بعد لعبة Knights of light، ماذا يحتاج المطور العربي لتقديم لعبة جيدة؟
في الأيام القليلة الماضية تابعنا إصدار لعبة Knights of Light من تطوير فريق Rumbling Games وهذه اللعبة كانت من المفترض أن تكون أول مشروع AAA مصري بل وعربي أيضاً.
للأسف صدرت اللعبة في نسخة Early Access كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ونضيف على ذلك أن النسخة لم تكن مجانية بل كانت مدفوعة مقابل 25 دولار ، نحن هنا لا نتحدث عن لعبة سيئة مثل لعبة أبو خشم مثلاً ولكننا نتحدث عن لعبة غير قابلة للعب أصلاً وعندما نقول أن اللعبة غير قابلة للعب فنحن لا نقصد بعض المشاكل التقنية أو ضعف الذكاء الاصطناعي بل نحن نتحدث عن مشكلة في فتح اللعبة أصلاً.
للأسف فريق التطوير حاول تدارك بعض المشاكل التقنية الكبيرة بواسطة تحديث سريع ووضع خصم على اللعبة لكي يصبح سعرها 22 دولار ولكن للأسف هذه الخطوات لم تكن كافية على الإطلاق لجعل اللعبة قابلة للعب بأي شكل من الأشكال.
شخصياً محبط جداً من هذا الإطلاق الضعيف والكارثي، كنت متحمس جداً لمشاهدة عنوان مصري جديد يقدم رسوميات متطورة ومحتوى لعب ضخم وتحمست أكثر عندما علمت أن حجم اللعبة يصل إلى 30 جيجا كاملة وعندها قلت لقد حان الوقت لوضع المطور العربي على خريطة صناعة الألعاب.
اقرأ أيضاً : إطلاق كارثي للعبة العربية فرسان النور Knights of Light .. ما الأسباب؟
لننتقل الآن إلى عنوان عربي أخر وهي لعبة "بادية" والتي كان حالها افضل من لعبة Knights of Light حيث أن لعبة بادية قابلة للعب على الأقل ، على الرغم من قابلية لعبة بادية للعب إلا أنها قدمت تجربة لعب ضعيفة جداً وبدون هوية وتشعر أن المطور أراد وضع أكبر قدر من الأفكار داخل اللعبة دون تنظيم أو ترابط.
أيضاً عالم اللعبة الواسع فقير جداً وممل إلى أبعد الحدود ناهيك عن المشاكل التقنية الموجودة في التصويب والذكاء الاصطناعي وبعض عناصر البيئة.
"الأن قد نتساءل لماذا لا يوجد ألعاب عربية جيدة وقابلة للعب بشكل سلس، هل العيب في الإمكانيات المادية فقط، أم أن المطور العربي ينقصه المزيد من العوامل لكي ينتج لعبة جيدة؟"
لذلك سوف نحاول في هذه المناقشة الوقوف على بعض الأسباب التي تجعل المطور العربي عاجز عن إصدار لعبة جيدة حتى الآن.
قلة الخبرة.
إذا تتبعنا جميع الالعاب العربية التي تم إصدارها حتى الآن سوف نجدها من تطوير مجموعات صغيرة جداً لم يسبق لهم العمل على عناوين ألعاب كبيرة من الأساس حتى وإن كان مجال عملهم الأساسي البرمجة أو التطوير.
الفكرة هنا أنك تحتاج أن يكون لديك المطور المدرب بشكل جيد في مجال برمجة الألعاب بالتحديد لكي يكتسب الخبر العملية والرؤية الفنية والإبداعية أيضاً.
هذا الأمر لن يتحقق بأي شكل من الأشكال إلا من خلال التحاق عدد كبير من المطورين العرب بالشركات الأجنبية القائمة على صناعة الالعاب والآن نجد هذا الامر أصبح شائع جداً في الوقت الحالي حيث أصبحنا نرى أسماء عربية في ألعاب عملاقة.
نتمنى أن يجتمع هؤلاء المطورين المحترفين في يوم من الايام تحت مظلة فريق تطوير عربي قادر على تقديم لعبة حقيقية تضع الدول العربية على خريطة صناعة الألعاب.
انعدام الهوية.
من وجهة نظري الشخصية أعتبر هذه النقطة هي النقطة الرئيسية التي تؤدي إلى العناوين الهزيلة التي يتم إصدارها، فكما نلاحظ دائما ما تكون العناوين العربية مجرد نقل أو تقليد لعناوين شهيرة في الأصل ، لا توجد مشكلة في أن تستوحي بعض الأفكار من عناوين شهيرة ولكن يجب أن توجد بصمة خاصة بك وهوية يجب أن يوجد فكرة جديدة تقدمها اللعبة.
فمثلاً إذا تحدثنا عن لعبة Knights of Light نجد أنها أخذت أفكارها من لعبة Mount and Blade ولعبة The Witcher 3 وهذا الأمر لا يوجد به أي مشكلة.
المشكلة تكمن في الجديد الذي قدمته على هذه العناوين؟، أيضاً يجب الأخذ في الاعتبار ان لعبة Mount and Blade تم تطويرها من قبل فريق صغير جداً ومحدود الإمكانيات واللعبة حتى لم تقدم مستوى رسوم جيد أو أداء سلس أو منتظم وعلى الرغم من ذلك حققت نجاح كبير جداً.
النجاح الذي حققته Mount and Blade كان سببه الفكرة الممتعة والجديدة التي قدمها لنا فريق التطوير حيث مزجت اللعبة بين عناصر تقلد الأدوار و المعارك الحربية الضخمة التي تشارك بها إلى جانب وحدات مختلفة من جيشك.
بسبب الفكرة الجيدة التي قدمتها اللعبة حققت النجاح الكبير دون النظر إلى مستوى الرسوم الضعيف جداً أو الأداء الغير مستقر إطلاقاً ، وركز اللاعبين على مدى متعة اللعبة فقط.
لدينا أيضاً عنوان This War of Mine من فريق 11bit وهذه اللعبة كانت اللعبة المستقلة الأفضل بدون أي منافس في عام إصدارها، وأعتقد أنه يمكنك الآن تخمين الأسباب التي جعلت اللعبة تنجح، نعم كما توقعت تماماً الفكرة.
فكرة اللعبة وضعتك كلاعب في تجربة نفسية من الطراز الأول حيث انك تحاول النجاة بمجموعة من الأشخاص داخل منزل متهدم أثناء اندلاع حرب أهلية في كافة أنحاء البلاد، ويجب عليك الأن التنسيق بين المجموعة الموجودة لديك حيث يقوم البعض بالبحث عن موارد والبعض الآخر يحمي المنزل أثناء الليل والبعض يقوم بمهام تطوير البيت وإعداد الطعام وما إلى ذلك.
إذا نظرنا إلى رسوم اللعبة نجدها بسيطة جداً وتعتمد على اللون الأبيض والأسود فقط بل أن اللعبة ليست ثلاثية الأبعاد أصلاً وتأتي من منظور 2D وحجمها لا يتعدى بعض الجيجات.
الأمثلة كثيرة جداً والسابق ذكره مجرد نقطة في سيل من النجاحات المستقلة والقصص الملهمة، فمثلا لعبة Cuphead والتي تعد واحدة من أفضل ألعاب Xbox على مر التاريخ في البداية قام 3 أشخاص فقط في العمل عليها وبعد ذلك استعانوا بفريق صغير جداً لإتمام عملية التطوير.
دون أن نتطرق إلى المزيد من التفاصيل والامثلة حول الألعاب يمكننا الوقوف على عنصر مشترك بين هذه الألعاب الناجحة وهو الفكرة، الفكرة الجيدة المستقلة التي تؤمن هوية وشكل خاص باللعبة.
حتى الألعاب الكبيرة نفسها دائما ما تتميز بفكرتها أو البناء الأساسي الذي تتكون منه، بالتأكيد لن ينفعك إنفاق الملايين واستخدام أفضل المعدات إذا كانت فكرتك سيئة أو غير موجودة أصلاً.
للأسف على الجانب العربي نجد أن المطور يريد التقليد فقط، أو كما حدث مع فريق Rumbling Games حيث اعتقد أن اللعبة الناجحة يجب أن تكون عملاقة وضخمة ذات رسوم حديثة وتحتاج إلى عتاد قوي ونسى أن اللعبة الجيدة هي اللعبة الممتعة بكل بساطة.
فريق Rumbling Games في وجهة نظري واحد من أفضل فرق التطوير العربية ولكنه استنفذ موارده ووقته وجهوده في عنوان أكبر من اللازم لا يمكن إنهاؤه بهذا العدد من المطورين وهذه الموارد، وبكل تأكيد إذا ركز الفريق على تطوير لعبة أبسط ولكن فكرتها جيدة سوف يحقق نجاح كبير جداً يضع الألعاب العربية على خارطة الصناعة.
الموارد المالية.
بالطبع عملية التطوير مجهدة جداً وتستغرق الكثير من المعدات والتقنيات الحديثة خصوصاً إذا أردت أن تنتج لعبة AAA أو لعبة ثلاثة الأبعاد عموماً وهذا الامر بكل تأكيد غير متوافر بكل تأكيد لفرق التطوير العربية ، لذلك من الأفضل لفرق التطوير العربية التركيز على نوعيات أبسط من الالعاب لا تحتاج إلى كل هذه التقنيات المكلفة والمرهقة والغير متوافرة أصلاً في بعض الأحيان.
أيضاً عدم استخدام التقنيات المكلفة يخفف قليلاً من عبئ المدة الزمنية ويجعل فريق التطوير مطمئن بسبب قلة الديون أو المصروفات مما يضمن أن اللعبة سوف تصدر في الشكل الأمثل.
هذا الأمر كان واضح جداً تأثيره على فريق Rumbling Games حيث أنك تستشعر أن الفريق كان لابد له أن يصدر اللعبة في الوقت الحالي ليبدأ في تحصيل قدر من المال على الرغم من عدم اكتمال اللعبة.
الخلاصة.
نتمنى من فرق التطوير العربية التركيز على ثقل مهاراتهم أولاً قبل البدء في عمليات التطوير ويجب أيضاً على المطور أن يبحث أولاً عن الفكرة التي ستميز لعبته ونتمنى منهم أن يتذكروا دائماً "اللعبة الناجحة هي اللعبة الممتعة وليست اللعبة الضخمة".
أخيراً لا يجب أن نقسو على أي مطور عربي يحاول تقديم عناوين جديدة فالمشوار صعب وطويل ومازال المطور العربي في بدايته، ولكن أيضاً يجب أن ننقد الألعاب بكل حيادية حتى يتمكن المطور من الوقوف على نقاط ضعفه وبدأ في تحسينها والعمل عليها رويداً رويداً.
شاركنا رأيك عزيزي القارئ في ما سبق ذكر، وهل ترى أسباب أخرى تعرقل المطور العربي في الوقت الحالي؟، وماهي الحلول التي تنصح بها لكي يبدأ المطور العربي إنتاج ألعاب جيدة؟
?xml>