
تايوان تدرج هواوي وSMIC على قائمتها السوداء!
اتخذت الحكومة التايوانية خطوة جريئة من شأنها أن تعيد ترتيب أولويات المشهد التكنولوجي الآسيوي، بإعلانها الرسمي عن إدراج شركتي هواوي وSMIC، وهما من أبرز عمالقة التكنولوجيا الصينية، ضمن قائمة الكيانات الخاضعة للرقابة التجارية المرتبطة بالسلع التقنية العالية الحساسية. ويشمل القرار عشرات الفروع الدولية التابعة لهاتين الشركتين، في ما اعتُبر مؤشراً قوياً على تصعيد التوتر الاقتصادي بين تايبيه وبكين، وامتداداً مباشراً للسياسات الأمريكية الساعية إلى كبح جماح الصين في مجال أشباه الموصلات.
قائمة سوداء جديدة بموافقة تايوانية
أعلنت إدارة التجارة الدولية في تايوان أن القائمة الجديدة التي شملت أكثر من 600 كيان أجنبي أضيفت لأسباب تتعلق بانتشار الأسلحة والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، وهو تعبير غالباً ما يُستخدم للإشارة إلى التقنيات التي يمكن توظيفها عسكريًا. وبموجب القانون التايواني، فإن أي شركة محلية ترغب في التعامل التجاري مع هذه الكيانات، يجب عليها الآن الحصول على تراخيص خاصة من الجهات التنظيمية، وهو ما سيعقّد بشكل كبير أي محاولة من قبل هواوي أو SMIC للاستفادة من الموارد التقنية التايوانية.
يتماشى هذا القرار التايواني مع السياسات الأمريكية التي استهدفت خلال السنوات الأخيرة الشركات الصينية العاملة في مجال الرقائق، خصوصاً هواوي، التي خضعت لحصار تقني خانق منذ عام 2019، وSMIC التي واجهت قيوداً مشابهة في مجال تصنيع الشرائح الدقيقة. وعلى الرغم من أن كبرى الشركات التايوانية مثل TSMC كانت قد التزمت عملياً بهذه السياسات منذ فترة، فإن إدراج هواوي وSMIC رسمياً على القائمة السوداء يحمل دلالات سياسية واقتصادية تتجاوز الإطار القانوني.
محاولة لإغلاق الثغرات ومعاقبة المخالفين
يرى محللون أن القرار يهدف إلى سد الثغرات التي استغلتها الشركات الصينية في السابق للوصول إلى شرائح متقدمة رغم القيود. وأوضح الخبير التقني راي وانغ أن هذه الخطوة لا تعزز فقط الامتثال المحلي، بل ترفع من احتمالية فرض عقوبات صارمة مستقبلاً على الشركات التايوانية التي قد تتجاوز هذه القواعد. ويضيف أن هذه الرقابة المشددة ستشمل أيضًا شركات أصغر مثل مصممي الدوائر المتكاملة وموردي القطع الإلكترونية الذين قد تكون لهم صلات غير مباشرة مع الكيانات الصينية المحظورة.
سبق وأن وجدت شركة TSMC نفسها وسط جدل واسع في أكتوبر الماضي، بعد أن كشفت شركة TechInsights للأبحاث عن وجود شريحة من إنتاج TSMC في بطاقة ذكاء اصطناعي تابعة لهواوي. ونتيجة لذلك، أمرت وزارة التجارة الأمريكية الشركة بوقف تزويد الزبائن الصينيين بشرائح تستخدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ووردت أنباء لاحقًا عن أن الشركة قد تواجه غرامة ضخمة قد تصل إلى مليار دولار.
محدودية التقدم الصيني في الذكاء الاصطناعي
رغم محاولات هواوي لتطوير بدائل محلية للشرائح المتقدمة، إلا أن محللين يؤكدون أن تقدمها لا يزال محدوداً بسبب ضعف النظام البيئي المحلي لصناعة الرقائق الدقيقة في الصين، إضافة إلى العوائق المفروضة على استيراد الأدوات والمعدات المطلوبة. ومع ذلك، يُعتقد أن هواوي تمكّنت خلال السنوات الماضية من شراء ملايين من وحدات الشرائح من TSMC قبل تطبيق القيود المشددة، وذلك من خلال استغلال بعض الثغرات القانونية التي أُغلقت لاحقًا.
يكتسب القرار التايواني أهمية رمزية كبرى، إذ يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الجيوسياسية بين الصين وتايوان، وسط مناورات عسكرية صينية متكررة وتأكيد أمريكي متجدد على الالتزام بدعم "الوضع القائم" في مضيق تايوان. كما لا تنفصل هذه التطورات عن التصريحات الصينية الأخيرة، التي أطلقها المستشار السياسي وانغ هونينغ، والتي أكد فيها على ضرورة تعزيز جهود إعادة التوحيد الوطني ورفض استقلال تايوان بشكل قاطع.
مستقبل التكنولوجيا في ظل التصعيد
أوضح برادي وانغ، مدير الأبحاث في شركة Counterpoint Research، أن تأثير هذه القرارات على TSMC قد يكون محدوداً اقتصادياً، لكنها ترسم تحولاً استراتيجياً عميقاً في موقف تايوان من نقل التقنيات المتقدمة إلى الصين. كما أشار إلى أن شركات التصميم والموردين الأصغر سيجدون أنفسهم تحت رقابة أكبر، ما قد يعيد تشكيل العلاقات التجارية التايوانية في قطاع التكنولوجيا.
تُعد خطوة تايوان بإدراج هواوي وSMIC على قائمتها السوداء تطوراً مفصلياً في ما يمكن وصفه بالحرب التكنولوجية الباردة بين الدول المتقدمة في العالم. وبينما تسعى الصين لتطوير بدائلها الخاصة، تعمل تايوان على ترسيخ موقعها كحليف موثوق للولايات المتحدة، وتحصين صناعتها الحيوية من أي اختراق قد يُستغل لتقويض الأمن القومي أو التفوق التكنولوجي.
?xml>