هواتف 2014 الرائدة

مع إعلان شركات صناعة الهواتف الذكية عن نتائجها المالية للربع الثالث من عام 2014، تأتي أخباراً مفرحة للبعض وأخرى مخيبة لآمال البعض الأخر، فهذا الربع المالي انقلبت فيه الموازين السائدة منذ فترة لنرى تطورات جديدة في سوق الهواتف الذكية، كانت تلك التطورات إلى حد ما متوقعة، وأشرنا إليها وحذرنا منها مراراً، ولكن من يستمع؟ في البداية تبدو الأمور مبشرة، ولكن نظرة مستقبلية قصيرة للأمام كانت ستكشف عن هذا كله.

إتش تي سي HTC

شعار شركة HTC

فلنرى الأخبار المفرحة والسعيدة أولاً، وهي تحقيق شركة HTC أرباحاً لأول مرة بعد إنفراجة – أخيراً – من ضائقتها المالية، وذلك بسبب مبيعات هاتفها الرائع HTC One (M8) ونجاحه في انتشال الشركة من ضائقة طالت لسنوات. اهتمام الشركة بالدعاية، وإصرارها لتقديم منتج يليق بالمستخدم من جميع النواحي الشكلية والعتادية، جعل ثقة المستخدمين تزيد في هواتفها وحظيت بإقبال جيد حول العالم.

والدليل على اهتمام الشركة بالمستخدمين هو إلغائها هذا العام لإطلاق هاتف من فئة Max، وإصلاحها لخطأ إصرارها على تقنية ألترا بيكسل في الكاميرا المستخدمة بهاتف HTC One (M8)، وذلك عن طريق الهاتف الجديد HTC One (M8) EYE الذي يماثل أخيه في كل شيء ما عدا تغيير الكاميرا لتصبح أفضل مع تقنية ميجا بيكسل المعتادة.

HTC تعترف ضمنياً بفشل تقنية ألترا بيكسل

هاتف HTC One M8

وعلى HTC أن تحافظ على هذا النجاح وتسير في الدرب الصحيح الذي أوصلها لهذه النقطة، فلا يمكن أن تعتمد على هاتف HTC One (M8) إلى الأبد، ولهذا سوف ننتظر منها المزيد من الإبداع والتألق الفترة القادمة، ولنرى ما يمكن لهذه الشركة التايوانية تقديمه للمستخدمين، وكيف ستحافظ على تميزها وتفردها بهواتف رائعة كهواتفها الحالية.

لينوفو Lenovo

شعار شركة لينوفو

عملاقة الحواسب المحمولة والتي قررت دخول عالم الهواتف الذكية منذ عدة سنوات، أعطت اهتمام شديد لهذا القطاع واقتحمته بكل قوة، وقدمت العديد من الحلول القوية والرخيصة في ذات الوقت، فأنا شخصياً عندما أجد من يريد شراء جهاز لوحي بمواصفات جيدة وبسعر زهيد فإني أرشح له وبدون تردد أحد منتجات لينوفو اللوحية.

وبفضل اهتمام الشركة بهذا السوق المشتعل المنافسة، استطاعت بعد الكشف عن أرباح ربعها المالي المنصرم أن تزيح الشركة الصينية Xiaomi بعد تتويجها بأيام كثالث أكبر مصنع للهواتف الذكية في العالم بعد آبل وسامسونج، لتصبح لينوفو هي الشركة الثالثة بعدهم، وترسخ أقدامها أكثر في هذا السوق، كما أنها اصبحت اكبر مصنع للحواسيب الشخصية والأجهزة اللوحية في العالم.

1280x720-5-O

ولينوفو تسعى دائماً لبسط نفوذها في سوق الهواتف الذكية لتحقيق النجاح السريع، فكما ابتاعت IBM عملاقة أجهزة الحاسب الآلي، لتصبح بعدها هي الشركة رقم واحد في العالم لتصنيع الحواسب المحمولة، أجرت صفقة ضخمة أخرى وهي الاستحواذ على شركة موتورولا Motorola Mobility المملوكة لشركة جوجل Google، وهذا بالتأكيد سيزيد من مبيعات هواتفها خاصة داخل سوق الولايات المتحدة الذي تلقى فيه هواتف موتورولا إقبالاً شديداً.

لينوفو تستكمل استحواذها على موتورولا للهواتف النقالة من غوغل

كما أننا لا يجب أن ننسى محاولاتها المستميتة للاستحواذ على الشركة الكندية بلاك بيري BlackBerry منذ تدهور أوضاعها، وحتى هذه اللحظة بعدما بدأت الشركة في التقاط أنفاسها واعتدال أوضاعها المالية قليلاً تحت قيادة المدير التنفيذي الجديد جون تشين، لتبدأ مرحلة الانتشار مرة أخرى.

رد من بلاك بيري يحسم شائعات الاستحواذ عليها

وشخصياً أرى أن تواجد الشركة يزداد يوماً بعد يوم، خاصة بعد تقديمها منتجات ذكية تناسب كافة الشرائح، مع المحافظة على اعتدال الأسعار مقارنة بالمنافسين الحاليين من كبار شركات الهواتف الذكية، وكذلك مع المحافظة على جودة المنتجات التي تقدمها، ولكم في ذلك أنجح مثال وهو تابلت A3000 الشهير والرخيص والذي انتشر على نطاق واسع نظراً لما يقدمه من إمكانيات وأداء رائع مقابل سعر رخيص، مما دفع الشركة لإطلاق خليفته وهو تابلت A3500 مع تحسينات أخرى.

إل جي LG

شعار شركة LG

لن نغفل شركات أخرى مثل إل جي LG وهاتفها الرائع G3 الذي كان أول هاتف يقدم شاشة QHD ثم لحقته بقية الشركات، فمع تعاون الشركة لمدة عامين مع جوجل لتقديم هواتف نيكسوس Nexus، ارتفع سهم الشركة كثيراً بين المستخدمين، واتجهت الأنظار إليها ليصبح لها وجود ملموس بين شركات صناعة الهواتف الذكية.

ويبدو بأن الشركة قد حققت أرباحاً لا بأس بها خلال الربع الفائت، وهذا بالتأكيد بفضل تقديمها هواتف مميزة ورائعة، فتصميم هاتف LG G3 مع أزراره الخلفية، وشاشته الرائعة، وعتاده القوي، أدى إلى إقبال المستخدمين عليه بالرغم من حجمه الكبير نسبياً.

هاتف LG G3

كما لا ننسى أنه في المنافسة ذات الطرفين (إل جي – سامسونج) في مجال الهواتف المنحنية، تفوق هاتف LG G Flex من ناحية التصميم على الأقل على هاتف Samsung Galaxy Round، كما أن طبقته المضادة للخدش التي تم طلاء هيكله بها أثارت إعجاب الكثيرين، حيث استوحي الأمر من أفلام X-Men وبالتحديد من شخصية Wolverine الذي يستطيع شفاء جروحه تلقائياً، ومع اختبار مقاومة هيكل الهاتف للخدش جاءت النتيجة الفائقة بأنه عندما تخدش الهاتف يزول الخدش ببطء حتى يختفي تماماً!

كل ذلك كان يزيد من رصيد شركة إل جي عند المستخدمين ويجعلهم يثقون في منتجات الشركة ويقبلون عليها، طالما وجدوا عندها الإبداع والإتقان، وإرضاءها لاحتياجاتهم، فتزيد بالتالي حصتها في مبيعات سوق الهواتف الذكية مقابل هؤلاء الذين لا يقدمون أشياءً جديدة.

على الجانب الآخر نرى النتائج المالية لنفس الربع بالنسبة لشركتي سامسونج وسوني، نتائج مخيبة للآمال للأسف، خسائر تنهال عليهما من قطاع الهواتف الخاص بكل شركة منهما مقارنة بنتائج نفس الربع المالي من العام الفائت، فلما تعاني هاتين العملاقتين من خسائر على الرغم من إطلاقهما أفضل الهواتف التي تتنافس عادة على المراكز الأولى في حجم المبيعات حول العالم؟

سامسونج Samsung

شعار شركة سامسونج

أنا شخصياً من مستخدمي أجهزة سامسونج الذكية، ولا تخلو جعبتي دائماً من جهاز واحد على الأقل من هذه الشركة، ولكني على الرغم من ذلك انتقدت الشركة في العديد من المواضع قبل ذلك، وأجد من يتهمني دائماً بالهجوم عليها وعلى نجاحها، ولكن تحليلي الشخصي لسياستها الإنتاجية هي ما يجعلني أنتقد ما تسير إليه من خطى ثابتة نحو الفشل، ومرت الأيام، وها هي النتائج تعلن عن نفسها، وأجد أن توقعاتي قد تمت بالحرف.

إغراق السوق بهواتف متشابهة، ونتيجة لذلك ضعف الدعم لهواتف كثيرة بسبب كثرتها وترك أغلبها بدون دعم، عدم الاهتمام بالكيف قدر الاهتمام بالكمَّ، تصميمات متشابهة إلى حد الملل، كل هذا وأكثر تحدثت عنه، وكل هذا كان يبشر بتردي قريب لأوضاع الشركة حال استمرارها على نفس النمط. كان النجاح الوقتي يعمي الأعين، فهل تفيق الآن مما هي فيه لترى احتياجات السوق الفعلية؟ أم ستستمر على نفس النهج؟

الهاتف غير المبرر Samsung Galaxy S5 Plus

سامسونج تقدم هواتف رائعة لا شك، وخصوصاً السلسلة المفضلة لدي وهي سلسلة هواتف ولوحيات جلاكسي نوت، ولكنها لابد وأن تركز على تحسين الهواتف واستمرار الدعم لأطول فترة ممكنة، كما أنها لابد وأن تنظر إلى نقطة الأسعار المبالغ فيها لهواتفها، فما الفارق الآن بينها وبين آبل التي دائماً ما ننتقد ارتفاع أسعار أجهزتها بشكل غير منطقي؟

هاتف سامسونج جلاكسي نوت 4

ويبدو أن تراجع أرباحها بشكل ملحوظ قد دق ناقوس الخطر عند سامسونج، فلقد ظهرت تسريبات تؤكد وجود مشروع يسمى مشروع الصفر أو Project Zero، وهذا المشروع هو عبارة عن هاتف جلاكسي اس 6 القادم، فما الجديد لتسميته بهذا الاسم الحركي؟

تقول المصادر بأن الشركة قررت تصميم الهاتف من الصفر ليكون مختلفاً كلياً عن الهواتف السابقة، ومن خلاله ستحاول – أخيراً – تلبية احتياجات المستهلكين الفعلية، من ناحية الشكل وخامات التصنيع والبرمجيات المستخدمة، وليس مجرد إدراج الكثير من المزايا التي لن يستخدمها أحد على الأغلب سوى مرة أو مرتان على الأكثر ثم تتحول إلى نسياً منسياً، وذلك حتى تستعيد الشركة رونقها التي فقدته تدريجياً لصالح الشركات الأخرى.

سامسونج تصمم جلاكسي اس 6 من الصفر وتسريب لمواصفاته الأولية

سوني Sony

شعار شركة سوني

سوني مثلها مثل شركات أخرى أمثال سامسونج وإل جي وغيرهم، شركة ذات أنشطة متعددة وصناعات كثيرة، وقطاع الهواتف هو أحد أكبر هذه القطاعات داخل الشركة، وبينما حققت الشركة أرباحاً كثيرة عن طريق مبيعات جهاز ألعابها الشهير بلاي ستشين 4 الجديد، ومع استثماراتها الناجحة في انتاج الأفلام الهوليوودية، فإن الحظ لم يحالف قطاع الهواتف بالشركة ليحقق أرباحاً هو الآخر لهذا الربع، أم إنه ليس الحظ؟

بالتأكيد لا توجد كلمة مثل هذه في قاموس الشركات الضخمة مثل سوني، فلغة الأرقام هي المتحدث الوحيد لديهم، وبالتأكيد هذه الخسائر لها ما يبررها، ولذلك فلنحاول وضع أيدينا على أسباب هذه الخسائر رغم إنتاج الشركة لهواتف رائعة في التصميم والجودة والعتاد!

سوني اكسبيريا زد 3 تابلت كومباكت يمتلك أفضل بطارية

هاتف اكسبيريا زد 3

أبرز الأسباب هي سياسة سوني الغريبة في إنتاج هاتف رائد كل ستة أشهر، فمن ذا الذي سيشتري هاتف رائد ليجد أن هناك هاتف من نفس الشركة أفضل من هاتفه بعد مدة قصيرة كهذه؟ هناك بالتأكيد من لا يهمهم هذا الأمر، ولكن الأمر مزعج بالطبع بالنسبة لآخرون.

ففئة من يشترون أفضل هاتف موجود يهتمون في العادة بهذا الجانب النفسي من الأمر، فمن يقوم بدفع هذا الثمن الباهظ ليمتلك الهاتف الأفضل، لابد وأن يتم مراعاته ليستمتع بهاتفه قدر الإمكان، وطالما الشركة لا توفر له هذا الأمر فسيتجه لشركة أخرى تسير على النظام المعتاد في إصدار هاتف رائد كل سنة.

ويبدو أن سوني أدركت سخافة الأمر، لذلك فقد ظهرت تسريبات تقول بأن هاتف اكسبيريا زد 4 سيكون أخر الهواتف التي يتم إطلاقها بعد ستة أشهر من الهاتف السابق، لتعود الشركة مرة أخرى إلى المعتاد والمستساغ بين المستخدمين.

تسريبات مبكرة عن هاتف Sony Xperia Z4

الأمر الأخر هو تمسكها بنفس الدعاية لمنتجاتها في كل مرة، وهي دعاية الأجهزة المضادة للماء والغبار، فكما نعلم بأن هناك شركات أخرى ألحقت هذه الميزة في هواتفها، إذاً فالأمر لم يعد حصرياً لسوني حتى تتباهى بالأمر، ومن غير المنطقي التمسك بنفس الدعاية حتى هذه اللحظة، فلابد لها من ابتكار شيئاً جديداً لهواتفها ليكون هو وسيلة دعايتها القادمة.

سوني ومتجر تحت الماء بدبي

هاتف سوني اكسبيريا زد 1

النقطة الأخيرة هي بطء تحديثات نظام التشغيل لهواتفها، خاصة الهواتف البعيدة عن فئة اكسبيريا زد، فربما مؤخراً بدأت الشركة في الاهتمام بسرعة تحديث فئة زد من هواتفها، ولكن الهواتف الأخرى للأسف تتلقى التحديثات متأخراً جداً، هذا إن تلقتها من الأساس، لذلك على سوني أن ترضي جميع فئات المستخدمين وليس مستخدمي هواتفها العليا فقط.

جميع أجهزة Sony Xperia Z ستحصل على تحديث أندرويد 5

نعلم أن سوني قد باعت قطاع حواسبها المحمولة Vaio إلى شركة يابانية أخرى في سبيل التركيز على سوق الأجهزة الذكية، خاصة وأنها بدأت في الاهتمام بالأجهزة اللوحية والأساور والساعات الذكية، كما أنها في سبيلها لتقديم نظارة ذكية تنافس بها نظارة جوجل Google Glass. وبما انها تقدم هواتف بجودة تصنيع رائعة وخامات فخمة، فبالتأكيد من المحزن رؤية هذه الشركة تصيبها من الخسائر ما أصابها، ولابد لها من الإسراع في إصلاح أخطائها التي تسببت في هذا التدهور حتى تستعيد وضعها في السوق.

وأخيراً لابد وأن نعلم أن سوق الهواتف الذكية هو أكثر الأسواق اشتعالاً في المنافسة بين الشركات، وإن تهاونت شركة عن تقديم الأفضل سيكون مصيرها السقوط والاندثار مهما كان وضعها الحالي أو مهما كان اسمها، ولنا في سقطات نوكيا وبلاك بيري عبرة، لذلك فالتنافس على أشده، وستجعلنا الأيام القادمة نرى من سيظل على القمة ومن سيتهاوى إلى القاع.