لعبة Transference هي لعبة مغامرات من منظور اللاعب الأول تم تصميمها بالتعاون بين SpectreVision و Ubisoft صدرت في 18 من شهر سبتمبر الجاري.

مبدأياً يجب أن نوضح أن اللعبة ليست من نوع ألعاب المغامرات كما نعرفها فلو أردنا أن نصف اللعبة بشكل أكثر دقة فهي من ألعاب التشويق السيكولوجي والنفسي، وهو وصف يصعب التسويق له لذلك تم الترويج للعبة على أنها لعبة مغامرات من قبل Ubisoft. تعتبر اللعبة تجربة تقارب جديدة بين الألعاب والأفلام تستكشف فيها أسبار عقل رجل علم  مضطرب وهوسه باكتشاف إمكانية نسخ العقل والوعي البشري في عالم محاكي عن طريق التكنولوجيا.

https://www.youtube.com/watch?v=8jQYGPDoafU

إن كنت من متابعي مسلسل Black Mirror وتحديداً حلقة San Junipero فستلحظ التقارب بين قصة اللعبة والحلقة. (تحذير بحرق الأحداث) في حلقات المسلسل ستجد أن الناس يقومون بالاختيار بين الموت على أسرتهم بشكل طبيعي أو نقل وعيهم إلى عالم محاكي يعمل عن طريق سيرفرات تحوي مدينة ساحلية تدعى San Junipero.

لعبة Transference تشبه هذه الفكرة إلى حد كبير إن أردنا صياغتها بشكل ظلامي ومرعب يتلاعب بأعصابك وحالتك النفسية من صنع أحد العلماء المجانين.

قد تواجه صعوبة في وصف لعبة مثل Transference فهي من ناحية كل ما يمكن أن يتبادر لذهنك عندما نتحدث عن الـ VR Experience. وهي بافعل كذلك أكثر من كونها لعبة أو قصة بالمعنى التقليدي فالنظام الذي تجري به أحداث اللعبة يعمل بشكل أفضل وأنت منغمس وسط القصة وليس كمتلقي. وبعد قضائك لـ 90 دقيقة من عمر اللعبة -وهو عمر اللعبة كاملة- فلن تتمكن من التفكير إلا بها.

القصة:

في لعبة Transference يقوم Raymond Hayes بتطوير تكنولوجيا تسمح له بنقل الوعي البشري ومحاكاته، أو بمعنى آخر استطاع التوصل لتكنولوجيا تسمح له بعمل نسخة رقمية من عقل ووعي الإنسان وذكرياته لتكون محفوظة في العالم الافتراضي دائماً.

Transference Trailer

تكمن المشكلة أنه استخدم نفسه وعائلته لاختبار هذه التكنولوجيا، هوس Raymond بهذه التكنولوجيا جعلت منه زوجاً مهملاً ووالداً أسوء، يظهر هذا الأمر جلياً وصارخاً عند التعمق في أحداث القصة والعلاقات بين شخصياتها وذلك بالطبع من خلال الاستكشاف لبيئة اللعبة ومشاهدة مقتطفات الفيديو والاستماع للتسجيلات الصوتية المتعددة التي تروي الجوانب المظلمة من قصة عائلة Hayes وتساهم في تقدم أحداثها داخل اللعبة.

تعتمد اللعبة بشكل كبير على منظورك للأمور خاصة وأن منظورك سيختلف نظراً لانتقالك للعب بين شخصيات اللعبة الثلاث وأفراد الأسرة وتمضي الكثير من الوقت معيداً لاكتشاف نفس الأماكن من المنزل ولكن بمنظور مختلف، على الرغم من أن الكثير من العوامل البصرية يتم إعادة استخدامها إلا أنك في كل مرة ستشعر باختلاف عند تجربتها. ويظهر ذلك عندما تلتقط شيئاً يمثل ذكرى جيدة مثلاً بالنسبة للزوج وقد تجد الأمر يحمل ذكرى أليمة أو أكثر إظلاماً بالنسبة للزوجة أو الطفل.

إن كنت تتوقع أن ترى قصة لعبة ببنائها التقليدي والروائي الموجود في الأفلام فهذا ما لن تجده موجوداً في لعبة Transference فهي لن تخبرك بالقصة ولكنها ستضعك في وسط أحداثها ووسط حياة هذه الأسرة عبر اختبار الانتقال والقفز بين منظور الشخصيات مثل Ray وزوجته Katherine وابنهما Benjamin.

أسلوب اللعب:

العامل الرئيسي في أسلوب اللعب وميكانيكية لعبة Transference هو الانتقال بين نسختي العالم (المنزل) عبر مفتاح للضوء بدون أي تفسير واضح من اللعبة بل تترك الأمر للاعبين لتفسير وجود وتكوين نسختين من المنزل. النسختين من المنزل يبدو أن إحداهما تقع في الماضي بألوان هادئة ودافئة والنسخة الأخرى تحمل طابع ألوان أكثر ظلمة وهي مليئة بالـ Glitches والأخطاء. ولا تعتبر هذه الأخطاء مشكلة في تصميم اللعبة بل على العكس فهي جزء من التجربة حيث سيتعين عليك للتقدم في الأحداث واللعبة إصلاح وإكمال هذه الأخطاء والأجزاء المنقوصة لكشف المزيد من أحداث القصة.  ربما كان من الأفضل عمل طريقة أخرى للانتقال فورياً بين نسختي المنزل بدلاً من العودة مراراً وتكراراً لنفس المكان خصوصاً وأن عمر اللعبة كاملة لا يتعدى التسعين دقيقة.

ستتمكن من حل الألغاز وإصلاحها عن طريق إيجاد الجزء الناقص فمثلاً في أحد الأجزاء سيتعين عليك إيجاد ملف صوتي ناقص وهو صوت جرس الباب الذي لتحصل عليه عليك الانتقال للنسخة الأخرى من البيت لإصلاحه والعودة به للنسخة المنقوصة.

Transference Ubisoft

الألغاز في اللعبة تتمحور أغلبها أو ربما جميعها حول فكرة الـ Tracking back أي العودة لنفس المكان في النسخة الأخرى من المنزل لإيجاد الحل للغز ثم العودة مرة أخرى وإكمال الأحداث بعد إكمال الـ Glitches المنقوصة. بين كل حين وآخر سيتعين عليك القيام بشيء تفاعلي أكثر مثل العزف على البيانو أو ضبط موجة الراديو، وتتمحور هذه الأجزاء في الغالب على نتيجة أفعالك بدلاً مما الفعل ذاته.  وربما هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل ننصحكم بتجربة اللعبة كاملة في جلسة واحدة فالتقدم والرتم الذي يسير به مناسب مع بعض المفاجآت القليلة والـ Jump Scares ممزوجة ببيئة مرعبة ومظلمة وأصوات أقل ما يقال عنها أنها تعطيك شعوراً بعدم الارتياح.

الألغاز جزء أساسي في اللعبة فمن خلالها فقط ستتمكن من التقدم في الأحداث ومن خلالها فقط يمكنك إيجاد تفسيرات لوجود المنزل بنسختيه وعن النظرية العلمية التي استند إليها Raymond للوصول إلى هذه النتيجة.

تصميم الألغاز سهل وبسيط للغاية وكما وضحنا فالفكرة وراءها تعتبر واحدة في كل مرة وربما هذا الجانب مقصود لتركز على الجانب النفسي من اللعبة، ما يميز تصميم الألغاز أنها دوماً ما تحمل دلائل مساعدة ومعطيات مباشرة أحياناً ،غير مباشرة في أحيان أخرى ولكنها دوماً تلتزم بعدم التعقيد الشديد حتى يتسنى للاعب التركيز على الجوانب الأخرى

اللعبة مصممة في الأساس للعب عن طريق VR ولكن من الممكن لعبها بشكل اعتيادي أيضاً، فجدير بالذكر أن العديد من اللاعبين صرحوا بشكواهم عن بعض المشاكل الخاصة  بالتحكم في اللعبة و بطء حركتها من خلال الـ VR ولكن في الحقيقة هذه طبيعة تجربة حيث أنها ليست بنفس سرعة عند اللعب بشكل اعتيادي باستخدام الـ Controllers ولكن لأسلوب التحكم هذا مساوئه الكثيرة والتي من أهمها إخراجك من وسط التجربة لتعود في موقف اللاعب المتلقي للقصة والأحداث وهو ما لا تريده اللعبة التي تريدك أن تكون في مركز تلك الأحداث حتى تستطيع تلقيها بشكل أفضل، وإن أردنا التحدث بصراحة فالتجربة ككل تتمحور حول اللعب عن طريق الـ VR من حيث تصميم الصوت وتفاعلك مع الأشياء من حولك.

المؤثرات البصرية:

SpectreVision Transferencetransference

تصميم المنزل في كل من النسختين مختلف كثيراً في شكل المؤثرات البصرية واستخدام الظلال و الألوان ولكل منهما رونقه وجماله الخاص حتى بالنسبة للأجزاء التي تعاني من أخطاء وGlitches تتميز بشكلها وتصميمها البصري، وعلى الرغم من أن اللعبة لا تستخدم أي من التقنيات الحديثة في مجال الجرافيك والرسوم ولكن الاتقان في استخدام التقنيات المتاحة لهم في مرحلة التطوير أظهر اللعبة بشكل رائع ومتقن ويظهر ذلك في اختيار المؤثرات المناسبة لأجواء اللعبة الغامضة و الـ Glitches والعالم الموجود في اللعبة ككل، لتصل باللاعب لجو نفسي متوتر ومناسب للانغماس في اللعبة وحل الألغاز.

المؤثرات الصوتية:

للأسف لم تكن المؤثرات الصوتية بنفس جودة المؤثرات البصرية لكنها لم تكن سيئة للغاية أيضاً فعلى الأقل هي بلا أخطاء بشكل يحقق الغرض منها فقط بلا جال لوصف أي جزء منها بالإبداع أو الابتكار أو حتى الجودة المرتفعة. فستجد أن بعض الجمل الحوارية تتكرر وبعض المؤثرات الصوتية ستجدها مسجلة بطريقة Loop بشكل واضح ، يجعلنا نقول أن هذه هي الحلقة الأضعف في تصميم اللعبة. تم تصميم اللعبة كما ذكرنا في الأساس للعب عن طريق نظارات VR للانغماس داخل التجربة بشكل أفضل ولكن مع الاجماع من اللاعبين على أن التحكم بالـ VR هو الأسوء فدبما سيتعين عليكم الاستغناء عن التجربة الصوتية والبصرية بها.

الخلاصة:

Transference PS4 PC Xbox One

تجربة لعبة Transference تحمل الكثير في طياتها وتتعامل مع الكثير من الجوانب التي تعطي اللاعب شعوراً بعدم الارتياح وتساهم في رسم أجواء اللعبة وهو تماماً ما أراده المطور من تصميم اللعبة بهذا الشكل. مزج كل من Ubisoft و SpectreVision أجواء وأساليب مسلسل Black Mirror وفيلم Matrix الظلامية مع نظرة تشاؤمية وداكنة للمستقبل ولكنها في نفس الوقت تحمل الكثير من الصدق. بالطبع كان من الأفضل أن تكون التجربة أطول من زمن التسعين دقيقة التي تجري فيها أحداث اللعبة خصوصاً بالنظر لطبيعة اللعبة التي تحمل الكثير من التكرار والعودة لنفس المناطق ولكن ومع ذلك فرتم الأحداث في اللعبة يجري بشكل جيد فلا تسارع ولا تباطؤ متعمد.