مراجعة Werewolf: The Apocalypse – Earthblood

هناك عشرات الأسباب التي تجعل صناعة ألعاب الفيديو الخيار الترفيهي الأول لأي شخص باختلاف ثقافته وميوله وتطلعاته، أحد تلك الأسباب هي القدرة على إعادة صياغة أي عمل فني وتقديمه بشكل مختلف ومميز كلعبة فيديو، سواء فيلم سينمائي أو رواية خيالية أو حتى لعبة لوحية حققت نجاح مميز واكتسبت شهرة كفيلة بوضع أرضية صلبة تسمح لها بالانتقال والمنافسة في فئة مختلفة، وهو ما حدث بالفعل مع العنوان الذي نركز عليه اليوم Werewolf: The Apocalypse – Earthblood من استديو التطوير Cyanide وشركة النشر Nacon.

Werewolf: The Apocalypse – Earthblood هي لعبة أكشن أر بي جي مستوحاة في الأساس من اللعبة اللوحية Werewolf: The Apocalypse من مؤسسة White Wolf، وجزء من سلسلة أكبر تعرف باسم World of Darkness من تصميم Mark Rein-Hagen والتي حققت شهرة واسعة على مدار 15 عام تقريبا، وفي السنوات الأخيرة تم الاستقرار على تحويل العنوان للعبة فيديو تعطي المستخدمين الفرصة لخوض واحدة من المغامرات الغير مألوفة اعتمادا على المستذئبين ومحاولة حل صراع أزلي يهدد حياة فصيل بأكمله، حتى وأن كان يشكل خطورة جسيمة على البشر أنفسهم.

مراجعة Werewolf The Apocalypse

لا يقدم العنوان قصة بسيطة تتحدث عن مخاوف البشر من المستذئبين وكيف يمكنهم أن يعيثوا في الأرض فسادا، وإنما ستجد نفسك امام سيناريو أكثر تعقيدا وحرب مشتعلة مستمرة منذ فترة طويلة، حينما كانت تحتضر الأرض بعد أن دمرها الجوع الذي لا ينتهي وكاد يقضي على البشرية الذين خسروا حربهم طويلة الأمد ضد

Wyrm وهي قوة كونية من الاضمحلال والدمار، ليتطور الأمر إلى وقتنا الحالي في شكل نزاع خفي بين مؤسسة Pentex، الشركة متعددة الجنسيات التي تخدم Wyrm في الخفاء، وتسيطر على العالم من خلال الشركات الأصغر التابعة لها.

لدى Werewolf الخطوط الرئيسية التي تضمن لها صياغة قصة مثيرة بأحداث متشعبة مرتبطة بصراع أزلي تبقي اللاعب متلهف لمعرفة المزيد والمزيد عن تلك الحرب الطاحنة، ولكن في المقابل يمضي العنوان قدما في أحداثه بشكل تقليدي متوقع ومكرر بطريقة فجة على مدار 14 ساعة لعب تقريبا يتخللها بعض اللحظات الدرامية والمفاجآت الغير متوقعة والتي لا تكفي بأي حال من الأحوال لإبقائك متحمس ومتلهف لمعرفة النهاية.

يقدم العنوان قصة تركز على الشخصية الرئيسية كاهال المستذئب الذي تم إبعاده عن قبيلته عقابا لأفعاله المتهورة بعدما قتل أحد أفراد عشيرته عن طريق الخطأ، والذي قرر المضي قدما وحيدا في مواجهة شركة Pentex والتلوث الذي تسببه في كل بقاع الأرض، بعد فترة يحاول بطلنا السيطرة على غضبه والتحكم في قدرته الخارقة عائدا إلى عشيرته المهددة بالانقراض لمعاقبة كل أولئك الذين يلوثون الأرض الأم، جايا، و يدمرونها ويفسدونها، وفي سعيه الدامي للخلاص، سيلعب كاهال دورًا محوريًا في حرب جارو العظمى التي ستضع حدا لهذا الصراع الدامي دون رجعة.

نعم هي واحدة من تلك القصص التي شاهدناها عشرات المرات في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، وعلى الرغم من أن السيناريو المتقن وطريقة السرد المبتكرة والحوارات الشيقة كفيلة لجعل أي فكرة مثيرة للاهتمام حتى وأن كانت مستهلكة عشرات المرات، إلا أن الوضع لا يختلف كثيرا في Earthblood مقارنة بأي عمل فني مشابه، حيث ستجد نفسك تتحرك في حلقة مفرغة من المحادثات المملة والشخصيات التي لا تتمتع بأي كاريزما والأداء الصوتي العادي لجميع الشخصيات باستثناء البطل الرئيسي، والأسوأ المستوى الرسومي الذي يجعل نماذج الشخصيات والرسوم المتحركة أقرب إلى لعبة فيديو صدرت قبل 15 عام على سبيل المثال، عندما كان Xbox 360 أو PS3 يخطو خطواته الأولى بالسوق ويحاول تقديم طفرة ملحوظة في ألعاب الأكشن المعتمدة على مراحل أقرب للعالم المفتوح.

يبدأ كاهال رحلته من شمال الغرب الولايات المتحدة الأمريكية وبالنظر لكونه مستذئب يمكن للاعب التحول بحرية تامه إلى ذئب للولوج إلى مناطق وغرف يصعب الوصول إليها في الوضع الطبيعي، أو في شكل إنسان لأجراء المحادثات والتخلص من الخصوم خلسة والتقدم في أحداث القصة، وعلى الرغم من أن العنوان يقدم أكثر من طريقة لخوض المعارك وتنفيذ المهام، إلا أن كلا الأسلوبين لا يتمتع بالعمق الكافي أو التنوع الذي يبعدك عن الملل طوال عمر القصة، سواء كنت تتسلل خلسة وتنتقل من منطقة لأخرى دون أن يلاحظ أحد وجودك وتتخلص من الأعداء بهدوء تام، أو الاشتباكات الدموية التي يتحول فيها البطل لوحش كاسر Werewolf يفقد فيها السيطرة على نفسه ويكون شديد الخطورة على أصدقائه قبل أعدائه، بمعنى آخر لن تجد أسلوب التسلل والتخفي يوفر لك الأدوات الكافية أو الطرق الغير مألوفة للاستمتاع بأحداث كل مرحلة كما يحدث في ألعاب هذا النوع، وعلى الجانب الآخر تسيطر العشوائية والركض دون هدف يمينا ويسارا على معظم المعارك كما لو أن النتيجة معروفة مسبقا مهما احتدم الصراع.

Earthblood هي لعبة خطية ينتقل فيها اللاعب من مرحلة لأخرى لتنفيذ مجموعة من المهام قبل الانتقال للهدف التالي، وفي ظل وجود نظام محادثات قائم على الاختيارات، قد تظن أن لهذا الأمر تأثير على مجريات الأحداث ولكن هذا لن يحدث، وستجد الصيغة الرئيسية يعاد استخدامها مرارا وتكرارا طوال الوقت دون أي تغييرات تذكر، تسلل إلى تلك المنطقة ثم استكشف ما يحاك في الخفاء قبل أن ينتهي الأمر بمعركة مشتعلة تقتل فيها العشرات من البشر والوحوش دون وجود أي تحدي يذكر باستثناء الأعداد الغفيرة للأعداء والذكاء الاصطناعي المتدني الأقرب إلى العروض الكوميدية حيث تجد كل جندي يقف ثابت في مكانه منتظرا مصيره المعروف مسبقا دون أن يحاول بذل أي جهد إضافي لضمان البقاء على قيد الحياة حتى ولو للحظات محدودة.

إتمام المهام الرئيسية يتيح للاعب فتح العديد من المهام الثانوية من خلال الذهاب إلى Penumbra المكان الذي يقع بين عالمنا الحقيقي وعالم الأرواح وعن طريق Great Spirit of the Waterfall تحصل على تلك المهام أو مجموعة من التحديات التي توفر للاعب في المقابل مكافآت يمكن اعتبارها مجزية إلى حد ما كالقدرة على فتح اختصارات بين المناطق الرئيسية وبضعها البعض مما يتيح لك التنقل بسلاسة وسرعة أكبر.

تبدأ أحداث كل مهمة كما أشرت في البداية من خلال التتبع والتجسس والتسلل، بالإضافة إلى القدرة على المرور عبر ممرات ضيقة عند التحول إلى ذئب، ولكن في العديد من الأوقات ستجد نفسك مضطرا للتفاعل مع الآت أو قرصنة الحواسيب لفتح الأبواب الموصدة مما يتطلب التحول إلى الشكل البشري، وعندما تصل إلى النقطة الحاسمة حيث المعركة النهائية ومواجهة موجات من الأعداء، يتحول البطل إلى Werewolf أو مستذئب ضخم لديه العديد من المهارات والسرعة والقوة اللازمة لإنهاء الأمور لصالحه، ولكسر هذا الروتين المستمر طوال عمر العنوان، لديك قائمة ضخمة من المهارات التي يمكن تطويرها بمرور الوقت وتركز على نقاط ضعف وقوة محددة، بينما لدى كاهال القدرة على الوصول لقدرات خاصة مستمدة من الطبيعة تجعله أكثر بطشا وغير قابل للإيقاف تقريبا.

بالنظر لكون كاهال مستذئب، يكون من الصعب عليه في معظم الأوقات السيطرة على تلك الظاهرة الغير طبيعية وبالتالي تخرج الأمور عن السيطرة في أوقات كثيرة، حيث يمتلك مقياس للغضب يعبر عن الحالة التي يمر بها، وكلما علم بالمشاكل التي تسبب فيها البشر مثل الجشع والتلوث البيئي كلما أرتفع هذا المقياس إلى أن يصل للقمة وعندها يدخل بطلنا في نوبة غضب يتحول خلالها إلى ذئب عملاق يدمر أي شيء في نطاق سيطرته ولا يستطيع تحليل المعلومات أو التمييز بين الأعداء والأبرياء، ولا تنتهي تلك النوبة إلا من خلال القضاء على كل شخص في الغرفة قبل أن يعود لحالته الطبيعية مجددا، مما يضع في يد اللاعب خيار إضافي للتعامل مع خصومه في حال شعر بالملل من كثرة التنقل من غرفة لأخرى ومحاولة التخفي عن الأنظار حتى لا يتم كشف هويته.

المعارك التي يوفرها العنوان لا تختلف كثيرا عن نظام التسلل والتخفي من حيث محدودية الاختيارات واعتماد بطلنا على نفس الصيغة في كل معركة يتطرق لها تقريبا، يواجه اللاعب جيش ضخم من الجنود بشكل مستمر، تختلف قدراتهم ما بين أولئك الذين يستخدمون الأسلحة الثقيلة أو الذخيرة المصنوعة من الفضة أو الدروع التي تشكل حركة كاهال في بعض المواقف، كل ما عليك فعله هو المراوغة قدر المستطاع وتفادي طلقات الفضة للمحافظة على حالتك الصحية، ومن ثم القفز والركض بسرعة في جميع أنحاء الغرفة للقضاء على كل من يعترض طريقك، لا يوجد أي شيء مبتكر هنا أو عنصر غير مألوف يجعل خوض هذا العدد من المعارك ممتع أو يأتي بأي شيء جديد ومميز حتى في الساعات الأخيرة من عمر العنوان.

يقدم العنوان مجموعة من البيئات المختلفة في الإعدادات تستضيف أحداث القصة وتتنوع ما بين الشركات العملاقة التي تحتضن داخلها مئات الغرف وعشرات الجنود الذي يتناوبون في الحراسة، ومناطق شبه مفتوحة مثل الغابات والمعسكرات لا تقدم أي شيء مميز في طريقة التصميم او التفاصيل التي تحفل بها، العنوان بوجه عام يعاني من مشاكل واضحة متعلقة بالميزانية مما أثر بالسلب على المظهر النهائي للرسوم المتحركة ونماذج الشخصيات ومستوى الإضاءة، لوهلة شعرت كما لو أني أمام لعبة صدرت في الأساس قبل فترة زمنية طويلة وتم إعادة إصدارها في الوقت الراهن كنسخة محسنة، لا يوجد أي شيء هنا يثير حماسك على المستوى الفني يرغمك على التوقف لبعض الوقت للتمتع بالمنظر والتقاط مجموعة من الصور التذكارية للاحتفاظ بها على جهازك، حتى المحادثات بين الشخصيات وبعضها البعض، ستجد نفسك تستمع إلى الخطوط الرئيسية المتعلقة بالصراع المحتدم وتحاول قدر المستطاع تجاوز أي دردشة لا فائدة منها للانتقال للمرحلة التالية عوضا عن إضاعة وقتك في محادثه لا تتمتع بأي مشاعر أو تفاصيل مثيرة للاهتمام.

الخلاصة

 تقدم Werewolf: The Apocalypse – Earthblood رحلة محفوفة بالمخاطر في عالم مثير يركز على صراع أبدي بين البشر والمستذئبين مع قصة متشعبة وأحداث مشوقة في البداية، وعلى الرغم من أن الأفكار الرئيسية للعنوان ليست فريدة من نوعها، إلا أن الخطأ الأكبر هنا هو طريقة التنفيذ المتأثرة بشكل واضح بميزانية الإنتاج المحدودة والتي أثرت بالسلب على كافة العناصر تقريبا، بداية من المعارك المقبولة في الساعات الأولى إلى أن تجدها مكررة بشكل فج، ومرورا بأسلوب التسلل والتخفي الذي لا يمتلك أي شيء جديد لتقديمه مقارنة بعناوين صدرت في الألفية الماضية، ناهيك عن الذكاء الاصطناعي المتدني للأعداء والحوارات السطحية التي تفتقد للمشاعر والشخصيات التي تبدو أقرب للدمى والمستوى الرسومي المطابق لعناوين صدرت قبل عقد من الزمان على أقل تقدير.