• «محكمة المستقبل» تعيد تعريف العدالة الرقمية في الإمارات عبر أنظمة ذكاء اصطناعي متكاملة.
  • القضاء الرقمي يختصر الإجراءات من شهور إلى ساعات عبر منصات ذكية متصلة بالبيانات الرسمية.
  • المرافعة والمحامي الافتراضي يمنحان المستخدمين تجربة قانونية سهلة وشاملة عبر الهاتف.
  • توازن بين التقنية والإنسان لضمان الخصوصية والشفافية في القضايا.

كشفت وزارة العدل الإماراتية في مؤتمر GITEX Global 2025 عن مشروعها الطموح تحت اسم «محكمة المستقبل»، وهي منصة قضائية رقمية بالكامل لا تستخدم الأوراق ولا تعتمد على المحامين بالشكل التقليدي، بل تدير قضاياها عبر أنظمة ذكاء اصطناعي متكاملة.

يشعر الداخل إلى هذه المحكمة وكأنه يعبر إلى عالم جديد من العدالة، لا توجد نوافذ مُكتظة بالمراجعين، ولا ملفات ثقيلة تُنقل بين المكاتب وكل شيء يتم بضغطة زر، وتكفي الهوية الرقمية لتسجيل حضورك، ويتولّى النظام الذكي فتح قضيتك وجمع مستنداتك من قواعد البيانات الرسمية في ثوانٍ معدودة.

اقرأ أيضًا: مؤتمر Gitex 25: حكومة أبو ظبي تجعل الذكاء الاصطناعي موظفًا حكوميًا

كيف تعمل محكمة المستقبل الذكية؟

بأسلوب مبسط وسلس، يمكن تلخيص الرحلة داخل «محكمة المستقبل» في بضع مراحل مُترابطة:

  • الدخول والتعريف: لا حاجة لبطاقات أو أوراق، فيكفي التعرف على الوجه أو الهوية الرقمية.
  • تجهيز القضية: يجمع النظام الوثائق والأدلة تلقائيًا ويُنشئ ملفًا رقميًا مُتكاملًا.
  • المرافعة الذكية: يمكن للمدّعي أن يختار محاميًا حقيقيًا من النظام القضائي أو أن يلجأ إلى «محامٍ افتراضي» مدعوم بالذكاء الاصطناعي يتولى إعداد المُرافعة وتحليل النصوص القانونية.
  • القاضي الرقمي: يتلقى القاضي مسودة حكم مقترحة من النظام الذكي قبل الجلسة، وهذه المسودة مبنية على تحليل شامل للبيانات والسوابق القضائية، لكنه يظل صاحب القرار النهائي.

بهذه الخطوات، تختصر المحكمة ما كان يستغرق شهورًا إلى ساعات.

عدالة أسرع وراحة أكبر

هذه المبادرة لا تستهدف المحامين فقط، بل تمس حياة الشباب مُباشرةً، في عالمٍ تتزايد فيه التحديات القانونية من العقود الرقمية إلى التجارة الإلكترونية، توفر المحكمة الذكية مساحة آمنة ومفهومة لعرض القضايا بسهولة بدون رهبة من التعقيد.

ولأن اللغة كثيرًا ما كانت حاجزًا أمام العدالة، أطلقت النيابة العامة الإماراتية مؤخرًا مركز «بيان للترجمة الذكية»، الذي يحوّل الجلسات إلى نصوص فورية مُترجمة بدقة، مع تمييز المتحدثين صوتيًا عبر خوارزميات ذكاء اصطناعي مُتقدمة.

تخيل طالبًا في بداية حياته العملية، يستطيع الآن رفع شكوى أو متابعة قضية من هاتفه دون الحاجة إلى مراجعات مطوّلة أو مكاتب مزدحمة، تلك هي العدالة التي تتحدث لغة الجيل القادم.

بين التقنية والإنسان: توازن صعب لكن ضروري

كل قفزة تقنية تثير أسئلة مشروعة: كيف نضمن حماية البيانات القانونية؟ هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفهم الجانب الإنساني في القضايا؟ وما مصير المحامين التقليديين في هذا التحول؟

تؤكّد الجهات الرسمية أن الذكاء الاصطناعي في «محكمة المستقبل» ليس بديلاً عن القاضي أو المحامي، بل أداة مساعدة تُسرّع العدالة وتمنحها شفافية أعلى، كما يجري تطوير أنظمة صارمة لحماية الخصوصية الرقمية ومراجعة الخوارزميات القانونية دوريًا.

العدالة الجديدة: بلا خوف وبلا ورق

في النهاية، فإن «محكمة المستقبل» تشكّل رؤية مُتكاملة نحو قضاء أسرع وأكثر إنصافًا تجعل العدالة أقرب إلى الناس، وقد تكون هذه الخطوة هي بداية مرحلة يصبح فيها الذكاء الاصطناعي شريكًا حقيقيًا في بناء الثقة.

بهذا الإيقاع، تمضي الإمارات لتؤكّد مرة أخرى أن المستقبل ليس فكرة مؤجلة، بل واقع يُبنى الآن داخل قاعة محكمة بلا ورق وبلا حدود.