لارا كروفت من شخصيات عالم الألعاب المحبوبة والمشهورة إن لم تكن الشخصية النسائية الأشهر، لدرجة جعلت من الشخصية ذاتها أيقونة لا تموت. لكن هذا لا يعني أن التغييرات التي تطرأ على الشخصية يمكن أن تجعلنا نحبها أكثر أو حتى نكرهها. وهذه هي حالة لعبتنا Shadow of the Tomb Raider فمن الممكن أن تجعلك تحب السلسلة أكثر أو تكون سبب كراهيتك لها.

القصة:

تشهد الشخصية في هذا الجزء تطور ونضج كبيرين عن الجزئين السابقين، وتكاد تقترب إلى شخصية Lara Croft التي نعرفها جميعاً من فترة الـ PS1 الأولى. لأول مرة تشهد القصة مشهد يأتي على لسان أحد الشخصيات الذي يخبر لارا بأنها ليست محور كل شيء. والذي أعطانا شعوراً أننا أخيراً سنحظى بتجربة مختلفة لا تكون فيها لارا مركز ومحور الأحداث الوحيد ويكون للشخصيات الأخرى دور قوي وفعال في تقدم القصة وسردها.

ولكن للأسف الأمر لم يتعد كونه جملة حوارية بلا تأثير حقيقي في مجرى الأحداث والقصة. اللعبة تأخذ تقريباً نفس طريقة تناول الأحداث في الجزئين السابقين من لعبة Tomb Raider بوجود لارا كمركز الأحداث، حيث تبدأ وتنتهي بها جميعاً. فستجد أن لارا هي صاحبة القرار وهي التي تتأثر به وتتحمل عواقبه وهي المحرك الأوحد للأحداث.

لو كنت ممن ينوي لعب Rise of The Tomb Raider قبل هذا الجزء أو رأيت أحد المراجعات فستلاحظ غالباً التشابه الشديد في القصة. والد لارا يكتشف قطعة أثرية لها القدرة على تغيير العالم وبالطبع تسعى المنظمة المسلحة Trinity في الحصول والسيطرة على هذه القطعة ويتوقف الأمر على لارا لتقوم بإيقاف مساعيهم ومنع حصولهم على القوة التي تمنحها الآثار.

الأحداث تتجه في عدة مسارات بعضها متوقع والبعض الآخر صادم وغير متوقع على الإطلاق وهي الجوانب الأكثر إمتاعاً في قصة اللعبة، ولكن رغم ذلك كنا نتمنى لو لم تقم لارا بكافة الأدوار لدرجة تجعلها تلغي المغزى من وجود الشخصيات المساعدة، كنا نتمنى أن نرى الدور الفاعل لأحد الشخصيات الجانبية المؤثر في الأحداث والمؤثر في تقدم وتطور لارا نفسها أو أن نرى أن الأمور ليست تحت سيطرتها بالكامل أو حتى عند خروج الأمور من سيطرتها وجدناها هي المسؤولة أن تعيدها لنصابها الصحيح منفردة، هي كلها أمنيات مشروعة فهذا ما تم الترويج له بشكل ما في الحملة الدعائية للّعبة، ولكن هذا ما لم يحدث.Shadow of the Tomb Raider

للأسف ربما ضيع المطور الفرصة على نفسه للتجديد في جانب القصة بأن يعطينا الفرصة لنلعب بشخصية جانبية لمساعدة لارا أو التأثير في القصة بشكل ما. أو أن نرى تغييراً جذرياً في طريقة سير الأحداث نفسها. في Shadow of The Tomb Raider ستجد نفس الطريقة المتبعة في الجزئين السابقين وهو ما قد يصيب بعض اللاعبين بالملل والشعور بعدم التجديد مما يقلل شعورهم بالاستمتاع بما تقدمه اللعبة بالطبع.

كل هذا لا يعني أن القصة أو أحداثها ليست بمستوى جيد بل على العكس فأحداث القصة مشوقة وممتعة للغاية ولكن كما قلنا فقد تم تفويت فرصة ثمينة للتطوير وتقديم شيء جديد ومختلف في هذا الجانب.

الجيم بلاي (أسلوب اللعب):

بصراحة لم يكن التغيير مطلوباً في القصة بقدر ما كان مطلوباً في أسلوب اللعب لأن ما قدمته Shadow of the Tomb Raider ما هو إلا بعض التعديلات على الجزء السابق Rise of the Tomb Raider وهو أسلوب لعب كان يحتاج بشدة لانتعاشة وهو ما يجعل من لعبة رائعة كهذه تعطي اللاعبين شعوراً بالتكرار والملل. صحيح أن أسلوب اللعب في هذا الجزء يوي بعض التعديلات ولكن ما كان ينبغي عمله هو البناء على أسس معينة من الأجزاء السابقة والابتكار أكثر.

أحداث اللعبة تجري في عالم شبه مفتوح يمنحك حرية الاكتشاف أو عمل المهمات الفرعية أو جمع collectibles أو غيرها من الأنشطة الفرعية الأخرى مثل جمع الموارد أو صيد الحيوانات لتطوير عتادك. كما يتيح لك أن تهتم فقط بالمهمات التي تفيد سير أحداث القصة لتقوم بها بشكل خطي. مما يعني أن اللعبة سترضي قاعدتين كبيرتين من اللاعبين هم محبي الألعاب الخطية و محبي ألعاب العالم المفتوح أو الـ completionist وهم فئة من الصعب إرضاؤها ولكن نجحت اللعبة في ذلك بملئ كل جزء من اللعبة بمحتوى وأنشطة فرعية وشخصيات متفاعلة ومقابر لاكتشاف ما فيها.

تمتاز المهمات الفرعية أنها جزء من مهمات القصة الرئيسية وتتفرع منها، وهذا يعني أنها غير متاحة في كل الأوقات. فمثلاً عند البدأ في مهمة رئيسية تتطلب منك التجسس على مجموعة من الأعداء تظهر مهمتين فرعيتين يمكن إتمامها خلال المهمة الأكبر ولكن إن قمت بالتوجه لإتمام المهمة الرئيسية مباشرة فلن تتاح لك المهمتين الفرعيتين بعد ذلك. هذا يعني أن اللعبة مصممة كي تلعب مرة واحدة فقط فبعد إنهاء القصة الرئيسية لن يتاح لك الكثير لتقوم به بعد الانتهاء منها.

بالنسبة للأسلحة فسلاح لارا الرئيسي هو القوس والسهم هذا بالإضافة إلى أداة التسلق "الفأس أو الخطّاف"، بالإضافة إلى بعض الأسلحة الإضافية مثل المسدسات أو Shotgun وسلاح الرشاش، لكل من تلك الأسلحة في وقت معين وفي مواجهة أعداء مختلفين. بعض الأعداء يشتبك معك من مسافات قريبة فيمكنك استخدام الـ Shotgun أو مسافات متوسطة لتستخدم ضدهم المسدس. أو أعداء تتفوق عليك عددياً فهنا ينبغي عليك استخدام الأسلحة الرشاشة، هذا بالطبع بجانب القوس والسهم الذي يعتبر السلاح الأمثل عند اللعب بأسلوب التخفي والـ Stealth وهو الجزء الأكبر من اللعبة. تعتمد أسلحتك بشك كبير على جانب جمع الموارد حيث جمع الخشب والريش يتيح لك صناعة والأسهم سريعاً ناهيك عن تطوير الأسلحة لزيادة دقة التصويب أو سرعة الـ Reload.Shadow of the Tomb Raider Lara Croft

بالطبع علينا أن نشير أن جانب القتال في اللعبة هو أقل بكثير من الجزء السابق والذي عاب البعض عليه كونه أقرب لألعاب الأكشن، هنا يقوم المطور Crystal Dynamics بموازنة المعادلة بزيادة محتوى الاستكشاف والتقليل من المواجهات والقتال ولكن هذا لا يعني أبداً أنها أصبحت أسهل.

المهارات والقدرات في هذا الجزء تأتي على شكل Skill Tree تنقسم إلى ثلاثة أجزاء : أولها يختص بالقتال حيث تجد قدرات تتيح للارا القتال بشكل أفضل أو التخفي للإيقاع بأعدائها أو تجنبهم تماماً. والجزء الثاني يتعلق بالأدوات المساعدة حيث يمكنك زيادة عدد طلقات الأسلحة أو منح طلقاتك قدرات خاصة كالطلقات المحترقة أو أسهم النار. والجزء الثالث والأخير يتعلق بالاستكشاف الذي يتيح لك جمع موارد بعدد أكبر أو القدرة على اكتشاف أنواع جديدة من الموارد بدلاً من القيام بشرائها من التجار.

الجرافيك والأداء الرسومي والبصري:

ربما يكون الجانب الأقوى في اللعبة، ومع مرور عشرين عام على ظهور شخصية Lara Croft تحتفل اللعبة عن طريق إضافة Skins للتصميمات السابقة للشخصية حتى أنه يمكنك اللعب بنسخة الـ PS1 لترى بنفسك الفرق الكبير الذي قطعته الشخصية على جانب الكتابة و بالتأكيد على الجانب البصري أيضاً.

وما وصلت إليه الشخصية هي نقطة اهتمامانا الآن حيث أن اللعبة استخدمت كل التقنيات الجرافيك الجديدة والثورية مثل الـ Anti aliasing لتقنيات الظلال وتغيير البيئة المحيطة وهو ما يظهر بشدة عند المشي في الوحل أو الطين على سبيل المثال. هذا بالإضافة لتقنيات الأولوان والـ Textures التي تجعل كل جزء من اللعبة يظهر بشكل جميل ومبهر، ناهيك عن التقنية الأحدث وهي الـ Ray Tracing التي تجعل كل ما يظهر في اللعبة أفضل بمراحل من حيث الشكل وتحديداً انعكاسات الضوء.Shadow of the Tomb Raider Lara Croft

قد تعتقد أن كل هذه التقنيات المستخدمة تعني وجود الكثير من الأخطاء و الكوارث في التنفيذ وهو ما لم يحدث إطلاقاً وهو أمر غريب ومفاجئ نظراً لأن أي من استوديوهات التطوير عند تعامله مع كل هذه التقنيات أو حتى بعض منها فقط وفي محاولاته لتنسيق وتوفيق وظائقها معاً من الصعب للغاية أن يخرج المنتج النهائي بأداء ومظهر جيدين. لذا حق لنا أن نرفع القبعة لـ Crystal Dynamics وفريق التطوير بالكامل لإتقانهم هذا العمل الجبار.

الصوت:

للأسف أن هذا الجانب لم يأتي ليتوج أو يكمل كل المجهود الذي تم عمله في جانب الجرافيك بل للأسف قام بإفسادها في الدبلجة العربية للّعبة التي تقع في خطأ ساذج للغاية لا ينبغي لأي من ستوديوهات الدبلجة المحترفة أو حتى الهواة أن يقعوا فيها وهي الاخفاق في ترجمة الضمائر بشكل صحيح (أنتَ و أنتِ) هما نفس الشيء في اللعبة (هو و هي) يمكن أن يستخدم أي منهما للذكور أو الإناث وهو أمر في غاية الغرابة ولم يحدث من قبل في أي من الألعاب التي تمت دبلجتها للعربية من قبل مما يحوي بعدم إتقان وتسرع في هذا الجانب.

[caption id="attachment_220703" align="aligncenter" width="1920"]Shadow of the Tomb Raider Shadow of the Tomb Raider[/caption]

ولكن ومع ذلك فالأداء الصوتي لـ نادين نجم وهي مؤدية صوت لارا كروفت متميز للغاية بل وأكثر من رائع ونتمنى أن تعود لتأدية دورها في المستقبل.

التقييم النهائي لـ Shadow of the Tomb Raider:

لعبة Shadow of The Tomb Raider لم تقدم أي جديد أو مميز على مستوى أسلوب اللعب بل التزمت بمعادلة بلسلة ألعاب Tomb Raider بحذافيرها. فالمغامرات واللحظات الأخيرة التي تحبس الأنفاس ، والمعلومات التاريخية الحقيقية التي تم بناء عالم اللعبة الخيالي وأحداثها عليها. بالإضافة للبطلة ذات الشخصية القوية والذكية التي تنتقل من القتال لحل ألغاز معقدة بكل سهولة، كل هذه جوانب اعتادها عشاق ألعاب Tomb Raider وهي ما يميزها عن ألعاب المغامرات الأخرى. ولكن هذه الجوانب لا تكفي لتمييز Shadow of the Tomb Raider عن الأجزاء السابقة من السلسلة، فجاء هذا الجزء عادياً وسط سلسلة عظيمة ننتظر ونتوقع منها الكثير.

 على الرغم من ذلك تميزت اللعبة بتقديم أداء قوي ومميز من حيث تقنيات الجرافيك والرسوم ليبهرنا ويبهر جميع اللاعبين بأداء ثابت ورائع بدون أي مشاكل تقنية. كما أن ذكرى مرور عشرون عاماً على شخصية Lara Croft كانت إضافة جيدة للعبة أسعدتنا وستسعد بالطبع عشاق السلسلة عند اللعب بتصميم الشخصية القديم وسط عالمها المطور الجديد.

كل هذا لا يغفر لأخطاء ساذجة وبديهية وقعت بها اللعبة في جوانب الدوبلاج والترجمة من عدم الالتفات لجنس الشخصيات التي توجه إليها أو تصدر منها الجمل الحوارية.

يمكننا أن نلخص ذلك في أن اللعبة هي تطوير رائع للعبة من حيث مستوى الجرافيك وخصوصاً عندما يأتي مع مناسبة مرور 20 عام على ظهور الشخصية. ولكن هذا التطوير والإبهار لا يمكن أن يشفع لتفويت فرصة التجديد على مستوى أسلوب اللعب الذي يجب تحديثه إن كانت هناك أي خطط لجزء جديد. وأخطاء الترجمة العربية الساذجة.

برأيكم هل أنتم راضون عن احتفاظ اللعبة بطابع واحد في أجزائها الثلاثة؟ أم أن تغييراً يجب أن يطرأ على اللعبة إن أرادت الاستمرار ؟