقًا للبريد الإلكتروني المُرسل للموظفين، كان يوم 9 أبريل هو آخر موعد للمتأثرين بالتسريح للتقدم لشغل وظائف أخرى شاغرة داخل جوجل.

وعملت الشركة هذا العام على سياسة تكميم الأفواه للموظفين؛ فبالإضافة إلى عمليات التسريح، لا يُسمح في جوجل بالتعبير عن الرأي؛ إذ فصلت جوجل 29 موظفًا لاعتراضهم على مشروع نيمبوس مع الجيش الإسرائيلي، والمُستخدم في الحرب على غزة، ولاحقهم أخرون ليصل عدد الموظفين المفصولين إلى أكثر من 50 موظفًا.

موظفي جوجل محتجين لرفض مشروع نيمبوس

هدف الشركة من عمليات التسريح

أعلنت المديرة المالية لجوجل، روث بورات، في منتصف إبريل أن القسم المالي للشركة سيخضع لإعادة هيكلة؛ ما يستلزم تسريح العمال ونقل بعض الوظائف إلى بنغالور في الهند ومكسيكو سيتي في المكسيك؛ إذ إن العمالة في هذه البلاد أرخص من الولايات المتحدة.

و أخبر رئيس قسم البحث في الشركة، برابهاكار راغافان، الموظفين في اجتماع شامل في مارس أن جوجل تخطط لبناء فرق أقرب إلى المستخدمين في الأسواق الرئيسية بدلًا من الفرق المُسرحة في الولايات المتحدة؛ أي أن الشركة تعتزم إنشاء أو توسيع فروع لها في مناطق جغرافية رئيسية يكون فيها عدد كبير من المستخدمين لخدماتها ومنتجاتها؛ ما يساعد الشركة في تقليل التكاليف، والاستمرار في تقديم خدماتها في هذه الأسواق.

وفي رسالة بريد إلكتروني لفريقه أخبر بانكاج روهاتجي، نائب رئيس هندسة الأمان في جوجل، أن لتحسين الأهداف التجارية للشركة توسع جوجل أعمالها لتشمل مواقع أخرى؛ ما سيؤدي إلى بعض عمليات التخلص من الوظائف التي تخدم تلك الأسواق عن بُعد. وصرح متحدث باسم جوجل أن التسريحات أثرت إيجابيًا على الفرق؛ ما أدى إلى زيادة كفاءتها وتحسين أدائها، مع تركيز مواردها على المنتجات الأكثر أهمية للشركة.

موظفي جوجل احتجاجًا على تسريحهم في فرع جوجل بلندن

وقال المتحدث أن "التغييرات" تمنح الموظفين فرصة للعمل على أكثر ابتكارات جوجل تقدمًا مع تقليل البيروقراطية؛ إذ عبر 45% من الموظفين أنها تبطئ عملهم في استطلاع أجرته جوجل على مستوى الشركة في عام 2023 على حد قوله.

وتُعد عمليات التسريح متجذرة في مجالين رئيسيين: الإفراط في التوظيف أثناء الوباء، وإعادة الهيكلة من أجل طفرة الذكاء الاصطناعي؛ والسبب الثاني هو ماتشهده جوجل هذا العام؛ إذ صرحت جوجل في إعلان نتائج الأرباح الربع سنوية في إبريل 2024، عن ضخ استثمارات هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي. على الرغم من أن 80% من إيرادات جوجل (ألفابيت) تأتي من الإعلانات، قررت الشركة في خطوة استراتيجية تنويع مصادر دخلها.

في ظل الطبيعة الرأسمالية التي لا تأخذ المشاعر في الحسبان، يمكن للشركات أن تستبدل الموظفين بالاستثمار في أهدافها. ومع ذلك، فإن التغييرات الجذرية التي تشهدها جوجل، بما في ذلك التحذيرات والتسريحات المستمرة، تثير تساؤلات حول قدرتها على تحقيق التوازن بين أهدافها التجارية ومسؤوليتها تجاه موظفيها. فمثل هذه الإجراءات قد تؤثر سلبًا على معنويات الموظفين وإنتاجيتهم؛ ما يجعل التحدي أمام الشركة أكبر في الحفاظ على بيئة عمل محفزة ومثمرة.