أعلنت شركة أبل عن تعديل سياساتها المتعلقة بمتجر التطبيقات في أوروبا، في محاولة منها لتجنب غرامة ثقيلة تفرضها المفوضية الأوروبية تصل إلى 500 مليون يورو، أي ما يعادل 585 مليون دولار أمريكي، بسبب ما اعتُبر انتهاكًا لقانون الأسواق الرقمية الأوروبي.

رغم هذه التعديلات، لم تبتعد أبل كثيرًا عن السياسات السابقة التي أثارت غضب المفوضية، بل اعتمدت نهجًا جديدًا أكثر تعقيدًا، تضمن رسوماً متعددة قد تُفرض على بعض المطورين ثلاث مرات مقابل عملية تحميل واحدة.

ثلاث رسوم في عملية تحميل واحدة

قدمت أبل نظام رسوم جديد يتضمن ما يُعرف بعمولة التكنولوجيا الأساسية، وهي رسوم بنسبة 5% تُفرض على جميع عمليات الشراء الرقمية التي تتم خارج متجر التطبيقات. هذا يعني أن المطورين الذين يختارون استخدام طرق دفع بديلة، سيتوجب عليهم دفع هذه العمولة لأبل، رغم أنهم لم يستخدموا نظام المدفوعات الخاص بها.

إلى جانب هذه الرسوم، تستمر أبل في فرض رسوم أخرى على التنزيلات خارج المتجر الرسمي، حيث كانت قد أعلنت في وقت سابق من عام 2024 عن رسم ثابت قدره 50 سنتًا لكل عملية تحميل تتم خارج المنصة.

ردود الفعل الأوروبية تحت المراقبة

أكدت المفوضية الأوروبية أنها تدرس التعديلات الجديدة التي قدمتها أبل، وأنها لم تُقرر بعد ما إذا كانت هذه التعديلات كافية لإلغاء الغرامة. وذكر متحدث باسم المفوضية أن من المهم استشارة الأطراف المعنية وسماع آراء الشركات والمطورين قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن امتثال أبل لقانون الأسواق الرقمية.

ورغم الخطوة التي اتخذتها أبل، لا تزال بروكسل ترى أن الشركة ربما لم تتوافق بشكل كامل مع جوهر التشريعات الأوروبية، خاصة في ما يتعلق بإتاحة حرية الاختيار للمطورين بشأن أنظمة الدفع وطرق التواصل مع المستخدمين.

مقاومة أبل ومواقف المنتقدين

لم تُخفِ أبل امتعاضها من هذه الإجراءات، إذ صرحت بأنها لم تكن ترغب في تنفيذ هذه التعديلات، لكنها اضطرت لذلك بسبب الضغط الأوروبي والتهديد بغرامات يومية قد تصل إلى 50 مليون يورو. وأعلنت الشركة أنها تخطط للاستئناف ضد هذا القرار، ما يعكس إصرارها على الدفاع عن سياساتها التي تمثل مصدر دخل أساسي لها من خلال العمولة التي تتراوح بين 15% و30% على عمليات الشراء عبر متجر التطبيقات.

بالإضافة إلى ذلك، عبرت شركات كبرى مثل سبوتيفاي وأمازون عن رفضها لنظام الرسوم الجديد، واعتبرته خرقًا لروح القانون الأوروبي. وقالت سبوتيفاي إن أبل لم تكن يومًا راغبة في الالتزام الحقيقي بالقانون، بل اختارت دائمًا الطرق التي تضمن لها استمرار السيطرة على السوق.

انتقادات حادة من Epic Games

اتهم أيضًا تيم سويني، الرئيس التنفيذي لشركة Epic Games، أبل بأنها تمارس ما وصفه بالامتثال الخبيث لقانون الأسواق الرقمية، قائلًا إن النظام الجديد الذي تطرحه أبل ليس سوى محاولة للالتفاف على القوانين الأوروبية والأمريكية على حد سواء.

ووصف سويني النظام الجديد بأنه يُقوض مبدأ المنافسة العادلة، موضحًا أن التطبيقات التي تستخدم أنظمة دفع منافسة تُفرض عليها ضرائب تُضعف من قدرتها التنافسية على متجر أبل.

التناقض مع الوضع في الولايات المتحدة

شهدت قضية الرسوم المفروضة على الروابط الخارجية أو التحويل لمواقع الشراء البديلة تحولًا جذريًا في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، بعد صدور حكم قضائي ضد أبل في القضية الطويلة مع Epic Games. أمرت المحكمة الأمريكية أبل بالتوقف عن فرض عمولات على الروابط التي توجه المستخدمين إلى مواقع الدفع الخارجية.

أحدث القرار، الذي ما زال قيد الاستئناف، فرقًا ملحوظًا في السوق الأمريكي، حيث بدأت شركات مثل أمازون وسبوتيفاي في توجيه المستخدمين مباشرة إلى مواقعها دون دفع أي عمولة لأبل، مما جعل التجربة أكثر حرية وربحية للمطورين.

مستقبل متجر التطبيقات في أوروبا

تُظهر هذه التطورات أن معركة تنظيم أسواق التطبيقات الرقمية لم تُحسم بعد؛ إذ تسعى أبل للحفاظ على نموذجها الربحي، بينما تسعى المفوضية الأوروبية لفرض قوانين تمنع الاحتكار وتفتح المجال للمنافسة العادلة. وفي الوقت الذي تتابع فيه الأسواق والجهات التنظيمية تفاصيل هذا النزاع، يبقى مصير الغرامة معلقًا، بانتظار قرار المفوضية الأوروبية النهائي، في حين تستعد أبل لجولة جديدة من المواجهة القانونية التي قد تطول فصولها.