أعلنت شركة OpenAI عن إطلاق نموذجها الجديد ChatGPT 5 وسط ضجة إعلامية كبيرة وترقب من ملايين المستخدمين حول العالم. حيث انتظر الجميع هذا الإصدار بوصفه خطوة متقدمة في عالم الذكاء الاصطناعي، لكن البداية لم تخل من العقبات.

فقد اعترف الرئيس التنفيذي للشركة سام آلتمان بأن عملية الإطلاق جاءت أكثر صعوبة مما توقع الفريق، ووصفها بأنها كانت أشد وعورة مما كانوا يأملون. يعكس هذا التصريح حجم التحديات التي واجهتها OpenAI منذ اللحظة الأولى، خصوصا مع المقارنة المباشرة بين النموذج الجديد وسلفه ChatGPT 4o الذي حظي بشعبية واسعة وسلاسة أكبر في الاستخدام.

أصوات المستخدمين ووقعها على الشركة

ما إن بدأ المستخدمون بالتفاعل مع ChatGPT 5 حتى ظهرت الملاحظات النقدية بشكل واضح. فقد اعتبر الكثيرون أن شخصية النموذج بدت صارمة وجافة أكثر من اللازم، الأمر الذي أفقد التجربة بعضًا من مرونتها وسهولتها.

وقد دفع هذا الشعور بالبرود في الردود عددا من المستخدمين إلى الإعلان صراحة عن تفضيلهم العودة إلى ChatGPT 4o. وقد تحولت هذه الردود إلى مؤشرات قوية على أن الشركة مطالبة بالتحرك السريع لإعادة بناء الثقة مع جمهورها.

تحركت OpenAI بسرعة غير معتادة لمعالجة هذه الملاحظات. فأعلنت عن تحديث جديد لا يستهدف القدرات التقنية للنموذج فقط، بل يركز بشكل أساسي على شخصيته وطريقة تفاعله مع المستخدمين. الهدف المعلن هو جعل ChatGPT 5 أكثر دفئا وودية، وأكثر قربا إلى أسلوب الإنسان الطبيعي في الحوار، دون أن يفقد دقته أو يتحول إلى أداة مجاملة سطحية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الشركة لأهمية البعد النفسي والوجداني في تجربة المستخدم، وهو ما أصبح جزءا لا يقل شأنًا عن القدرات التقنية.

تفاصيل اللمسات الجديدة

أوضحت OpenAI أن التغييرات المضافة قد تبدو صغيرة في ظاهرها، لكنها تحمل تأثيرا كبيرا على مستوى التفاعل. فالمستخدم سيلاحظ عبارات تشجيعية بسيطة مثل: سؤال جيد أو بداية موفقة. وتهدف التعديلات إلى منح المستخدم إحساسا بأن الحوار أكثر إنسانية وتشجيعًا.

خلال عشاء نظمته OpenAI مع عدد من الصحفيين في الأسبوع نفسه، كان واضحا أن موضوع ChatGPT 5 لا يمكن تجاوزه بسهولة. ورغم محاولات التنفيذيين تحويل النقاش نحو خطط الشركة المستقبلية ومشاريعها التالية لما بعد هذا النموذج، بقيت قضية الإطلاق المربك هي المسيطرة على الأجواء.

فقد شعر الحضور بأن الشركة تسعى لإظهار صورة أكثر تفاؤلا، لكنها في الواقع تواجه ضغوطا من تعليقات المستخدمين الذين لم يقتنعوا تماما بالتجربة الأولى.

رؤية المسؤولين للتغيير

أوضح نائب رئيس الشركة أن ChatGPT 5 في نسخته الأولى كان مباشرا أكثر من اللازم، وهو ما جعل التجربة أقرب إلى جفاف رسمي منها إلى حوار طبيعي. وأضاف أن التحديث الجديد صُمم لإعادة التوازن، بحيث يصبح النموذج أكثر دفئا وقربا من المستخدمين، مع المحافظة على صرامته ودقته.

يفتح هذا التغيير نقاشا أوسع حول طبيعة العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي. فالمستخدمون لم يعودوا يبحثون عن الأجوبة الدقيقة فحسب، بل أصبحوا يتوقعون أيضا شعورا بأن الطرف الآخر قادر على فهمهم والتفاعل معهم بلمسة إنسانية.

وهنا تتجلى أهمية التفاصيل الصغيرة مثل الكلمات المشجعة أو التعليقات الإيجابية البسيطة التي يمكن أن تغير من مزاج المستخدم وتجعله أكثر ارتياحًا. وهكذا يتحول الجانب الوجداني إلى عنصر أساسي في تصميم النماذج، تماما كما هو الحال مع الجانب التقني.

التحديات التي تواجه OpenAI

رغم هذه الخطوة الجديدة، لا تزال OpenAI أمام تحديات معقدة. فالتوازن بين الود والموضوعية يظل دقيقًا للغاية. فالإفراط في الطابع الودي قد يؤدي إلى مجاملة مفتعلة تثير استياء المستخدمين بدلا من رضاهم، بينما التمسك بالصرامة وحدها قد يعيد الشعور بالبرود والجفاف الذي اشتكى منه الكثيرون.

لذلك، يبقى نجاح الشركة مرهونًا بقدرتها على المراقبة الدقيقة لردود الفعل وتطوير التجربة باستمرار.

تسعى OpenAI اليوم إلى إعادة صياغة صورة ChatGPT 5 بعد بدايته المليئة بالانتقادات. ومع أن الإطلاق الأول لم يكن مثاليًا، فإن التحديث الأخير يعبر عن محاولة جادة لتقريب التجربة من الناس ومنحها طابعا أكثر إنسانية. وستحدد الأيام القادمة ما إذا كانت هذه الخطوات كافية لإقناع المستخدمين بأن ChatGPT 5 قد أصبح مساعد ذكي قادر على الجمع بين الدقة والدفء في آن واحد.