مراجعة لعبة Dead Space Remake

حماسنا الكبير لريميك Dead Space جاء مصحوبًا بتخوف منطقي يجعلنا نتساءل عن مدى شغف المُطورين في استوديو EA Motive، وهل هم قادرين على الفوز بهذا التحدي؟ بعد الوقت الذي قضيته في USG Ishimura، يمكنني التأكيد على أننا أمام أحد أفضل الـ Remakes في تاريخ الصناعة. إنها إعادة صُنع تأخذ كل ما قُدّم في النسخة الأصلية، وتُحسن منه سواء من ناحية السرد القصصي، أسلوب اللعب، وبالطبع الرسومات الخلابة. ريميك Dead Space هو تجربة لن تُنسى سواء لمُحبين السلسلة القُدامي، أو الذين يجربونها لأول مرة في حياتهم!

تحسينات جيدة في السرد القصصي

إذا لم تلعب Dead Space سابقًا، فدعني أُقدم لك نبذة بسيطة عن القصة الرائعة التي تنتظرك. بحلول القرن الثالث والعشرين، استنفدت البشرية معظم الموارد الطبيعية للأرض، وبدأت هيئة الحكومة العالمية استخدام سفن فضائية تُسمى (مُفجرات الكواكب) من أجل حصد الموارد عن طريق تفكيك الكواكب الأخرى للحفاظ على الحياة البشرية في كوكب الأرض. خلال القرن الثالث والعشرين، عثر الباحثين على قطعة أثرية غريبة والتي أطلقوا عليها اسم Marker. هذا الـ Marker ينبعث منه مجالًا كهرومغناطيسيًا مستمرًا من العدم، ولذلك اعتقد الباحثين أنه قادرًا على توفير موارد لا محدودة للكرة الأرضية لضمان الحفاظ على حياة البشر.

اكتشف الباحثين أن الحقول الكهرومغناطيسية التي يرسلها الـ Marker تتسبب في إصابة الأشخاص الأحياء بالجنون والهلوسة، وتتسبب أيضًا في إعادة إحياء الموتى ليصبحوا مخلوقات يُطلق عليهم اسم Necromorphs. تم إلغاء المشروع والتخلي عن كل شيء حوله، مع إخفاء موقع الـ Marker حتى لا يتعرض أي شخص للأذى.

لكن الأمر لم يقف عند ذلك الحد، فبعد ثلاثة قرون وتحديدًا في القرن السادس والعشرين، اكتشفت سفينة التعدين USG Ishimura نسخة حمراء من الـ Marker مدفونة بالقرب من مستعمرة مهجورة. أمر القبطان طاقمه بإحضار الـ Marker على متن السفينة، مما أدى إلى إصابة كل العاملين بالجنون والانقلاب على بعضهم البعض وتحول معظمهم إلى Necromorphs. الأمر الذي يستدعي الدكتورة Nicole Brennan إلى إرسال رسالة إستغاثة إلى حبيبها Isaac Clarke لينجدها.

أنت تلعب بشخصية Isaac Clarke الذي تصله رسالة الإستغاثة، وهو مهندس يعمل في تصليح السفن الفضائية بشتى أنواعها. يصل هو وطاقم آخر إلى سفينة USG Ishimura، وهنا تبدأ رحلتك المخيفة والمليئة بالمخاطر. هدفك الرئيسي هو البحث عن حبيبتك، والبقاء على قيد الحياة من أجل الهروب من على متن السفينة!

القصة بالفعل كانت رائعة في النسخة الأصلية، ولكن تم تحسينها بشكل ملحوظ في الريميك بإضافة مجموعة من المشاهد السينمائية والحوارات الجديدة التي أضافت عمقًا دراميًا قويًا ومطلوبًا يجعل التجربة ممتعة حتى للذين لعبوا النسخة الأصلية في 2008. إنها واحدة من أفضل قصص ألعاب الرعب والبقاء، ويتم روايتها في الريميك بشكل أفضل من أي وقتٍ مضى. اللعبة الأصلية كانت تجربة خطية تعتمد على إنهاء المهام الرئيسية فقط، ويمكنك فعل ذلك في الريميك أيضًا. لكن استوديو EA Motive أضاف مجموعة من المهام الجانبية الجديدة التي تُضيف على القصة وتجعلك تفهم أكثر عن الـ Marker وطاقم السفينة. إنها مهام جانبية لا تشعر أنها جانبية، وهذا ما يجعل تأثيرها قوي. ضفّ على ذلك أن اللعبة بها نهاية سرية جديدة، لكنني سأترككم تكتشفونها بأسلوبكم!

القصة الرئيسية يمكنك الانتهاء منها في غضون 10 ساعات تقريبًا، لكن إذا أردت الانتهاء من القصة الرئيسية والمهام الجانبية، فستطلب منك اللعبة 12 ساعة مما يجعلها أطول بحوالي ساعتين من النسخة الأصلية.

نفس أسلوب لعب Dead Space القديمة، لكن ببعض التحسينات المطلوبة

تغييرات أسلوب اللعب ليست جذرية في نسخة الريميك. اللعبة لا تزال تجربة رعب وبقاء من منظور الشخص الثالث تعتمد على المواجهات البعيدة بإستخدام سبعة أسلحة وأدوات مُستقبلية، بالإضافة إلى إمكانية تحريك الأشياء في البيئة حتى تُساعدك في مواجهات وحوش الـ Necromorphs أو حل الألغاز. إنها نسخة من اللعبة الأصلية، لكن ببعض التحسينات والتغييرات التي أضافت وحسنت من التجربة.

السفينة أصبحت الآن مُتصلة ببعضها البعض

في النسخة الأصلية، كانت سفينة الـ Ishimura غير مُتصلة، ويجب عليك التوجه إلى محطة الترام من أجل التنقل من منطقة لأخرى بدون وجود أي ربط بين تلك المناطق. إنه تصميم بدائي ومنطقي بالطبع للعبة صدرت في عام 2008. لكن الأمر يختلف مع نسخة الريميك. الآن سفينة الـ Ishimura أصبحت كيان واحد يمكنك الاستمتاع باكتشاف كل منطقة فيه بدون شاشة تحميل واحدة. اللعبة مأخوذة بنظام One shot مثل God of War 2018 مما يجعلها تجربة سينمائية من البداية للنهاية. شاشة التحميل ستظهر لك فقط عندما تموت. ربط كل أنحاء السفينة يجعل العالم أكثر منطقية والتنقل بين كل أنحاءه بسلاسة وسهولة جعلني أنغمس بشكل أكبر في هذا العالم.

ضفّ على ذلك أن بعض المناطق التي ستزورها لن تتمكن من دخولها بسبب تصريحك الأمني ضعيف المستوى، لكن مع التقدم في القصة، ستفتح المستويات المتتالية من التصريح الأمني، والآن يمكنك عمل back tracking لتلك المناطق القديمة من أجل الحصول على موارد أو اكتشاف شيء جديد. التجربة أصبحت الآن مثل Resident Evil.

وجود مناطق جانبية تُقدم لك الكثير من الموارد

بما أنه تم إعادة تصميم سفينة الـ Ishimura من الصفر، فقام الاستوديو بإضافة العديد من المناطق الجديدة التي يمكنك اكتشافها. تلك المناطق تُقدم لك العديد من الموارد التي يمكنك استخدامها لشراء ذخيرة، ترقية البدلة خاصتك، أو ترقية أسلحتك ومختلف عتادك. بالطبع الحصول على تلك الموارد ليس سهلاً وهنا يتم إضافة عنصر جديد للعبة.

في الكثير من المناطق ستجد أمامك خيار التحكم بالأبواب والأنوار من حولك. إذا أردت التوجه إلى باب جانبي، فيجب عليك إغلاق الأنوار تمامًا حتى تُعيد توصيل مجرى الطاقة الكهربية لهذا الباب. هل ستخاطر بوجودك في الظلام الدامس وإمكانية ظهور وحوش حتى تحصل على تلك الموارد؟ الأمر بمثابة مخاطرة، وإما ستربح، أو ستخسر فيها. وجود تلك الحرية للاعب أضافت على التجربة وجعلتني أود خوض كل مخاطرة أجدها أمامي!

مناطق الصفر جاذبية أصبحت ممتعة

الكثير من الألغاز في Dead Space تقع في مناطق تكون فيها الجاذبية صفر، مما يعني أنك ستكون قادرًا على الطيران في الهواء. تلك المناطق كانت مملة للغاية في النسخة الأصلية حيث كان يجب عليك التنقل بين الحوائط حتى تستطيع السير عليها، لكن نسخة الريميك تترك لك الحرية التامة في الطيران بأي إتجاه في الهواء بـ 360 درجة. حل الألغاز أصبح أكثر متعة، ومواجهة وحوش الـ Necromorphs أصبحت أقوى خاصةً وأنه يمكنك القيام بالكثير من الأشياء الرائعة مثل التحكم بهم ذهنيًا في الهواء لجعلهم يقفون مكانهم، أو إلقاء مختلف المتفجرات عليهم لترى أشلائهم وهي تتناثر أمامك.

نظام الـ Intensity Director يُغير من اللعبة تمامًا

استوديو EA Motive خلق نظام جديد كليًا من أجل ريميك Dead Space يُسمى Intensity Director، وبدون شك، هذا هو أفضل نظام رأيته في أي لعبة رعب بحياتي. فكرة النظام هي العشوائية. كل شيء يحدث في البيئة من حولك يكون عشوائيًا سواء ظهور الأعداء، إطفاء الأنوار، أو وجود ضباب في كل مكان أمامك على الشاشة.

تم صُنع هذا النظام من أجل تقديم تجربة مختلفة لكل اللاعبين بشكل عشوائي. فلا يوجد لاعبين اثنين سيحصلان على نفس التجربة. حتى نفس الشخص إذا قرر إعادة اللعبة مرةً أخرى، فلن يكون قادرًا على توقع ما الذي يحدث أثناء استكشاف السفينة الفضائية. من الممكن أحيانًا أن تسمع أصوات في منافس الهواء وتظن أن الأعداء سيهجمون لكن لا يظهر أحد. وفي أحيانٍ أخرى تجد ما لا يقل عن خمسة منهم أمامك. تلك الفكرة جعلتني أعشق اللعبة وأظل دائمًا على أعصابي لأنني لا أعلم ما الذي سيحدث، أو متى سيحدث. وأتمنى أن نرى تطبيق مثل هذه الأمور في الكثير من ألعاب الرعب الأخرى التي أصبحت مُتوقعة بشكل مُبالغ فيه يجعلها تصل لحد الملل!

على الرغم من التغييرات الرائعة التي قدمها الاستوديو لتحسين أسلوب اللعب، إلا أنه يوجد تغيير كان مطلوبًا ولكنه لم يحدث. بعض مهام القصة الرئيسية تطلب منك القيام بنفس الأهداف مرارًا وتكرارًا مما يجعل التجربة مملة أحيانًا. كنت أتمنى أن يعالج استوديو Motive هذه المشكلة بالتعديل قليلاً على تصميم تلك المهام، ولكنه ترك الأمور على ما هي عليه في النسخة الأصلية. تلك هي نقطة أتمنى التركيز عليها أثناء العمل على ريميك Dead Space 2.

الرسومات، الصوتيات، والأداء التقني

كالعادة، محرك Frostbite يتألق!

بالطبع نحن نعلم إمكانيات Frostbite الفائقة منذ أيام Battlefield 4، لكن لعل لعبة أخيرة مثل Battlefield 2042 لم تتمكن من استعراض قدراته على الجيل الجديد. الأمر هنا مختلف تمامًا مع ريميك Dead Space، فهي تجربة جيل جديد بشكل كامل تستغل كل قدرات المحرك لتقديم تجربة بصرية فائقة الجمال!

أكثر عنصرين لهما أهمية في أي لعبة رعب هما الإضاءة، والظلال. وهنا استوديو EA Motive أبدع في تقديم إضاءة واقعية لأبعد الحدود. كل شيء في عالم اللعبة يُقدم لنا إضاءة فعلية In real time، ويمكنك إطلاق النيران على مختلف مصادر الإضاءة حتى تُعتم المكان مثلاً. الظلال أيضًا تلعب دورًا هامًا في خلق بيئات مُظلمة ومُخيفة، وتقنية تتبع الأشعة للانسداد المُحيطي المُقدمة في اللعبة تُساعد في ذلك الأمر بشكل ملحوظ. الكثير من بيئات Dead Space مُعتمة لدرجة أنه يجب عليك التصويب بسلاحك حتى تضيء المكان بالكشاف اليدوي. إنها تجربة مُرعبة بحق!

كل شيء في اللعبة مصنوع من الصفر، وكل عناصر ومواد البيئة واقعية ولها دور في التصميم الكئيب والمُظلم لسفينة USG Ishimura. تفاصيل الوحوش، الشخصيات، وحتى البدلة التي يرتديها Isaac. كل تلك الأمور تم العناية بها وفعلاً من الصعب تخيل أن الاستوديو قام بكل تلك الأمور خلال أقل من عامين ونصف. لا يُمكن بالطبع نسيان الفيزيائية، فهي أساس عظمة محرك Frostbite. هنا كل شيء في اللعبة قابل للحركة، وكل شيء يتفاعل معك بشكل واقعي مما يجعلك تشعر أن العالم حي، وأنك فعلاً تتنقل داخل هذا العالم. تناثر الدماء وتغيير الإضاءة المُوجهة على عناصر البيئة مع الإنعكاسات الخلابة يجعلان المشهد النهائي تحفة فنية تسر الأعين.

صوتيات ثلاثية الأبعاد تُضاعف أجواء الرعب

من الاضافات الرائعة في Dead Space Remake هو الصوت ثلاثي الأبعاد المصنوع بطريقة تجعل كل شيء من حولك يحدث بشكل عشوائي. انعكاسات الصوت البعيدة العشوائية التي تحدث عندما يصرخ أحد الوحوش تُضيف رهبة على هذا العالم، والاستماع للوحوش وهي تقترب من خلف الحوائط يجعل قلبك يقفز من مكانه. أيضًا أصوات الأسلحة المختلفة، وأصوات البيئة بأكملها صُنعت بإحترافية كبيرة!

لعل أكثر تقدم ملحوظ في الصوتيات عن النسخة الأصلية هو التمثيل الصوتي. شخصيتنا الرئيسية Isaac Clarke أصبحت تتحدث الآن من تمثيل الرائع Gunner Wright والذي أضاف الكثير من العُمق بدلاً من كونها شخصية خرساء مثل النسخة الأصلية. الشخصيات الجانبية أيضًا وتمثيلهم الصوتي الواقعي أضاف دراما قوية للتجربة وأصبحنا نشعر بمشاعرهم وخوفهم. هذا بالتحديد نلحظه في البطل الذي تختلف نبرة صوته وفقًا للحالة التي يكون فيها أثناء التحدث.

بالحديث عن التمثيل الصوتي، يجب أيضًا أن نتحدث عن الترجمة والتي تُساعد الأشخاص في فهم الألعاب. للأسف يوجد خبر سيء، وهو أن Dead Space Remake ليست مُعربة بأي شكل من الأشكال. من الغريب أن نرى EA تُعرب معظم ألعابها، لكنها تركت Dead Space بدون تعريب. تلك اللعبة بها قصة قوية ومصطلحات مُعقدة، وكان لا بُد من تعريبها. نتمنى ألا يتم تكرار هذا الخطأ مع ريميك الجزء الثاني!

أما بالنسبة للموسيقى التصويرية، فتلك هي لعبة رعب، ولذلك فإن الموسيقى التصويرية لن تكون ألحان جميلة تسمعها في كل أنحاء سفينة USG Ishimura. أنت هنا أمام ألحان هدفها الرئيسي هو تقديم الكثير من الخضات والأصوات المُرتفعة حتى تُشعرك بالرهبة وتجعلك على أعصابك طوال التجربة. و بدون شك، قد نجح استوديو EA Motive في تقديم ذلك الأمر.

أداء تقني صدمني من قوته

كواحدة من الألعاب المُوجهة خصيصًا لأجهزة الجيل الجديد، فلم أكن أتوقع الحصول على هذا الأداء التقني الممتاز، خاصةً وأن اللعبة لا تُقدم أفضل تجربة من ناحية دقة العرض على أجهزة PlayStation 5 و Xbox Series X|S.

تجربتي للعبة Dead Space كانت على حاسوب بالمواصفات الآتية:

• معالج Intel Core I3 10100F
• 16 جيجا بايت من الرامات بنوعية DDR4 وتردد 2666 MHz
• بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
• ذاكرة تخزين NVMe M.2 SSD

معظم تجربتي للعبة كانت على إعدادات مرتفعة بدقة 1080p مع تفعيل تقنية Nvidia DLSS على وضع الجودة. في المقابل حصلت على إطارات تترواح بين 70 و 90 معظم الوقت، لكن في المشاهد المليئة بالأكشن و الإنفجارات، تقل الإطارات لتصل لحوالي 60 إطار في الثانية.

تمكنت أيضًا من تجربة اللعبة على إعدادات Ultra بدقة 1080p مع تفعيل تقنية تتبع الأشعة و Nvidia DLSS على وضع الجودة، وحصلت في المقابل على حوالي 60 إطار في الثانية، لكن الإطارات كانت تقل لـ 45-50 في المشاهد الثقيلة. بشكل عام، الأداء التقني ممتاز، ويمكنك الاستمتاع باللعبة بدون أي مشاكل. ضفّ على ذلك أنها لم تستهلك أكثر من 50% من قوة المعالج رباعي النواة الذي أمتلكه!

في النهاية

هكذا كيف تُعيد صُنع أي لعبة. Dead Space Remake هو من الأفضل في فئته، ويقترب للمستوى العظيم الذي قدمه ريميك Resident Evil 2. استوديو EA Motive أخذ كل شيء جعل Dead Space الأصلية تجربة قوية، وحسّن عليه، بل وأضاف له أيضًا تغييرات مطلوبة. تلك هي Dead Space في أفضل أشكالها، وهي تجربة يجب خوضها سواء لعبت النسخة الأصلية، أو ستبدأ في استكشاف سفينة Ishimura لأول مرة. الآن زاد اطمئنانا لمستقبل عنوان Dead Space وهو في يد ذلك الاستوديو، ولا يسعنا الانتظار لنرى ريميك الجزئين الثاني والثالث. لقد عادت Dead Space، وسعادتنا لا يمكن وصفها!