لم تكن توقعاتي عالية بشأن لعبة South of Midnight، خاصة أنها تأتي من استوديو صغير نسبيًا. كنت أطمح فقط إلى تجربة مغامرات وأكشن ممتعة تقدم تجربة مسلية كإحدى حصريات Xbox الجديدة. إلا أن المفاجأة كانت أكبر مما توقعت، فاللعبة أبهرتني بجودتها العالية في جميع جوانبها. من القصة العاطفية المؤثرة، إلى الموسيقى التصويرية الساحرة، والتوجه الفني البصري المبهر، وصولًا إلى أسلوب اللعب الممتع والجذاب، الذي جعلني منغمسًا فيها حتى انتهيت تمامًا من التجربة. South of Midnight ليست مجرد لعبة؛ بل هي عمل فني صُنع بشغف وحب، لتكون حتى الآن أكبر مفاجآت عام 2025. إليكم مراجعتنا الكاملة لها.

قصة مؤثرة خالية تمامًا من الأجندات

قصة South of Midnight تأخذنا في رحلة مشوقة مع Hazel، التي تنطلق في مهمة لإنقاذ والدتها بعد أن دمرت عاصفة منزلها. سرعان ما تكتشف هازل أنها تمتلك قدرات خارقة للطبيعة، مما يجعلها ترى العالم من حولها بمنظور جديد، وكأنه أصبح مكانًا مختلفًا تمامًا عما عرفته سابقًا. من خلال هذه القوى، تبدأ Hazel في استكشاف أساطير الجنوب العميق، حيث تواجه مخلوقات غامضة وتحل الألغاز المختلفة للتقدم في مغامرتها.

تمتد اللعبة عبر 14 فصلاً، يركز كل منهم على قصة فريدة تستعرض الفولكلور الأمريكي الجنوبي وتلقي الضوء على المآسي التي عاشها سكان هذا العالم. يحمل كل مخلوق تواجهه قصته الخاصة، التي يمكن استكشافها من خلال المستندات التي تجدها والمشاهد السينمائية المبهرة التي تعرضها اللعبة. وبفضل هذه العناصر، تقدم South of Midnight تجربة عاطفية مؤثرة، تمزج بين الجمال والحزن بأسلوب سردي قوي.

تستغرق رحلة South of Midnight حوالي 12 ساعة، مما يجعلها تجربة مكثفة ومتقنة دون حشو زائد. فقد ركّز فريق التطوير على تقديم القصة بسلاسة وانسيابية، دون إطالة غير ضرورية قد تؤثر على متعة اللعب، وهذا يضمن تجربة متماسكة تُحافظ على اهتمام اللاعبين حتى اللحظة الأخيرة.

من أبرز الجوانب التي تميز South of Midnight هو تركيزها الكامل على تقديم تجربة سردية ممتعة وأصيلة، دون أي توجهات أو رسائل خارج إطار القصة والمغامرة. إنها لعبة خالصة من أي توجهات أيديولوجية أو دعم للأجندات، مما يتيح لك الاستمتاع بها بكل راحة والانغماس في عالمها الفريد دون أي تشتيت.

أسلوب لعب ممتع يُقدم أفكار جديدة في كل فصل

تقدم South of Midnight تجربة لعب فريدة ومبتكرة، وتعتمد Hazel على نسج السحر بطريقة تشبه حياكة القماش، مما يضفي طابعًا مميزًا على أسلوب اللعب ويجعله مختلفًا عن أي تجربة أخرى في هذا النوع من الألعاب. خلال كل فصل من فصول اللعبة، ستواجه مجموعة من الأعداء الجدد، حيث يقدم كل فصل أنواعًا جديدة من الخصوم، يتميز كل منهم بأسلوب قتال مختلف، مما يتطلب منك التكيف وتطوير استراتيجيات جديدة للدفاع عن نفسك. هذا التنوع المستمر يحافظ على ديناميكية القتال ويمنع الشعور بالملل.

كل فصل تقريبًا يُضيف ميكانيكية لعب جديدة، ويجعل التجربة تتطور باستمرار. على سبيل المثال: 

  • في البداية، يمكنك القفز المزدوج
  • لاحقًا، تتعلم استخدام السحر للطيران وكأنه مظلة
  • مع التقدم، تتمكن Hazel من التنقل السريع عبر تدفقات الهواء بأسلوب شبيه بحركة سبايدر مان في Spider-Man 2

هذا التطور المستمر في المهارات يُبقي التجربة مثيرة طوال الوقت، حيث ستشعر دائمًا بأنك تتعلم شيئًا جديدًا وتستمتع بأسلوب لعب متجدد.

أثناء استكشافك للعالم، ستجمع أجزاء من نسيج السحر، الذي يمكنك استخدامه لترقية قدراتك وفتح مهارات جديدة، سواء في القتال أو التنقل. لاحقًا، ستحصل أيضًا على دمية متحركة صغيرة ولطيفة تساعدك في حل الألغاز والوصول إلى المناطق الضيقة التي لا تستطيع Hazel دخولها بنفسها، مما يضيف بُعدًا جديدًا إلى أسلوب اللعب.

تضم اللعبة مجموعة مميزة من معارك الزعماء، إذ تجد نفسك في مواجهة تمساح عملاق، وساحرة شريرة، والعديد من الشخصيات المستوحاة من أساطير الجنوب الأمريكي. كل معركة مصممة بأسلوب فريد، مما يضيف المزيد من التنوع والإثارة إلى التجربة.

رغم أن أسلوب اللعب كان قريبًا من المثالية، فإن الفصول الأخيرة لم تقدم ميكانيكيات جديدة، وهذا جعل آخر ثلاث ساعات من اللعبة أقل تنوعًا من المراحل السابقة. ومع ذلك، لم يؤثر هذا بدرجة كبيرة على متعة التجربة ككل، حيث بقيت اللعبة ممتعة ومليئة بالتحديات حتى النهاية.

إبداع غير مسبوق في توجه South of Midnight الفني

لعبة South of Midnight تستخدم تقنية مميزة في تصميمها البصري وهي Stop Motion. تقنية الستوب موشن هي إحدى أساليب تحريك الصور تعتمد على تصوير الأجسام لقطةً بلقطة مع تحريكها بشكل طفيف بين كل لقطة وأخرى، مما يُعطي وهم الحركة عند تشغيل الصور بسرعة متتابعة. وهي تقنية من أصعب التقنيات التي يمكنك تطبيقها في لعبة فيديو. بالأخص، أنها تحتاج لصبر وجهد كبير جدًا، لكن النتيجة النهائية هنا كانت مدهشة.

قدم لنا فريق Compulsion Games تصميمًا بصريًا استثنائيًا يُعد من أجمل ما رأيته في الألعاب حتى الآن. تتميز اللعبة بمزيج فريد يجمع بين الرسومات الواقعية في تصميم البيئات، والرسوم الكرتونية في تصميم الشخصيات والأعداء. وعند دمج هذا الأسلوب الفني مع تقنية Stop Motion، نحصل على تجربة بصرية فريدة من نوعها، تنبض بالإبداع والابتكار بصورة غير مسبوقة.

ورغم أن تقنية الستوب موشن تضفي طابعًا مميزًا على اللعبة، فقد يشعر بعض اللاعبين بعدم الراحة بسبب طبيعة الحركة المتقطعة التي تميز هذا الأسلوب. لذلك، حرص فريق التطوير على إتاحة خيار لتعطيل هذه التقنية من خلال إعدادات اللعبة، مما يجعل التجربة أكثر سلاسة لمن يفضلون ذلك. ومع ذلك، أوصي شخصيًا بالاحتفاظ بالتأثير الأصلي، حيث يُعد جزءًا جوهريًا من التوجه الفني الفريد الذي بُنيت عليه اللعبة.

ماذا عن الأداء التقني؟

اختبرتُ اللعبة على حاسوب بمواصفات متوسطة، يضم معالج Intel Core i5-10400F، وذاكرة وصول عشوائي 32 جيجابايت DDR4، وبطاقة رسومية NVIDIA GeForce RTX 3050. شغّلت اللعبة بدقة 1080p مع إعدادات مرتفعة، وحققتُ أداءً سلسًا للغاية بمعدل 60 إطارًا في الثانية، مع ارتفاع ملحوظ في بعض المراحل، أما المشاهد اللعبة السينمائية تعمل بـ 30 إطار في الثانية.

من الناحية التقنية، كانت التجربة خالية تمامًا من المشكلات -على الأقل خلال فترة لعبي- حيث لم أواجه أي جليتشات أو أخطاء تقنية. وهذا يُظهر مدى اهتمام فريق التطوير بتنقيح اللعبة وصُقلها لضمان تقديمها بأفضل صورة ممكنة على صعيد الأداء والاستقرار.

موسيقى تصويرية تأسر الروح بجمالها

تعد الموسيقى التصويرية في South of Midnight واحدة من أقوى وأروع جوانب اللعبة، تنقل إحساس الجنوب الأمريكي بطريقة مذهلة، مما يجعلك منغمسًا تمامًا في التجربة. كل أغنية تروي قصة فريدة، مع ألحان رائعة وكلمات مؤثرة تضيف عمقًا خاصًا لكل مشهد ومواجهة، لدرجة أنك قد ترغب في الاستماع إليها خارج اللعبة.

يعود الفضل في هذه التحفة الموسيقية إلى العبقري Olivier Deriviere، الذي أثبت جدارته في العديد من العناوين الكُبرى مثل Dying Light 2: Stay Human و A Plague Tale: Requiem. ومع ذلك، أعتبر أن South of Midnight هي أفضل أعماله حتى الآن؛ أضفى شغف وحب لا مثيل له على كل قطعة موسيقية، ليقدم لنا موسيقى تصويرية خلابة تُعد جزءًا لا يتجزأ من سحر اللعبة.

للأسف اللعبة غير داعمة للغة العربية

أحد الأمور التي كانت مصدر إزعاج في South of Midnight هي عدم دعمها للغة العربية، رغم دعمها لعدد من اللغات الأخرى التي تضم 23 لغة، بما في ذلك لغات يتحدث بها أقل من 10 ملايين شخص حول العالم، وهذه الخطوة تبرز قصور اكس بوكس في دعم المنطقة. هذا يُعد مؤشرًا على فشل إدارة اكس بوكس الشرق الأوسط الحالية في تلبية احتياجات الجمهور العربي، ومن الضروري أن يُعطى هذا الموضوع الأولوية لتحسين تجربة اللاعبين في المنطقة.

في النهاية

لعبة South of Midnight هي المفاجأة الكبرى في عام 2025 بقصة استثنائية ترويها شخصيات قوية، وأسلوب لعب ممتع يأخذك في رحلة مشوقة رغم بعض التكرار في المراحل الأخيرة. لكن ما يميز اللعبة حقًا هو تصميمها البصري الفريد الذي يطغى عليه إبداع لا يُضاهى، وتوجه فني خلاب يجعلها قطعة فنية حية، مُدعمة بموسيقى تصويرية تُأسر الروح. أنت أمام تجربة أكشن ومغامرات مذهلة لا يمكنك تفويتها، خاصةً إذا كنت من مشتركي خدمة Xbox Game Pass، حيث تتوفر اللعبة عليها من اليوم الأول، لتكون لديك الفرصة للاستمتاع بها على الفور. هذه اللعبة تستحق أن تكون ضمن تجاربك لعام 2025.