
تعدد الأنوية و الألعاب ،هل نحن بحاجة لكل هذه الأنوية حالياً؟
هل تفكر في اقتناء معالج جديد ؟ ان كنت تنوي شراء معالج جديد فربما يتبادر الي ذهنك سؤال مثل "ما هو المعالج الأفضل حالياً من AMD أو من انتل؟" اليس كذلك؟. ولكن الأمر لا يجب أن يسير هكذا دائمناَ في اختيارك ،فالأقوى ليس دائما الأفضل للجميع ولكن طبيعة استخدامك للمعالج هي التي تحدد هذه النقطة أولاً وأخيراً. وحتي أقوم بتوضيح هذه النقطة سنأخذكم في جولة أخري مع المعالجات المركزية، نلقي نظرة معاً علي تعدد الأنوية ونري معاً هل بالفعل نحتاج لكل هذا العدد من الانوية في المعالجات المركزية للوصول الي الأداء المنشود !، هل تحتاج الألعاب الي كل هذا العدد من الأنوية ؟ ماهي التطبيقات والاستخدامات التي تستفيد من هذا القدر من الانوية بالفعل؟!
مافائدة كل هذه الأنوية ؟
من حيث التعريف البسيط فإن عدد أنوية المعالجات المركزية تحدد عدد المهام التي يستطيع المعالج المركزي القيام بها في نفس الوقت، دعونا نأخذ مثال وليكن برنامج مثل المتصفح، اذا قمت بتشغيل مثل هذا البرنامج (أو غيره) علي أحد الأجهزة العتيقة التي تعمل بمعالج احادي النواة من AMD او Intel فإن تشغيل برنامج اخر علي نفس المعالج سيحتاج منه التوقف (لحظياً) عن معالجة البرنامج الأول والذهاب لمعالجة بيانات البرنامج الأخر، ويضع البرنامج الجديد في أولوية أعلي. يمكننا ملاحظة هذا الأمر مع المعالجات الحديثة من الشركتين، فالأن يمكنك مثلا مشاهدة فيلم و تشغيل اليوتيوب و عمل ريندر لأحد المشاهد كل ذلك في نفس الوقت وبدون ملاحظة أية مشاكل او بطئ في الأداء والفضل هنا يعود الي تعدد الأنوية وقدرتها علي تعدد المهام في معالجات اليوم.
بعض هذه التطبيقات تستخدم أكثر من نواة وهو ما يعني أنه كلما زادت عدد الأنوية كلما كان تعدد المهام أقل عبئاً علي الحاسب، وهو ما ستلاحظه أنت نفسك في ثقل الحاسب أو عدمه عند تشغيل هذه البرامج المتعددة والتنقل فيما بينها.
نظرة إلي الوراء
بدأت المعالجات المركزية كما أشرنا بنواة واحدة لا تدعم تعدد المهام ، ومن ثم زادت عدد الأنوية منذ ذلك الحين مع صدور معالجات Athlon من AMD ومعالجات Pentium من انتل لتصبح نواتين وأكثر مع دعمهم لخاصية تعدد المهام ومن ثم زادت عدد الأنوية حتي وصلت في يومنا هذا الي 16 نواة في المعالجات المكتبية مع دعمها لخطي معالجة لكل نواة وهو ما يعني أننا أمام 32 مهمة من الممكن أن تتم في نفس الوقت. ولكن لا يزال السؤال قائماً وهو ؟ هل نحتاج لكل هذا العدد من القوة الحوسبية في المعالجة خاصة مع الألعاب ؟
كما أشرنا في السابق فالفارق كبير بين معالج بنواة واحدة ومعالج متعدد الأنوية، في الألعاب مثلا كنا نجد الفارق بين نواة واحدة ونواتين كبير الي حد ملحوظ في الألعاب التي تدعم تعد الأنوية في حين كانت الأغلبية تستخدم نواة واحدة، ولكن وحتي وقت قريب لم نكن نري هناك فوارق كبيرة تذكر بين المعالجات ذات النواتين وما هو فوق ذلك، وهو ما كان يجعل الكثير من الناس يكتفون بمعالجات ثنائية الأنوية أو حتي رباعية الأنوية كنوع من الرفاهية. ولكن ومع التطور السريع في الألعاب وانتشار مبدأ العاب العالم المفتوح أصبحت الألعاب أكثر شراهة للأنوية فهي الأن وبكل أريحية تتمتع بأربعة أنوية في خدمتها لتعلن نهاية لحقبة النواتين وما كان يقال سابقاً (منذ عامين علي الأكثر) بأننا لا نحتاج الي كل هذا العدد من الأنوية. نواتين مع الألعاب الحالية ستجعلك تعاني من أداء أقل بشكل ملحوظ أما ما فوق الأربعة فلن يشكل هذا الفارق الكبير.
بعد هذه المرحلة قامت انتل بالخروج الينا بتقنية جديدة وهي تقنية تعدد خيوط المعالجة أو hyperthreading والتي سمحت بالنواة الواحدة بالعمل علي شكل نواتين منطقيتين بحيث يتم تقسيم قوة النواة الواحدة لتعالج عمليتين في نفس الوقت، أي أن النواة صارت عمليا كنواتي. بعد ذلك قدمت AMD تقنيتها المجابهة لتقنية انتل والتي أسمتها multithreading والتي تعطي نفس النتيجة علي الرغم من عدم عملها بنفس الطريقة تماماً. ويمكننا رؤية أن النتيجة هي أن الأنوية المنطقية (الوهمية) تعمل بنفس القوة التي لدي الأنوية الحقيقة طبقاً لهذه المقارنة. معالج i3 من الجيل السابع مع نواتين حقيقتين و نواتين منطقيتين (4 خيوط معالجة) سيعطيك أداء مشابه أو حتي أفضل قليلاً في بعض الأوقات من معالج i5 رباعي النواة من الجيل السادس بدون أنوية وهمية .
علي الرغم من ذلك في الوقت الحالي جدوي خواص مثل تعدد خطوط المعالجة قد لا نجد أثرها بشكل كبير مع تعدد الأنوية وزيادتها بشكل ملحوظ وخاصة مع الألعاب، ولكن مازالت لها تأثيرها مع المعالجات الاقتصادية و برامج المونتاج وغيرها من البرامج التي تحتاج للعديد من الأنوية.
عدد الأنوية ليس كل شيء !
تحدثنا مسبقاً في هذه النقطة لنذكرها مرة أخري الأن وهو أن عدد الأنوية ليس هو الفيصل في الأداء، فالكثرة لا تغلب الشجاعة هنا، ولكن المعمارية و معدل التعليمات في دورة المعالجة أو IPC لها تأثيرها الواضح وهو ما قد تذكرون أننا رأيناه في معالجات Bulldozer من شركة AMD والتي ظهرت عامي 2011 و 2012 لتقدم عدد كبير من الأنوية ولكن بدون أفضلية تذكر في الأداء مقارنة بما لدي انتل في ذلك الوقت وهو ما جعلها تتقهقر أمام غريمها من ناحية الأداء خاصة للنواة الواحدة، لدرجة أن معالجات من فئة Core i3 ثنائية الأنوية مع خاصية تعدد خطوط المعالجة تستطيع هزيمة معالجات AMD FX ذات الستة أنوية .
لذلك فمن الأفضل دائما متابعة المراجعات والمقارنات والتحليلات الخاصة بالمعالجات الجديدة لتري ما الذي تقدمه من الأداء ولا تعتمد فقط علي ما تسمعه أو علي الأرقام. فحتي الترددات الأعلى لا تعني دائماً وعلي طول الخط أداءً أفضل فالفضل في النهاية يعود للمعمارية التي يقوم عليها المعالج.
ماهي نتائج المقارنة الفعلية مع الألعاب المختلفة مع العديد من المعالجات المختلفة
في البداية وكما قلت وأقول دائماً، فلندع الأرقام جانباً لنري النتائج الواقعية للمعالجات، فبالنظر إلي العناوين التي كانت تستخدم مكتبة العاب DX11 يمكننا القول أن القاعدة القديمة سوف تسير بشكل سليم وهو أن معالج ثنائي النواة بتردد مرتفع الي حد ما و 4 خطوط معالجة سوف يقوم بالواجب مع بطاقة رسومية مناسبة بالطبع. ولكن هناك بالتأكيد بعض العناوين التي لا ينطبق عليها هذه القاعدة والتي بالفعل تستفيد من تعدد الأنوية مثل لعبة Witcher 3 علي سبيل المثال.
ثانياً عند إختبار برنامج مثل برنامج 3DMark والذي يعبر بالفعل بشكل كبير عن معظم الخواص الموجودة في مكتبة DX12 ويعرضها سنجدأنه يستفيد بشكل واضح من تعدد الأنوية حتي 6 أنوية وهو ما يمكننا القول يماثلها 6 خطوط معالجة، وذلك ببساطة لأن المعالجات الرباعية الأنوية الداعمة لخاصية تعدد خيوط المعالجة ليست خلف الستة أنوية الحقيقية بفارق كبير. أما المعالجات التي تحتوي علي عدد أقل من 6 خيوط معالجة لا ترتقي لهذا الأداء بل يمكننا رؤية المعالجات التي تحتوي علي نواتين وخطي معالجة تفشل بشدة في الوصول إلي مستويات أداء مقبولة.
وبالعودة والنظر الي مكتبة DX11 مع نفس الإختبار سنجد نتائجاً متباينة إلي حد كبير عن مكتبة DX12، وذلك لأن مكتبة DX11 لا تدعم تعدد الأنوية وهو ما يجعل حتي المعالجات التي تحتوي علي 4 خيوط معالجة تؤدي بشكل جيد جداً بل تقريباً مساوي لما هو أعلي منها، هذه النتيجة قد تختلف قليلاً مع بعض الألعاب التي تعمل بنفس المكتبة والتي تحتوي علي عالم مفتوح والكثير من مشاهد الإنفجارات وغيرها من التفاصيل، ففي تلك الحالة سيكون تعدد الأنوية لما هو فوق 4 أنوية أمراً جيداً أيضاً.
علي سبيل المثال لعبة Assasin’s Creed Odyssey تعتبر أحد الألعاب التي تستخدم أكثر من 4 أنوية بشكل جيد وقد يعود ذلك إلي العالم المفتوح الخاص باللعبة مع تخصيصات محرك AnvilNext من يوبي سوفت ، اللعبة الثانية هي لعبة Battlefield 5 والتي بالتأكيد قام بتجربتها الكثير منكم والتي تستفيد أيضاً من تعدد الأنوية ما فوق 4 أنوية، Far Cry New Dawn و Mass Effect Andromeda يعتبران من الألعاب التي تستفيد من تعدد الأنوية أيضاً وغيرهم الكثير.
مع البرامج ؟
أما بالنسبة للبرامج بشكل عام مثل برامج ضغط الملفات أو المونتاج وبرامج الفيديو وتصميم المحتوي وبرامج التصميم بشكل عام فلا شك أنها تستفيد من الأنوية الكثيرة التي نراها اليوم، بل يمكننا القول أنها هي السبب الرئيسي لوجود مثل تلك المعالجات المتعددة الأنوية لأجهزة سطح المكتب، وهو ما تظهره نتائج Cinebench R15. كما يمكنك أيضاً رؤية نتائج معالجات مثل Ryzen 9 3800X و Ryzen 9 3700X لتعرف الفارق مع البرامج كيف يبدو كلما زاد عدد الأنوية.
بالنظر إلي هذه النتائج يمكننا ملاحظة أمر مهم وهو أن الفارق بين المعالجات ذات الستة أنوية والرباعية الأنوية ليس دائما كبير في كل الأحوال ومع كل دقات الشاشة المختلفة، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للمعالجات ذات النواتين مع خطي معالجة أو أربعة بدون دعم لتعدد خيوط المعالجة، وهو ما يؤكد ما أشرنا إليه مسبقاً أن مكتبة DX12 الحالية تستفيد من تعدد الأنوية وخيوط المعالجة بشكل كبير جداً، وأن الألعاب الحالية بنسبة كبيرة تعتمد علي تعدد الأنوية حتي 6 خيوط معالجة وهو ما سنجده في المعالجات التي تحتوي علي 4 أنوية و 8 خيوط معالجة أو ما هو أكثر من ذلك.
بالتأكيد الفوارق هنا والتي قد يراها البعض كبيرة إلي حد ما بين Ryzen 5 2400G و بين Ryzen 5 2600X ليست كما يبدو وذلك بسبب أن هذه الاختبارات كلها تقريباً مع بطاقة رسومية GTX 2080ti والتي بالتأكيد علي دقة عرض 1080P ستشكل عنق زجاجة مع معالج AMD المسرع Ryzen 5 2400G، وهو ما يظهر بشكل واضح مع زيادة دقة العرض فنجد أن الفوارق تقل بشكل كبير. لذا ففي حالة المستخدم الطبيعي الذي بالتأكيد سيقوم بشراء معالج أقوي قليلاً مه مثل هذه البطاقة أو بطاقة أقل من التي في هذه المراجعة مع مثل هذا المعالج فهذه المشكلة لن تراها.
الخلاصة وكيف تختار المعالج الأنسب، وهل فعلاً المعالجات التي تحمل 12 نواة ضرورية للاعبين في الوقت الحالي.
أخيراً وحتي لا أطيل الحديث أكثر من ذلك يمكننا القول أنه حالياً وطبقاً لما نراه أمامنا وما أشرت إليه ضمنياً بالفعل في كلامي، ففي حال كنت تريد جهازاً للألعاب متوسط الأداء يقدم لك تجربة قوية إلي حد ما مع توفير بعض المال فمعالجات الأجيال الأخيرة من Ryzen 3 أو الجيل الثامن وما بعد ذلك علي الأخص من معالجات انتل من فئة Core i3 فهذه المعالجات ستقدم لك ما تريده من ناحية الأداء مع بطاقات الفئة المتوسطة الرسومية حتي لا تعاني من عنق الزجاجة.
أما في حالة كنت تريد الأداء القوي مع البطاقات الرسومية الأقوى الموجودة حالياً فيجب عليك التوجه نحو معالجات Ryzen 5 أو Core i5 من انتل و AMD للحصول علي أداء قوي بدون الخوف من حدوث ظاهرة عنق الزجاجة معك خاصة علي دقة العرض المنخفضة وذلك لأن دقات العرض الأعلى تعول بشكل أكبر علي البطاقة الرسومية.
معالج 2 نواة 4 خيوط معالجة = أداء معقول مع العناوين الأقدم، وأداء سيء مع عناوين DX12 والعناوين الأحدث.
في حالة معالج 4 أنوية بدون دعم لتعدد خيوط المعالجة = أداء أفضل قليلاً من المعالج ذو النواتين ولكن نفس النتيجة مع العناوين الأحدث.
مع معالج بأربعة أنوية و 8 خيوط معالجة أو 6 أنوية بدون دعم تعدد خيوط المعالجة : أداء ممتاز مع الغالبية العظمي من الألعاب الموجودة حالياً وقد يستمر لفترة جيدة في المستقبل.
ما فوق 6 أنوية سوف يكون هو الوضع الأمثل وأكثر مما تحتاجه حالياً مع أغلب العناوين المتاحة في الوقت الحالي (أنصح بمعالج Ryzen 5 3600X حيث يوفر أداء مثالي بسعر رائع أو ما يقابله من انتل مثل i5 9600K) ولكن في هذه الحالة سيكون هذا المعالج مستعداً بشكل جيد للغاية لتطورات المستقبل. وهذا يوصلنا إلي النتيجة النهائية لموضوعنا اليوم وهو هل هناك فائدة من شراء معالج يحمل 12 نواة في حال كان الاستخدام هو الألعاب ؟....حسناً الإجابة هنا وببساطة لا، علي الأقل في الوقت الحالي والذي أظن قد يستمر لعام أو عامين وقد يستمر لأكثر من ذلك وهو ما سيتحدد بشكل أكبر بعد صدور منصات الألعاب الجديدة من سوني و مايكروسوفت والتي من الممكن بشكل كبير أن تطوي صفحة أخري من صفحات عالم الألعاب والرسوميات لتفتح لنا صفحة جديدة لم نكن نتوقع قدومها بهذه السرعة، اليس كذلك ؟!
?xml>