تستمر فوضى تويتر والعلامة الزرقاء في التصاعد يوماً بعد الآخر، ويستمر إيلون ماسك في اتباع أسلوب الاختبار والتجربة إلى أن يصيب، حيث قام في 20 إبريل بحذف علامة التوثيق الزرقاء من جميع الحسابات، لتصبح بذلك متاحة فقط لمشتركي خدمة تويتر بلو، وهي الخطوة التي أعلن قدومها منذ استحواذه على الشركة العام الماضي.

حيث تفاجئ المشاهير جميعهم بحذف العلامة الزرقاء من جانب أسمائهم، وفي غضون ثوانٍ من تنفيذ هذا القرار، أصبحت النسبة الأكبر من مشاهير تويتر دون علامات توثيق، في خطوة أدت إلى جعل المنصة في حالة من الفوضى التي يمكن القول سخريةً أنها رجعت بالزمن للخلف إلى أيام ما قبل اختراع خدمات التوثيق.

نسى إيلون ماسك الهدف الرئيسي من توثيق الحسابات المتمثل في تجنب الضرر الذي يمكن أن تسببه الحسابات المزيفة، وفي نفس الوقت قد يبدو الأمر عادلاً للبعض أن يتيح للجميع توثيق هويتهم بغض النظر عن مدى شهرتهم، ولكن لسوء حظ ماسك، لم تمش الأمور بالشكل الذي خطط لها.

حيث عارض أغلب الشخصيات العامة فكرة دفع اشتراك شهري لتوثيق هويتهم، فإذا نظرنا إلى الشخصيات المشهورة في مصر على سبيل المثال، رفض نجيب ساويرس (الذي يحتل رقم 577 في قائمة أغنى أغنياء العالم) دفع ذلك الإشتراك لاعتقاده أنه لا يستحق، وتبعه عدد من الممثلين المصريين مثل محمد هنيدي، سمية الخشاب وغيرهم من الذين أخذوا الأمر بشكل من السخرية.

يمكن القول بأريحية أن ردة فعل المشهد المصري لا تختلف كثيراً عن المشهد العام، حيث عارض أغلب مشاهير العالم كذلك مبدأ الدفع للحصول على علامة زرقاء، وبالتالي بدأ إيلون ماسك التفكير في حلول أخرى لإنقاذ الموقف المحرج الذي مر به، بعد عبثه بنظام توثيق الحسابات في تويتر، والذي مر عليه ما يقارب العقد من الزمان.

فبعد مرور أيام قليلة، تفاجئ عدد من المشاهير بإعادة العلامة الزرقاء إلى حساباتهم، على الرغم من أن عدم تلبيتهم لطلب ماسك والاشتراك في خدمة تويتر بلو، الأغرب أنه عند الضغط على العلامة الزرقاء بجانب أسمائهم، تجد رسالة تخبرك أن أصحاب تلك الحسابات اشتركوا في الخدمة المدفوعة، بل وأكدوا رقم هاتفهم.

[quote إيلون ماسك دفع من جيبه اشتراكات تويتر برو لعدد من المشاهير!]

الأكثر غرابة أنه ووفقاً لمصادر موثوقة، فقد استقبل لاعب السلة الشهير، ليبرون جيمس بريداً إلكترونياً من أحد موظفي تويتر، يخبره فيها أنه تم "تمديد اشتراك تويتر بلو" بشكل مجاني لحسابه، كهدية من إيلون ماسك، وذلك بعد أن أخبره جيمس أنه لن يدفع أي اشتراكات مقابل ظهور علامة التوثيق جانب اسمه.

وأستمرت ذلك العبث بتوثيق حسابات لشخصيات توفيت منذ سنين، مثل مايكل جاكسون، تشادويك بوسمان وبول ووكر مع ظهور نفس النص الذي يؤكد أن تلك الشخصيات المتوفية قد وثقت بياناتها باستخدام رقم الهاتف واشتركت في خدمة تويتر بلو من خلال خدمة الوايفاي الموجودة في قبورهم!

لاحقاً أكد إيلون ماسك أنه بالفعل دفع خدمات الاشتراك لعدد من الشخصيات العامة، مثل ستيفن كينج الذي غرد مؤكداً أنه لم يشترك في خدمة تويتر بلو ولم يوثق رقم هاتفه كما تدعي المنصة، ليرد عليه إيلون ماسك بـ"على الرحب والسعة".

إنها كارثة أمنية وأخلاقية أن يكون إيلون ماسك قادراً على توثيق من يشاء من الحسابات

فكيف يمكن لشخص أن يوثق من يشاء من حسابات فقط لأنه يملك المنصة، نهيك أنه تمكن من تجاوز التوثيق برقم الهاتف وفعل الاشتراك المدفوع على اي حال ووضع العلامة الزرقاء لأصحاب تلك الحسابات. نعتقد أن هذه كارثة أمنية واختراق لخصوصية المستخدمين.

من عجائب تويتر كذلك أن الصحفي جمال خاشقجي الذي تم إغتياله في عام 2018 مشترك في خدمة تويتر برو، وعلى الرغم من أن آخر نشاط على حسابه كان في ذلك العام، إلا أن تويتر يؤكد لنا أن روحه تدفع 8 دولارات شهرياً لتفعيل علامة التوثيق.

إعادة علامة التوثيق لحسابات تويتر التي تملك مليون متابعاً فأكثر

وهو التفسير المنطقي حتى الآن لما يحدث، حيث صدرت بعض التقارير التي تؤكد تحديث سياسة العلامة الزرقاء مرة أخرى لتصبح تظهر بشكل تلقائي لأي حساب يملك أكثر من مليون متابع؛ ولكن يبدو أن مبرمجوا تويتر غفلوا عن كتابة بعض السطور البرمجية التي توضح بشفافية ما إن كان المستخدم مشتركاً في خدمة تويتر بلو، واستخدموا نصاً موحداً يزعم أن الجميع مشترك في خدمة تويتر بلو.

[quote أو ربما تعمد إيلون ماسك القيام بذلك لتقديم دعاية كاذبة للتشجيع على الإشتراك في الخدمة!]

لقد قمنا ببحث سريع لعدد من الحسابات العشوائية ووجدنا أن هذا التفسير صحيح، فعند الرجوع لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس مرة أخرى، ستلاحظ أن العلامة الزرقاء أُضيفت من جديد بجانب اسمه، على الرغم من أنه أكد أنه لم يدفع سنتاً واحداً. كذلك الممثل المصري الشهير محمد هنيدي استعاد علامته الزرقاء، وكلاهما يملك أكثر من مليون متابع على تويتر، كذلك يمتلك حساب خاشقجي ما يقارب المليون ونصف متابعاً. في حين استمرت بضع الشخصيات الشهيرة في فقدان علامتها الزرقاء، كالممثلة المصرية سمية الخشاب التي لم تتجاوز المليون متابعاً على تويتر حتى الآن.

هل أصبح نظام توثيق تويتر الجديد ناضجاً الآن؟

أن تجعل التوثيق متاحاً بشكل افتراضي لأي حساب يتجاوز المليون متابعاً، مع إتاحة الأمر لجميع المستخدمين على حد سواء مقابل دفع اشتراك شهري وتأكيد هويتهم يجعل السياسة الجديدة كامل وعادلة في رأينا، على الرغم من الفشل المتكرر الذي تعرض له إيلون ماسك، وأخطاء المنصة الفاضحة. ففي رأينا يمكن اعتماد سياسة التوثيق الجديدة في شكلها الحالي، ولكن ولأن هذه ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن قرارات رجل الأعمال الأمريكي المتهورة، فنحن نعلم جيداً أنها مسألة وقت قبل أن يظهر بفكرة أخرى سيئة للغاية.

فهل يجب أن ندعو بإطلاق رصاصة الرحمة على العصفور الأزرق المسكين؟