أشعر دائمًا بالقشعريرة في جسدي عندما يتم ذكر الفضاء الخارجي، والغيبيات التي لا نعلم عنها شيئًا. نحن نعيش في مجرد نقطة من بحر لا متناهي من الكواكب و المجرات العملاقة، وبالتأكيد توجد حياة أخرى في مكانٍ ما بالخارج. لكن ماذا إذا كانت تلك الحياة ليست جميلة كما نأمل، وماذا إذا كانت أكثر شيء مُرعب ومُخيف من الممكن أن نتخيله؟ سلسلة Dead Space جاءت لتجاوب على تلك التساؤلات المتواجدة عند جميع البشر بتقديم تجربة قصصية رائعة تجمع بين الأكشن وعناصر الرعب التي لا تزال عالقة في أذهاننا حتى يومنا هذا. ومع إقتراب إصدار ريميك الجزء الأول في السابع والعشرين من يناير، نأتيكم اليوم بمُلخص شامل لتاريخ سلسلة Dead Space.

تأثير Resident Evil 4 على Dead Space

لعبة Resident Evil 4 كانت السبب وراء وجود Dead Space!

صناعة الألعاب انقلبت رأسًا على عقب بإصدار Capcom للعبة Resident Evil 4 في 2005. تلك كانت واحدة من أنجح الألعاب في التاريخ حيث قدمت للاعبين تجربة رعب مختلفة من منظور الشخص الثالث، مع التركيز على الحبكة الدرامية والشخصيات الرائعة التي جعلتها تتفوق على كافة الألعاب المتواجدة آنذاك. تأثر استوديو EA Redwood Shores بقيادة Glen Schofield بلعبة Resident Evil 4، وأراد Schofield إنشاء ما شعر أنها ستكون أفضل لعبة رعب على الإطلاق. في السابق كان يعمل استوديو Redwood Shores على الألعاب المُرخصة، وقدموا عناوين مثل James Bond و The Lord of the Rings.

بعد إصدار Resident Evil 4، شعر استوديو Redwood Shores أنه بإمكانهم التوسع وإنشاء ألعاب خاصة بهم تمامًا بدلاً من العمل على الألعاب المُرخصة المملوكة لاستوديوهات أخرى، ومن هنا جاءت فكرة العمل على لعبة رعب تحاول تقديم ما قدمته RE4، بل والتفوق عليها أيضًا. في بداية عملية التطوير، عُرفت اللعبة باسم Rancid Moon ،وتم وصف Dead Space على أنه مشروع أراد العديد من الموظفين في Redwood Shores العمل عليه لسنوات عديدة. كان الفريق حريصًا على إثبات نفسه، لكنهم لم يتوقعوا أن تصبح اللعبة شيئًا كبيرًا كما حدث!

عندما عرضوا اللعبة على الشركة الأم Electronic Arts في أوائل عام 2006، مُنحوا ثلاثة أشهر لإنشاء نموذج أولي. وبالفعل تم تطوير النموذج الأولي على أجهزة Xbox. وقتها الاستوديو لم يُرد فقط صناعة نموذج أولي استعراضي، بل أراد صناعة شيئًا قابلاً للعب حتى ترى EA ما الذي يُمكن أن يفعله الاستوديو.

استوديو Visceral Games

لعبة Dead Space كانت بداية لواحدة من أعظم السلاسل في التاريخ

أراد الاستوديو تقديم شيئًا مختلفًا

بعد عام ونصف من الدعاية الداخلية ومحاولة جعل شركة Electronic Arts توافق على العمل على المشروع. قررت في النهاية الشركة أن تُعطيهم الضوء الأخضر بعد أن وجدت في Dead Space سلسلة جديدة من الممكن أن تنقل EA بأكملها للأمام، وتجعلهم ينضمون لعالم ألعاب الرعب بشكل مميز.

بعد الموافقة وباستخدام خبراتهم في إنشاء التجربة الأولية لعرضها على EA، بنى الفريق أحد عشر مستوى إضافيًا في عشرة أشهر فقط بإستخدام نفس المحرك الذي استخدموه مع لعبة The Godfather، وتم استخدام محرك Havok لتقديم الفيزيائية المطلوبة في عالم اللعبة.

كان الانغماس عنصرًا أساسيًا في اللعبة وبدلاً من وجود عناصر واجهة المستخدم أمامك أنت كلاعب في الشاشة، قرر الاستوديو إضافتها داخل اللعبة. أصبحنا نرى عدد طلقات الأسلحة أمام أعينا على السلاح نفسه، ومؤشر حياة البطل كان يظهر على ظهره، مع وجود المشاهد السينمائية والتسجيلات الصوتية والمرئية تظهر أمامه داخل اللعبة. عنصر آخر من عناصر أسلوب اللعب الرئيسية التي ركّز الاستوديو عليها هو إضافة فكرة تقطيع أشلاء الأعداء. في كل ألعاب الأكشن والرعب السابقة، كان هدفك هو إطلاق النيران على الأعداء في الرأس لإصابتهم بأكبر ضرر ممكن والقضاء عليهم سريعًا، لكن الأمر اختلف مع Dead Space.

التركيز هنا سيكون على عنصر جديد يُسمى "التقطيع الاستراتيجي". فبدلاً من إطلاق أكبر قدر ممكن من الطلقات على رأس الأعداء، يجب عليك هنا القنص على أطرافهم سواء كانت الأرجل أو الأيدي من أجل القضاء عليهم. تم تعديل دقة الأسلحة وسلوك العدو حول هذا المفهوم. على سبيل المثال، يغضب الأعداء بسبب إصابات الرأس التقليدية ويبدأوا في الهجوم على اللاعب. أيضًا أصر Schofield منذ مرحلة مبكرة في التطوير على التركيز على الموسيقى وتصميم الصوت لتعزيز جو الرعب. وحتى يومنا هذا، يُمكن إعتبار صوتيات Dead Space هي واحدة من الأكثر رعبًا في تاريخ الصناعة. أتذكر أن الصوتيات وحدها كانت تجعلني أقفز من مقعدي أثناء تجربتي للجزء الأول من Dead Space.

بشكل عام، استوديو EA Redwood Shores أراد تقديم شيئًا مختلفًا يعتمد على مقولة "Resident Evil في الفضاء". Dead Space كانت من المفترض أن تُصبح المزيج المثالي بين أسلوب اللعب الحماسي من منظور الشخص الثالث، وعناصر الرعب التي تُقشعر لها الأبدان. وبالفعل، نجح الاستوديو في تقديم تجربة لا تزال من الأفضل في تاريخ ألعاب الرعب.

لعبة Dead Space 1

قصة اللعبة كانت رائعة!

تقع أحداث Dead Space في عام 2508، وهو الوقت الذي انتشرت فيه البشرية في جميع أنحاء الكون. بعد الانقراض الوشيك للبشر على الأرض بسبب نقص الموارد، يتم استخدام السفن التي يطلق عليها اسم "كسارات الكواكب" لحصاد الموارد من الكواكب القاحلة. أقدم كسارة كوكب هي USG Ishimura، والتي تقوم بعملية تعدين غير قانونية على كوكب Aegis VII. تكشف الخلفية الدرامية أن كوكب Aegis VII كان موطنًا لـ "علامة حمراء"، وهي نسخة من صنع الإنسان من كتلة فضائية أصلية مُكتشفة على كوكب الأرض. أدت محاولات تسليح العلامة ونسخها إلى إنشاء كائن حي شبيه بالفيروس أصاب الجثث وحوّلها إلى كائنات لا تموت تُسمى Necromorphs.

تُرسل السفينة الفضائية USG Ishimura رسالة إستغاثة، ويذهب فريق متخصص على متن سفينة Kellion لاستكشاف الـ Ishimura ومعرفة ما الذي حدث. بطلنا هو Isaac Clarke، مهندس يعمل على سفينة Kellion التي استجابت لنداء الاستغاثة، وقد أصر Isaac على الذهاب لمعرفة ما الذي حدث لحبيبته Nicole، وهي ضابطة طبية تعمل على الـ Ishimura.

بعد استكشاف الـ Ishimura ومعرفة خطر الـ Necromorphs المتواجد في كل أركانها، يجب على Isaac وما تبقى من فريقه محاولة الخروج على قيد الحياة وإنقاذ Nicole، بالإضافة إلى حل لغز الـ Necromorphs وكيف يُمكن وقف انتشارهم السريع للغاية.

لعبة Dead Space 1

إصدار اللعبة وردة فعل اللاعبين والنُقاد

تم الإعلان عن Dead Space في سبتمبر 2007، وصدر الموقع الخاص بها بشهر مارس 2008 والذي قدم للاعبين نظرة على عالم اللعبة بمجموعة من الصور والمقاطع الشيقة الجديدة. ضف على ذلك أنه تم المشاركة بمدونة للمطورين، ومنتدى مُخصص للاعبين لمناقشة كل شيء عن اللعبة.

تلقت اللعبة قدرًا كبيرًا من الدعم التسويقي من شركة Electronic Arts، وفي بداية الإعلان عن اللعبة تم الكشف عن أنها ستكون محظورة بالصين، اليابان، وألمانيا، لكن لاحقًا تم التأكيد على أن الأمر كان مُجرد حيلة تسويقية، وأن لعبة Dead Space لن يتم منعها بأي دولة.

إلى جانب اللعبة نفسها، أنشأ فريق Dead Space و Electronic Arts عالم وسائط متعددة حول اللعبة للترويج لها وإظهار العناصر المختلفة لتقاليدها وقصتها المُشار إليها في اللعبة. كان التوسع الأول عبارة عن سلسلة Comics محدودة تصدر أجزاء منها بشكل متواصل بين مارس وسبتمبر 2009، ثم حصلنا على فيلم أنيميشن بعنوان Dead Space: Downfall في شهر أكتوبر يتحدث عن سقوط سفينة الفضاء USG Ishimura في أيدي الكائنات الفضائية.

صدرت Dead Space في أكتوبر 2008 على الحاسب الشخصي، PlayStation 3، و Xbox 360. حققت اللعبة تقييمات رائعة من النُقاد حيث حصدت متوسط تقييمات 89% على Metacritic، وتقريبًا نفس التقييمات من اللاعبين على متجر Steam. باعت اللعبة نسخ مقبولة (ليست كثيرة جدًا)، ولكنها كانت كافية لتجعل EA تُكمل في هذا العالم مع مجموعة من الإصدارات المُستقبلية…

لعبة Dead Space Extraction

لعبة الـ Wii الفرعية Dead Space: Extraction

لعل الكثير منكم لم يسمعوا سابقًا عن تلك اللعبة، لكن استوديو EA Redwood صنع لعبة فرعية على منصة الـ Wii U تحت عنوان Dead Space: Extraction، وتلك هي الأخرى كانت على غرار Resident Evil The Umbrella Chronicles التي شهدت نجاحًا كبيرًا عند إطلاقها على المنصة في 2007. صدرت لعبة Dead Space: Extraction في عام 2009، وتتبع قصتها الناجين من مستعمرة التعدين المتواجدة على كوكب Aegis VII حيث يتم اجتياح الكوكب والسفينة التي وصلت حديثًا USG Ishimura بواسطة وحوش الـ Necromorphs المُميتة، والآن يجب عليك الهروب مع فريقك من الكوكب.

أما من ناحية أسلوب اللعب، فتتضمن اللعبة مجموعة من اللقطات الـ Scripted مع وجود حل للألغاز وقتل الأعداء عن طريق تقطيع أطرافهم مثل اللعبة الأصلية. أضافت أيضًا اللعبة نمط لعب تعاوني جعل التجربة مميزة أكثر، وكان يليق على اللعبة حيث شهدنا نمط اللعب التعاوني في الكثير من ألعاب الـ Rail Shooters سابقًا أمثال House of the Dead.

على الرغم من أن اللعبة حققت نجاحًا على المستوى النقدي، إلا أنها لم تُحقق النجاح المطلوب على المستوى التُجاري ولم تبيع كميات كثيرة من النسخ على منصة الـ Wii U. لذلك تم عمل نسخة جديدة من اللعبة صدرت في عام 2011 على منصة PlayStation 3 لمحاولة الإستفادة بأي مبيعات ممكنة.

استوديو Visceral Games

استوديو EA Redwood Shores يتحول إلى Visceral Games

حققت Dead Space نجاحًا كبيرًا مما قاد الاستوديو إلى تغيير علامته التجارية من Redwood Shores إلى Visceral Games في عام 2009. إلى جانب ذلك، تم نقل الاستوديو من EA Games وأصبح قسمًا خاصًا به تحت شعار Electronic Arts الرئيسي، حيث سيكون أول استوديو يُركز على تطوير ألعاب الأكشن والمغامرة من منظور الشخص الثالث على غرار Dead Space. إلى جانب تغيير العلامة التجارية، تم إنشاء استوديوهين شقيقين، هما Visceral Montreal في مونتريال، كيبيك جنبًا إلى جنب مع EA Montreal، و Visceral Melbourne في ملبورن، أستراليا.

خلال عام 2009، ترك Glen Schofield وصديقة Michael Condrey استوديو Visceral Games لصناعة استوديو خاص بهم يُسمى Sledgehammer Games. لاحقًا ذلك العام قامت Activision بالإستحواذ على الاستوديو ليعملوا على سلسلة Call of Duty، وقد أطلقوا Modern Warfare 3 في 2011، ثم Advanced Warfare في 2014، وأخيرًا WWII في 2017. بعد WWII، ترك Glen Schofield الاستوديو، وسنتحدث عما فعله لاحقًا في المقالة.

أما بالنسبة لـ Visceral، فقد أعلن الاستوديو عن خطط في عام 2009 للحصول على عنوان يسمى The Ripper، والذي كان مُستوحى من Jack the Ripper. لكن للأسف تم تأكيد إلغاء العمل على اللعبة في وقتٍ مُبكر من عام 2009. ولكن شائعات الصناعة أشارت إلى أن جزء من هذا العنوان يُسمى Blood Dust كان تحت التطوير في استوديو Visceral Melbourne قبل إلغاء المشروع. ثم بعد ذلك تم إغلاق استوديو Visceral Melbourne في سبتمبر 2011.

في عام 2010 أطلق الاستوديو لعبة تُسمى Dante's Inferno والتي حصلت على تقييمات معظمها متوسطة وسلبية، والكثير من النُقاد أكدوا أن اللعبة تستوحي أكثر من اللازم من عالم God of War. لذلك قرر الاستوديو تركيز كل جهده على تطوير الجزء الثاني من لعبة الرعب Dead Space، والتي جاءتنا بدورها خلال عام 2011.

لعبة Dead Space 2

لعبة Dead Space 2: أكبر، أضخم، وأكثر متعة!

تغييرات على أسلوب اللعب

استيحاء الأفكار من لعبة Resident Evil 4 لم يتوقف عند الجزء الأول من Dead Space، بل يوجد شيء رئيسي أراد الاستوديو تقديمه في الجزء الثاني لم يستطع القيام به في الجزء الأول وهو الكثير من المشاهد السينمائية العملاقة المليئة بالأكشن، مع المزيد من اللقطات الـ Scripted التي تجعل التجربة أكثر سينمائية للاعبين.

شيء آخر أراد الاستوديو تقديمه هو جعل بطلنا الرئيسي Isaac Clarke يتحدث. وُجه نقد للجزء الأول بسبب صمت البطل وأن ليس له أي ردة فعل على ما يحدث من حوله، وهذا تغيير تمامًا مع الجزء الثاني حيث جاء الممثل الرائع Gunner Wright ليؤدي دور Isaac Clarke ويُقدم لنا شخصية رائعة.

القصة تُصبح أكثر غموضًا وعمقًا

تجري أحداث Dead Space 2 في عام 2511، بعد ثلاث سنوات من أحداث الجزء الأول. تجري الأحداث في Sprawl، وهي محطة فضائية مبنية على بقايا قمر Titan التابع لكوكب زحل. بطلنا Isaac Clarke نجا بصعوبة من الإصابة أثناء تدمير الـ Red Marker و Necromorphs في نهاية أحداث الجزء الأول، وتركه الحادث يعاني من مرض عقلي بالإضافة إلى ظهور بصمة لتصميم العلامة في ذهنه.

تم إحتجاز Isaac في مصحة، وبدأوا في تعذيبه من أجل معرفة تفاصيل أكثر عن العلامة وخططها. أثناء معاناة Isaac بالهلوسة، يتم تحريره من المصحة من قبل Delille والذي يُقتل على الفور ويتحول إلى Necromorph. الآن يجد Isaac محطة Sprawl قد اجتاحتها الكائنات الفضائية، ويجب عليه الآن الهرب من المحطة الفضائية مع كشف المزيد من الأسرار حول الـ Red Marker والـ Necromorphs.

لعبة Dead Space 2

طابع الأكشن يُزيد من نجاح Dead Space 2

بعد إصدار الجزء الأول، أوضح الكثير من اللاعبين أنهم عشقوا اللعبة، ولكنها كانت مُخيفة زيادة عن اللزوم، وعلى الرغم من أن استوديو Visceral Games كان يريد الحفاظ على الرعب وجو الغموض المُخيف، إلا أنه لا يوجد مانع من تقديم تجربة تجمع بين الأكشن والرعب، وتسمح للاعبين بالتنفس قليلاً من الحين للآخر، وتلك كانت وجهة نظر Electronic Arts أيضًا!

على الرغم من أن معظم اللاعبين أعجبهم التوجه الجديد للعبة Dead Space 2 والدمج الرائع بين الأكشن والرعب، إلا أن بعض اللاعبين الآخرين لم يكونوا مستمتعين بهذا التوجه، وأوضحوا أنهم أحبوا الجزء الأول بسبب طابع الرعب المخيف الذي استمر طوال أحداث اللعبة. الأمر الوحيد الذي اتفق عليه كل اللاعبين هو أن نمط الأونلاين Multiplayer الذي تم تقديمه في اللعبة لم يكن جيدًا. استوديو Visceral Games أراد تقديم تجربة تعاونية في اللعبة، لكن أثناء عملية التطوير قرروا تغيير خطتهم وصنعوا نمط تنافسي لم يُعجب أي شخص، والكل أجمع على أنه إضافة سيئة للتجربة، ولا ترقى لمستوى اللعبة الأساسية الفردية.

بشكل عام، حققت اللعبة نجاحًا رائعًا وقت الإصدار في يناير 2011 حيث حصلت على متوسط تقييمات 90/100 على Metacritic، و 92/100 من اللاعبين على Steam. خلال عامين فقط من الإصدار، تمكنت اللعبة من بيع 4 مليون نسخة لتُصبح أنجح من الجزء الأول، وهذا بالطبع دفع EA للعمل على الجزء الثالث، وللأسف، تلك كانت بداية النهاية…

لعبة Dead Space 3

السلسلة فقدت هويتها بإصدار Dead Space 3!

تعارض أفكار Visceral Games و Electronic Arts

عندما بدأ استوديو Visceral Games العمل على Dead Space 3، أراد أن يُقدمها بطريقة مختلفة كليًا، وأراد تصميم اللعبة من الصفر بضم نمط لعب تعاوني يخدم القصة بشكل رئيسي ويجعل له سبب. استوديو Visceral أراد أن يجعل القصة تتمحور حول الجانب النفسي من Isaac Clarke والهلوسات التي يُعاني منها، فكان من المفترض وجود شخصيتين في اللعبة. الشخصية الأولى هي Isaac Clarke نفسه، والشخصية الثانية ستكون "شخصية بديلة" من عقل Isaac Clarke.

تلك الشخصية كانت ستظهر للاعبين على أنها شخصية أخرى تمامًا، ولكن في النهاية اللعبة كنا سنرى Plot Twist ضخمة تجعل عقلنا لا يُصدقها، وهي أن الشخصيتين في النهاية كانتا Isaac Clarke، ولكن واحدة منهما كانت "نفسه الأخرى". هذه الفكرة كانت ستجعل Dead Space 3 تجربة أكثر سوداوية من أي جزء سابق في السلسلة.

في المقابل، لم توافق Electronic Arts على الفكرة، وأرادت أن تجعل Dead Space 3 تجذب المزيد من اللاعبين. لتحقيق هذا الهدف، قررت EA جعل Dead Space 3 لعبة أكشن بشكل أساسي، ولعبة رعب بشكل ثانوي. ظنت EA أن هذا الأمر سيجذب المزيد من اللاعبين وسيجعلهم يشترون اللعبة أكثر من الأجزاء السابقة، لكن النتيجة كانت عكس ذلك، وللأسف استوديو Visceral Games لم يتمكن من رفض مقترح EA أو التفاوض معهم، خاصةً وأن Dead Space 2 لم تحقق مبيعات عملاقة. نعم اللعبة باعت جيدًا وتفوقت على الجزء الأول، لكن أرقامها لم تكن بمقياس ألعاب EA في ذلك الوقت.

المشتريات المدفوعة في Dead Space 3

قصة سيئة، وإضافة الـ Microtransactions على أسلوب اللعب

نُكمل رحلة Isaac Clarke في هذا الجزء، لكن هذه المرة ومعه شريكه، وهو شخصية جديدة كليًا تُدعى John Carver. يذهب الإثنين في رحلة إلى الكوكب الثلجي Tau Volantis للبحث عن Ellie والتي فُقدت منذ فترة على هذا الكوكب. لكن مهمتهما لم تتوقف فقط عن ذلك الحد، بل يجدان أنفسهما في مواجهة أكبر خطر للـ Necromorphs على الإطلاق، وتُصبح مغامرتهم أكثر صعوبة كلما يتعمقون أكثر داخل كوكب Tau Volantis.

الكثير من اللاعبين وجدوا أن قصة اللعبة أصبحت مملة ولا يوجد بها طابع الرعب النفسي الذي جذبهم إلى الأجزاء السابقة. ضف على ذلك أن شخصية John Carver كانت شخصية سيئة بكل المقاييس، ونمط اللعب التعاوني الذي قدمته اللعبة دمّر إحساس الرعب الذي اشتهرت به السلسلة.

ليست القصة وحدها التي تعرضت للنقد من قبل اللاعبين، بل لسببٍ ما، فكرت EA في قرار غير منطقي بالمرة وهو إضافة المشتريات المدفوعة داخل اللعبة. مثل الجزئين السابقين، فيمكنك الحصول على الموارد لترقية أسلحتك وعتادك. لكن لعبة Dead Space 3 تُسهل عليك الأمر، وتُمكنك من شراء تلك الموارد بأموالٍ حقيقية بدلاً من البحث عنها داخل اللعبة. على الرغم من أن الأمر لم يُدمر اللعبة، ولم يجعلها تجربة Pay to Win خاصةً وأنها ليست لعبة تنافسية، إلا أن تلك ليست هي Dead Space التي نعرفها، ولا يوجد أي داعٍ لتقديم مشتريات مدفوعة داخل تجربة قصصية!

إصدار اللعبة، وعدم تحقيق مبيعات مُرضية لـ EA

صدرت Dead Space 3 في فبراير 2013، لكن كانت قد صدرت تقييمات النُقاد قبل إطلاقها. الكثير من النُقاد أكدوا أنها ليست الجزء الثالث المنتظر من سلسلة الرعب، وحصلت على متوسط تقييمات 78/100، وهذا أقل بكثير من تقييمات أول جزئين. شركة EA كانت تُريد من Dead Space 3 أن تبيع 5 مليون نسخة، لكن اللعبة باعت 605 ألف نسخة في أول ثلاثة أشهر من الإطلاق، مما يعني أنها لن تُحقق المبيعات التي أرادتها الشركة بأي شكل من الأشكال خلال الأشهر المُقبلة، ولذلك كانت اللعبة مُخيبة للآمال للاعبين، ومخيبة للآمال لـ EA لأنها لم تُحقق العائد المطلوب منها.

لعبة Dead Space

تبعات الموقف، وإغلاق استوديو Visceral

كنا سنحصل على Dead Space 4 بشكلٍ مختلف!

على الرغم من أن شركة Electronic Arts لم تُعطي الضوء الأخضر لبدء العمل على الجزء الرابع من Dead Space، إلا أن استوديو Visceral كان لديه فكرة رائعة أراد تقديمها. اللعبة كانت ستُصبح تجربة عملاقة تُتيح للبطل التنقل بين أكثر من سفينة فضائية في محاولة وقف خطر الـ Necromorphs.

كل منطقة كنا سنزورها كانت تمتلك أسلوبها الخاص وتصميمها المميز. ضف على ذلك أن اللعبة كان من المفترض ألا تكون خطية مثل الأجزاء السابقة، بل ستسمح للاعبين بإنهاء القصة بأي شكل يريدونه. لعل تلك التجربة كانت ستجعل السلسلة تعود لمجدها، لكن فشل الجزء الثالث جعل EA تُسحب كل ثقتها من استوديو Visceral. ضف على ذلك أن مؤلفين القصة في استوديو Visceral كانوا قد قاموا بالفعل بوضع نهاية لعالم Dead Space، لكنهم لم يريدوا حرق أي تفاصيل للإعلاميين أو العامة، على أمل أن تقوم EA بإعادة إحياء اللعبة مرةً أخرى في المستقبل…

بداية العمل على بعض المشاريع الأخرى

قررت EA أن تجعل استوديو Visceral مشغولاً ببعض المشاريع الأخرى، أولهم هي لعبة Battlefield Hardline، وهي تجربة أكشن تُقدم فكرة جديدة ومختلف عن الأجزاء السابقة من السلسلة. فبدلاً من الدخول في حروب جيوش مثل ألعاب استوديو DICE، فإن Hardline ستُقدم لنا فكرة قيام الشرطة بمطاردة اللصوص بشكل مميز.

لكن للأسف، قصة اللعبة لم تُعجب اللاعبين والنُقاد ووجودها سيئة مقارنةً بـ Battlefield 3 و 4. لعل الشيء الوحيد الذي يشفع لـ Battlefield Hardline هو تقديمها لنمط لعب أونلاين Multiplayer رائع جعل اللاعبين مشغولين فيه لمدة عام ونصف حتى صدرت Battlefield 1 بأواخر 2016.

اللعبة الثانية كانت من المفترض أن تُصبح تجربة جديدة في عالم Star Wars تحت إسم Ragtag. الاستوديو أراد صُنع لعبة عالم مفتوح بشخصيات جديدة في هذا العالم، ولكن الفكرة تغيرت عندما انضمت Amy Hennig (الشهيرة بقيادة ثلاثية Uncharted الأولى) إلى استوديو Visceral في أوائل عام 2014. الآن تم تغيير توجه اللعبة من تجربة عالم مفتوح، إلى لعبة أكشن ومغامرات خطية على غرار سلسلة Uncharted حيث أن هذا هو ما برعت فيه Amy Hennig. 

الكل كان متحمسًا لتلك اللعبة، وظل الفريق يعمل عليها لمدة لا تقل عن 3 أعوام تقريبًا، لكن علمنا بعد ذلك بوجود كمية ضخمة من المشاكل في عملية التطوير. الاستوديو واجه مشاكل في تطوير اللعبة على المحرك الخاص بها، وشركة EA كانت دائمًا تنتقدهم لعدم إضافة الكثير من شخصيات Star Wars الأيقونية باللعبة. ضف على ذلك أن الفريق كان مُنقسمًا داخليًا. فوفقًا للتقرير العملاق الذي قدمه لنا الإعلامي الشهير Jason Schreier على موقع Kotaku، فإن الموظفين كانوا غير متوافقين مع أفكار Amy Hennig. الأمر الذي أدى في النهاية إلى تدمير الاستوديو…

وللأسف، تم إغلاق استوديو Visceral Games

اتخذت شركة EA قرارًا صعبًا بإغلاق Visceral Games في 17 أكتوبر 2017، وقامت بنقل عملية تطوير لعبة Star Wars إلى استوديوهاتها العالمية بقيادة EA Vancouver، وقالت أنها ستعمل على تجديد وتحسين أسلوب اللعب، مع تغيير توجه اللعبة بشكل تام.

وقتها تم النظر إلى إغلاق Visceral Games على أنه علامة على تراجع اهتمام الناشرين بصنع ألعاب فردية، مع التركيز على تقديم ألعاب جماعية أو تعاونية. في ضوء هذه المخاوف، صرح أندرو ويلسون الرئيس التنفيذي لشركة EA، أن سبب إغلاق Visceral لم يكن مشكلة صنع لعبة فردية أم جماعية، ولكنه اعتمد على الاستماع إلى تعليقات اللاعبين واتباع اتجاهات السوق. شعرت الشركة أن التصميم الحالي لمشروع Ragtag لم يكن مناسبًا لهذه التغييرات وأن إغلاق Visceral وإعادة تعيين اللعبة إلى استوديو آخر كان القرار الصحيح.

التقارير التي انتشرت وقتها أكدت أن استوديو EA Vancouver بدأ العمل على المشروع من الصفر في أواخر 2017، وأن اللعبة ستعود مرةً أخرى لتُصبح تجربة عالم مفتوح في كون Star Wars. لكن على الرغم من ذلك، فلم نرى المشروع حتى الآن، والمعلومات الأخيرة أكدت أن EA قررت إلغاء اللعبة تمامًا!

لعبة The Callisto Protocol

ذهب Glen Schofield لصُنع The Callisto Protocol

بعد أن ترك Glen Schofield استوديو Sledgehammer Games في 2017، أخذ فترة راحة حتى 2019، ووقتها قرر التعاون مع شركة Krafton (الشركة الناشرة لـ PUBG) لتأسيس استوديو جديد كليًا بعنوان Striking Distance، ومن هنا بدأ العمل على لعبة رعب جديدة بعنوان The Callisto Protocol.

استوديو Striking أراد صناعة تجربة رعب، وشركة Krafton وافقت مُقابل جعل اللعبة تقع أحداثها في عالم PUBG ولكن في المُستقبل البعيد. أثناء عملية التطوير، اتضح أن أفكار وأهداف استوديو Striking لن تتناسب مع عالم PUBG، ولذلك وافقت Krafton على منحهم الحرية الإبداعية لصُنع التجربة التي يريدونها بدون أي تدخل.

منذ الكشف الأول عن Callisto والكل كان يرى مدى التشابه بينها وبين Dead Space، وأكد Glen Schofield أنه يهدف مع فريقه صناعة أكثر لعبة مُرعبة في التاريخ لتتفوق على كل ما قدموه سابقًا. وقتها ظننا أننا أمام اللعبة التي ستقتل Dead Space للأبد، ولكن هذا الظن كان بعيدًا كل البُعد عن الحقيقة.

صدرت اللعبة في 10 ديسمبر 2022، وللأسف وجدنا أنفسنا أمام واحدة من التجارب المُخيبة للآمال. قصة غير متواجدة، أسلوب لعب يُعاني من الكثير من المشاكل، تجربة خططية أكثر من اللازم، ومشاكل تقنية أثرت على أداء نسخة الحاسب الشخصي في وقت الإطلاق. رأينا كمية ضخمة من الميمز التي تم صُنعها على Callisto، ووقتها أكد الكل أن تلك اللعبة ما هي إلا مجرد تجربة تُحاول تقليد ما تم تقديمه مع Dead Space، واستوديو Striking Distance صرف كل ميزانية اللعبة على الرسومات، وإحقاقًا للحق، فإن The Callisto Protocol قدمت لنا أفضل رسومات في تاريخ صناعة الألعاب!

على الرغم من حصولها على تقييمات متوسطة، إلا أنها حققت مبيعات مرتفعة، وهي مجرد البداية لسلسلة عملاقة من ألعاب الرعب. نتمنى أن تكون الأجزاء المُستقبلية من Callisto أفضل مما تم تقديمه في الجزء الأول. لا تنسوا الإطلاع على مراجعتنا للعبة عبر زيارة هذا الرابط.

والآن، تفصلنا أيام بسيطة على إصدار Dead Space Remake!

في عام 2020، وبعد نجاح Resident Evil 2 Remake، قررت شركة Electronic Arts إعادة إحياء Dead Space مرةً أخرى بالعمل على ريميك خاص بالجزء الأول من Dead Space. الاستوديو الذي سيعمل على هذا الريميك هو EA Motive والذي أثبت كفاءته سابقًا في تقديم لعبة Star Wars Squadrons التي حازت إعجاب اللاعبين والنُقاد على حدٍ سواء.

بدأ الاستوديو العمل على اللعبة وكان له بعض الأهداف الرئيسية:

  • التحسين من القصة بجعل Isaac Clarke يتحدث مع إضافة مجموعة من المشاهد السينمائية والسيناريوهات والحوارات الجديدة كليًا
  • تحسين أسلوب اللعب بتقديم إمكانية إعادة إستكشاف المناطق السابقة، مع توسيع سفينة الفضاء USG Ishimura وإضافة المزيد من المناطق بها. أيضًا تم إضافة إمكانية الطيران في الهواء 360 درجة مما يتيح للاعب حرية أكبر
  • اللعبة الآن تعمل على محرك Frostbite وتستفيد من تقنيات الجيل الجديد مثل تتبع الأشعة، وستتوفر بشكل حصري على الحاسب الشخصي وأجهزة الجيل الجديد لتقديم أفضل رسومات ممكنة
  • تم إضافة نظام صعوبة جديد يهدف لجعل التجربة أكثر ديناميكية وفقًا لتصرفات اللاعب، ولذلك ستكون التجربة مختلفة وجديدة حتى لكل اللاعبين الذين جربوا النسخة الأصلية
  • والمزيد من الإضافات القوية التي ستشملها اللعبة ويُمكنك الإطلاع عليها جميعًا عبر زيارة هذه المقالة "كل ما تُريد معرفته عن Dead Space Remake"

ريميك Dead Space يأتينا على الحاسب الشخصي، PlayStation 5، و Xbox Series X|S في 27 يناير 2023. إذا قُمت بطلب اللعبة مُسبقًا الآن على متجر Steam، فستحصل على نسخة من Dead Space 2 بشكل مجاني بالكامل. هذا الريميك سيكون مجرد البداية لعودة السلسلة، ونتوقع بعدها أن نرى ريميك لـ Dead Space 2 أيضًا!

لكن لعل الريميك الأهم سيكون لـ Dead Space 3 حيث يجب على استوديو EA Motive أن يُغير من كل السلبيات التي تم تقديمها مع النسخة الأصلية، ومن الممكن أيضًا أن نراهم يعيدون أفكار Visceral Games الأولية لتقديم تجربة مُرعبة بحق. إذا حققت النسخ المُعاد صُنعها النجاح الكافي، فتوقعوا أن نرى الاستوديو يُكمل السلسلة بـ Dead Space 4 في يومٍ ما في المستقبل...

ريميك لعبة Dead Space

في النهاية

على الرغم من عدم تحقيق لعبة Dead Space 3 النجاح الكافي، إلا أنه كان من المؤسف أن نرى إغلاق استوديو Visceral Games، فقد قدموا لنا واحدة من أفضل سلاسل الرعب التي عرفتها صناعة الألعاب. سلسلة Dead Space لا تزال عالقة في كل أذهاننا حتى يومنا هذا، والكل يتذكر تجربة الجزء الأول والشعور بالرهبة لأول مرة في كل ركن من أركان سفينة USG Ishimura.

إدارة Electronic Arts وقتها كانت تسير وفقًا لمتطلبات السوق وكانت تقول لنفسها أن اللاعبين لا يريدون ألعاب رعب أو ألعاب فردية، لكن الإدارة الحالية قد تغيرت 180 درجة. فقد رأينا نجاح لعبة مثل Star Wars Jedi Fallen Order، ولعل هذا كان سببًا رئيسيًا في تشجيع EA للعمل على المزيد من الألعاب الخطية. الآن، وخلال أيام بسيطة، سنكون على موعد مع إعادة إحياء سلسلة Dead Space من الموت بريميك الجزء الأول. الكل يمتلك ثقة تامة في استوديو EA Motive خاصةً وأنهم كانوا يستشيرون اللاعبين في كل خطوة من عملية تطوير الريميك.

لعل هذا الريميك سيكون هو مجرد بداية عودة سلسلة الرعب المحبوبة، ولعلنا سنرى المزيد من إعادات الصنع والكثير من الأجزاء الجديدة في المستقبل. أنا متأكد من أننا جميعًا ننتظر هذا الريميك على أحر من الجمر، وشخصيًا لا أستطيع الانتظار حتى أبدأ رحلة Isaac Clarke من الصفر مرةً أخرى.